Site icon PublicPresse

ما خلفية مقتل إبنة المفكر الروسي دوغين وما علاقتهما بفلاديمير بوتين؟ (فيديو)

فلاديمير بوتين و داريا دوغين

تسبب إنفجار سيارة يشتبه في أنها كانت ملغومة بمقتل داريا دوغين إبنة المفكر الروسي القومي ألكسندر دوغين، الذي لطالما دعا لضم أوكرانيا وإنشاء “إمبراطورية روسية” جديدة ويعتقد بأنه مقرب من فلاديمير بوتين. ويرى خبراء في الشأن الروسي بأن المستهدف من وراء الهجوم هو دوغين وليس ابنته رغم تأكيدهم على أن عملها الصحفي ونشاطها السياسي، فضلا عن مواقفها وشهرتها تجعلها مستهدفة بشكل أكبر منه.

قُتلت السبت الناشطة السياسية داريا دوغين (30 عاما) إبنة ألكسندر دوغين الفيلسوف المعروف بمواقفه المتطرفة، والتي أكدت على غرار والدها دعمها للهجوم الروسي على أوكرانيا، وذلك في أثناء قيادتها سيارة من طراز تويوتا لاند كروزر انفجرت على طريق سريع قرب موسكو.

وأوضحت السلطات الروسية أن دوغينا “قتلت على الفور”. وذكرت صحيفة “روسيسكايا غازيتا” الحكومية الروسية أن الأب وإبنته كانا يحضران مهرجاناً خارج موسكو وأن دوغين قرر تبديل سيارتيهما في اللحظة الأخيرة.

وحمّلت أجهزة الأمن الروسية، الإثنين، “الأجهزة الخاصة” الأوكرانية مسؤولية مقتل إبنة دوغين. وأضافت السلطات الأمنية الروسية عبر بيان نشرته وكالات أنباء محلية أن الشخص الذي فخخ سيارة داريا دوغينا فر لاحقاً إلى إستونيا.

وكانت داريا دوغين، الصحافية والمحللة السياسية التي أعربت علانية عن دعمها للهجوم الروسي على أوكرانيا، تقود سيارة من طراز تويوتا لاندكروزر عندما انفجرت قبل أن تشتعل فيها النيران على طريق سريع بالقرب من قرية بولشي فيازيومي، على بعد 40 كيلومترا عن موسكو، وفقا للبيان.

وذكر المحققون أن عبوة ناسفة زرعت في السيارة وأن هناك ما يبعث على الاعتقاد بأن “الجريمة تم التخطيط لها مسبقاً”.

أول تعليق لبوتين
إعتبر الرئيس الروسي فلايمير بوتين، اليوم الإثنين، أن قتل داريا دوغين في إنفجار سيارتها “جريمة دنيئة” تتهم موسكو كييف بتنفيذها. وقال في رسالة تعزية نشرها الكرملين وموجّهة إلى عائلة الشابة التي قُتلت السبت “جريمة دنيئة ووحشية وضعت حدًّا لحياة داريا دوغين قبل أوانها”.

وفي أول تعليق له على مقتل إبنة دوغين الذي يوصف بـ”العقل المدبر” له، وصف بوتين القتيلة بأنها “كانت لامعة وموهوبة وتمتلك قلبًا روسيًّا حقيقيًّا”.

وفي سياق متصل، أعلن الكرملين أن الرئيس بوتين وقع مرسوماً بمنح “وسام الشجاعة” للصحفية داريا دوغين بعد وفاتها، تكريما لها على شجاعتها وتفانيها في أداء واجبها المهني.

كشف هوية مرتكبة الجريمة
وفي وقت سابق اليوم، نقلت وكالة “تاس” الروسية عن جهاز الأمن الفدرالي الروسي أن مرتكبة جريمة قتل داريا دوغين مواطنة أوكرانية إختفت بعد الجريمة في إستونيا.

