Site icon PublicPresse

مظاهرة مليونية وصدامات مع الشرطة في عيد العمال ضد رفع سن التقاعد في فرنسا (فيديو)

في سياق إجتماعي مشحون، شارك مئات آلاف الأشخاص في فرنسا الإثنين في مظاهرات ومسيرات احتجاجية إحياء لذكرى عيد العمال، تعبيراً عن رفضهم تعديل نظام التقاعد الذي أقره الرئيس إيمانويل ماكرون. وتخللت المظاهرات صدامات عنيفة بين عناصر الشرطة ومحتجين. إلى جانب ذلك، شهد عدد من وسائل النقل إضافة إلى قطاعي الطيران والسكك الحديدية إضرابات أربكت أو شلت أحيانا حركتها. ويمثل عيد العمال هذا العام اليوم الثالث عشر من التحركات الوطنية الشاملة ضد تعديل نظام التقاعد المثير للجدل الذي لقي معارضة واسعة من شرائح مختلفة في المجتمع الفرنسي.

تجديداً لرفضهم تعديل نظام التقاعد، خرج مئات آلاف الأشخاص الإثنين في عدد من المدن الفرنسية في مسيرات احتجاجية تزامنا مع الذكرى السنوية لعيد العمال. ورغم أهمية المشاركة، فإنها تظل أقل بكثير مما كانت النقابات تعول عليه، إذ إنها كانت تترقب مشاركة أكثر من مليون ونصف المليون متظاهر في عموم فرنسا.

وإذا كانت نسبة المشاركين في مظاهرات عيد العمال هذه السنة أتت أكبر من السنوات السابقة، إلا أن الواقع أثبت أن “موجة التسونامي” البشرية التي كانت النقابات تتوقعها لم تتحقق.

من جهة أخرى، لم تخل المظاهرات من صدامات بلغت حد العنف أحيانا بين عناصر الشرطة ومحتجين.

في ستراسبورغ قدرت الشرطة عدد المشاركين بـ8700 متظاهر بينما قالت النقابات إنهم 15 ألفا، وفي ليل تباين العدد بين 7300 متظاهر وفق الشرطة و15 ألفا وفق النقابات أما في مرسيليا فكان العدد 11 ألفا وفقا للشرطة مقابل 130 ألفا وفقا للنقابات، وفي تولوز كان عدد المتظاهرين 13500 وفقا للشرطة و100 ألف وفقا للنقابات وفي كليرمون فيران تراوح العدد بين 14 ألفا وفقا للشرطة و25 حسب النقابات.

وبحسب تقديرات السلطات فإن ما بين 500 ألف إلى 650 ألف متظاهر نزلوا إلى الشوارع في عموم أنحاء البلاد، بينهم ما بين 80 و100 ألف متظاهر في العاصمة باريس حيث دارت صدامات بين الشرطة ومحتجين.

وشهدت حركة الملاحة الجوية اضطرابات بسبب هذا اليوم الاحتجاجي الجديد مع إلغاء ما بين 25 و33% من الرحلات في عدد من أكبر المطارات الفرنسية.

ومن جانبه، رأى الأمين العام لنقابة “القوى العاملة” (إف أو) فريديريك سويو أن “عيد العمال هذا (العام) سيقام في ظل وحدة نقابية، ولا شيء غير ذلك، وهذا أمر تاريخي”، وذلك وفق ما ورد في صحيفة “لو جورنال دو ديمانش”.

ومن جهتها، توقعت الأمينة العامة للاتحاد العمالي العام صوفي بينيه بأن تكون تحركات الإثنين “عائلية، إحتفالية”.

ويذكر أن المرة الأخيرة التي خاضت فيها النقابات الثماني الرئيسية في فرنسا تحركات مشتركة، يعود إلى العام 2009 في مواجهة الأزمة المالية العالمية. وقدر الاتحاد العمالي العام (“سي جي تي”) عدد المشاركين حينها بمليون و200 ألف شخص، بينما اقتصرت تقديرات الشرطة على 456 ألفا.

