PublicPresse

النووي الإيراني: خارطة طريق لحل القضايا العالقة بين إيران والطاقة الذرية.. فهل تعرقلها روسيا؟

في خطوة جديدة من المساعي الدولية للتوصل إلى تفاهم بشأن الاتفاق النووي الإيراني، بدأ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي السبت محادثات مع طهرن، حيث إلتقى رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان. في الوقت عينه، طالبت روسيا بضمانات خطية من الولايات المتحدة بأن العقوبات المفروضة على روسيا لن تضر بتعاونها مع إيران بموجب الإتفاق النووي.

أعلنت إيران السبت أنها وافقت على خارطة طريق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لحل جميع القضايا العالقة بخصوص البرنامج النووي للبلاد بحلول أواخر شهر حزيران، في خطوة يُنظر إليها بوصفها أحدث تحرك باتجاه إحياء اتفاق طهران النووي مع القوى الدولية الموقع في 2015.

وجاء الإعلان الإيراني في وقت قالت فيه جميع الأطراف المنخرطة في المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن والرامية إلى إحياء الاتفاق النووي، إنها كانت قريبة من التوصل لاتفاق في محادثات فيينا الأخيرة.

وقال محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رفائيل غروسي، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية: “اتفقنا على أن نزود الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحلول نهاية شهر “خورداد” الإيراني (21 حزيران) بوثائق تتعلق بالقضايا العالقة بين طهران والوكالة”.

وكان غروسي وصل طهران في وقت متأخر من يوم الجمعة لبحث واحدة من آخر القضايا الشائكة التي تعيق إحياء الاتفاق، الذي قيد من قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وهو ما يجعل من الصعب على طهران تطوير مواد للأسلحة النووية.

وقال غروسي في المؤتمر الصحفي إن “من المهم أن يكون لدينا هذا التفاهم… للعمل معاً، وللعمل بشكل مكثف للغاية”. وأضاف “بدون حل هذه القضايا العالقة، فإن جهود إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة قد لا تكون ممكنة”.

وتتمثل إحدى نقاط الخلاف الرئيسية في المحادثات في أن طهران تريد إغلاق القضية المتعلقة بآثار اليورانيوم التي عُثر عليها في العديد من المواقع القديمة ولكن غير المعلنة في إيران. وقال عدد من المسؤولين لوكالة رويترز إن القوى الغربية تقول إن هذه قضية منفصلة عن الاتفاق الذي ليست الوكالة الدولية للطاقة الذرية طرفاً فيه.

وقال غروسي، الذي أجرى محادثات أيضاً مع وزير الخارجية الإيراني قبل عودته إلى فيينا السبت إنه “لا تزال هناك مسائل يتعين على إيران معالجتها”.

رفائيل غروسي لدى إجتماعه بوزير الخارجية الإيراني
رفائيل غروسي لدى إجتماعه بوزير الخارجية الإيراني

وتسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الحصول على إجابات من إيران عن كيفية وصول آثار اليورانيوم إلى هناك- وهو موضوع يشار إليه غالباً على أنه “قضايا ضمانات عالقة”.

وقال غروسي: “قررنا أن نحاول نهجاً عملياً وبراغماتياً في حل هذه القضايا (العالقة) من أجل إفساح المجال أمام خبرائنا للنظر فيها بطريقة ممنهجة، وبصورة معمقة وشاملة”. وأضاف قائلاً: “ولكن أيضاً بشعور بالانتهاء، بنية الوصول إلى نقطة يكون لدينا فيها نتيجة متفق عليها”.

وقد أثارت زيارة غروسي الآمال بأن يؤدي الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إفساح المجال أمام إحياء الاتفاق النووي الذي تخلى عنه في 2018 الرئيس السابق للولايات المتحدة دونالد ترامب، الذي أعاد أيضاً فرض عقوبات واسعة على إيران.

وجاءت زيارة غروسي لإيران عقب تصريحات لجوزيب بوريل، مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي الذي يتولى تنسيق محادثات فيينا، أعرب فيها عن أمله في “تحقيق نتائج خلال عطلة نهاية الأسبوع” من أجل إحياء اتفاق 2015 لكنه أكد في الوقت نفسه على استمرار وجود نقاط خلافية.

ومنذ 2019، إنتهكت طهران القيود التي يفرضها الاتفاق النووي وتجاوزتها تماماً، من خلال إعادة بناء مخزون من اليورانيوم المخصب، وتنقيته إلى مستوى عال من النقاء الانشطاري وتركيب أجهزة متقدمة للطرد المركزي لتسريع الانتاج.

وأصدرت الوكالة الدولية للطاقة مراراً تقارير تتحدث عن أن إيران فشلت في تقديم تفسيرات مرضية بشأن أصول آثار اليورانيوم المعالج. وتشير تلك الآثار إلى أنه كانت هناك مواد نووية لم تفصح إيران عنها للوكالة.

