Site icon PublicPresse

روسيا: أميركا لديها الكثير لتكسبه من تخريب “نورد ستريم”

فلاديمير بوتين في إحتفال الساحة الحمراء في موسكو

في خطوة كانت متوقعة، إستخدمت روسيا الجمعة حق النقض (الفيتو) لمنع تبني مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدين إقدامها على ضم أربع مناطق أوكرانية، وهو نص سيحال الآن إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومشروع القرار الذي أعدته الولايات المتحدة وألبانيا أيّدته عشر دول أعضاء، في مقابل امتناع أربع دول عن التصويت، هي الصين والهند والبرازيل والغابون.

ويدين مشروع القرار “قيام الاتحاد الروسي بتنظيم ما يسمى بالاستفتاءات غير القانونية” في مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، ويعتبر أنه لا يمكن أن تكون لها “أي شرعية” أو أن “تُستخدم كأساس لتغيير وضع هذه المناطق”، “بما في ذلك أيّ ضم مزعوم” من جانب روسيا.

ويدعو المشروع كل الدول والمنظمات الأخرى إلى “عدم الاعتراف بالضم المزعوم” للمناطق الأربع من جانب روسيا. كما يطالب موسكو “بالوقف الفوري” لهجومها في أوكرانيا و”سحب جميع قواتها العسكرية على الفور وبشكل كامل وغير مشروط” من البلاد.

وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في بداية الاجتماع، “هذه بالضبط المهمة التي أنشئ من أجلها مجلس الأمن. الدفاع عن السيادة وحماية وحدة الأراضي وتعزيز السلام والأمن”. وأضافت أن “الأمم المتحدة بنيت على فكرة أنه لن يسمح أبداً لدولة ما بالاستيلاء على أراضي دولة أخرى بالقوة”.

“أمر غير مسبوق”
واعتبر سفير روسيا فاسيلي نيبينزيا أن السعي إلى إدانة عضو دائم في مجلس الأمن أمر غير مسبوق. وقال متوجهاً إلى القوى الغربية “هل تتوقعون بجدية أن تنظر روسيا في مشروع كهذا وتدعمه؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فقد اتضح أنكم تدفعوننا عن قصد لاستخدام حق النقض لترددوا لاحقاً أن روسيا تسيء استعمال هذا الحق”.

وفي حين أن استخدام روسيا حق الفيتو لم يكن موضع شك، فإن موقف الصين كان تحت المجهر، خصوصا أنها غالباً ما تُتهم في الغرب بالتسامح إلى حد كبير مع موسكو.

موقف الصين والهند
وهذا الأسبوع كررت بكين التي اتخذت موقفاً رسمياً محايداً في هذا الملف، دعوتها إلى احترام وحدة أراضي “الدول كافة”. كما أن موقف الهند كان محل متابعة دقيقة. وكما حصل في فبراير/شباط غداة بدء الهجوم الروسي، امتنعت الصين، كما الهند، عن التصويت الجمعة.

وعلق السفير الصيني تشانغ جون قائلاً إن “أي إجراء من جانب مجلس الأمن يجب أن يعزز تحسين الوضع وحل الأزمة، بدلاً من تكثيف النزاعات ومفاقمة المواجهة”، مكرراً أن الصين تدعم سيادة “جميع الدول وسلامتها الإقليمية”.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال قبيل التصويت إنه “إذا منعت روسيا مجلس الأمن من الاضطلاع بمسؤولياته، فسنطلب من الجمعية العامة، حيث تمتلك كل دولة صوتاً، أن تقول بوضوح إنه من غير المقبول إعادة رسم الحدود بالقوة”.

والتصويت في الجمعية العامة، حيث لا تملك أي من الدول الأعضاء البالغ عددها 193 حق النقض، سيتيح إمكان تقييم درجة عزلة روسيا. غير أن بعض الدول النامية منزعجة من أن الغرب يسلط كل تركيزه على أوكرانيا.

