Site icon PublicPresse

قرار مبدئي.. المدعي العام الإيراني يعلن وقف عمل “شرطة الأخلاق”

شرطة الأخلاق في إيران

A pro-government cleric hugs a policeman during a rally against the recent protest gatherings in Iran, after the Friday prayer ceremony in Tehran, Iran September 23, 2022. Iranians have staged mass protests over the case of Mahsa Amini, 22, who died last week after being arrested by the morality police for wearing "unsuitable attire".WANA (West Asia News Agency) via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY.

أعلن المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري إلغاء “شرطة الأخلاق” مبدئياً من قبل السلطات المختصة، كما أفادت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إيسنا)، الأحد.

وقال منتظري، مساء السبت بمدينة قم، إن الجهات التي أنشأت منظومة “شرطة الأخلاق” هي التي إتخذت قراراً بوقف عملها في هذه المرحلة. وأكد أن البرلمان والمجلس الأعلى للثورة يبحثان مسألة الحجاب، ويجريان مراجعة لقانون الحجاب الإلزامي، وسيعلنان النتائج خلال أسبوعين.

وحسب منتظري، فإن هناك جهوداً تبذل لإيجاد حل “مدروس” والتعامل مع ظاهرة عدم رعاية الحجاب التي “أزعجت الجميع”.

وكان المدعي العام يرد، خلال مؤتمر ديني، على سؤال طرحه عن سبب “إغلاق شرطة الأخلاق”.

وتمّ إنشاء “شرطة الأخلاق” التي تعرف بإسم “كشت إرشاد” (أي دوريات الإرشاد) في عهد الرئيس “المحافظ” الأسبق محمد أحمدي نجاد من أجل “نشر ثقافة اللباس اللائق والحجاب” وهي تضم عناصر ترتدي بزات خضراء ونساء يرتدين الشادور (الزي الشعبي) وبدأت هذه الوحدة أولى دورياتها عام 2006.

ومن جانب آخر، أكد بعض النواب أن أفضل طريقة لمواجهة أعمال الشغب بالبلاد هي تسوية وحل المشاكل الإقتصادية التي يواجهها الشعب.

وقد لفت المتحدث بإسم هيئة رئاسة البرلمان نظام الدين الموسوي إلى أن هذا الكلام جاء خلال إجتماع مشترك للحكومة، بحضور رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي، والذي خصص لمناقشة القضايا الإقتصادية والثقافية والإجتماعية.

وأكد موسوي أن رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف أشار، خلال الإجتماع، إلى أن “الشعب يقف إلى جانب النظام، ولا يهتم لمؤامرات الأعداء”.

ترحيب بالقرار
ورحبت تيارات إيرانية بإعلان منتظري حول “الحجاب الإلزامي” و”شرطة الأخلاق”، ورأى البعض أن ذلك يشكل خطوة في سبيل احتواء الاحتجاجات المتواصلة منذ أكثر من شهرين في البلاد، لكن ناشطين عبروا عن مخاوفهم.

واعتبر مراقبون أن القرار الإيراني أول تراجع من نوعه منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية على وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، إثر توقيفها من جانب “شرطة الأخلاق” في طهران بحجة عدم التزامها بارتداء لباس محتشم.

ولقي القرار بإلغاء عمل شرطة الأخلاق ومراجعة قانون الحجاب في إيران ترحيباً لدى التيارين السياسيين المحافظ والإصلاحي، إلا أنه أثار شكوكا لدى مراقبين وناشطين في الحراك المطلبي عبروا عن خشيتهم من استغلاله لإسكات الاحتجاجات الشعبية.

مراجعة القانون
من جانبه، كشف الأمين العام لحزب سبز (الأخضر) المحافظ، حسين كنعاني مقدم، أنه سبق أن تقدم برفقة عدد من الأحزاب السياسية بمقترح إلى البرلمان الإيراني لمراجعة قانون الحجاب الإلزامي إنطلاقاً من قناعته بأن الإستعانة بشرطة الأخلاق لتطبيقه لا تخدم قضية الحجاب في البلاد.

وفي حديثه للجزيرة نت، إنتقد السياسي المحافظ إلزامية الحجاب في البلاد، وطالب باعتماد أساليب ناعمة لتطبيق “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” بدلا من تجريم الأفراد ودخول شرطة الأخلاق على خط تنفيذه.

