Site icon PublicPresse

الرئيس الصيني في السعودية وحضور 3 قمم عربية (فيديو)

شي جينبينغ في السعودية

وصل الرئيس الصيني شي جينبينغ، الأربعاء، إلى السعودية في زيارة رسمية تستمر حتى الجمعة 9 ديسمبر/كانون الأول. وذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس” أن “الزيارة تأتي بناءً على دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتعزيزاً للعلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية المتميزة التي تجمع المملكة العربية السعودية بجمهورية الصين الشعبية”.

وكان في إستقبال الرئيس الصيني في مطار الملك خالد الدولي، أمير منطقة الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز، ووزير الخارجية فيصل بن فرحان، ومحافظ صندوق الإستثمارات العامة ياسر بن عثمان الرميان (الوزير المرافق)، وسفير السعودية لدى الصين عبدالرحمن بن أحمد الحربي، وسفير الصين لدى المملكة تشن ويتشينغ.

وسيُعقد خلال الزيارة قمة سعودية – صينية برئاسة الملك سلمان والرئيس شي، ومشاركة ولي العهد محمد بن سلمان.

وسيتضمن برنامج الزيارة حضور رئيس الصين “قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية”، و”قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية”، وذلك بمشاركة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية، وذلك “إنطلاقاً من العلاقات المتميزة التي تربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية” مع الصين، وفقا للوكالة.

وسيتم خلال القمتين مناقشة سبل تعزيز العلاقات المشتركة في كافة المجالات، وبحث آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي.

وأعلنت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أن القمة الخليجية-الصينية ستعقد الجمعة، فيما أكدّ الأمين العام للمجلس، نايف الحجرف، في بيان على “أهمية العلاقات الخليجية – الصينية، حيث تعد الصين الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون”.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية أنه سيتم توقيع أكثر من 20 إتفاقية أولية بقيمة تتجاوز 110 مليارات ريال، أي ما يعادل نحو من 29 مليار دولار، إضافة إلى توقيع وثيقة الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والصين، وخطة المواءمة بين رؤية المملكة 2030، ومبادرة الحزام والطريق، كما سيُعلن عن إطلاق جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين السعودية والصين.

الزيارة الأولى من نوعها
وقالت المتحدثة بإسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشون ينغ، في بيان اليوم الأربعاء إن الرئيس شي جينبينغ سيحضر القمة الأولى للصين والدول العربية وقمة مجلس التعاون الصيني الخليجي في العاصمة السعودية الرياض.

وتأتي الزيارة الأولى من نوعها للرئيس الصيني منذ 2016 بينما تشهد العلاقات السعودية – الأميركية توتراً، إثر قرار المملكة خفض إنتاج النفط من خلال تحالف “أوبك+”. واعتبر البيت الأبيض خطوة التجمع النفطي الذي تقوده السعودية اصطفافاً إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا، وهو أمر رفضته الرياض، التي قالت إن المجموعة تتخذ قراراتها بالإجماع طبقاً لمعطيات السوق.

جسر بين الشرق والغرب
وكان الرئيس الصيني، الذي ثبته الحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في منصبه لفترة ثالثة أميناً عاماً له، حافظ على علاقات وثيقة بين بلاده والسعودية، التي تريد ترسيخ موقعها كجسر بين الشرق والغرب، وفق رؤيتها الطموحة 2030، التي جعلت من توظيف موقع البلاد الاستراتيجي أحد محاورها الرئيسة.

والشهر الماضي قال القنصل الصيني العام في دبي لي شيوي هانغ في تصريحات نشرت على موقع القنصلية إن الزيارة “حدث كبير لتحسين (…) العلاقات الصينية العربية وعلامة بارزة في تاريخ العلاقات الصينية العربية”.

وتأتي زيارة الرئيس الصيني في أعقاب زيارة مماثلة قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى جدة السعودية يوليو/تموز 2022، حضر فيها عدداً من القمم بقيادة الرياض، التي أظهرت قدرتها على مسك العصا من المنتصف في إدارة علاقاتها الاستراتيجية بين الشرق والغرب، على رغم الاستقطاب الذي تشهده المنطقة، وسط حديث عن عودة أجواء حرب باردة جديدة بين الغرب وروسيا، بعد غزو الأخيرة أوكرانيا، واصطفاف الغرب ضد موسكو ومبررات رئيسها بوتين في إطلاق عملياته العسكرية المستمرة منذ فبراير/شباط من هذا العام.

أميركا “لن تتخلى”
وكان الرئيس بايدن الذي أثارت سياسات بلاده استياء حلفائه التاريخيين في الخليج، تعهد آنذاك بأن الولايات المتحدة ستظل شريكة نشطة ومتعاونة في الشرق الأوسط، وأنها “لن تتخلى” عن الشرق الأوسط، حيث تلعب منذ عقود دوراً سياسياً وعسكرياً محورياً، ولن تسمح بوجود فراغ تملأه قوى أخرى، مثل الصين وروسيا وإيران.

