PublicPresse

الرياضة والدين في فرنسا.. لاعبات مسلمات يفزن بجولة في “مباراة” الحق في إرتداء الحجاب بالمسابقات الرياضية

تمكنت جمعية “اللاعبات المحجبات” في فرنسا من تعليق القرار الذي أصدرته محافظة باريس والذي يقضي بمنع مظاهرة لنساء محجبات في ساحة “ليز أنفاليد” بباريس للتعبير عن رفضهن لمشروع قانون يمنعهن من ممارسة الرياضة وهن مرتديات الحجاب. وتلقت الفتيات الدعم من قبل لاعبين مشهورين في كرة القدم كإريك كانتونا وليليان تورام وشخصيات رياضية أخرى.

نظمت مجموعة من الفتيات المحجبات عضوات في رابطة للاعبات كرة القدم اللواتي يناضلن من أجل ارتداء الحجاب في المسابقات الرياضية وقفة احتجاجية في ساحة “ليز أنفاليد” الأربعاء بباريس للتنديد بمشروع قانون اقترحه حزب “الجمهورية إلى الأمام” يمنع الفتيات المحجبات من ممارسة الرياضة.

ورفعت المتظاهرات شعارات مناهضة لهذا القرار، من بينها “رياضة كرة القدم للجميع” أو “إتركونا نلعب”، أقمن بعدها مباراة ودية قبل أن يسدل الظلام ستاره على الساحة.

وسبق لهؤلاء الرياضيات المحجبات أن نظمن قبل عشرة أيام مباراة مماثلة في كرة القدم في حديقة “لوكسمبورغ” قرب مقر مجلس الشيوخ الفرنسي للمطالبة بإلغاء مشروع القانون الذي يمنع ممارسة الرياضة بالحجاب.

وإثر إعلان المحكمة الإدارية تعليق قرار منع المظاهرة، توافدت الرياضيات المحجبات إلى ساحة “ليز أنفاليد” وسط باريس للتعبير عن فرحتهن.

وقالت آنا عاقب بورتوريه، من جمعية “تحالف المواطنة” التي تناضل بجانب هؤلاء الرياضيات: “وجودنا هنا رمزي قبل كل شيء. عندما سمعنا عند الساعة 5:45 مساء بأن قرار منع المظاهرة قد ألغي، قلنا يجب أن نأتي إلى هنا لنعبر عن فرحتنا بالفوز”.

الإسلام السياسي
يذكر أن محافظة باريس كانت قد منعت تنظيم المظاهرة بحجة احتمال وقوع “أعمال عنف” ومناوشات بين داعميها من جهة وبين أولئك الذين يرفضون تنظيمها. فيما بررت أيضا قرارها بوجود “فجوة كبيرة في المجتمع بين المدافعين عن أفكار الإسلام السياسي الذي يفرض على النساء ارتداء الحجاب وبين الذين يؤيدون مبدأ العدالة والمساواة بين النساء والرجال” إضافة إلى أخذ “سياق الانتخابات الحالي” في الاعتبار قبل شهرين من إجراء الاستحقاق الرئاسي.

لكن بالنسبة لجمعية “تحالف المواطنة”، فإن “الحجج التي قدمتها محافظة باريس لا “تستند إلا على أفكار وتحيزات عنصرية وغموض سياسي فرض بشكل عمدي”.

ورحب المناضلون بقرار المحكمة الإدارية التي اعتبرت بأن “مرسوم محافظة باريس غير شرعي ويشكل انتهاكا جسيما لحرية التظاهر”، فيما قضت المحكمة بدفع المحافظة تعويضات مالية قيمتها 1000 يورو لصالح جمعية “المحجبات” ولرابطة حقوق الإنسان.

زوبعة سياسية
هذا، وتوالت ردود الفعل إزاء قرار المحكمة الإدارية، إذ ندد إريك سيوتي، مستشار مرشحة حزب “الجمهوريون” فاليري بيكريس “بخضوع الأغلبية الحاكمة والسلطات الفرنسية، التي ترفض منع ارتداء الحجاب في المنافسات الرياضية، للإسلام السياسي”.

لكن ريجيس جوانيكو (الحزب الاشتراكي) انتقد تصريحات إريك سيوتي وأكد بالعكس أن “الرياضة تساهم في الاندماج داخل المجتمع الفرنسي وفي بناء روابط الأخوة وفي نبذ التفرقة والكراهية”.

