Site icon PublicPresse

“دولة الإعاشة” لا “جمهورية الكراتين”

إعاشات

الأخبار –
كما في أيام الحرب، عادت “كراتين الإعاشة” لتغزو المناطق اللبنانية. القسم الأكبر منها تقدّمه الأحزاب لمناصريها، سواء منها الأحزاب التقليدية، أم تلك التي تحمل صفة الحديثة أم المعارضة، وصولاً إلى حملات بعض جمعيات ما يُسمى “المجتمع المدني”، المموّلة من الخارج، كتلك التي تتلقى “تبرعات” الذين يوصفون بـ”الخيرين” من أصحاب المصارف وأصدقائهم. رغم ذلك، عادةً ما توصم “كرتونة الإعاشة” بالكثير من السلبية، المحقة أحياناً، والمبالغ بها أحياناً أخرى. “المدنيون” يرون في عملهم تكافلاً إجتماعياً، فيما “كراتين الأحزاب” رشوة وزبائنية. أما الحزبيون، فيعتبرون “كراتين الجمعيات” محاولة لإختراق ساحاتهم لا أكثر.

عملياً، يتحوّل لبنان إلى “جمهورية الكراتين”. إضمحلّت الخدمة العامة، كل خدمة عامة، حتى بات إختصارها ممكناً بالكرتونة، رغم أن مقدّميها لا يمتّون إلى “العام” بصلة. فـ”الكرتونة” إختصاص حصري للقطاع الخاص، بشتى أشكاله.

على أن الدولة في لبنان تكاد تعيش، برمّتها، على “الإعاشة”، وكذلك القطاع الخاص. على سبيل المثال لا الحصر: درة تاج الدولة، الجيش الوطني، يعيش اليوم على “الإعاشة” من شتى الدول “الصديقة والشقيقة”، وهو الذي لا يعرف غير الأميركية منها سبيلاً للتسلح منذ سنوات طويلة. أما درة تاج القطاع الخاص، والعمود الفقري للإقتصاد، أي المصارف، فلم تتضخم ثروات أصحابها، إلا بـ”الإعاشة” التي قدمتها لها الدولة ومصرفها المركزي هندساتٍ وخدمةً للدين العام. وما يسري على المصارف يسري أيضاً على المدارس الخاصة، والمستشفيات الخاصة…

يستسهل كثيرون اليوم القول إن “كرتونة الإعاشة” هي السبيل الأمثل، نظراً إلى الواقع الراهن، لمساعدة الأكثر فقراً. قد يصحّ ذلك، في بعض الجوانب. لكن، يبقى المطلوب هو أن تتحوّل الدولة إلى “دولة إعاشة” لسكانها، عبر صون حقّهم في العيش الكريم، وتحويل الغذاء والدواء والاستشفاء والتعليم والنقل والاتصالات والطاقة… إلى حقوق تحرص الدولة على تقديمها بأسعار يمكن الأكثر فقراً الحصول عليها. المطلوب اليوم أن تتحوّل الدولة إلى دولة إعاشة لسكانها، بدلاً من “فيدرالية الكراتين”.

للمزيد.. أنقر/ي هنــا

Exit mobile version