وإتهم جهاز الأمن الفدرالي الروسي الإستخبارات الأوكرانية بالتخطيط وتنفيذ إغتيال داريا دوغين، وأوضح الجهاز أن مواطنة أوكرانية تدعى ناتاليا فوفك تبلغ من العمر 43 عاما قامت بتنفيذ العملية.

وذكر الجهاز الروسي في التفاصيل أن المتهمة وصلت إلى روسيا برفقة إبنتها سوفيا شابان في 23 تموز الماضي على متن سيارة تحمل أرقام جمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية، ثم غادرت على الفور إلى إستونيا على متن سيارة تحمل أرقاما أوكرانية.

وأشار جهاز أمن الدولة الروسي إلى أن منفذة عملية الاغتيال كانت تستأجر مع إبنتها شقة في ضواحي العاصمة موسكو في المبنى السكني نفسه الذي كانت تعيش فيه داريا بهدف جمع المعلومات عنها. وأشار الجهاز إلى أنه في يوم الاغتيال كانت ناتاليا وابنتها موجودتين في الفعالية الشعبية ذاتها في ضواحي موسكو التي شاركت فيها داريا ووالدتها.

وكانت داريا لقيت حتفها بعد مغادرتها فعالية شعبية بالقرب من موسكو أول أمس السبت، وقال أحد منظمي هذه الفعالية إن والدها كان من المفترض أن يستقل السيارة التي انفجرت.

وعملت داريا دوغين سكرتيرة صحفية لوالدها، وهو قومي من أبرز المنظّرين لأيديولوجية الكرملين الذين تنبؤوا بانتهاء عصر الليبرالية الغربية. ووفق التقارير التي وردت على وسائل الإعلام في موسكو، فقد كانت القتيلة على قائمة العقوبات البريطانية بسبب نشرها أخبارا كاذبة عن الحرب الروسية على أوكرانيا.

تأثيره على بوتين “موضع تكهنات”
ويدعو دوغين منذ زمن إلى توحيد المناطق الناطقة بالروسية وغيرها ضمن “إمبراطورية روسية” جديدة واسعة النطاق يريد أن تشمل أوكرانيا حيث تنفذ القوات الروسية حاليا ما تسميها موسكو “عملية عسكرية خاصة” لنزع السلاح من جارتها. وتأثير دوغين، المدرج على قائمة المستهدفين بالعقوبات الأمريكية، على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موضع تكهنات إذ يؤكد بعض مراقبي الشأن الروسي أن نفوذه كبير فيما يصفه البعض الآخر بأنه ضئيل.

وحظرت أوكرانيا في السنوات الأخيرة العديد من كتبه، ومنها “أوكرانيا. معركتي. يوميات جيوسياسية” و”انتقام روسيا الأوراسي”. كما تستهدف عقوبات بريطانية ألكسندر دوغين منذ يوليو/تموز، وتتهمه لندن على غرار ابنته بنشر “معلومات مضللة عن أوكرانيا” على الإنترنت.

واتهم دينيس بوشيلين رئيس “جمهورية دونيتسك” التابعة للانفصاليين الأوكرانيين الموالين لروسيا الأحد القوات الأوكرانية بالوقوف وراء اغتيال داريا دوغينا. وقال على تلغرام: “حاول إرهابيو النظام الأوكراني تصفية ألكسندر دوغين، لكنهم فجروا ابنته”. كما كتبت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على تلغرام: “إذا تأكد التورط الأوكراني (…) ويجب التحقق منه من قبل السلطات المختصة، فسيتعلق الأمر بسياسة إرهاب الدولة التي يطبقها نظام كييف”.

لكن إيليا بونوماريف العضو السابق في الدوما (البرلمان الروسي) والمعارض لبوتين قال مساء الأحد إن مجموعة روسية غير معروفة يطلق عليها “الجيش الوطني الجمهوري” قد تبنت الهجوم على داريا دوغينا، حسبما نقلت صحيفة ذي غارديان، مضيفة نقلا عن بونوماريف بأن هذه المجموعة هي مناهضة للرئيس فلاديمير بوتين ولغزو أوكرانيا.