روسيا تطالب بضمانات
وعلى صعيد متصل، قالت روسيا السبت إنها تريد ضمانات خطية من الولايات المتحدة بأن العقوبات المفروضة على روسيا لن تضر بتعاونها مع إيران بموجب الاتفاق النووي مع القوى الدولية في 2015 والذي تسعى طهران وواشنطن إلى إحيائه.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للصحفيين: “نريد ضمانة بأن هذه العقوبات لن تمس بأي شكل نظام العلاقات التجارية- الاقتصادية والاستثمار الواردة في خطة العمل المشتركة الشاملة”.

وأضاف “طلبنا ضماناً خطياً… بأن العملية الجارية التي أثارتها الولايات المتحدة لا تلحق الضرر بأي شكل بحقنا في التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري الحر والكامل والتعاون العسكري- التقني مع الجمهورية الإسلامية”.

يُذكر أن إيران والقوى الدولية الكبرى عقدت سلسلة جولات من المفاوضات في فينا بهدف التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي.

وعلى الرغم من إعلان الأطراف المشاركة عن تحقيق تقدم في الجولة الأخيرة من المفاوضات، إلا أنها لم تتوج باتفاق يعيد الولايات المتحدة إلى الاتفاق ويعيد إيران إلى تنفيذ الالتزامات التي ينص عليها الاتفاق في مقابل رفع العقوبات عنها.

“حسن نية” إيرانية
ورأت صحف إيرانية السبت أن الاتفاق بين إيران والوكالة ممكن، مما قد يمهد لتفاهم يعيد العمل باتفاق 2015. حيث كتبت صحيفة “اعتماد” الإصلاحية “يمكن لإيران والوكالة الدولية التوصل إلى خريطة طريق لحل المشكلة ضمن مهلة محددة، وإقفال الملف تزامنا مع دخول الاتفاق النهائي جيز التنفيذ”.

من جانبها اعتبرت صحيفة “إيران” الحكومية أن العلاقة بين طهران والوكالة “في طور التحسن بفضل مبادرات وحسن نية إيران”.

وتأتي لقاءات غروسي في طهران غداة إبداء جوزيب بوريل، وزير خارجية الاتحاد الأوروبي الذي يتولى تنسيق مباحثات فيينا، أمله “في تحقيق نتائج خلال عطلة نهاية الأسبوع” من أجل “إحياء اتفاق” 2015 لكنه أكد في الوقت نفسه استمرار وجود نقاط خلافية.

وأتى ذلك بعد اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني الذي أبدى استعداده “للذهاب إلى فيينا عندما يقبل الغربيون خطوطنا الحمر المتبقية (…) بما في ذلك الضمانات الاقتصادية الفاعلة”. لكن الوزير الإيراني لم يوضح ما هي هذه الضمانات أو “الخطوط الحمر”.

وأكد الأطراف الأوروبيون المشاركون في مفاوضات فيينا، أن الاتفاق “قريب”، مع عودتهم إلى عواصمهم للتشاور.

وأفادت رئيسة الوفد البريطاني ستيفاني القاق عبر تويتر الجمعة “نحن قريبون” من اتفاق، موضحة أن المفاوضين الأوروبيين “سيغادرون قريبا لإطلاع الوزراء، ومستعدون للعودة قريبا”.

أمر “ملح”

وكانت نائبة المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جالينا بورتر أكدت الخميس أن المفاوضين أحرزوا “تقدما مهما”، محذرة من أنه “لن يكون لدينا اتفاق ما لم تحُل بسرعة المسائل المتبقية”.

ويعتبر الغربيون أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة للتفاهم، لا سيما في ظل تسارع الأنشطة الإيرانية، ما سيجعل الاتفاق غير ذي فائدة. وأكدت فرنسا أن إبرام اتفاق “هذا الأسبوع” أمر “ملح”.

ويرى مراقبون أن الغربيين قد يغادرون المفاوضات إذا لم يتم التوصل إلى تسوية في نهاية هذا الأسبوع.

وتأتي زيارة غروسي إلى طهران قبيل اجتماع لمجلس محافظي الوكالة اعتبارا من الاثنين، وبعد أيام من تقرير جديد لها تؤكد فيه مواصلة طهران تعزيز مخزونها من اليورانيوم المخصّب، والذي بات يتجاوز بأكثر من 15 مرة الحد المسموح به في اتفاق العام 2015.

وتفيد تقديرات في منتصف شباط بأن إجمالي احتياطي طهران ارتفع إلى 3197,1 كيلوغراما، مقابل 2489,7 كيلوغراما في تشرين الثاني، بعيدا عن السقف البالغ 202,8 كيلوغراما (أو 300 كيلوغراما ما يعادل سادس فلوريد اليورانيوم).

وتجاوزت إيران مطلع العام الماضي معدل التخصيب المحدد بـ3,67 بالمئة في اتفاق 2015 ورفعته بداية إلى 20 بالمئة، ولاحقا إلى 60%، ما أثار قلق الغرب نظرا لأن إيران باتت قريبة من نسبة 90 بالمئة التي تتيح استخدام اليورانيوم لأغراض عسكرية.

وتعود آخر زيارة لغروسي إلى إيران إلى تشرين الثاني.

Exit mobile version