أما في العام 2002، نزلت النقابات إلى الشارع في مواجهة جان-ماري لوبان زعيم اليمين المتطرف الذي بلغ الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية آنذاك. وتراوحت تقديرات عدد المشاركين في تلك التحركات ما بين 900 ألف، ومليون و300 ألف شخص.

وانطلقت المظاهرة المركزية في باريس عند الساعة 14:00 بالتوقيت المحلي من ساحة “لا ريبوبليك” باتجاه ساحة “لا ناسيون”، بمشاركة معلنة لنقابيين من مختلف أنحاء العالم. وتتوقع السلطات كذلك مشاركة ما بين 1500 إلى ثلاثة آلاف من “السترات الصفراء”، بالإضافة إلى ما بين ألف وألفين من الأشخاص الذين يشكلون “خطرا”، وفق مصادر أمنية.

وإلى ذلك، أكدت السلطات أن 12 ألف عنصر من الشرطة والدرك سينتشرون لضمان الأمن، بينهم خمسة آلاف في باريس وحدها.

“100 يوم” للتهدئة والقيام بمشاريع جديدة
ويعد عيد العمال هذا العام، اليوم الثالث عشر من التحركات الوطنية الشاملة ضد إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل والذي لقي معارضة واسعة من شرائح مختلفة في المجتمع الفرنسي.

وقد سبق أن قوبل مشروع ماكرون الذي ينص خصوصا على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، باحتجاجات زادها غضبا قرار الرئيس منتصف نيسان/أبريل الماضي تمرير التعديل بموجب آلية دستورية بدون طرحه على التصويت في الجمعية الوطنية لعدم توافر أغلبية مؤيدة له.

هذا، ولا يزال الغضب حاضرا في الشارع مثلما تظهره استطلاعات الرأي التي أبانت عن تراجع كبير في شعبية ماكرون.

من جهتها، تبدو مصادر الحكومة الفرنسية راغبة في الاقتناع بأن ذروة التحركات المناهضة لهذا الإصلاح باتت وراءها، وبأن مظاهرات الأول من أيار/مايو قد تشكل إشارة لبدء طي هذه الصفحة.

وفي خطاب بعد إقرار إصلاح نظام التقاعد، كان الرئيس الفرنسي الذي أعيد انتخابه العام الماضي لولاية جديدة، قد تحدث عن مهلة “مئة يوم” للقيام بمشاريع جديدة والتهدئة بعد سلسلة تحركات احتجاجية في الأعوام الماضية، في محاولة لطي صفحة إصلاح نظام التقاعد الذي يثير معارضة شديدة، أضعفت السلطة التنفيذية.

ومن جهتها، قدمت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن الأربعاء خريطة طريق لخطة التهدئة والتحركات من “مئة يوم”، تتضمن مجموعة واسعة من الإجراءات “الملموسة”، لا تتضمن مشروع قانون للهجرة، تهدف إلى إعادة إطلاق ولاية الرئيس الثانية.

هذا، وأكد مكتب رئيسة الوزراء أنها تعتزم دعوة النقابات “الأسبوع المقبل”، في خطوة يبدو أنها قد تثير انقسامات.

وبينما أعلن الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل (سي إف دي تي) لوران بيرجيه أن نقابته “ستذهب للنقاش” مع بورن في حال تمت دعوتها، شددت، من جهتها، الأمينة العامة للاتحاد العمالي العام صوفي بينيه على أن النقابات ستتخذ القرار “سويا” بهذا الشأن صباح الثلاثاء.

ومن جانبه سعى الأمين العام لنقابة “القوى العاملة” (إف أو) فريديريك سويو إلى التقليل من شأن هذه التباينات، وأكد أن الوحدة النقابية “لم تضعف”.

Exit mobile version