فمن هي داريا دوغينا ومن هو ألكسندر دوغين وما علاقتهما ببوتين والكرملين؟ ما ثقلهما السياسي في توجيه الرأي العام الروسي؟ وهل دخلت روسيا في نفق الاغتيالات السياسية؟ ومن هو “الجيش الجمهوري الوطني” الذي تبنى الهجوم؟ أسئلة يجيب عليها الأستاذ في الأكاديمية الروسية محمود الأفندي وأستاذ المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو رامي القليوبي، مراسل صحيفة العربي الجديد.

من هي داريا دوغينا ووالدها ألكسندر دوغين؟
قال محمود الأفندي المحلل السياسي والأستاذ في الأكاديمية الروسية: “داريا دوغينا ووالدها ألكسندر دوغين دعما العملية العسكرية الروسية وبوتين وكانا يسعيان إلى تشكيل تيار سياسي والبحث عن أمجاد روسيا والإمبراطورية الروسية. ولطالما ترددت داريا على دونباس حيث كانت تقابل انفصاليين. لكن تحركاتهما ليست مدعومة من السلطة في روسيا. وداريا هي خريجة الجامعة المركزية الروسية تخصص فلسفلة وهي ناشطة سياسية في المنطقة الانفصالية. برأيي دورهما إعلاميا مبالغ فيه فلقد باتت أوكرانيا سلما لكل من يريد تحقيق مجد سياسي إن كان من الطرف الأوروبي أو من الروسي. لا علاقة لهما بالكرملين لكن دعما العملية العسكرية ككثيرين”.

وأضاف الأفندي: “ألكسندر دوغين صاحب فكرة أوروآسيوية لإنشاء إمبراطورية روسية واسعة، لكن تمجيده جاء عن طريق وسائل الإعلام العربية والأوروبية حيث إن القنوات الروسية لم تتحدث عنه بتاتا. في روسيا فلاسفة كبار ومعروفون أما دوغين فهو مجهول عند عموم الروس. يمكن وصفه بأنه نجم سياسي خارج روسيا وليس داخل البلاد تماما مثل ابنته، التي كانت أشهر منه حيث سبق وأن كتبت عنها وسائل الإعلام الروسية”.

من جانبه، قال رامي القليوبي مراسل صحيفة العربي الجديد في موسكو: “يعرف عن داريا دوغين على غرار والدها دعمهما العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وبسبب مواقفهما أدرجا ضمن قائمة العقوبات البريطانية خصوصا بعد زيارتها إلى دونباس، لكنها لم تستهدف شخصيا لأنه كان من المقرر أن يستقلا سيارتهما معا، لكن في آخر لحظة قرر دوغين أن يستقل سيارة رفقة صديقه ما أنجاه من موت محقق فيما لقيت ابنته حتفها”.

ما علاقتهما ببوتين وما ثقلهما السياسي؟
قال المحلل السياسي محمود الأفندي: “ألكسندر دوغين ليس مقرباً من الكرملين ولم يسبق أن تناول الإعلام الروسي أي معلومات عن مثل هذه العلاقة وكل ما تم ذكره جاء على لسان الإعلام الغربي. كما ليس له أي ثقل سياسي في روسيا لكنه حاول في المدة الأخيرة أن ينقل عبر وسائل الإعلام الغربية والعربية أنه مهدد من الطرف الأوكراني. وسائل الإعلام الروسية لم تكن تسلط الضوء على مواقفه. تم تهديده وتهديد ابنته وهي ناشطة سياسية في دونباس تزعج وزارة الدفاع الأوكرانية. لكن ليس لألكسندر دوغين أي ثقل سياسي في روسيا ولا علاقة له بالرئيس فلاديمير بوتين ولا بالكرملين”. وأضاف: “لقد أثار ألكسندر دوغين وابنته غضب الأوكرانيين وقد تم وضعهما على موقع اسمه myrotvorets تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي. كل شخص موجود في الصفحة هو إما مهدد بالموت أو القتل أو الخطف. حتى إن هنري كيسنجر (وزير الخارجية الأمريكي الأسبق) الذي حاول إقناع الأوكرانيين بتسليم مناطق لروسيا من أجل تحقيق السلام موجود في هذه الصفحة”.

