Site icon PublicPresse

بري رفع جلسة مناقشة وإقرار مشروع الموازنة إلى 26 أيلول (فيديو)

رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة مناقشة وإقرار مشروع موازنة 2022 إلى يوم الإثنين 26 أيلول الحالي، وذلك بعد أن فقدت جلسة اليوم نصابها.

فما الذي حصل خلال جلسة اليوم؟ التفاصيل في الفيديو المرفق:

ميقاتي
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ردّ على مداخلات النواب في الجلسة قائلاً: “سمعنا منالنواب كلاما يتعلق برأيهم بالموازنة والأوضاع الراهنة. اقول شكرا لكل من لفت نظرنا الى مسائل أساسية في الموازنة، او ابدى رأيا او انتقادا بناء، وسنأخذ كل الاراء بعين الاعتبار في خلال اعداد الموازنة المقبلة”.

وقال “يعلم الجميع أننا دخلنا الى بناء متصدع محاط بالألغام، وكل غرفة في هذا البناء معرضة لنشوب حريق في كل لحظة. نحن فريق واحد، وما يعنينا هو هذا الوطن. نحن نمد يدنا للتعاون البناء. لا ندّعي الكمال، لأنه من المستحيلات، بل رسمنا خطة للتعافي، وأرسلناها الى المجلس النيابي للإطلاع والاستفادة من آرائكم . المادة 69 من الدستور تقول انه في حال استقالة الحكومة يبقى المجلس في حالة انعقاد دائم الى حين التصويت على البيان الوزاري للحكومة المقبلة، وهذا يعني في رأي بعض المشرعين أننا شركاء، وانا اتشرف بأن نعمل معا في سبيل الانقاذ الحقيقي”.

واضاف “البلد بحاجة للانقاذ، وهذا لا يتحقق الا اذا عملنا معا وتعاونا بجلسات عامة آخذين في الاعتبار أمرين اساسيين: لا للشعبوية في هذا الموضوع لأن الوطنية تتغلب ،ولا مجال للانكار، لأن الواقعية يجب أن تسود. لا يمكننا ان نعيش حالة انكار للواقع القائم ويقول كل واحد ما يريده ، او ان يبقى الشارع يتحكم بالواقع. هناك رجال دولة ، وانت على رأسهم دولة الرئيس بري ، والمجلس النيابي الكريم، وسعادة النواب الكرام، وكلنا يجب ان نتصرف بروح التعاون ، لأن البلد بحاجة الينا”.

وأدرف: “هل يعتقد احد أننا لا نشعر بما يحصل في الشارع؟هل تعتقد بأنني عندما أدخل الى السراي الحكومي، لا المس القلق في عيون الشرطي الذي يؤدي التحية، وحاجته الى شراء الدواء له ولأهله، والى دفع اقساط المدارس؟هذا الشرطي الذي لا يتجاوز راتبه ال70 دولارا يقف بكل احترام ويقوم بواجبه، الا يستحق التحية . نعم، اعلم تماما ما يعاني هذا الشرطي في حياته اليومية وتأمين الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم. أعلم ان غالبية العائلات لديها مصاب بامراض مزمنة وسرطانية، وتبحث عن الدواء، وليت معالي وزير الصحة الموجود في مهمة مع منظمة الصحة الدولية ، كان هنا ليشرح لكم ماذا يحصل في قطاع الدواء . لقد اكتشفنا ان الادوية المدعومة التي نستوردها تهرب الى خارج لبنان . ولذلك جرى تنظيم عملية التوزيع وفق نظام معلوماتي دقيق وفتح ملف لكل مريض لكي يتسلم ادويته وفق التوقيت الدقيق”.

وقال: “قبل ان تستقيل الحكومة اتخذنا قرارا بتحويل مبلغ 35 مليون دولار الى وزارة الصحة ، ثم اجتمعنا مع رئيس لجنة الصحة النيابية وتمت زيادة المبلغ 5 ملايين اضافية ، ومن حوالى العشرة الايام طلب زيادة المبلغ الى 45 مليون دولار، وانا اتمنى عند مناقشة موازنة وزارة الصحة ان تتم الزيادة من داخل الموازنة ، واذا لم يحصل ذلك انا اتعهد ان نبقي على المبالغ المخصصة لشراء الادوية”.

