Site icon PublicPresse

التحقيق بغرق الزورق.. مداخلة “راقية” لقائد الجيش: أنا والجميع و”مِنّي وجِرّ” في تصرف القضاء

قائد الجيش جوزف عون في جلسة مجلس الوزراء حول غرق القارب في طرابلس

في المداولات في جلسة مجلس الوزراء التي خصّصت للبحث في كارثة غرق الزورق قبالة طرابلس والأوضاع الأمنية عموماً، إستهل رئيس الجمهورية الجلسة بالتشديد على وجوب “تولّي القضاء التحقيق في ملابسات غرق الزورق وسط وجود روايات متضاربة عنه، وذلك بهدف جلاء الحقيقة ووضع حد لأي اجتهادات أو تفسيرات متناقضة”.

أمّا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فرفض “إلقاء التّهم جزافاً قبل إنجاز التحقيق”، داعياً إلى “إجراء التحقيقات بسرعة وشفافية بعيداً من الضغط الإعلامي والاستثمار السياسي والشعبوي والانتخابي الرخيص”.

وطلب مجلس الوزراء من قيادة الجيش التحقيق في سبب غرق الزورق، وتكثيف جهود البحث عن المفقودين. كما كلّف “الهيئة العليا للإغاثة” بمتابعة ذوي الضحايا، واتخذ عدّة قرارات لمساعدة فقراء المدينة.

شارك في الجلسة الإستثنائية، كلُّ من: قائد الجيش ومدير المخابرات العميد الركن أنطوان قهوجي وقائد القوات البحرية العقيد الركن هيثم ضناوي. وخلال الجلسة، قدّم العماد عون ومدير المخابرات وقائد القوات البحرية عرضاً مفصلاً معززاً بالصور والوثائق، حول ما حصل مع الزورق والمحاولات التي قامت بها القوات البحرية لإنقاذ الركاب.

بدأ قائد الجيش عرض التقرير المفصّل عن الحادثة، وأكد “ان الموقوف رائد دندشي سبق ان أوقفه الجيش اللبناني في الـ20 من تشرين الثاني 2021 ومعه شريك آخر بتهمة تهريب قارب على متنه 91 شخصاً انطلق من القلمون. طارَدته القوات البحرية وتم توقيفه، لكنّ المفاجأة ان القضاء اللبناني أطلقه بعد سبعة ايام. دندشي لم يرتدِع عن اعماله غير الشرعية، وقام بعد بضعة اشهر بالترتيب لتهريبة مماثلة لقاء آلاف الدولارات وحضّر للإشتراك مع سوري من آل الحموي مركباً يعود الى العام 1974 ويتّسع لعشرة اشخاص وهو المركب الذي غرق، واتفق مع 80 شخصاً يقلّهم على متنه بحسب افادات الناجين لقاء مبلغ 2500 دولار عن كل شخص، ولا معلومات دقيقة حول العدد النهائي للركاب لأن لا “مانيفست” لهذا المركب، إنما استناداً الى التحقيقات تبيّن انه كان على متنه 80 او 83 شخصاً هم من اللبنانيين ومجموعة منهم من السوريين ولا فلسطينيين بينهم”.

وأضاف عون في تقريره: “كما وضع على متن المركب القديم ثلاثة اطنان من المازوت لأنّ وجهة سيره كانت مقررة الى ايطاليا عبر طريق معينة يسلكها المهرّبون. وابلغوا الى الركاب ان العدد لن يتجاوز الاربعين شخصاً لكن عندما وصلوا تبيّن ان عددهم تجاوز الثمانين، منهم من فكّر بالعودة فأكد لهم ان اموالهم لن تُعاد اليهم فاضطروا الى الركوب والابحار معه.

إنطلقوا عند السابعة والربع مساء السبت وعند التاسعة والنصف اعترضت القوات البحرية المركب، وطلبت منهم العودة الى الشاطئ ونبّهتهم الى ان الحمولة زائدة وانهم اذا استمروا في الابحار في عمق البحر لن يستطيعوا الوصول. لم يتجاوب قائد المركب (وهنا عرض قائد الجيش داخل قاعة الجلسة وعلى شاشة كبيرة صوَراً وفيديوهات تُظهِر بالوقائع وبالتوقيت كيف حصلت هذه الحادثة). وقال: “حاول قائد الخافرة العسكرية مجدداً إقناع قائد المركب المهرّب فيه بالعودة خصوصاً ان هناك اطفالاً، فلم يستجب وحاول الهروب من امام زورق الجيش الى ان حصل الارتطام وغَمرت المياه الزورق. وحادثة الغرق حصلت سريعاً لأن المركب ونتيجة الحمولة الزائدة كان نصفه تحت الماء. وهنا قامت القوة البحرية برَمي سترات النجاة التي بحوزتها وهي 35 سترة بين الزورق الصغير والخافرة واستطاعوا إنقاذ 34 شخصاً”.

واشار العماد عون وقائد القوات البحرية اللذان تناوَبا على الشروحات الى “انّ الغرق حصل سريعاً على عمق 400 متر تحت المياه، وغير صحيح ان طرّاد الجيش طاردَه لأنّ الخافرة التي تعود للقوات البحرية في الجيش اللبناني مصنوعة من الـ fiber glass وتم عرض صور للخافرة وكيف جرى معها الاصطدام”.

وتابع قائد الجيش: “كل الكلام عن انّ الجيش صدم المركب هو كلام غير صحيح وفيه محاولات لتغطية التهريب ونقل الاحداث الى اماكن اخرى”. وشدد على “انّ المؤسسة العسكرية يجب ان تبقى معنوياتها عالية ولا يجب التعرّض لمعنويات العناصر لأنهم في هذه الظروف يؤدون واجباً دقيقاً، وهي ليست المرة الاولى التي تتعرض فيها المؤسسة العسكرية لهذه المحاولات”.