لكن السلوك الأميركي لم يتغير كثيراً بعد القمة، إذ شنت واشنطن هجوماً نادراً من نوعه على الرياض، إثر تقرير منظمة “أوبك+” خفض إنتاجها النفطي في اجتماعها الدوري قبل نحو شهر، مما أجج نقمة البيت الأبيض، الذي تبين لاحقاً أنه كان يخشى من تأثير الخطوة في الانتخابات النصفية الأميركية، وهو ما لمح إليه رد الرياض غير المتوقع على البيان الأميركي، إلا أن الأجواء السياسية عادت للهدوء مجدداً بين البلدين، اللذين أكدا معاً أهمية علاقاتهما التاريخية على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي.

ومع تهديد واشنطن بمراجعة علاقاتها مع الرياض إلا أنها لم تعلن عن أي إجراء نحو ذلك بعد، بل بعثت برسائل تهدئة عدة، أكدت إقرارها بأهمية صون العلاقة من المواقف المضرة.

الجميع جلس مع الصين
وعكس ما تروج له الصحافة الأجنبية، فإن زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية لا ترى فيها الرياض مناكفة لحلفائها الغربيين، وإنما توسيع دائرة تحالفاتها الاقتصادية والسياسية، على النحو الذي دفع الأميركيين أيضاً إلى الجلوس مع الصينيين في آخر قمة جمعت بين بايدن وشي في بالي الإندونيسية أخيراً.

وفي هذا الصدد قال مسؤول سعودي لوكالة الأنباء الصينية إن الرؤية الاقتصادية لبلاده تعمل على إخراج المملكة من المحلية إلى العالمية، وتتناغم مع الرؤية الصينية “الحزام والطريق” في هذا الميدان.

وأكد الملحق الثقافي السعودي في بكين صالح الصقري أنه يرى “تناغماً بين البلدين في السياسات التي تعتمد على التنمية والسلم العالميين، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فضلاً عن مساهماتهما في خروج العالم من الأزمة الاقتصادية الراهنة”.

ووفقاً للصقري، فإن أحد أسباب توطيد العلاقات بين البلدين القرار الذي اتخذه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته للصين 2019، والمتعلق بتدريس اللغة الصينية في البلاد.

ويقول الخبير في العلاقات الخليجية الصينية بالمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية ناصر التميمي إن رحلة الرئيس الصيني إلى الرياض “لا تتعلق فقط بالولايات المتحدة أو إرسال إشارات إليها، بل بالسعودية نفسها”.

ويضيف “البلد (السعودية) يتغير. إنهم يحاولون تغيير هيكل اقتصادهم وهيكل سياستهم الخارجية. الموضوع الرئيس بالنسبة إليهم هو التنويع”.

من جهته، يرى الباحث في مركز “صندوق مارشال” الألماني أندرو سمول أن “بكين تدرك جيداً عمق العلاقات السعودية – الأميركية على رغم التوترات الحالية، لكن إذا أرادت الرياض التحوط فهذه فترة ستحرص بكين فيها على الاستفادة من ذلك”.

وبعيداً من الطاقة، ترى السعودية الصين شريكاً مهماً في محاولته تطوير صناعات أخرى بما يتماشى مع أجندة رؤية 2030.

واعتبر محللون أن الصفقات قد تشمل عمل الشركات الصينية في مدينة “نيوم” المستقبلية الضخمة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، بما في ذلك التعرف إلى الوجوه وتقنيات المراقبة الأخرى.

“يصعب تعويض واشنطن”
ويرى جوناثان فولتون من معهد “المجلس الأطلسي” أن الاجتماعات بين الرئيس الصيني وقادة مجلس التعاون الخليجي يمكن أن توفر أيضاً فرصة لإحياء اتفاقية التجارة الحرة التي طال انتظارها.

ويوضح “الصين تبيع أساساً كل شيء للسعودية، فيما السعودية تبيع النفط ومنتجات النفط إلى الصين، لذلك أعتقد أنهم يرغبون في إيجاد طرق مختلفة لدخول السوق الصينية وعدم الاعتماد على منتج واحد”.

ومع ذلك فإن توثيق العلاقات مع الصين لا يعني أن السعودية تريد خفض مستوى شراكتها مع الولايات المتحدة.

فحتى في ذروة التصريحات الصاخبة شدد المسؤولون السعوديون على أهمية علاقاتهم مع واشنطن.

ويقول المحللون إنه في الوقت الذي تتعاون فيه الصين والسعودية في مبيعات الأسلحة وإنتاجها، لا تستطيع بكين توفير الضمانات الأمنية التي دعمت الشراكة الأميركية – السعودية منذ بدايتها في نهاية الحرب العالمية الثانية.

وقد عاشت المملكة لسنوات في ظل التهديد المستمر بهجمات الطائرات المسيرة من الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، حيث تقود تحالفاً عسكرياً لدعم الحكومة.

وقالت الولايات المتحدة الشهر الماضي إنها كشفت وردعت تهديدات وشيكة من جانب إيران، مؤكدة تقارير سابقة عن أن الجمهورية الإسلامية كانت تخطط لشن هجوم على السعودية.

Exit mobile version