PublicPresse

البابا يصلي للشعوب “المتألمة” في الشرق الأوسط في ختام زيارته إلى البحرين (فيديو)

غادر البابا فرنسيس ظهر الأحد البحرين، بعد زيارة تاريخية إستمرت أربعة أيام، بسط خلالها يده للحوار مجدداً مع الإسلام، ودعا إلى إحترام حقوق الإنسان الأساسية والصلاة من أجل الشعوب “المتألمة” في الشرق الأوسط. وتوجه البابا ظهراً إلى روما، بعد مراسم وداع في قاعدة الصخير الجوية الملكية. وكان العاهل البحريني وإمام الأزهر في وداع البابا فرنسيس والوفد المرافق.

وقال البابا في كلمة ألقاها خلال لقاء مع الأساقفة والكهنة والعاملين الرعويين في كنيسة القلب المقدس في المنامة “إذ أرى المؤمنين من لبنان الحاضرين، أؤكد صلاتي وقربي خصوصاً من ذلك البلد الحبيب والمتعب الذي يمرّ بمحنة ومن كل الشعوب التي تتألم في الشرق الأوسط”.

وجدّد البابا صلاته من أجل أوكرانيا، داعياً لانهاء الحرب فيها، مع دخول الغزو الروسي شهره التاسع.

ودعا البابا في خطابه العلني الأخير قبل عودته إلى روما رجال الكنيسة الى أن يكونوا “حراساً وبنّائي وحدة”. وأضاف “لنفعل ذلك أيضاً في المجتمع المتعدد الأديان والثقافات الذي نعيش فيه: دائما من أجل الحوار وناسجين للشركة والوحدة مع الأخوة في المعتقدات والطوائف الأخرى”.

وقدمت الهندية غرايس ماري للصلاة في الكنيسة الأحد، وقالت “نحن سعيدون للغاية برؤيته. نحن محظوظون حقا”.

أما اللبناني وليد نوفل فأشار إلى “شعور لا يوصف، كنا قريبين جدا من البابا في الكنيسة وشعرت بسلام داخلي وروحانية قوية وكان كلامه معبراً للغاية” خصوصا عن لبنان الغارق في أزمة اقتصادية متمادية منذ قرابة ثلاثة أعوام.

قداس حاشد
وشكر البابا فرنسيس السلطات البحرينية والملك حمد بن عيسى آل خليفة على حسن الضيافة والاستقبال وكل من ساهم في نجاح زيارته، وهي الأولى لحبر أعظم الى المملكة الخليجية الصغيرة، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة، بينهم قرابة ثمانين الف كاثوليكي من العمال المهاجرين خصوصا من الهند والفيليبين.

وترأس البابا صباح السبت قداساً حاشداً في استاد البحرين الدولي، شارك فيه قرابة ثلاثين ألف شخص، استقبلوه بالتصفيق والدموع.

البابا فرنسيس في البحرين

والزيارة هي الثانية للحبر الأعظم إلى شبه الجزيرة العربية منذ رحلته التاريخية إلى الإمارات عام 2019. وجاءت في إطار ملتقى البحرين للحوار “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، الذي حضره قرابة مئتي شخص من مسؤولين ورجال دين بارزين من الشرق الأوسط.

وندد البابا خلال زيارته بمنطق “الكتل المتعارضة” بين الشرق والغرب والتي تجعل العالم في “توازن هشّ”، مؤكداً إصراره على خيار الحوار كبديل عن “المواجهة”.

والتقى البابا، الذي يستخدم كرسياً متحركاً للتنقل وعصا بسبب آلام مزمنة في الركبة، شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، الذي وقع معه وثيقة تاريخية حول الأخوة الإنسانية.

وخلال محطات زيارته، شدد البابا فرنسيس على أهمية تعزيز إحترام حقوق الانسان الأساسية وألا يكون هناك “تمييز”. وأكد ضرورة ضمان “الحق في الحياة” بشكل دائم، في إشارة ضمنية الى عقوبة الإعدام السارية في المملكة والتي تنتقدها منظمات حقوقية.

وكانت منظمات حقوقية دعت البابا إلى الضغط على السلطات البحرينية لـ”إلغاء عقوبة الإعدام، والتحقيق بجدية في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة”، وهي اتهامات تنفيها المنامة.

قنوات “مساءلة”
وتنفي السلطات البحرينية الإنتقادات ذات الطابع الحقوقي التي تطالها. وقال وزير المالية والاقتصاد الوطني الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة لوكالة فرانس برس الجمعة “لدى البحرين مبادرات هامة للغاية في ما يتعلق بإصلاح العدالة الجنائية وهناك قنوات واضحة للغاية يمكن لأي من المدعيين التقدم بتظلماتهم لديها، ثمة مؤسسات مسائلة راسخة في المملكة”.