وقال المحلل في منظمة مجموعة الأزمات الدولية غير الحكومية ريتشارد غوان لوكالة الصحافة الفرنسية إن الغربيين “واثقون نسبياً من أنهم سيحصلون على دعم قوي لوحدة أراضي أوكرانيا في الجمعية العامة”.

وأضاف: “كانت دول عدة قد بدأت في التراجع عن دعمها أوكرانيا (…) ولكن من خلال وضع عمليات الضم وسلامة أراضي أوكرانيا على الطاولة فإن بوتين سيجبر الكثير من الدول المترددة على العودة إلى معسكر أوكرانيا” ولا سيما بعض الدول الأفريقية، معتبراً أن الرئيس الروسي ارتكب “خطأ دبلوماسياً جوهرياً”.

تخريب “نورد ستريم
وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة يوم الجمعة لمجلس الأمن إن الولايات المتحدة لديها الكثير لتكسبه فيما يتعلق بتجارة الغاز جراء الأضرار التي لحقت بشبكة خط أنابيب “نورد ستريم” تحت بحر البلطيق ولكنه لم يصل إلى حد تحميل واشنطن مسؤولية انفجارات هذا الأسبوع.

وتناول إجتماع المجلس الذي انعقد بناء على طلب روسيا التسريبات التي تم اكتشافها يوم الثلاثاء في خطي أنابيب نورد ستريم 1 و 2 اللذين أنفقت عليهما شركة غازبروم التي تسيطر عليها روسيا وشركاؤها الأوروبيون مليارات الدولارات.

وقال نيبينزيا إن السؤال الرئيسي بشأن الإنفجارات هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستفيد من تدمير خطوط الأنابيب “الجواب بالتأكيد. ويجب أن يحتفل موردو الغاز الطبيعي المسال الأميركيون بالزيادة المتعددة في إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا”.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق الجمعة إن الولايات المتحدة وحلفاءها نسفوا نورد ستريم. وقال “العقوبات لم تكن كافية للأنجلو ساكسون، لقد انتقلوا إلى التخريب”.

نفي أميركي
ورفض البيت الأبيض هذا الاتهام ووصفه بأنه غير مسؤول. وقال ريتشارد ميلز نائب ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في الاجتماع “الولايات المتحدة تنفي بشكل قاطع أي تورط في هذا الحادث ونرفض تأكيداً يقول عكس ذلك”.

وأضاف ميلز أن الولايات المتحدة عززت صادرات الغاز الطبيعي المسال في السنوات الأخيرة لأن روسيا لم تكن لفترة طويلة مورداً موثوقاً به للطاقة إلى أوروبا. وقطعت روسيا في السنوات الماضية إمدادات الغاز إلى أوروبا الشرقية في الشتاء أثناء نزاعات أسعار الغاز.

عقوبات جديدة
وفرضت الولايات المتحدة الجمعة حزمة واسعة النطاق من العقوبات تستهدف مئات الشخصيات والشركات الروسية، بما يشمل أعضاء في الهيئة التشريعية الروسية والجيش والبنك المركزي، رداً على إعلان موسكو ضم مساحات من أوكرانيا إلى أراضيها.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان “سنحشد المجتمع الدولي للتنديد بهذه التحركات ومحاسبة روسيا. وسنواصل تزويد أوكرانيا بالمعدات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها، دون أن تردعنا جهود روسيا الفجة لإعادة رسم حدود جارتها”.

وأشارت وزارة الخزانة الأميركية إلى أنها فرضت عقوبات على 14 مسؤولاً في المجمع الصناعي العسكري الروسي واثنين من قادة البنك المركزي في البلاد وأقارب لكبار المسؤولين و278 عضواً في الهيئة التشريعية الروسية بسبب ضلوعهم في “تنظيم الاستفتاءات الروسية الصورية ومحاولة ضم أراض خاضعة للسيادة الأوكرانية”.

كما أصدرت وزارة الخزانة توجيهات تحذر فيها من فرض عقوبات على أشخاص خارج روسيا إذا قدموا دعماً سياسياً أو اقتصادياً لموسكو. وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في بيان “لن نقف مكتوفي الأيدي بينما يحاول بوتين عن طريق الاحتيال ضم أجزاء من أوكرانيا”.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان “الولايات المتحدة ترفض بشكل قاطع محاولة روسيا الإحتيالية لتغيير حدود أوكرانيا المعترف بها دولياً، بما في ذلك عن طريق إجراء ‘استفتاءات’ زائفة”.