وأضاف: “في موضوع الجامعة اللبنانية التي تجمع ابناء الوطن، نحن مع حقوق الاساتذة وعودة الطلاب الى مقاعد الدراسة. هل يعتقد احد اننا لا نعرف مشاكل جامعتنا الوطنية المعطلة، واننا لا نشعر بمعاناة الاستاذ الذي لا يتجاوز راتبه الاربعة ملايين ليرة، والذي لا يكفي كبدل نقل؟ عند مناقشة بند موازنة الجامعة اللبنانية اتمنى ان نعطي الزيادات اللازمة للجامعة لكي تستطيع ان تقوم بمهامها كما يجب. وفي موضوع الادارة العامة نعلم جميعا المشكلات القائمة ، وفي جلسة التشريع الاخيرة سألت دولة الرئيس اين اصبح المسح الوظيفي والاداري للادارة العامة ، والذي تعهدت الحكومتان السابقتان بوضعه ولم يرسل الى المجلس النيابي. لذلك طلبت، رغم الظروف الصعبة من مجلس الخدمة المدنية ورئيسته ان ينجزوا المسح الوظيفي فورا، وقد ارسل الى دولتك والمجلس الكريم قبل عشرة ايام، واتمنى ان يوزع على سعادة النواب. وهذا المسح عبارة عن 188 صفحة يتناول كل واقع الادارة وعدد الموظفين وبالعدد الموجود في كل قطاع”.

وتابع: “اعلم جيدا حجم المشكلات التي يعاني منها الموظفون، ولهذا السبب قررنا، الى جانب دفع المعاش الاساس، اعطاء منحة اجتماعية وبدل انتاج، واقترح في هذا الاطار بدل تجزئة المبلغ الى ثلاثة اقسام، وان يتم دفع الراتب ثلاثة اضعاف شهريا. وهل يعتقد احد اننا لا نعلم مشكلات المتقاعدين؟ لقد زارني وفد من المتقاعدين وشكوا من ان ما يتقاضونه كمعاش تقاعد ،في شيخوختهم لا يساوي جزءا من ثمن الادوية التي يحتاجون اليها ، كيف يمكن الا نشعر مع هؤلاء؟ الا نشعر بمعاناة المعلمين، اصحاب الرسالة ،واهالي الطلاب والاعباء الاضافية عليهم. الا نشعر بمعاناة السجناء الذين لا نستطيع تأمين القوت لهم؟الا نعلم بحجم مشكلة النفايات في الشوارع؟”.

وأردف: “كل هذا التوصيف يقودنا الى الموضوع الأساس،وهو ملف الموازنة . في الاعوام الماضية كانت الموازنة العامة تساوي 17 مليار دولار. هذه السنة باتت الموازنة تساوي مليار دولار، ونحن نسعى لكي نوازن ايضا بين النفقات والواردات. سئلنا عن الكثير ولا سيما عن سلامة المرور، بالمنطق العلمي يلزمنا حوالى 3700 مليار ليرة لصيانة الطرق، اي 100 مليون دولار، وفق دراسة علمية. في الموازنة فان كل المبلغ المخصص لصيانة الطرق هو 250 مليار ليرة اي حوالى 6 مليون دولار. من اين سنأتي بالاموال المطلوبة اذا لم نتعاون جميعا”.

وقال الرئيس ميقاتي: “دولة الرئيس، عندما اقررنا الموازنة قال معالي وزير المال “انها موازنة تصحيحية لمرحلة انتقالية، لها صفة طارئة”. ويأتي البعض ليقول انه الافضل بين السيىء والأسوأ ان نأخذ الخيار الاسوأ وهو الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية. نحن امام نهج تراكمي مضت عليه عشرات السنوات وسعادة رئيس لجنة المال اشار الى انه منذ اكثر من 12 سنة يقدم توصيات بشأن اعداد الموازنة لم تؤخذ بعين الاعتبار. حكومتنا تألفت في شهر ايلول من العام الفائت، وفورا باشرنا باعداد الموازنة، وقد انجزنا الموازنة بجهود معالي الوزير ومديرين و4 موظفين. تعطلت الحكومة من 13 تشرين الاول الى 13 كانون الثاني. وفور معاودة جلسات مجلس الوزراء تقدم وزير المال بمشروع الموازنة واقررناه وارسيناه في شهر شباط”.

أضاف: “نعلم جميعا كل الواقع الموجود في البلد واذا لم نتعاون جميعا ، فعلى من سنتكل؟ انا لم اترشح على النيابة لأنني كنت اعلم صعوبة القرارات المطلوب اتخاذها وكم هي غير شعبوية. البديل الوحيد عن التعاون بين الجميع لاقرار الموازنة هو “لا موازنة”، اي العودة الى الانفاق على القاعدة الاثنتي عشرية التي لا تلبي الانفاق المستجد. اي رفض لهذه الموازنة يعني عمليا العودة الى واردات على سعر صرف هو 1500 ليرة للدولار الواحد ، مما يعني مزيدا من سرقة ايرادات الدولة. في الفترة الاخيرة زاد حجم الاستيراد 4 مليار دولار، والتجار يخزنون البضائع في مستودعاتهم في انتظار رفع الدولار الجمركي. هل نقبل ان نكون شهودا على سرقة الدولة؟ علينا ان نتعاون بدل المضي في النهج الخاطئ ومنطق “عطلني تا عطلك. مرقلي تا مرقلك”.ولكن هل الحكومة هي المسؤولة عن كل هذا النهج؟ يمكنني الآن ان اعدد ما يقوم به كل وزير في وزارته”.

