PublicPresse

ماكرون يتهم القادة الروس بالتشجيع على إرتكاب “جرائم حرب” في أوكرانيا

إتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، روسيا بأنها “سمحت، بل حتى شجّعت” قواتها على ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، وذلك في الذكرى السنوية الأولى لاستعادة كييف السيطرة على مدينة بوتشا التي أصبحت رمزاً لهذه الجرائم.

وفي رسالة عبر الفيديو بُثّت خلال قمة عُقدت في كييف حول جرائم القوات الروسية في بوتشا، قال الرئيس الفرنسي إن “العدوان الروسي أدى إلى منهجة جرائم الحرب ضد أوكرانيا وضد شعبها”.

وأضاف أنه “عوضاً عن معاقبة مرتكبي هذه الجرائم المخالفة لجميع قوانين الحرب، فإن القادة الروس سمحوا بها، لا بل حتى شجعوا عليها، في ازدراء للقانون الدولي، وبهدف واضح هو إخضاع الأمة الأوكرانية بالعنف”.

وفي 31 مارس (آذار) 2022، إنسحب الجيش الروسي من منطقة كييف بعد شهر من بدء الحرب في أوكرانيا بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين. وتقدّر أوكرانيا عدد المدنيين الذين قُتلوا في بوتشا خلال الإحتلال الروسي “بأكثر من 1400” شخص، بينهم 37 طفلاً.

وشدد الرئيس الفرنسي على أنه “ما من فظاعة، وما من انتهاك للقانون الدولي، وما من جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، ينبغي أن يطويها النسيان، لأنه لا سلام بدون عدالة”. ولمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم، دعا ماكرون إلى إنشاء “هيئة تتمتع بشرعية دولية كافية، وتؤدي دوراً مكملاً للأدوات الدولية الموجودة أساساً”.

وتسعى كييف لإقامة محكمة دولية خاصة لمحاكمة كبار المسؤولين الروس على “جريمة العدوان” ضدها.

زيلينسكي يعد بهزيمة “الشر الروسي”
من جهته، وعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الجمعة بإنزال الهزيمة “بالشر الروسي”، قائلاً إن بلاده “لن تتسامح” مع مرتكبي المجازر التي وقعت في بوتشا التي صارت رمزاً “للفظاعات” المنسوبة لجيش موسكو.

وقال زيلينسكي أمام رؤساء الوزراء الكرواتي أندريه بلينكوفيتش والسلوفاكي إدوارد هيغر والسلوفيني روبرت غولوب ورئيسة مولدوفا مايا ساندو، “سننتصر بالتأكيد وسنهزم الشر الروسي هنا في أوكرانيا ولن يكون قادراً على النهوض مرة أخرى”.

وأضاف، “في شوارع بوتشا رأى العالم الشر الروسي، الشر البحت” الذي “سعى الكرملين إلى جلبه إلى شوارع أخرى في أوكرانيا وأوروبا والعالم كان يمكن للغزاة الروس أن يستولوا عليها”. وتابع، “كان بإمكانهم القيام بذلك لو لم نكن هنا، ولولا وجود الأوكرانيين. يا شعب أوكرانيا لقد أوقفتم أعظم قوة معادية للإنسانية في عصرنا. لقد أوقفتم القوة التي تحتقر كل ما يعطي معنى للإنسان وتسعى لتدميره”.

زيلينسكي​​ في بوتشا في الذكرى الأولى للإنسحاب الروسي

تهديدات وجودية
أما روسيا الغارقة في حرب مستمرة منذ أكثر من عام في أوكرانيا تصاعدت على إثرها وتيرة الخلافات بين موسكو والغرب، فتبنت الجمعة إستراتيجية جديدة للسياسة الخارجية تقدّم الولايات المتحدة وحلفاءها على أنهما مصدر “تهديدات وجودية”.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبرراً تبني هذه الخطة الجديدة، إن “الاضطرابات على الساحة الدولية” تجبر موسكو على “تكييف وثائق التخطيط الاستراتيجي الخاصة بها”.

وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف “الطبيعة الوجودية للتهديدات… الناتجة من سلوك الدول المعادية”، متهماً الولايات المتحدة بأنها “المحرض الرئيسي وقائد أوركسترا الخط المناهض لروسيا”. وأضاف، “بشكل عام، توصف سياسة الغرب المتمثلة في إضعاف روسيا بأي وسيلة بأنها نوع جديد من الحرب الهجينة”.

