Site icon PublicPresse

تراجع الزخم في اليوم السابع من الإحتجاجات ضد إصلاح قانون التقاعد في فرنسا (فيديو)

شهدت فرنسا السبت جولة سابعة من المظاهرات إحتجاجاً على مشروع إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل لكن عدد المشاركين لم يكن كبيرا مثلما توقعت السلطات في وقت سابق، فيما دعت النقابات الرئيس إيمانويل ماكرون إلى “استشارة الشعب”. وبحسب إحصاء أجرته شركة خاصة فقد تظاهر 33 ألف شخص في باريس مقارنة بـ1,28 مليون متظاهر الثلاثاء نزلوا إلى الشوارع في فرنسا، وفق وزارة الداخلية.

بدعوة من النقابات العمالية في فرنسا، تظاهر المعارضون لمشروع قانون إصلاح نظام التقاعد السبت بأعداد أقل من تلك المسجلة خلال التظاهرات السابقة.

وفي جولة سابعة من التعبئة منذ 19 كانون الثاني/يناير في ظل إضرابات مستمرة منذ الثلاثاء، تأمل الحكومة في إقرار الإصلاح بشكل نهائي في البرلمان، فيما دعت النقابات الرئيس إيمانويل ماكرون إلى “استشارة الشعب”.

ويعارض الفرنسيون بغالبيتهم بحسب استطلاعات الرأي المشروع الذي يقترح رفع سن التقاعد القانوني من 62 إلى 64 عاما، معتبرين أنه “غير عادل” ولا سيما للنساء وذوي المهن الشاقة.

لكن عدد المتظاهرين السبت أقل بكثير من أيام التعبئة السابقة وفق أرقام قدمتها السلطات والنقابات. وبحسب وزارة الداخلية الفرنسية، تظاهر 368 ألف شخص السبت في كامل البلاد، من بينهم 48 ألفا في باريس.

وبحسب إحصاء أجرته شركة “ذي أوكيرنس” لصالح مجموعة وسائل إعلام، فقد تظاهر 33 ألف شخص في باريس. وهذه الأرقام أدنى بشكل ملحوظ عن المسجلة الثلاثاء عندما نزل 1,28 مليون شخص إلى الشوارع في فرنسا، وفق وزارة الداخلية.

من جهتها، قدرت الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) أن أكثر من مليون شخص تظاهروا السبت. وهذا أدنى تقدير تقدمه النقابة منذ بداية الاحتجاجات، وهو أقل من 1,3 مليون متظاهر في 16 شباط/فبراير.

شهد يوم التعبئة السابق الثلاثاء مشاركة كبيرة تجاوزت تلك المسجلة في 31 كانون الثاني/يناير، وفق أرقام وزارة الداخلية الفرنسية (1,28 مليون) والكونفدرالية العامة للعمل (أكثر من ثلاثة ملايين).

في التظاهرة التي جرت في بوردو (جنوب غرب)، قال جيرار شالوتو (37 عاما) وهو عامل في قطاع الصلب إنه “غاضب بشكل متزايد لأن صوته لا يُسمع (…) عليهم أن يستمعوا إلى الشارع والتنازل قليلا. إذا تم إقراره، فستحدث فوضى، سيتعطل البلد”.

واندلعت أعمال شغب بعد ظهر السبت خلال التظاهرة في باريس حيث تم إلقاء العديد من المقذوفات على الشرطة وحرق حاويات قمامة ورشق الحجارة على واجهات زجاجية.

“إستشارة المواطنين”
قبل بدء التظاهرة في باريس، تحدى قادة النقابات الرئيس إيمانويل ماكرون طالبين منه إجراء استفتاء على مشروعه المثير للجدل.

وقال الأمين العالم للكونفدرالية العامة للعمل فيليب مارتينيه “بما أنه واثق من نفسه، فليستشر الشعب. سنرى رد الشعب”، فيما قال رئيس الكونفدرالية الديموقراطية الفرنسية للعمل (سي إف دي تي) لوران بيرجيه “من المؤكد أنه ينبغي التوجه نحو استشارة المواطنين”.

إختارت الحكومة الفرنسية رفع سن التقاعد القانوني لمعالجة التدهور المالي الذي تشهده صناديق التقاعد لا سيما في ظل تهرم السكان. وفرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد ولو أن أنظمة التقاعد غير متشابهة ولا يمكن مقارنتها تماما.

ويراهن الرئيس الفرنسي بجزء كبير من رصيده السياسي بطرح هذا المشروع الذي يطمح لأن يكون أبرز إجراء في ولايته الثانية ويرمز إلى عزمه على الإصلاح، غير أنه يصطدم برفض كبير من الفرنسيين.

وصرح ماكرون بعد ظهر الجمعة أن إصلاح النظام التقاعدي يجب أن يمضي “حتى خواتيمه” في البرلمان ملمحا إلى أنه لا يستبعد شيئا بما في ذلك إقرار القانون بدون طرحه على التصويت وفق مادة من الدستور تسمح للحكومة باستصدار نص تشريعي بدون إقراره في البرلمان.

