Site icon PublicPresse

الأزمة المصرفية.. إلى تصعيد!

يتوقع أن يتحدد بداية الأسبوع المسار الذي ستسلكه المعالجات القضائية المطلوبة للملف المصرفي والتي طلبها مجلس الوزراء في جلسته يوم السبت الماضي، في وقت تنفذ المصارف اليوم وغداً إضرابها التحذيري بعد الإجراءات القضائية بحق بعضها والتي إعتبرتها تعسفية أو مبالغاً فيها.

ينطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفق معطيات من مسلمة أن الحكومة لن تتدخل أو تعمل على تخطي مسألة فصل السلطات، ولذلك اجتمع الوزراء وتكلم جميعهم في جلسة السبت حيث كان لا مهرب من انعقادها وأجمعوا على تثبيت أصول القانون والقضاء والمحاكمات الجزائية. ولم يأت ما قاله ميقاتي من فراغ بعد تشديده على أركان السلطة القضائية لقيام كل معني بدوره مع الالتزام بالاصول القانونية كاملة وعدم القفز فوق مندرجاتها. وكانت رسالة الحكومة للقضاء بأنها لا تعمل ولا ترغب في حماية فلان على آخر او حماية المصارف على حساب المودعين وسائر المواطنين.

ويبدو واضحاً انه لن يكون ممكنا بلورة أي اتجاه ستتخذه الازمة الا في اليومين المقبلين علما ان جمعية المصارف قررت المضي في اضرابها اليوم وغداً. وفي هذا الإطار، أكّد مصدر في جمعية المصارف أن “المصارف مستمرّة في إضرابها”، موضحاً أن الجمعية “لا تطالب بإسقاط أي حكم ضد أي مصرف، بل جل ما تطلبه هو أن لا يبقى ملف المصارف ضحية التجاذبات، ويحال الى محكمة التمييز التي بدورها تحيله عند قاض محايد ليس له موقف مسبق من القطاع”.

الإضراب مستمر
وأكدت أوساط مصرفية لـصحيفة “البناء” إلى أن الإضراب مستمر ولن يحصل أي تطور إيجابي أو مبادرة حكومية – قضائية ليتم التراجع عنه، موضحة أن سبب تأجيل المؤتمر الصحافي لرئيس الجمعية سليم صفير هو انتظار ترجمة قرار الحكومة في جلستها الأخيرة، لافتة الى أن “موقف مجلس الوزراء يكتنفه الغموض ولم يتخذ قرارات حاسمة بل رمى الكرة الى ملعب وزير العدل تجنباً للانقسام السياسي والحكومي، لكن الأزمة والمعركة مستمرة بين القضاء والمصارف ولا حلول جذرية بل ترقيعات لن تؤدي الا الى مزيد من التعقيد”.

وكشفت الأوساط لـ”البناء” أن “الجمعية ستبقي اجتماعاتها مفتوحة وستجتمع مجدداً مطلع الأسبوع لتحدد الموقف من التطورات”. ودعت الى اعتماد وحدة المعايير في التعاطي مع المودع والمصرف، وأن تقوم الحكومة والمجلس النيابي بدورهما في إقرار القوانين والتشريعات اللازمة لمعالجة الأزمة لا سيما “الكابيتال كونترول”. ونفت الأوساط الإتهامات التي تساق بحق المصارف بأنها ستقفل أبوابها وستوقف تحويل رواتب الموظفين والتحويلات الخارجية للاستيراد ووقف التعاملات المصرفية ورفع سعر صرف الدولار، واضعة ذلك في اطار مسلسل تشويه سمعة المصارف وضرب الثقة بالقطاع المصرفي.

دعوى جديدة من المودعين
وعلى صعيد المصارف، لفتت صحيفة “الديار” إلى أن الملاحقات مُستمرة ومن المتوقّع أن تستمر بزخم كبير مع رفع دعوى جديدة من قبل “جمعية المودعين” أمام قاضي الأمور المُستعجلة لإلزام المصارف فتح أبوابها اليوم وغدًا. وإذا كان قرار القاضي إلزام المصارف فتح أبوابها مُمكنًا نظريًا، إلا أن التنفيذ على الأرض يبقى صعب المنال خصوصًا أن الصراف الآلي فارغ وستتحجّج الفروع بعدم وجود المال فيها للقيام بعمليات الزبائن.