أما وزيرة الشباب والرياضة السابقة ماري جورج بوفيه، فلقد دعت إلى المزيد من “الثقة” لكي تكون “العلمانية والحياد في قلب الممارسات الرياضية”.

المتحجبات صورية بوباية

وفي تصريح، اعتبرت إليزابيت مورينو، الوزيرة المكلفة بالمساواة بين الرجال والنساء في حكومة جان كاستكس أن “النساء يملكن الحق في ارتداء الحجاب لممارسة لعبة كرة القدم فوق الملعب”. وأضافت على قناة ” إل سي إي” الإخبارية “القانون يقول بأن هؤلاء الشابات يملكن الحق في ارتداء الحجاب وممارسة كرة القدم في الوقت ذاته. اليوم الحجاب غير ممنوع فوق الملاعب. أريد أن يتم احترام هذا القانون”.

الفدرالية الفرنسية لكرة القدم في قلب الإعصار
ورغم هذا الانتصار، لم تنس لاعبات كرة القدم الهدف الذي يردن تحقيقه منذ العام 2020 ألا وهو إلغاء المادة رقم 1 من قانون الفدرالية الفرنسية لكرة القدم الذي يمنع “إرتداء أي لباس قد يوحي إلى انتماء سياسي أو نقابي أو ديني أو فلسفي” في المسابقات الرياضية.

ففي تشرين الثاني 2021، طالبت الجمعية “تحالف المواطنة” من مجلس الدولة إلغاء هذه المادة من نظام الفدرالية الفرنسية لكرة القدم.

وقالت الشابة إيناس (21 عاماً) التي تعمل كأمينة عامة في جمعية “اللاعبات المحجبات”: “هدفنا مكافحة سياسة إقصاء النساء اللواتي يرتدين الحجاب في المسابقات الرياضية. اليوم لا أعتقد أنه يتوجب علينا أن نختار بين ارتداء الحجاب أو ممارسة الرياضة. يجب العودة إلى القانون وإلى ما تمليه حرية الضمير والعلمانية. وعندما نشعر بأن القانون يصب في مصلحتنا، نشعر حينئذ بأننا نملك الشرعية”.

وتابعت:” نطلب اليوم من الفدرالية الفرنسية لكرة القدم أن تغير نظامها الأساسي وتسمح لجميع النساء بالتعبير عن رأيهن والتمتع بهوايتهن والمشاركة في المسابقات الرياضية دون خوف أو ضغط ودون أن نتساءل هل سنلعب اليوم أم لا”.

مساندة من قبل رياضيين مشهورين
تأسست جمعية “تحالف المواطنة” في عام 2020. وتقوم هذه الجمعية بتنظيم مباريات في كرة القدم وتطلق مبادرات على مواقع التواصل الإجتماعي لإرغام الفدرالية الفرنسية لكرة القدم على تغيير قانونها الأساسي الذي لا يسمح للبنات المحجبات بممارسة هذه اللعبة عكس الفدرالية الدولية لكرة القدم التي لا ترى مانعا في ذلك.

وقالت سامية التي شاركت في المظاهرة الأربعاء الماضي والمتدربة منذ 6 أشهر في جمعية “تحالف المواطنة” لفرانس 24: “أحب كثيرا كرة القدم. عندما رأيت البنات يمارسن هذه الرياضة، قلت في نفسي من غير الممكن ألا يشاركن في المسابقات بذريعة أنهن يرتدين الحجاب”.

هذا، وتلقت اللاعبات المحجبات الدعم من قبل رياضيين مشهورين، على غرار لاعبيْ كرة القدم ليليان تورام وإريك كانتونا وشخصيات أخرى في مجال الرياضة مثل أودري تشوميو وكانديس بريفوست. هذه الشخصيات نشرت نصا في جريدة “ليبراسيون” تحت عنوان ” اتركوا المحجبات يمارسن كرة القدم”.

ويتوقع أن يناقش مجلس الشيوخ للمرة الثانية القانون الذي يمنع الفتيات المحجبات من ممارسة الرياضة في 16 شباط قبل أن يطرح للمصادقة على الجمعية الوطنية في 24 من الشهر نفسه.

Exit mobile version