Site icon PublicPresse

التعيينات القضائية تحيي الأمل.. و”حزب المصرف” نحو صفقة مع “حزب المرفأ”؟

عُقد أول من أمس، إجتماع مطول لمجلس القضاء الأعلى، إنتهى إلى تعيين رؤساء غرف محاكم التمييز الشاغرة، وهم القضاة: ناجي عيد، سانيا نصر، ماجد مزيحم، منيف بركات، أيمن عويدات وحبيب رزق الله.

لاحت بارقة أمل أمام أعين أهالي شهداء وضحايا إنفجار 4 آب، تمثلت بملء مجلس القضاء الأعلى الشواغر في الهيئة العامة التمييزية المخولة النظر في سلسلة من الدعاوى القضائية ومن بينها البت بطلبات رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار إيذاناً بإعادة إطلاق يده في استكمال التحقيقات في قضية المرفأ، بحسب صحيفة “نداء الوطن”. مع تعيين رؤساء غرف التمييز الشاغرة الـ6 يكون نصاب أعضاء الهيئة العامة لمحكمة التمييز قد اكتمل لينكب أعضاؤها تالياً على بت القضايا العالقة أمامها، غير أنّ مصادر قضائية لم تخف توجسها من العودة إلى مسار عرقلة إصدار مرسوم التشكيلات القضائية الجزئية التي أقرّها مجلس القضاء الأعلى، لافتةً إلى أنّ “إقرارها تأخر أساساً وتأجّل لأكثر من مرة بسبب التدخلات السياسية”.

وفي هذا الإطار، ستكون التشكيلات القضائية الجزئية بحاجة إلى مصادقة سياسية عليها عبر توقيع كل من رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير العدل على مرسوم إصدارها، وفق آلية سلكت عملياً طريقها الدستوري من خلال إحالة المشروع إلى وزير العدل هنري خوري ليقوم بعد التوقيع عليه بإحالته إلى رئيس مجلس الوزراء الذي سيتولى بدوره التوقيع عليه وإحالته إلى رئيس الجمهورية، الذي إما يوقع المرسوم ليصبح نافذاً أو “يبقيه في الدرج” كما فعل سابقاً مع التشكيلات القضائية العامة التي كان قد أقرّها مجلس القضاء الأعلى.

وإذ ترفض مصادر قصر بعبدا التعليق مسبقاً على مشروع التشكيلات القضائية الجزئية، مكتفيةً بالقول لـ”نداء الوطن”: “لم تصل بعد إلى رئاسة الجمهورية”، أكدت في المقابل أوساط مواكبة لهذا الملف أنّ التحدي الأساس أمام هذه التشكيلات سيكون عبورها “حاجز” القصر الجمهوري، لا سيما وأنّ “حزب الله” سيضغط لعدم تمريرها لكي لا يتمكن المحقق العدلي من استئناف عمله في حال اكتمال نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز والبت بطلبات رده، معتبرةً أنّ “المطبّ الأول” أمام التشكيلات سيكون عند وزير العدل، الذي سيعكس بموقفه حيالها الموقف العوني “فإذا طالب بتعديل إسم أو شطب آخر واستبداله، يعني أنّ فريق رئيس الجمهورية يعتزم عرقلة التشكيلات الجديدة ولا يريد وصولها إلى قصر بعبدا”.

شكّلت الجلسة مفاجأة داخل أروقة “العدلية”، وفق صحيفة “الأخبار”، خصوصاً أن القاضي عبّود سبقَ أن عمَد إلى تعطيل هذه التعيينات منذ أشهر، لعدم قدرته على فرض الأسماء التي يريدها لتكون عوناً له داخل المجلس فتصوّت لصالح ما يريده، إلا أن تصدّي النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات لهذا الأمر كانَ يمنع عبود من تحقيق غايته، خصوصاً أن عويدات كانَ يعارض بشدة أسماء أراد عبود فرضها كالقاضية رندة كفوري. غيرَ أن المجريات تغيّرت أخيراً. فجأة سارعَ عبود إلى الدعوة للجلسة وعقدها، لا بل أصرّ خلالها على إنجاز التعيينات ما أثار تساؤل أعضاء في المجلس حول السبب الذي دفعه إلى الاستعجال، فضلاً عن “التناغم” المستجد بينه وبينَ عويدات، علماً أنهما في الفترة الأخيرة كانا متنافرين. فما الذي دفعَ عبود إلى التراجع خطوة إلى الوراء ولماذا لاقاه عويدات في منتصف الطريق؟