وعلّق رئيس الحكومة على كلام قائد الجيش بقوله انه “لا بد من اعتماد تحقيق شفّاف توضَع فيه النقاط على الحروف لتُزال كل هذه الضبابية”. فردّ العماد عون: “نحن بدأنا التحقيق وهناك موقوف سوري سوف يسلّم الى المدعي العام العسكري القاضي فادي عقيقي”. وختم: “أنا وجميع عناصر الدورية والضباط وقائد القوات البحرية ومِنّي وجِرّ، كلنا نضع أنفسنا في تصرف قاضي التحقيق للوصول الى كشف ملابسات الحادث اليوم قبل الغد، نحن في تصرف القضاء”.

عملية الإنقاذ
بعد ذلك تم البحث في عملية الانقاذ والصعوبات التي تواجه هذا الامر لأنّ الجيش لا إمكانات لديه، فطرح رئيس الحكومة امكانية التعاون مع قوات “اليونيفيل” فأجابه قائد الجيش: “اليونيفيل ارسلت طواقم مساعدة وهناك طائرة بريطانية ايضا تساعدنا، لكن الامر يحتاج الى تجهيزات حديثة ومتطورة وهذه ليست موجودة إلّا لدى الدول الكبرى”. فتقرر هنا الطلب من وزيري الخارجية والدفاع التواصل مع الدول الكبرى المجاورة لإرسال مساعدة عاجلة من بواخر وغواصات متخصّصة تستطيع النزول الى عمق 400 متر لانتشال الزورق، ولم يتم التأكيد ما اذا كانت هناك جثث في داخله نتيجة عمق غَرقِه.

بعدها، بدأ الوزراء بطرح الاسئلة وكانت معظم الاجوبة ان لا معلومات حاسمة ودقيقة عن عدد الركاب، وانّ ما هو مؤكد فقط هو ان الانقاذ شمل 45 شخصًا وانتشال 7 جثث والبحث لا يزال جارياً عن المفقودين. واكد قائد الجيش انّ القوات البحرية كلها موضوعة في تصرف البحث عن الضحايا وانها تحتاج الى تعزيز، آملاً في أن يتم ذلك من خلال هبة اميركية تبلّغَ أنه سيستلمها قريباً وفيها ثلاثة زوارق متخصصة.

ولفت وزير العدل الى انه لا يمكن المضي في التحقيق قبل انتشال الزورق وإلا سيكون غير كامل، لأنّ معرفة كيف تمّت عملية الاصطدام ومُعاينة المركب هي الاساس. ثم حصل اخذ ورد حول ما اذا كان من المفروض أن يتمّ انتظار انتشال المركب لاستكمال التحقيق، فكان الجواب أنه يجب ان يستمر التحقيق خصوصاً ان مديرية المخابرات كانت على علم بأنّ عملية التهريب تم التحضير لها من قبل، وعندما دهمت المكان كان الزورق قد أقلع.

مقررات الجلسة
وبعد التداول، قرّر مجلس الوزراء الآتي:

1ـــ تكليف “الهيئة العليا للإغاثة” اتخاذ كل الإجراءات اللازمة والضرورية المتعلقة بالموضوع لمواكبة ذوي الضحايا ونقل ما يلزم من اعتمادات عند الإقتضاء من إحتياطي الموازنة العامة إلى موازنة رئاسة مجلس الوزراء ــ الهيئة العليا للإغاثة ــ على أساس القاعدة الإثنتي عشرية.

2ـــ تكليف وزارة الشؤون الاجتماعية التواصل مع الهيئات والمنظمات الدولية للبحث في إمكانية تقديم المساعدة في المجالات: الصحية، الإنسانية، والنفسية للضحايا وذويهم.

3ـــ الطلب من قيادة الجيش إجراء تحقيق شفاف حول ظروف الحادث وملابساته، وذلك تحت إشراف القضاء المختص، وكذلك الطلب إلى الجيش تكثيف جهود البحث عن المفقودين بالتعاون مع الـ”يونيفيل”.

4ـــ الطلب من وزارتَي الخارجية والمغتربين والدفاع الوطني التواصل مع الجهات الدولية للمساعدة في تأمين المعدات والآليات اللازمة لتعويم المركب الغارق.

5ـــ تكليف وزير الشؤون الاجتماعية تعديل شروط الاستفادة من المشروع الطارئ لشبكة الأمان الاجتماعية ومشروع الأسر الأكثر فقراً لتمكين أكبر شريحة من اللبنانيين من الاستفادة منهما.

6ـــ تشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزراء: العدل، المالية، شؤون التنمية الإدارية، الداخلية والبلديات، الشؤون الاجتماعية والاقتصاد والتجارة، هدفها إعداد مشروع قانون يرمي إلى إنشاء مجلس لتنمية الشمال، وعرضه على مجلس الوزراء بالسرعة القصوى.

7ـــ الطلب إلى وزارتَي الداخلية والبلديات والمالية تحويل مستحقات بلدية طرابلس من الصندوق البلدي المستقل.

8ـــ الطلب من وزارة الأشغال العامة والنقل الإيعاز لمن يلزم لتسجيل جميع المراكب البحرية لدى رئاسة المرافئ المعنية وفقاً للأصول، وذلك خلال مهلة أقصاها 3 أشهر من تاريخه، تحت طائلة مصادرة جميع المراكب غير المسجلة ضمن هذه المهلة، وفقاً لما تفرضه القوانين والأنظمة المرعية الإجراء.

Exit mobile version