وتعليقاً على تأكيد البابا على “الحق في الحياة”، قال المسؤول البحريني إن “إشارة قداسة البابا في خطابه كانت مرجعية عامة يمكن طرحها في بلدان تمثل ستين في المئة من سكان العالم”.

وأشادت السلطات البحرينية بمضامين خطابات البابا فرنسيس منذ وصوله.

وأعلن معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، ومقره لندن، أن عائلات عدد من المحكومين بالإعدام وسجناء سياسيين تجمعوا السبت أمام مدرسة القلب المقدس، قبل وقت قصير من وصول البابا إليها لعقد لقاء شبابي، مطالبين بلقائه.

واحتجزت الشرطة المتظاهرين لفترة وجيزة، قبل أن تفرج عنهم وتنقلهم سيارة تابعة لها الى مركز تسوق قريب.

وأكد ناطق بإسم الحكومة البحرينية “عدم (تنفيذ السلطات) أي عمليات توقيف مرتبطة بزيارة البابا. طلب عناصر شرطة كانوا ببزاتهم الرسمية من تسعة أشخاص التفرّق واستجاب هؤلاء للطلب.. لن يتم اتّخاذ أي إجراءات إضافية في هذا الصدد”.

وزيارة البحرين هي الرابعة التي يجريها الحبر الأعظم الى الخارج هذا العام، والتاسعة والثلاثين منذ وصوله إلى سدّة الكرسي الرسولي عام 2013.

إحتجاج لأقارب سجناء على طريق الموكب
نظم أقارب لسجناء محكوم عليهم بالإعدام وآخرين محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة في البحرين إحتجاجاً صغيراً على طريق موكب البابا فرنسيس، السبت، للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين في الدولة الخليجية.

ولم يتضح ما إذا كان البابا قد رأى اللافتات التي رفعها المحتجون أثناء تحرك موكبه من مقر إقامته إلى مدرسة في مدينة عيسى حيث خاطب الطلاب والمعلمين لاحقاً.

ونشر معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، الذي يتخذ من لندن مقراً، وجمعية الوفاق المعارضة المنحلة في البحرين مقطع فيديو للإحتجاج، الذي ضم عدداً من النساء والأطفال. وكُتب على إحدى اللافتات “التسامح والتعايش ممارسة وليس شعارات. حرروا حسن مشيمع. أطلقوا سراح السجناء السياسيين. أوقفوا الطائفية”.

وحكم على حسن مشيمع، وهو أحد زعماء المعارضة، بالسجن مدى الحياة في 2011 بسبب احتجاجات مناهضة للحكومة قادتها بالأساس الطائفة الشيعية وسحقها النظام الملكي الحاكم السني.

وفي الفيديو نفسه، يمكن سماع صوت شرطي وهو يقول للمتظاهرين “لو سمحتم، عندكم… مطالب، عندكم شيء، مو بهذه الطريقة ولا بهذا الأسلوب”.

ورداً على طلب للتعليق، قال متحدث بإسم الحكومة إن الشرطة طلبت من مجموعة من تسعة أشخاص الانصراف وإنها “انصاعت للطلب”. وتابع في بيان “لم تُتخذ إجراءات أخرى في هذا الصدد”. وأضاف “لم تُنفذ أي اعتقالات تتعلق بزيارة البابا”.

وقال معهد البحرين للحقوق والديمقراطية في بيان في وقت سابق إن المتظاهرين نُقلوا من الموقع في سيارة للشرطة ثم أطلق سراحهم لاحقا.

وقبل وصول بابا الفاتيكان إلى البحرين يوم الخميس، طلبت منه أسر سجناء محكوم عليهم بالإعدام انتقاد هذه العقوبة علنا والدفاع عن المعتقلين السياسيين خلال زيارته. وقد فعل ذلك في أول خطاب له، الجمعة، أمام السلطات الحكومية والسلك الدبلوماسي.

وكانت البحرين الدولة الخليجية الوحيدة التي شهدت إنتفاضة “ربيع عربي” وقد سجنت الآلاف، بعضهم من خلال محاكمات جماعية، منذ الانتفاضة. وترفض المملكة الانتقادات الموجهة من الأمم المتحدة وغيرها بشأن أسلوبها في المحاكمات وظروف الاعتقال وتقول إنها تحاكم وفقا للقانون الدولي.

وأطلقت البحرين سراح عشرات السجناء العام الماضي بموجب قواعد جديدة تسمح في المقابل بالمراقبة الإلكترونية والإقامة الجبرية. وقال نجل مشيمع حينها إن والده رفض عرضا للإفراج المشروط.

Exit mobile version