Site icon PublicPresse

أزمة الطاقة.. حين يتودد الغربيون لممالك الخليج (فيديو)

إيمانويل ماكرون و محمد بن زايد

تعول الدول الغربية على شركائها الإقتصاديين من ممالك العرب لمواجهة تداعيات أزمة الطاقة المتفاقمة ولتخفيف عبء فاتورة الحرب الأوكرانية في ظل العقوبات المفروضة على روسيا. ففيما زار جو بايدن السعودية، يراهن إيمانويل ماكرون على دولة الإمارات العربية المتحدة -حليفته المفضلة بالمنطقة- والتي استقبل في قصر الإليزيه الإثنين رئيسها محمد بن زايد آل نهيان الذي يجري زيارة رسمية إلى فرنسا.

إستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين في قصر الإليزيه، الرئيس الجديد للإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في أول زيارة خارجية رسمية يجريها منذ وصوله إلى الحكم في أيار.

ويأتي اللقاء الذي تخلله التوقيع على اتفاقيات شراكة في مجال الطاقة وخاصة بشأن توريد الديزل لفرنسا، بعيد زيارة جو بايدن إلى السعودية والتي تصدرها أيضا ملف أزمة الطاقة.

وتسعى الدول الغربية التي فرضت حظرا على النفط الروسي، والذي يعتبر المصدر الرئيسي لتمويل الحرب في أوكرانيا، إلى استثمار علاقاتها مع دول الخليج العربي لضمان إمداداتها من جهة، ومواجهة التضخم المتسارع للذهب الأسود الذي ينعكس سلبا على اقتصادها من جهة أخرى.

شريك تجاري رئيسي
وكان الهدف المعلن للقاء الذي دار بين إيمانويل ماكرون ومحمد بن زايد في قصر الإليزيه، وأعقبته مأدبة عشاء رئاسية في حديقة قصر فرساي، هو “التأكيد على الروابط المتينة” بين بلدين تربطهما شراكات اقتصادية هامة.

ففي 2019، وقعت فرنسا مع الإمارات أكبر عقد للتسلح في تاريخها، لتزويدها بـ 80 طائرة حربية من طراز رافال إلى جانب الصواريخ، في صفقة بلغ مقدارها 17 مليار يورو. كما تحتضن العاصمة الإماراتية أكبر مشروع ثقافي فرنسي بالخارج ألا وهو متحف اللوفر أبوظبي الذي تم تدشينه في 2017.

“بالنسبة لفرنسا، فإن الإمارات هي ثالث دولة من حيث الفائض التجاري بعد بريطانيا وسنغافورة”، حسب قول ألكسندر كازروني وهو عالم سياسي وأستاذ في المدرسة العليا للأساتذة ENS مختص في العالم الإسلامي المعاصر، والذي يؤكد على أهمية العلاقات بين البلدين فيما يخص الميزان التجاري الفرنسي.

كما أكد مؤلف كتاب “مرآة الشيوخ: المتحف والسياسة في إمارات الخليج العربي”، أن فرنسا وإضافة إلى توثيق الشراكات القائمة فعلا، تنتظر من الإمارات اليوم وقبل كل شيء “استجابة لأزمة الطاقة”، لأن هذه البلاد، الحليف الاستراتيجي لفرنسا، هو ثالث منتج للبترول في منطقة الخليج بعد السعودية والعراق.

بديل للنفط الروسي؟
تسبب الحظر الأوروبي على النفط الروسي والذي أعلن عنه في 31 أيار الماضي، بهدف خفض الصادرات بنسبة 90 بالمئة مع حلول 2023، في تسريع وتيرة ارتفاع أسعار الطاقة، والتي كانت تشهد في الأصل ارتفاعا كبيرا ناجما عن الاضطرابات المرتبطة بجائحة فيروس كورونا.

وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير قال في مطلع حزيران إن بلاده تبحث عن بدائل مؤكدا أن مفاوضات قد انطلقت مع الإمارات.

وبعدما كانت احتياطات النفط الخام موجهة أساسا لإدماج الدول الآسيوية، استأجرت مجموعة “توتال إنرجي” الفرنسية في مطلع أيار ناقلة لشحن البترول من أبوظبي نحو أوروبا.

وقبل الزيارة، أوضح المستشار الرئاسي لمحمد بن زايد: “قمنا ببيع نفطنا لأقصى الشرق على مدار 40 عاما والآن نوجهه في ظل هذه الأزمة نحو أوروبا”.