تقول مصادر مطلعة لـ “الأخبار” إن “عبّود لمسَ وجود مسعى جدّياً لتعيين رئيس آخر لمجلس القضاء، وأن هناك مشاورات بين القوى السياسية تجري في هذا الشأن، على أن تشمل التغييرات عويدات أيضاً”. في هذا الإطار، تروي مصادر مطلعة أن فكرة “التبديلات في المراكز القضائية أتت هذه المرة من الرئيس ميقاتي، علماً أن الأخير هو من أطاحَ سابقاً بالتسوية التي كانت مطروحة لحل ملف المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ، والتي كانت تقضي بتغيير القضاة الأربعة الكبار: سهيل عبود، غسان عويدات، بركان سعد وعلي إبراهيم، وقد سقطت يومها بعد رفض الرئيس نبيه بري تطيير إبراهيم، ومعارضة ميقاتي المس بعويدات”.

وقالت المصادر إن جلسة تعيين رؤساء غرف محاكم التمييز إنعقدت بسبب شعور عبود وعويدات بأن “المسألة هذه المرة جدية”، فإما أنهما “يريدان الإيحاء بتجاوب ما”، وإما أن “هناك من نصح عبود بإنجاز التعيينات وتحريك ملف التحقيقات في المرفأ للإحتماء خلفه”، فالتعيينات التي أنجزت في المراكز الشاغرة ستسمح للهيئة العامة لمحكمة التمييز بالإنعقاد، ومعاودة العمل بشكل طبيعي بعد اكتمال النصاب، ويصبح بإمكانها البت بدعاوى موجودة على طاولتها، وأبرزها ملف المرفأ.

وتقول المصادر إن “ميقاتي يتحرك هذه المرة من خلفية تمرد عويدات في ملف المصارف، وهو يحظى بغطاء الرئيس سعد الحريري”، مشيرة إلى “وجود اتصالات في هذا الشأن لم تصِل إلى خواتيمها بعد”. وعلمت “الأخبار” أن “التغيير لن يطاول عويدات وحده، بل إن النقاش أيضاً يدور حول عبود”، وأن هذا الإتفاق “صارَ شبه منجز بين بري وميقاتي الذي زاره النائب علي حسن خليل قبل أيام”.

لكن هناك سبباً إضافياً لدى ميقاتي، يتعلق باتهامه عويدات بأنه كان طرفاً في رسالة خرجت من لبنان إلى فرنسا ومنها إلى إمارة موناكو، وانتهت بطلب معونة قضائية تتعلق بملف ممتلكات آل ميقاتي في الإمارة التي يشرف عليها صهر العائلة هناك.

وفي وقت شككت مصادر مطلعة في وصول هذه المشاورات إلى خواتيمها “المرجوة”، رأت أن “أي مشاورات مع ميقاتي لا يمكن التكهن بنتائجها، بخاصة أنه لا يلتزم بما يقول”، رغم أنه يقود هذه المرة “الحرب نيابة عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف”، وهو “مستعد لأجل هذه الحماية للقيام بأي إجراء، حتى لو كان الثمن الإطاحة ببعض الشخصيات التي كان يمنع المس بها”. واعتبرت المصادر أن “خطوة الإطاحة بعويدات، وإرساله إلى بيته، كما قال ميقاتي سابقاً، من المرجح أن تستتبع بخطوات أخرى تطاول كل من يقترب من سلامة والمصارف”، في إشارة إلى القاضية غادة عون. وحتى الآن، ليس معروفاً موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من كل ما يحضر له ميقاتي في إنتظار عودته من الفاتيكان.

Exit mobile version