وجاء تحرك الولايات المتحدة بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضم نحو 15 بالمئة من أراضي أوكرانيا إلى بلاده، في أكبر عملية ضم في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وأعلنت روسيا ضم هذه المناطق بعد إجراء ما أسمته استفتاءات في المناطق المحتلة بأوكرانيا. وقالت الحكومات الغربية وكييف إن عمليات التصويت تنتهك القانون الدولي وكانت قسرية ولا تمثل رأي سكان هذه المناطق.

وتأتي العقوبات الأخيرة لتنضم إلى تدابير شاملة فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها هذا العام وأدت بالفعل إلى شل التجارة الخارجية والاقتصاد المحلي لروسيا، لكنها لم تؤثر على صناعة الطاقة الروسية، أكبر مصدر للعملة الصعبة في البلاد.

ومن بين المستهدفين بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الجمعة نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك و109 من أعضاء مجلس الدوما و169 من أعضاء مجلس الإتحاد (الشيوخ) ومحافظة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا.

وتهدف عقوبات وزارة الخزانة بشكل عام إلى تجميد أي أصول أميركية لأولئك الذين يتم إدراجهم في قوائمها السوداء ومنع الأميركيين من التعامل معهم. وأضافت وزارة التجارة 57 كياناً في روسيا وشبه جزيرة القرم لحظر الصادرات.

كما قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان منفصل إنها فرضت قيوداً على منح التأشيرات لأكثر من 900 شخص، بمن فيهم أفراد من الجيش الروسي وجيش بيلاروس والفصائل التي تعمل بالوكالة لصالح روسيا “لانتهاكهم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي”.

حماية سيادة أوكرانيا
وقالت كوريا الجنوبية، من جهتها، إنها لا تعترف بما أعلنته روسيا من ضم مناطق من أوكرانيا أو ما وصفته موسكو بالاستفتاءات التي أجريت في تلك المناطق. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية في كوريا الجنوبية في بيان إنه يجب حماية سيادة أوكرانيا وأمنها الإقليمي واستقلالها.

لقاء فرنسي – ألماني
من جانب آخر، يلتقي المستشار الألماني أولاف شولتس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين في برلين لمناقشة الحرب في أوكرانيا والقضايا الأوروبية الرئيسية قبل قمة براغ، وفق ما أعلنت المستشارية والإليزيه الجمعة.

وسيناقش الزعيمان خلال عشاء عمل، التعاون الوثيق بين بلديهما داخل الاتحاد الأوروبي وعواقب الهجوم الروسي على أوكرانيا، ولا سيما على صعيد الاقتصاد والطاقة، حسبما أوضحت الحكومة الألمانية.

من جهته أشار الإليزيه إلى أن هذا الاجتماع سيعقد “بروح الدعم الثابت لأوكرانيا وإدانة خيار التصعيد الروسي الذي تجلى مرة أخرى في إجراء استفتاءات زائفة على أراضي أوكرانيا ذات السيادة”.

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن هيبيستريت إنه لن يكون هناك مؤتمر صحافي عقب اللقاء، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بـ”عشاء غير رسمي” في يوم ذكرى إعادة توحيد ألمانيا.

وقبل أربعة أيام من قمة الاتحاد الأوروبي في براغ، سيتطرق شولتس وماكرون “إلى التحرك الأوروبي لمحاربة ارتفاع أسعار الطاقة وضمان التزود (بها)، وخصوصاً إلى تدابير التضامن بين الدول الأعضاء”، بحسب الإليزيه.

ووفقاً للرئاسة الفرنسية فإن الزعيمين سيحضّران أيضاً للقمة الأولى للمجموعة السياسية الأوروبية في 6 أكتوبر/تشرين الأول في براغ.

Exit mobile version