من جانبه، قال أستاذ المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو رامي القليوبي: “أعتقد أن الإعلام الغربي يبالغ عندما يتحدث عن ثقل دوغين في الداخل الروسي. ربما له تأثير على دوائر صنع القرار لكن في الداخل الروسي هناك شخصيات إعلامية أشهر وأكثر تأثيرا منه وحتى على المستوى الإيديولوجي”.

هل دخلت موسكو في نفق الإغتيالات السياسية؟
يرى محمود الأفندي بأن “روسيا دخلت مع أوكرانيا نفق الاغتيالات السياسية منذ حوالي شهرين وقد تم فعلا تصفية معارضين أوكرانيين دعموا روسيا بعد دخول القوات الأوكرانية مناطق خيرسون وميليتوبول وزابوريجيا، وتم اغتيال عدة محافظين حتى إنه جرى تسميم محافظ خيرسون الذي يتواجد في العناية المشددة وقد رفعت روسيا كتابا إلى الأمم المتحدة في هذا الشأن. من الملاحظ أيضا أن الحدود الروسية الأوكرانية بقيت مفتوحة حتى خلال الحرب منذ 2014 وبالتالي فشيء طبيعي أن تحدث حرب الاغتيالات” بين الجانبين.

في المقابل، إعتبر رامي القليوبي بأن “الحديث عن حرب إغتيالات هو سابق لأوانه، لكن من المؤكد إن كانت أوكرانيا تقف وراء هذا الهجوم كما تزعم بعض المصادر مثل رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية فهذا يعني أن أوكرانيا قد تمكنت من نقل المعركة من أراضيها إلى الداخل الروسي سواء عبر شن أعمال تخريبية في شبه جزيرة القرم من خلال عملائها أو اغتيال ابنة دوغين”.

من هو “الجيش الوطني الجمهوري” الذي تبنى الهجوم؟
قال الأستاذ في الأكاديمية الروسية محمود الأفندي إن لا معلومات دقيقة حتى الساعة حول الجهة التي تبنت الهجوم على داريا دوغينا، مضيفاً بأن مسألة “الجيش الوطني الجمهوري” يمكن أن تكون “مجرد ضربة أو كذبة إعلامية، حيث إن أوكرانيا أعلنت بأن لا علاقة لها باغتيال دوغين. كانت العملية موجهة ضد دوغين شخصياً نتيجة دعمه العملية الروسية في أوكرانيا عبر وسائل الإعلام الأجنبية وليس الروسية. هناك كثير من الحركات والأحزاب المزروعة في روسيا مثل حركة تحرير أوكرانيا وأحزاب إسلامية لتحرير التتار في جزيرة القرم وهي جهات موالية لأوكرانيا يوجد لها خلايا نائمة في روسيا”.

بدوره، قال أستاذ المدرسة العليا للإقتصاد بموسكو رامي القليوبي إنه وبالنسبة إلى “الجيش الوطني الجمهوري فهو بحسب النائب السابق والمعارض الهارب إيليا بونوماريف، منظمة مناهضة للكرملين. لكن لم يتم التأكد من هذا التبني من جهة محايدة. بونوماريف لا يمكن تصنيفه كمصدر محايد حيث إنه يروج عادة للشائعات عبر الإعلام الأوكراني وتصريحاته لا يمكن أن تأخذ على محمل الجد”.

Exit mobile version