من جهته، يرى فرنسيس بيرين المتخصص في شؤون الطاقة بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (Iris) أنه و”إلى جانب كونها الشريك الاستراتيجي الأساسي لفرنسا في هذه المنطقة من العالم، فإن هذا البلد (الإمارات) هو كذلك من المنتجين القلائل في منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك، مع السعودية والعراق، القادر اليوم على إنتاج المزيد. أما الآخرين، فهم إما قد بلغوا أقصى طاقتهم الإنتاجية، أو أنهم تحت طائلة العقوبات كما هو الحال بالنسبة إلى إيران وفنزويلا”. ثم يوضح قائلا “الإمارات العربية المتحدة لا تستطيع لوحدها أن تعوض واردات النفط الروسي، لكنها شريك رئيسي ضمن استراتيجية التنويع الفرنسية”.

وبالنسبة للإليزيه، يندرج الاتفاق الموقع بين البلدين حول الديزل في إطار مساعي فرنسا لزيادة عدد الشركاء ومن ثمة تفادي مخاطر النقص. وفي هذا السياق، ترى آرميل شارييه المختصة في الشؤون الدولية بقناة فرانس24، أن فرنسا تعتبر هذا النوع من الشراكات طريقة لخفض تبعيتها الطاقوية للولايات المتحدة. حيث أنه وفي العام 2022 وفي ظل الحرب الأوكرانية، تصدر الاتحاد الأوروبي قائمة المناطق الأكثر استيرادا للغاز الأمريكي المسال، محل آسيا.

تحفيز العرض لخفض التضخم
تسعى الدول الغربية من خلال مسألة الإمدادات، إلى التصدي لمشكلة ثانية هي تضخم أسعار الطاقة. فمنذ عدة أشهر، تحاول أوروبا والولايات المتحدة التفاوض مع ممالك النفط لحثها على زيادة إنتاجها على أمل تحقيق التوازن بين العرض والطلب وبالتالي خفض الأسعار.

وكان جو بايدن قد صرح في 15 تموز: “أفعل ما بوسعي لزيادة الإنتاج لصالح الولايات المتحدة”، مؤكدا على أنه أجرى مباحثات مثمرة مع القادة السعوديين. رغم ذلك، اختتمت زيارة الرئيس الأمريكي بدون أي إعلان في هذا السياق. بدوره، لم ينجح إيمانويل ماكرون حتى الآن في الحصول على أي تعهدات من الرئيس الإماراتي.

بخصوص هذه المسألة يشرح ألكسندر كازروني: “يتقاسم البلدان اليوم نفس الاستراتيجية القاضية بالاستثمار أكثر لكل العائدات النفطية في إطار البنى التحتية على أراضيهما”. معتبرا أن الوضع الحالي يمثل فرصة حقيقية للمساومة. ويتابع كازروني: “إنها دول تستهلك البترول والغاز بكثرة ولها كل المصلحة في أن تحقق عبر كل ما تبيعه أقصى قدر ممكن من العائدات لتطوير السياحة وتنويع اقتصاداتها المحلية”. ويضيف: “المشكلة هي أن السعودية والإمارات ليستا وحدهما في أوبك وليس من مصلحتهما أن تنخفض أسعار البترول”.

التأثير على قرارات منتجي النفط
يعتبر فرنسيس بيرين أن إيمانويل ماكرون وجو بايدن ومن خلال لقاء زعماء ممالك الخليج، يريدان قبل أي شيء التأثير على قرارات أوبك بلس، المنظمة التي تضم 13 عضوا رسميا ولكن أيضا عشرة دول أخرى منتجة من بينها روسيا.

ويشرح بيرين: “يمكن أن يؤدي نقص النفط إلى ارتفاع الأسعار. لكن يمكن أيضا أن ترتفع الأسعار بسبب القرارات السياسية. وهذا هو الحال حاليا مع الحرب في أوكرانيا والتي تسببت في ارتفاع مبكر للأسعار”. ويضيف: “تلتزم الدول المنتجة باتخاذ إجراءات في حال النقص. من جانبها، تضغط أوروبا والولايات المتحدة لرفع الإنتاج منذ الآن وتؤكد على أن مخاطر النقص حقيقية فعلا”.

وكانت المنظمة قد أعلنت في حزيران لأول مرة منذ بداية الحرب في أوكرانيا، عن ارتفاع طفيف في حجم الإنتاج من 432.000 برميل يوميا إلى 648.000. وهذه المرة، تأمل أوروبا والولايات المتحدة خلال الاجتماعات المقبلة المقررة في آب، في ارتفاع مهم يمكن أن يؤدي أخيرا إلى خفض أسعار النفط.

Exit mobile version