PublicPresse

بعد شهور من الإختفاء.. كيف انكشف مخبأ زعيم داعش؟ (فيديو)

على مدار 26 شهراً التي قضاها كزعيم لتنظيم داعش، ظل أبو إبراهيم الهاشمي القرشي بعيداً عن الأنظار، ولم يُصدر أي تصريحات أو مقاطع الفيديو مثل سلفه أبو بكر البغدادي وقادة الجماعات الإرهابية الأخرى، كما لم يجر أي إتصال عام مما جعل من الصعب تتبعه.

لكن في الأسابيع الأخيرة كسر القرشي هذا الغطاء عندما أشرف على هجوم شنه داعش على سجن غويران في مدينة الحسكة شمال سوريا، لتحرير عناصر التنظيم، بحسب ما قاله مسؤولون أمنيون غربيون لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وقال أحد المسؤولين الأمنيين إن عملاء مكافحة الإرهاب الغربيين تلقوا معلومات تفيد بأنه “متورط شخصيًا في الهجوم على السجن”.

وأكد المسؤول الأمني أنه في الوقت نفسه تقريبًا، رصدت المخابرات العراقية، التي لديها مخبرين في معسكرات إعتقال عناصر داعش في سوريا، وجوده أثناء تحركه في محافظة إدلب السورية وأرسلت المعلومات إلى التحالف الدولي.

وأضاف المسؤول الأمني الذي إطلع على الجهود المبذولة لتعقبه، إن “الخوف من القتل أصاب القرشي بالإحباط وعدم القدرة على التحرك، لذلك أراد تحقيق إنجاز”.

وكان مسؤول عراقي رفيع قال، الخميس، إن بلاده ساهمت في الجهد الإستخباري الذي قاد إلى مقتل القرشي.

مقتل زعيم داعش أبو إبراهيم الهاشمي القرشي

وقال الناطق بإسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول في تغريدة إن عملية قتل زعيم التنظيم “نُفذت بعد أن زود جهاز المخابرات الوطني العراقي التحالف الدولي بمعلومات دقيقة، قادت إلى الوصول إلى مكانه وقتله”.

وخلال الساعات الماضية، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، مقتل زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” خلال مداهمة نفذتها القوات الخاصة الأميركية في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا خلال الليل.

واستهدفت الغارة أبو إبراهيم الهاشمي القريشي، الذي تولى رئاسة الجماعة الإرهابية في 31 تشرين الأول 2019، بعد أيام فقط من مقتل “أبو بكر البغدادي” خلال غارة أميركية في المنطقة نفسها.

وقال مسؤول أميركي إن القرشي مات كما فعل البغدادي بتفجير قنبلة ليقتل هو وأفراد عائلته بينهم نساء وأطفال مع إقتراب القوات الأميركية.

وقال بايدن في بيان “بفضل مهارة وشجاعة قواتنا المسلحة أزلنا من ساحة المعركة أبو إبراهيم الهاشمي القرشي زعيم داعش”. وأضاف إن جميع الأميركيين المشاركين في العملية عادوا بسلام.

وقال ضابط إستخبارات أميركي شارك في جهود تعقب قادة داعش في إدلب، إن القرشي أحاط نفسه بدائرة صغيرة من الحراس الشخصيين والنساء والأطفال الذين يمكن استخدامهم كدروع بشرية. وأضاف: “لقد حاولوا إقتياده حياً. لكنه فجر نفسه وأفراد عائلته”.

آخر لحظات القرشي
الجنرال الأميركي كينيث ماكنزي، أكّد الخميس، أنّ القوات الأميركية منحت القرشي، فرصة لتسليم نفسه، قبل أن يختار في نهاية المطاف تفجير نفسه.

وقال ماكنزي، الذي يترأس القيادة المركزية للجيش الأميركي (سنتكوم)، إنّ زعيم تنظيم داعش “قتل نفسه مع عائلته من دون قتال، في وقت كنّا نحاول دعوته إلى تسليم نفسه ومنحناه فرصة للنجاة”.

وأضاف: “بسبب الإنفجار في الطابق الثاني، عثرت القوات الأميركية على القرشي ميتاً على الأرض خارج المبنى”، موضحاً أنّ “التحليل الرقمي للبصمات وفحص الحمض النووي أكّدا” هوية القرشي.

واستمر الهجوم على مسكن القرشي نحو ساعتين ليلة الخميس.