ولجأ وزير العمل أوليفييه دوسوبت الجمعة إلى السلاح الدستوري داعيا إلى عملية تصويت واحدة في مجلس الشيوخ على مشروع القانون بكامله دفعة واحدة، ما يبقي على التعديلات المطروحة أو المقبولة من الحكومة وعددها حوالى سبعين، من دون الأخذ باقتراحات التعديل الأخرى.

لكن حتى بدون نقاش ولا تصويت على التعديلات الألف المتبقية المقترحة، يبقى في مقدور مقترحيها عرضها. وتسمح هذه الآلية بكسب الوقت وتعطي اليسار أملا بأن النص “لن يطرح للتصويت” قبل الاستحقاق المقرر في منتصف ليل الأحد.

واستأنف أعضاء مجلس الشيوخ صباح السبت مناقشاتهم وفي منتصف النهار كان لا يزال لديهم حوالى 360 اقتراح تعديل يجب النظر فيها.

وتعتبر فرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد من دون أن تكون أنظمة التقاعد قابلة للمقارنة مع غيرها من الدول بشكل كامل.

وأعلنت الحكومة الإسبانية الجمعة اتفاقا بشأن كيفية احتساب المعاشات التقاعدية، وفقا لطلب المفوضية الأوروبية مقابل أموال خطة التعافي الأوروبية، مما يعني اعتمادا أكبر على ذوي الدخل المرتفع.

وفي مواجهة التهديد الذي تشكله شيخوخة السكان، أعلنت مدريد في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 عن اتفاقية واسعة تنص على زيادة المساهمات من دون رفع سن التقاعد القانوني، على أن يتم رفعه إلى 67 في 2027.

ويرهن الرئيس الفرنسي جزءا كبيرا من رصيده السياسي بإقرار هذا الإجراء الذي يسمم ولايته الثانية، مؤكدا بذلك رغبته المعلنة في الإصلاح الذي يعكس في الوقت نفسه، استياء جزء من الفرنسيين ضدّه.

وأظهر ماكرون حزمه عبر عدم قبوله بمقابلة النقابات، معتبرا أنه “وقت البرلمان”، بعد “المشاورات التي أجرتها” رئيسة الحكومة إليزابيت بورن والتعديلات التي أضيفت على النص.

ومساء الجمعة، أعلن أن إصلاح نظام التقاعد يجب أن يصل إلى “خواتيمه” في البرلمان، مشيرا إلى أنه لا يستبعد شيئا، بما في ذلك اللجوء إلى تبني القانون من دون تصويت، عبر المادة 49,3 من الدستور (التي تسمح للحكومة بتبني نص تشريعي من دون تصويت متحملة مسؤولية ذلك).

في مختلف أنحاء البلاد، لا يزال الاحتجاج قويا على الرغم من أن فرنسا لم تشهد شللا كما كانت ترغب النقابات.

مع ذلك، يبقى عدم اليقين قائما بشأن ما إذا كانت الإضرابات المتجددة التي تحدث منذ الثلاثاء وتؤثر على قطاعات رئيسية في الاقتصاد (نقل، طاقة…) ستستمر.

في باريس، تتراكم القمامة في عدة مناطق إذ لم يتم جمع 3700 طن من النفايات الخميس، وفقا لمجلس بلدية المدينة.

بدورها، طلبت هيئة النقل الجوي الفرنسية من شركات الطيران إلغاء 20% من رحلاتها المقررة السبت والأحد بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية المعارضين للمشروع الحكومي.

كذلك، أعلنت شركة السكك الحديد الفرنسية العامة الجمعة أن حركة النقل ستكون “مضطربة بشدة”، لافتة إلى أن ذلك سيستمر في نهاية الأسبوع.

وقال الأمين العام لاتحاد العاملين في مجال الطاقة فابريس كودور الجمعة، إن الإضرابات ستستمر خصوصا في محطات إنتاج الكهرباء.

ويتواصل أيضا إضراب عمال الغاز في جميع محطات الغاز الطبيعي المسال ومنشآت تخزين الغاز.

وفي ربيع 2020 وخلال ولايته الأولى، اضطر ماكرون للتخلي عن إصلاح سابق لرواتب التقاعد لاقى أيضا احتجاجات في الشارع لكن لم يجمع جبهة نقابية بالحجم الذي هي عليه اليوم.

وفي نظام التقاعد الفرنسي القائم على التوزيع، والذي أنشئ في 1945 ويرتكز على أساس التضامن بين الأجيال، تمول المساهمات التي يدفعها الأشخاص العاملون معاشات التقاعد التي يحصل عليها كبار السن.

وتظهر استطلاعات للرأي أن غالبية الناخبين يعارضون خطة ماكرون لرفع سن التقاعد عامين ليكون عند 64 عاما، لكن الحكومة تقول إن تغيير السياسة ضروري لضمان عدم إفلاس منظومة المعاشات.

Exit mobile version