وأضاف أن استراتيجية السياسة الخارجية الروسية الجديدة تقوم على مبدأ أن “الإجراءات المعادية لروسيا التي تتخذها الدول غير الودية ستواجه باستمرار، بقسوة إذا لزم الأمر”.

وتبني استراتيجية السياسة الخارجية الجديدة هذه يعمق الهوة بين موسكو والدول الغربية منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا. وتسبب هذا الصراع في أزمة دبلوماسية على درجة من الخطورة تذكر بزمن الحرب الباردة.

وفرضت واشنطن وحلفاؤها عقوبات اقتصادية شديدة على موسكو التي تتهمهم في المقابل بشن حرب بالوكالة في أوكرانيا لا سيما عبر تسليم أسلحة لكييف. وتسعى روسيا المعزولة في الغرب إلى التقارب اقتصادياً ودبلوماسياً مع آسيا وخصوصاً الصين.

بيلاروسيا مستعدة
وفي سياق متصل، أبدى رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، الجمعة، إستعداده لاستقبال أسلحة نووية “استراتيجية” روسية على أراضيه إلى جانب أسلحة “تكتيكية” تستعد موسكو لإرسالها إلى هذه الدولة الحليفة لها.

وقال لوكاشينكو في خطاب إلى الأمة، “سيكون من الضروري أن أقرر مع بوتين وأن ندخل إلى هنا، إذا لزم الأمر، أسلحة استراتيجية. عليهم أن يفهموا هذا الأمر، هؤلاء الأوغاد في الخارج، الذين يحاولون اليوم تفجيرنا من الداخل والخارج”.

وأضاف وسط تصفيق جمهور من السياسيين والمجتمع البيلاروسي المؤيد للسلطة، “لن نتوقف عند أي شيء في الدفاع عن بلادنا ودولنا وشعوبنا”.

والأسلحة النووية التي توصف بـ”الاستراتيجية” أقوى وتتسم بمدى أكبر من الأسلحة “التكتيكية”.

وبيلاروسيا، الحليف الوحيد لروسيا في أوروبا، يقودها ألكسندر لوكاشينكو منذ 1994 وتقع على أبواب الإتحاد الأوروبي. وأعلن الرئيس الروسي نهاية الأسبوع الماضي أن موسكو ستنشر أسلحة نووية “تكتيكية” فيها، ما أثار مخاوف في أوكرانيا والغرب.

وأطلق المسؤولون الروس تهديداً ضمنياً باستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا إذا تصاعد الصراع بشكل كبير.

كما دعا لوكاشينكو إلى هدنة ومفاوضات “غير مشروطة” لإنهاء الحرب محملاً الغرب مسؤولية النزاع. ورداً على هذا الاقتراح، استبعد الكرملين وقف “عمليته العسكرية” في أوكرانيا.

مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، استبعد بدوره أي وقف لإطلاق النار في الحرب يتضمن بقاء القوات الروسية في الأراضي التي تحتلها الآن في أوكرانيا.

إنتهاكات جسيمة
وفي جنيف، دان المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في أوكرانيا التي قال إنها أصبحت “شائعة بصورة صادمة” بعد 13 شهراً على بدء الهجوم الروسي.

وقال تورك أمام مجلس حقوق الإنسان، في كل مكان في أوكرانيا “يواجه السكان معاناة وخسائر هائلة وحرماناً وتشريداً ودماراً”، مشدداً أيضاً على الآثار المستمرة والعميقة للأزمة على بقية العالم.

وفي 31 مارس (آذار) 2022، انسحب الجيش الروسي من بوتشا وكل المنطقة الشمالية لكييف، بعد شهر من بدء الحرب بأمر من بوتين. وبعد يومين من الانسحاب، تكشفت معالم المذبحة.

باتروشيف يهدد بتدمير أي “خصم يهدد وجود روسيا”
ورأى مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في بوتشا في الثاني من أبريل/نيسان، سيارات متفحمة ومنازل مدمرة وخصوصاً جثث 20 رجلاً بملابس مدنية مبعثرة على مسافة مئات الأمتار وكان أحدهم مقيد اليدين.

