أثار إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء الذي يمثل السلطة القضائية المستقلة في البلاد ردود فعل متباينة في تونس في خضم إستحواذ سعيّد على معظم السلطات منذ تعليق أعمال البرلمان وإقالة الحكومة المنبثقة عنه الصيف الماضي. واستبق سعيّد قراره بانتقادات متكررة لمرفق العدالة في البلاد معتبرا أنه “مسيس” و”يخدم اطرافا معينة بعيدا عن الصالح العام”.
بعد جملة من الإنتقادات التي وجهها إليه وتجميد المنح المالية المسندة لأعضائه، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد في كلمة من مقر وزارة الداخلية الأحد أن “المجلس الأعلى للقضاء أصبح في عداد الماضي” في خطوة سرعان ما رفضها المجلس واصفاً القرار بغير “القانوني”.
وما يثير الإهتمام في إعلان سعيّد هو عدم صدور أمر رئاسي بحل المجلس في الجريدة الرسمية كما ينص عليه القانون التونسي، رغم أنه يحتكر معظم السلطات منذ فرضه الإجراءات الإستثنائية في 25 تموز 2021.
وبموجب تلك التدابير، جمد سعيّد عمل البرلمان وأقال حكومة هشام مشيشي المنبثقة عنه قبل أن يقرر تعليق العمل بأبواب دستورية برمتها مديرا البلاد بأوامر “استثنائية”.
وتأتي خطوة سعيّد بعد تصريحات عديدة إنتقد فيها القضاء معتبراً أن العدالة تعمل بـ”بطء” في قضايا فساد “بقيت في الرفوف لسنوات طويلة”.
واستبق سعيّد قرار حل المجلس بتجميد المنح المسندة لأعضائه في 17 كانون الثاني الماضي.
ويعتبر المجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية “ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء وإستقلالية السلطة القضائية”، حسب الدستور، ومن بين صلاحياته اقتراح الإصلاحات الضرورية في مجال القضاء. ويعد المجلس من بين عدد قليل من المؤسسات بالدولة بعد 25 تموز القادرة على ممارسة صلاحياتها بشكل مستقل عن سعيّد.
ويقول الرئيس التونسي إنه سيعيد صياغة الدستور ويطرحه لاستفتاء في الصيف لكن الأحزاب السياسية الرئيسية ومنظمات المجتمع المدني تقول إن أي تغيير يجريه يجب أن يتم بعد حوار سياسي.
ويعتبر المجلس الأعلى للقضاء هيئة مستقلة تتولى إدارة مرفق العدالة ويمثل السلطة القضائية بمقتضى دستور 2014. ويتكون من 45 عضوا معظمهم من القضاة المنتخبين من زملائهم إضافة إلى محامين ومختصين في القانون والمحاسبات المالية وأساتذة جامعيين.
ولم يتأخر المجلس في التعبير عن رفضه قرار سعيّد واصفا إياه بـ”غير القانوني” فيما قال رئيسه يوسف بوزاخر إن رئيس الدولة يريد “العودة بالقضاء إلى مربع التعليمات الرئاسية”.