Site icon PublicPresse

السعودية تستضيف محادثات بشأن أوكرانيا في مسعى لإيجاد “حل يفضي إلى سلام دائم”

شارك ممثلون عن 40 دولة من بينها الولايات المتحدة والصين والهند بمحادثات في مدينة جدة السعودية، في مسعى سياسي جديد لبلوغ إتفاق ينهي الحرب الروسية في أوكرانيا. وتأتي الإجتماعات التي تستمر لغاية الأحد، في إطار ضغط دبلوماسي كبير من أوكرانيا لحشد دعم يتخطى نطاق الحلفاء الغربيين الأساسيين من خلال التواصل مع دول الجنوب العالمي التي لا تزال مترددة في حسم موقفها حيال صراع أضر بالإقتصاد العالمي. وتواصل المملكة رغبتها في لعب دور دبلوماسي على الساحة الدولية، رغم عدم وجود توقعات بأن تحقق هذه الإجتماعات إختراقا في النزاع مع روسيا.

بحضور مسؤولين كبار من نحو 40 دولة، إستضافت مدينة جدة السعودية، السبت، محادثات بشأن أوكرانيا تستأنف جولتها الثانية الأحد.

ولن تحضر روسيا المحادثات، ومع ذلك قال الكرملين إنه سيتابعها. في حين، يقول المسؤولون الأوكرانيون والروس والدوليون إنه لا يوجد أي إحتمال لإجراء محادثات سلام مباشرة بين أوكرانيا وروسيا في الوقت الحالي، إذ لا تزال الحرب مستعرة.

وأكد بيان لوكالة الأنباء السعودية الرسمية “إستعداد المملكة للقيام بمساعيها الحميدة للإسهام في الوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم”.

وقال دبلوماسيون في الرياض إطلعوا على الإستعدادات، لوكالة الأنباء الفرنسية إن الدعوات وجهت إلى حوالي 30 دولة، وروسيا ليست من بينها. ويأتي ذلك في أعقاب المحادثات التي أجريت في حزيران/يونيو الماضي في كوبنهاغن والتي لم تسفر عن بيان رسمي.

تأتي محادثات جدة في أعقاب إجتماعات أجريت في حزيران/يونيو في كوبنهاغن ولم يصدر في ختامها بيان رسمي.

وبحسب مسؤول كبير في البيت الأبيض، فإن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ترأس وفد واشنطن في جدة.

وفي حين لم تتوقع واشنطن حدوث إنفراجة كبيرة أو بيانات مشتركة، قال دبلوماسيون لـ”فرانس برس” إن الإجتماعات هدفت إلى إشراك مجموعة من الدول في نقاشات حول الطريق نحو السلام، لا سيما أعضاء كتلة “بريكس” مع روسيا التي تبنت موقفًا أكثر حياداً بشأن الحرب على عكس القوى الغربية.

من جهتها، شاركت الصين في محادثات جدة من خلال مبعوثها إلى أوكرانيا لي هوي، وقد أبدت بكين تصميمها على “مواصلة أداء دور بنّاء من أجل تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية”.

كما أرسلت الهند وجنوب إفريقيا مسؤولين إلى جدة، في حين قالت وسائل إعلام برازيلية إن تسيلسو أموريم المستشار الخاص للشؤون الدولية للرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، شارك عبر الفيديو.

هذا، وتستند السعودية، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، إلى علاقاتها مع الجانبين الأوكراني والروسي، للسعي إلى لعب دور وسيط في الحرب التي مضى عليها الآن ما يقرب من عام ونصف. ويتماشى ذلك مع خطوات دبلوماسية إقليمية شهدت مؤخرا العمل على إصلاح الخلافات مع قطر وتركيا ثم إيران وسوريا.

ومن جهته، قال مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد “مجموعة الأزمات الدولية” جوست هيلترمان إنّه “من خلال استضافتها للاجتماع (حول أوكرانيا)، تريد السعودية تعزيز محاولتها لتصبح قوة وسيطة عالمية لديها القدرة على التوسط في النزاعات”.

كما إعتبر أن المملكة “تطلب منا نسيان بعض استراتيجياتها وأفعالها في الماضي، مثل تدخلها في اليمن، أو قتل جمال خاشقجي” عام 2018، في جريمة أضرّت بصورة السعودية وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

زيلينسكي
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، إن وفد بلاده يعمل في الإجتماع على وضع صيغة مقترحة للسلام. وقال عبر حسابه على “تويتر” إن الوفد الأوكراني المشارك في اجتماع قادة الدول بشأن السلام بين أوكرانيا وروسيا يبذل جهوداً مكثفة.

وتابع قائلاً “رغم أن 42 دولة تشارك في الاجتماع من قارات مختلفة… لكن الجميع متحدون على أن يكون للقانون الدولي الكلمة العليا”. وأضاف أن من المهم جداً أن تجري مفاوضات ثنائية مع الشركاء على هامش الإجتماع في جدة، مشدداً على أهمية “إستعادة النظام الذي يرتكز على القانون الدولي والذي إنتهكه العدوان الروسي”.

إستراتيجية متوازنة و”تأثير على المسرح العالمي”
أدت أزمة الطاقة التي تسبّبت فيها الحرب على أوكرانيا إلى تعزيز أهمية المملكة على الصعيد العالمي وساعدت في ترميم صورتها.

وفي السياق، قال هيلترمان إن الرياض “تريد أن تكون في الخندق ذاته مع الهند أو البرازيل، لأن هذه القوى المتوسطة إن عملت كفريق فيمكن أن تأمل في أن يكون لها تأثير على المسرح العالمي كقادة لحركة عدم الانحياز المتجددة”.

والهند من الدول التي أكدت حضورها في جدة، واصفة ذلك بأنه يتماشى “مع موقفنا الراسخ” بأن “الحوار والدبلوماسية هما السبيل إلى الأمام”. وإلى ذلك، تشارك الصين أيضا في محادثات جدة من خلال مبعوثها إلى أوكرانيا لي هوي، وقد أبدت بكين تصميمها على “مواصلة لعب دور بناء من أجل تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية”. كما أبلغت جنوب أفريقيا أيضا أنها ستشارك في الإجتماع.

وقد أيدت المملكة قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدين الغزو الروسي وكذلك ضم روسيا لأراض في شرق أوكرانيا. وعلى الرغم من ذلك، نددت واشنطن العام الماضي بتخفيضات إنتاج النفط التي قادتها الرياض وموسكو للمساعدة على رفع الأسعار والتي تمت الموافقة عليها في تشرين الأول/أكتوبر، ووصفتها بأنها ترقى إلى “التحالف مع روسيا” في الحرب.

هذا، ويرى الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام البريطانية عمر كريم أن الرياض تبنت “استراتيجية توازن كلاسيكية” يمكن أن تخفف من أي موقف روسي مناهض لاجتماعات جدة. مضيفا “هم يعملون مع الروس في عدة ملفات، لذا أعتقد أن روسيا لن تعتبر مثل هذه المبادرة (…) أمرا غير مقبول”.

ويذكر أن المملكة كانت قد استضافت في أيار/مايو الماضي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في قمة جامعة الدول العربية في جدة، حيث اتهم بعض القادة العرب بـ”غض الطرف” عن أهوال الغزو الروسي.

Exit mobile version