وصدمت هذه المشاهد العالم بأسره، ودانت كييف والغربيون الإعدامات التعسفية بحق مدنيين في ما وصفته بأنه جرائم حرب. ونفى الكرملين أي تورط له مؤكداً أنها عملية مدبرة.

خلال زيارته للمدينة بعد يومين من اكتشاف ما حصل، دان زيلينسكي الذي بدت عليه الصدمة “جرائم الحرب” التي قال إن “العالم سيعترف بها على أنها إبادة جماعية”.

ومذاك، توقف جميع القادة الأجانب تقريباً الذين زاروا أوكرانيا، في بوتشا. وكان آخرهم رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا حيث أعرب الأسبوع الماضي عن “شعور قوي بالاستياء”.

جثث عير عليها في بوتشا بعد الإنسحاب الروسي منها

الحياة تستمر
وبعد مرور عام على تحرير بوتشا، قدرت كييف بـ”أكثر من 1400″ عدد المدنيين الذين قتلوا في هذه المنطقة خلال الاحتلال الروسي، بينهم 637 في المدينة نفسها.

ولاحظ مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية، أمس الخميس، بدء عملية إعادة الإعمار في هذه المدينة الهادئة الواقعة في الضواحي وكان يسكنها 37 ألف شخص قبل الحرب.

وينشغل عشرات الأخصائيين في مجال البناء وسط جرافات ومعدات بناء وشاحنات قلابة لإعادة تشييد المنازل والأرصفة. وعلى رغم بقاء المأساة راسخة في الأذهان، أقر سكان بأن “الألم يتراجع لأن الحياة تستمر”.

وعلى رغم أنه لا يريد أن ينسى الضحايا الذين سقطوا، يؤكد الأسقف أندريي الذي يدير الكنيسة المحلية أنه من الضروري “ألا نعيش في الماضي بل في المستقبل”. وقال، “يجب ألا ننتصر فقط ونلحق هزيمة بالمحتلين… يجب محاكمة المجرمين ومعاقبة الشر”.

واتهمت السلطات الأوكرانية القوات الروسية بارتكاب فظاعات بعد اكتشاف مئات الجثث في بوتشا ومدن أخرى ومئات القبور بالقرب من إيزيوم و”غرف تعذيب” في مدن تمت استعادتها، بحسب كييف.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين في مارس بتهمة “ترحيل” آلاف الأطفال الأوكرانيين إلى روسيا.

وتصر كييف على إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة كبار المسؤولين الروس عن “جريمة العدوان” ضد أوكرانيا، لكن شكلها يثير أسئلة قانونية معقدة وتردداً.

وتواصل روسيا نفي ارتكاب قواتها أي تجاوزات. وأمس الخميس، نددت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا مرة أخرى بالتصريحات المتصلة ببوتشا ووصفتها بأنها “استفزاز فظ وخبيث” من جانب كييف.

قتال مستعر في باخموت
على الجبهة، لا يزال القتال مستعراً في الشرق حول مدينة باخموت التي يحاول الروس منذ أشهر الاستيلاء عليها متكبدين خسائر فادحة ومسببين دماراً كبيراً.

واعترفت كييف أمس الخميس بأنها لم تعد تسيطر سوى على ثلث المدينة، لكنها تأمل في أن الضرر الذي لحق بقوات موسكو سيضعف الخطوط الروسية عندما سيشن الجيش الأوكراني الهجوم المضاد الذي يخطط له بانتظار تسلم أسلحة جديدة غربية.

وطرح الرئيس البيلاروسي الذي سمح لروسيا باستخدام أراضيه لمهاجمة أوكرانيا، نفسه وسيط سلام داعياً الأطراف المتحاربة إلى إجراء مفاوضات والتوصل إلى هدنة. وقال في خطاب إلى الأمة، “من الممكن – ومن الضروري – تسوية جميع القضايا المتعلقة بالأراضي وإعادة الإعمار والأمن وغيرها حول طاولة المفاوضات من دون شروط مسبقة”.

واليوم، ترى موسكو أن النزاع لن ينتهي إلا إذا استجابت كييف لمطالبها ولا سيما ضم خمس مناطق. من جانبهم يصر الأوكرانيون على أن شرط تحقيق السلام هو انسحاب القوات الروسية من أراضيهم من دون استثناء.

Exit mobile version