Site icon PublicPresse

عون: مفاوضات الترسيم لم تنتهِ.. لكن لا تطبيع ولا تنازل عن حق لبنان

ميشال عون

حذّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من مطامع الإسرائيليين في الثروات اللبنانية من نفط وغاز ومياه، مستبعداً، في الوقت عينه، شنّ إسرائيل عدواناً على لبنان، ومعرباً عن إعتقاده بأنّ “العدو لن يسعى إلى مثل هذه المغامرة حالياً لأن الثمن سيكون غالياً جداً”، وقال إنّ “الإسرائيلي بات يعلم أنه في مقياس الربح والخسارة ستكون خسارته كبيرة إذا اعتدى على لبنان، علماً أن لبنان ملتزم بالقرارات الدولية ولا سيما القرار 1701، فيما إسرائيل تعمد إلى خرق هذا القرار في كل مناسبة”، لافتاً إلى أنّ “السنوات الأخيرة أثبتت أن الاستقرار على الحدود هو مطلب الجميع، ولبنان لم يكن يوماً في موقع المهاجم بل المدافع”.

وحول إمكان التوصل إلى إتفاق إطار مع إسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، قال عون، في حديث إلى وكالة الأنباء القطرية، إنّه “في مفهوم المفاوضات، لا بدّ من التوصل إلى حل يرضي الطرفين، وإلا فإن الأمور محكومة بالفشل”.

وكشف أنّ “لبنان انطلق ولا يزال من عدم التنازل عن حقه في النفط والغاز، وعدم التطبيع مع إسرائيل حتى من خلال تقاسم الحقول النفطية والغازية، وهو منفتح على العروض التي تصله ضمن هذا السقف الموضوع، ويدرس كل الطروحات، كما يعرض أيضاً اقتراحات يرى أنها قد تصلح لتشكل أرضية يمكن الانطلاق منها”.

واعتبر أنّه “بفضل الوساطة الأميركية، تبقى المفاوضات قائمة بطريقة غير مباشرة، ولو أنها قد توقفت عملياً بسبب الوقت المطلوب لدرس الخيارات والطروحات، إلا أن هذا لا يعني أن المفاوضات انتهت وأن الملف قد طوي”، مشيراً إلى أن “أي اتفاق مبدئي أو نهائي، لا يمكن أن يوافق لبنان عليه ما لم يصدر عن السلطات المعنية أي رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب”.

ورداً على سؤال حول تطبيق لبنان “الإستراتيجية الدفاعية الموحدة” التي ترتكز على حصر السلاح بيد الجيش اللبناني، رأى أنّ “معالجة قضية بهذا الحجم تتطلب توافقاً شاملاً من قبل كل الأطراف اللبنانية لأن انعكاس المسألة يطال الجميع من دون استثناء، كما أنّ مسألة الاستراتيجية الدفاعية لا يمكن تبنيها وتطبيقها من قبل طرف واحد”، موضحاً أنّه “توجد حالياً معطيات وتطورات فرضت نفسها في العالم والمنطقة، ولا يمكن تجاهلها عند الحديث عن استراتيجية دفاعية، لذلك كنت قد دعوت إلى لقاء وطني شامل لبحث هذا الأمر إنما بعد بحث الموضوع الأكثر حيوية وخطورة والمتمثل بالوضعين الاقتصادي والمالي، وفي حين تجاوب البعض مع هذه الدعوة، قرر البعض الآخر صمّ أذنيه”.

وفي ما يتعلّق بالإنتخابات النيابية التي ستجري غداً، أكد عون أنّ القوى الأمنية والعسكرية وضعت خطة محكمة لضمان أمن الانتخابات من أجل عدم حصول إشكالات كبيرة قد تؤدي إلى إرجاء أو عدم حصول عمليات الاقتراع.

ورأى أنّ الإنتخابات النيابية للبنانيين في دول الانتشار التي جرت يومي الجمعة والأحد الماضيين أظهرت “سقوط الادعاءات والاتهامات الزائفة التي وُجّهت إلينا بالعمل على تعطيل أو عرقلة إجراء الانتخابات النيابية، علما أنني حرصت شخصياً ومنذ تسلمي مهامي الرئاسية على تذليل كلّ الصعوبات أمام الاستحقاقات الانتخابية وكنت الأكثر إصراراً على احترام مواعيدها الدستورية”، وأسف لعدم تأمين التمثيل اللازم للمغتربين اللبنانيين في المجلس النيابي، آملاً أن يتم هذا الأمر في الانتخابات المقبلة.