خطأ في بعض الأسماء
تجدر الإشارة إلى أنّه لم تُحجز أملاك جميع أعضاء مجالس الإدارة في المصارف الستّة التي طلبت القاضية عون إلقاء الحجز عليهم. فقد تبيّن، وفق صحيفة “الأخبار”، أنّ هناك خطأ في بعض الأسماء التي أُلقي عليها الحجز في بنك عوده، إذ إنّ كلاً من إبراهيم صليبي وأنطوان بوقرح وباسمة حرب تركوا المصرف أوائل عام 2019 ولم يكونوا أعضاء مجلس إدارة، إنما مديرين، علماً بأنّ هناك أعضاء مجلس إدارة لم يُذكروا. كذلك ورد اسم بالخطأ، إذ لا يوجد مسؤول في المصرف اسمه حليم الدبس، إنما خليل الدبس. وفي بنك البحر المتوسط أيضاً، لم يُمسّ محمد الحريري الذي كان رئيساً لمجلس الإدارة لمدة طويلة، بينما أُلقي الحجز على ريا الحسن التي عُيّنت عام 2021. كذلك ورد اسم آخر غير صحيح بين الأسماء الممنوعة من السفر والتي أُلقي الحجز على أملاكها بصفته رئيس مجلس إدارة مصرف سوسيتيه جنرال. فقد دُوِّن اسم أنطوان مخايل صحناوي، بينما الصحيح هو أنطوان نبيل صحناوي بسجل مختلف. كما تجدر الإشارة إلى أنّه في جميع هذه المصارف، المدير العام هو المدير التنفيذي، لكن لم يُذكر أحد من المديرين العامين فيها.

ميقاتي يتكلم بالمطلق
وقالت مصادر حكومية بارزة لـصحيفة “الجمهورية”، انّه خلافاً لكل ما يُشاع، فإنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم يقصد في كلامه بعد جلسة مجلس الوزراء عمّن يتلكأ في عمله من القضاة أي قاضٍ بعينه، وإنما قال في المطلق ان يلتزم كل قاضي القانون ويطبّقه، ومن لا يلتزم يذهب الى بيته وهذا امر طبيعي. وأضافت المصادر، انّ مجلس الوزراء كان في جلسته امس الاول متضامناً كلياً في الموقف من الأزمة القضائية المصرفية، وانّه يلتزم القوانين المرعية الإجراء في عمله. وقد شدّد على ضرورة ان يلتزم القضاء والقضاة عملهم ويطبّقوا قانون أصول المحاكمات الجزائية بكل مواده. فالمجلس اكّد المؤكّد ولم يأتِ بشيء جديد ولم يفتئت على صلاحيات السلطة القضائية. وقد اكّد وزير العدل بنفسه انّ هناك خللاً في العمل القضائي في ما يخص ملاحقة المصارف، وهذا الخلل يُصحّح بتطبيق القانون حسب اصوله، فالمحقق هو من يأمر بالتوقيف وغيره من الإجراءات وليس النائب العام. وأشارت المصادر الى انّ رئيس الحكومة يتصرف على أساس انّ القانون فوق الجميع ولا خيمة فوق رأس احد، وإذا كان البعض يريد إقالة حاكم مصرف لبنان فليبادر الى ذلك ويطرح البدائل للبحث واختيار المناسب منها لحاكمية مصرف لبنان، ولا تمسّك بأحد في هذا المجال.

وشدّدت مصادر “الجمهورية” على انّ رئيس الحكومة يسعى بكل ما أوتي من قوة وجهد من اجل وضع البلاد على سكة التعافي، وهو تخلّى عن النيابة ولم يترشح للانتخابات وليس متمسّكاً برئاسة الحكومة لولا ما يفرضه عليه واجبه الوطني وتحسّسه للأزمة الخطيرة التي تعيشها البلاد وشعبها، وهو يسعى مع مجلس الوزراء والمؤسسات الدولية لوقف الانهيار وإقرار خطة التعافي التي يعول عليها دفع البلاد الى آفاق الحلول.

Exit mobile version