وقال كنعاني مقدم إن تعديل قانون الحجاب يتطلب مراجعته من قبل المؤسسة الدينية من جهة، والبرلمان من جهة أخرى، مؤكدا توصّل العديد من الشخصيات في الحكومة والبرلمان إلى قناعة بضرورة مراجعة قانون الحجاب انطلاقا من مبدأ الحقوق الفردية لا سيما بعد المطالبات الشعبية الأخيرة.

وخلص السياسي المحافظ إلى أن إلزامية الحجاب تنعكس سلبا على تطبيق قانون الحجاب، مؤكدا أنه يؤمن بضرورة وضع مسؤولية اختيار الحجاب وكيفية تطبيقه على عاتق المؤمنين والمؤمنات.

تفاعل خجول
وفي المعسكر الإصلاحي، ترى الأمينة العامة لحزب “إتحادات الشعب الإيراني”، آذر منصوري، أن القرار جاء ردا على السبب الرئيس الذي أطلق شرارة الاحتجاجات المتواصلة منذ أكثر من شهرين، واصفة الخطوة بأنها تفاعل خجول وخضوع لأدنى المطالب الشعبية المتعلقة بالحريات والأصوات المنادية بإجراء إصلاحات شاملة.

واستدركت منصوري، في حديثها للجزيرة نت، أن قضية الحجاب الإلزامي ودوريات الإرشاد لا تمثل سوى جزء صغير من المطالب الشعبية، وأن السلطات الحاكمة مطالبة بإجراء إصلاحات جادة وشاملة على شتى الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية لردم الهوة بين شرائح الشعب والسلطة.

وطالبت سلطات بلادها بالإصغاء لمطالب المحتجين وتحليل أسباب الاحتجاجات بموضوعية، مؤكدة أن اتهام المحتجين بتنفيذ أجندة خارجية وقمع الحراك الاحتجاجي لن يساعدا في حل الأزمة.

وختمت الأمينة العامة لحزب “اتحادات الشعب الإيراني” بالقول إن الوقت لا يزال مبكرا للحكم على الخطوة التي أعلنت عنها السلطة الإيرانية لمراجعة قانون الحجاب والتفاعل مع المطالب الشعبية.

تخدير حكومي
من جانبها، رأت الناشطة في مجال المرأة فرناز ملا محمد في إعلان المدعي العام الإيراني مراجعة قانون الحجاب خلال الأسبوعين المقبلين عامل تخدير للاستحواذ على مطالب المحتجين، مؤكدة أن الحركة النسوية في إيران تطالب بمساواة حقوق المرأة والرجل، وأن إلغاء إلزامية الحجاب ليست سوى أقل القليل بين المطالب الشعبية.

ورحبت، في حديثها للجزيرة نت، بأي خطوة تهدف إلى إحقاق حقوق المرأة الإيرانية، مؤكدة أن مطالب المحتجين واضحة ولا يمكن الالتفاف عليها من خلال حصرها في قانون الحجاب الإلزامي وشرطة الأخلاق.

وأضافت ملا محمد أن الاحتجاجات التي حافظت على زخمها طوال أكثر من شهرين تطالب بإصلاحات شاملة ومنح المواطن حريات واسعة، ولا يمكن إخمادها عبر تقديم جرعات تخدير لا تسمن ولا تغني من جوع، على حد تعبيرها.

جدلية الحجاب
وكان رضا شاه، البهلوي الأول، قد أقرّ قانوناً في يناير/كانون الثاني 1936 يلزم الإيرانيات بخلع حجابهن، معتبرا أنه من مظاهر التخلف، وقد أثار ذلك ردود فعل شعبية غاضبة آنذاك استمرت إلى أن ألغي في عهد ابنه البهلوي الثاني محمد رضا عام 1944.

وبعد مجيء الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، عاد الحجاب إلى الواجهة السياسية مجددا، بعد صدور تعليمات من قائد الثورة الراحل آية الله الخميني بضرورة أن ترتدي النساء الحجاب الشرعي خارج بيوتهن.

وأصبح الحجاب إلزاميا في الجمهورية الإسلامية بدءا من أبريل/نيسان 1983، أي بعد 4 سنوات على الثورة التي أطاحت بنظام الشاه.

وينص القانون على أن العقوبة تسري على جميع النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب الشرعي المعروف، لكن على أرض الواقع لم يطبق إلا على من تتخطى الحجاب العرفي المألوف في المجتمع الإيراني، والذي أصبح مقبولا إلى حد ما لدى السلطات الإيرانية بعد انتشاره الواسع في السنوات الماضية.

Exit mobile version