وبعد هجوم القوات الخاصة التي وصلت في مروحية إلى جوار مخيّم للنازحين في قرية أطمة في شمال غرب سوريا، وجد شهود مبنى مدمّراً جزئياً وبقع دماء على الأرض.

وأوضح البنتاغون أنّ العملية أسفرت “عن مقتل ثلاثة مدنيين على الأقلّ”، هم زوجة القرشي وولدان قضوا حين فجّر زعيم داعش نفسه.

عرّاب “المذابح والعبودية الجنسية”.. من هو القرشي؟
الإسم الحقيقي لأبو إبراهيم هو أمير محمد سعيد عبد الرحمن المولى، وعٌرف بعدد من الألقاب أشهرها “البروفسور” و”المدمر”.

وفقًا لغين بيير فيليو، محلل في جامعة ساينس بو في باريس، فقد لعب دورًا رئيسيًا في حملة داعش لتصفية الأقلية الإيزيدية في العراق من خلال المذابح والطرد والعبودية الجنسية”.

وُلد زعيم داعش الجديد، على الأرجح في عام 1976، في بلدة تلعفر، على بعد 70 كيلومترًا من الموصل، لعائلة تركمانية، وهو ما أثار استغرابا كبيرا، لأنه نادراً ما يصعد رجل من غير العرب إلى الصفوف الأمامية في داعش، التي حكمت في أوجها أجزاء واسعة من العراق وسوريا.

دفعت أصوله العرقية الأمم المتحدة للتنبؤ في تقرير لها بأنه قد يكون “خيارًا مؤقتًا حتى يجد التنظيم زعيما أكثر شرعية، سليل مباشر من قبيلة قريش الهاشمية يمكنه بالتالي الحصول على الدعم الكامل من باقي فروع التنظيم”.

تخرج المولى من كلية العلوم الإسلامية في الموصل، وعمل مجندا في الجيش العراقي خلال فترة حكم صدام حسين، وانضم إلى صفوف القاعدة بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، وفقًا لمركز أبحاث مكافحة التطرف.

تولى دور المندوب الديني والقانوني الشرعي العام للقاعدة، وفي عام 2004، ألقت القوات الأميركية القبض عليه ووضعته في سجن بوكا في العراق وهناك إلتقى أبو بكر البغدادي.

تم الإفراج عن الرجلين في وقت لاحق، وبقي المولى إلى جانب البغدادي عندما تولى زمام الفرع العراقي لتنظيم القاعدة في عام 2010، ثم إنشقا لإنشاء تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق”، الذي تتطور وأصبح فيما بعد “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا” (داعش).

في عام 2014، رحب المولى بالبغدادي في الموصل وتعهد بالولاء والدعم الكامل لداعش للسيطرة بسرعة على المدينة، وسرعان ما أثبت نفسه بين صفوف التنظيم، وحظي بثقة كبيرة بين أعضاء داعش بسبب وحشيته وخاصة بعد القضاء على أولئك الذين عارضو قيادة البغدادي.

واعتقد المحللون أن المولى سيسعى لإثبات نفسه من خلال سعيه لإعادة إحياء التنظيم الضعيف مقارنة بـ”العصر الذهبي للخلافة” (2014-2019)، ويحاول الإلتزام من تراجع الإلتزام الأميركي في المنطقة وانخراط القوات التي تنشرها أجهزة الدولة العراقية في مكافحة وباء كورونا.

جاءت عملية قتل القرشي في حين كان داعش يحاول على ما يبدو العودة إلى ترتيب صفوفه بعد فشل جهوده لإقامة خلافة إسلامية عام 2019، بعد عدة سنوات من القتال في سوريا والعراق. وفي الأسابيع والأشهر الأخيرة، شن التنظيم سلسلة من الهجمات في المنطقة، بما فيها هجوم استمر 10 أيام أواخر الشهر الماضي للاستيلاء على سجن في شمال شرق سوريا.

قالت قوة يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة، يوم الإثنين، إن سجن غويران، المعروف أيضا بإسم سجن الصناعة، أصبح الآن تحت سيطرتها بالكامل. وقالت قوات سوريا الديمقراطية إن أكثر من 120 من مقاتليها وعامليها في السجن قتلوا في جهود إحباط مؤامرة داعش. يضم السجن ما لا يقل عن 3000 محتجز من تنظيم الدولة الإسلامية.

كانت محاولة الهروب من السجن أكبر عملية عسكرية للجماعة المتطرفة منذ هزيمة داعش وتشتت أعضائها في ملاذات مختلفة منذ عام 2019.

Exit mobile version