وحول توقعاته من المجلس النيابي الجديد، أمل عون “أن يقوم النواب الجدد بعملهم كاملا لجهة مراقبة عمل الحكومة، والقيام بالتشريع اللازم لضمان وضع لبنان على درب التعافي المالي والاقتصادي، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكمل خريطة الطريق التي وضعناها والكفيلة بإنهاء الوضع الصعب الذي نعيشه جميعاً”، معتبراً أنّ “على المجلس مسؤولية مواكبة نقل لبنان إلى مرحلة أخرى عبر إقراره الكثير من التشريعات التي تساعد على وضع أسس صالحة لاقتصاد منتج ودائم، واستراتيجية مالية تحفظ حقوق اللبنانيين وأموالهم، والأهم محاسبة كل من ارتكب الجرائم المالية وأوصل البلاد والشعب إلى هذا الواقع المأزوم”.

من جهة ثانية، رأى عون أنّ “الإتفاق مع صندوق النقد الدولي هو بداية المسيرة نحو التعافي والخروج من الأزمة”، معتبراً أنّ “حل الأزمة يتطلّب اليوم برنامجاً إصلاحياً شاملاً وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي من خلال إرساء سياسات وإصلاحات فعّالة لإنعاش الاقتصاد وإعادة بناء الثقة والدعم الواسع من جميع الأطراف واعتراف صريح بالخسائر الواقعة في النظام المالي والموافقة على طرق معالجتها”.

ولفت إلى أنّ “هدف الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي ليس فقط الحصول على مبلغ ثلاثة مليارات دولار، ولا أي مبلغ آخر، بمقدار ما هو وضع خريطة طريق صالحة لرؤية مستقبلية اقتصادية ومالية صالحة تؤمّن الاستقرار على هذين المستويين وتسمح للبنانيين بالتعافي والاطمئنان إلى مستقبل واعد”، مشيراً إلى أنّ في خطة التعافي التي وضعتها الحكومة “كل ما يجب القيام به من أجل تخطي الوضع الحالي، عبر تدابير قد تكون قاسية، إنما ضرورية”.

وجدّد الرئيس عون موقفه من ضرورة إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم في ظل عدم قدرة لبنان على تحمل التبعات الاقتصادية لهذا النزوح، وكشف، في هذا السياق، أنّ “الدول الخارجية لم تقبل بمغادرتهم إلى بلدهم، وعمدت إلى الضغط على النازحين للبقاء، وهو أمر غير مألوف ويثير الريبة والشك”، معلنا أنّ لبنان “في صدد التحرك بشكل فاعل ومكثف دولياً من أجل إثارة هذا الموضوع، ولن نقبل بتهديد مصير لبنان إرضاء لأحد، وسيكون لنا موقف لبناني موحّد نحمله إلى العالم خلال الفترة المقبلة في أكثر من محفل إقليمي ودولي”.

وحول الحرب في أوكرانيا، قال عون إن “وزارة الخارجية دانت هذه الحرب وهو موقف لبناني مبدئي يعكس مدى التزام لبنان بأسس الحوار والتفاهم بعيدا عن السلاح، وهو الذي عانى من تداعيات ونتائج كارثية على الصعيدين الإنساني والاقتصادي والمالي جراء اللجوء إلى السلاح لحل المشاكل”، موضحاً أنّ “موقف لبنان حيال الأزمة الروسية- الأوكرانية ينطلق من ضرورة اعتماد لغة الحوار لحل المشاكل بين الدول والشعوب”، لافتاً إلى أنّ لبنان “يؤلمه مشاهدة اندلاع الحرب بينهما، وقد أبلغ موقفه هذا لكل من البلدين وقد أبديا تفهما لوجهة نظره، مشددا على أن لبنان لا يضمر السوء لروسيا ولا لأوكرانيا، ولكن في ظل لغة المدفع بات كل موقف يصدر عن أي طرف يوضع وكأنه ضد أحد البلدين”.

Exit mobile version