وتابع: “البعض يقول ان قرض القمح من البنك الدولي المقدّر ب150 مليون دولار، يكلّف الدولة 5 الاف و500 مليار ليرة سنويا ، وان المبلغ غير مدرج في الموازنة. هذا كلام غير صحيح، لا بل على العكس من ذلك ،فهو يؤمن ايرادات قد تصل الى حوالى 900 مليار لبنانية في حال استبدلنا القمح بالطحين وبعناه للمطاحن والافران ، وفي المقابل ليست هناك مدفوعات مطلوب سدادها للبنك الدولي لان القرض ينص على فترة سماح ل3 سنوات مع تسهيلات. البعض يتحدث ان المطلوب مناقشة موازنة العام 2023 ، وفي هذا السياق اقول باشرت المالية البدء باعداد موازنة العام 2023، ولكن ليس صحيحا ان المطلوب ارسالها الآن ، فالمطلوب اولا مناقشتها في مجلس الوزراء ، ومن ثم ارسالها الى مجلس النواب في الربع الاخير من هذا العام”.

وأردف: “لنكن واقعيين في مقاربة كل المواضيع، وهدفنا واحد وهو انقاذ الوطن. عام 2021 كان النمو اقل 11 في المئة ، ومنذ بداية العام الحالي الى نهاية تموز، هناك زيادة بنسبة 2،2 في المئة عن السنة الماضية. هناك قطاعات تعمل والبلد ماشي، الصناعة تعمل والزراعة الى حد ما متحركة، ولا يجوز اضفاء الصورة السوداوية على كل شيء. يقول البعض ان المستفيد الوحيد مما يحصل هي المصارف، وجوابي ان نعقد اجتماعا مع المصارف ونلاحق المطلوب الى اقصى الحدود. نحن على استعداد لسماع اراء الجميع واخذ كل الملاحظات بعين الاعتبار. لاول مرة جاء في مشروع الموازنة (المادة 121) انه خلال شهر من انذار شاغل الاملاك البحرية بدفع ما يتوجب عليه والغرامات، تقفل هذه المنشأة بالشمع الاحمر ولا يزال الا بعد الدفع مع الغرامات”.

وقال: “دولة الرئيس، في الموازنات التي أقرت خلال اعوام 2018 و2019 و2020 اقرت إصلاحات أساسية ، فهل تم تطبيقها ام ان التجاذب السياسي عطلها؟ منذ العام 2000 وبعد مؤتمرات باريس 1 وباريس 2 وباريس 3 ، اقر كمّ من القوانين الاصلاحية في مجلس النواب ، فاين هي اليوم ؟ ليست هناك ارادة سياسية بتنفيذ هذه الاصلاحات . لقد تم اقرار 4 هيئات ناظمة في الاتصالات،والكهرباء والمطار ،فلماذل لم تنفذ؟ وهل الحكومة مسؤولة عن ذلك؟ ان حكومتنا مسؤولة وانا مسؤول ، ولا اتهرب من المسؤولية ، ولا اقول” ما خلوني” او “التركة ثقيلة”. المسؤولية تفرض علينا المعالجة بمسؤولية ، فلنتعاون معا طالما الهم واحد والهدف واحد. فلنتعاون لاقرار الموازنة واقرار ما يلزم من تعديلات، ونحن مستعدون للنقاش والبحث.كل الامور قابلة للتصحيح طالما الهدف واحد”.

أضاف: “في ملف الكهرباء اقول تواجهنا اليوم معضلة جديدة تتعلق بتشغيل المعامل. اتخذنا قرارا بتشغيل معملي الذوق والجية. وكما هو معروف عند ادارة اي محرك سيصدر بعض الدخان الاسود، وعلى الفور تم رفع دعوى قضائية واحضر رئيس المعمل الى المخفر، وبناء لقرار قاضي الامور المستعجلة طلب منه توقيع تعهد بعدم ادارة محركات المعمل. كنا نريد تشغيل المعمل ب200 ميغاوات فقط لتأمين الكهرباء لمحطات المياه. منذ حوالى اسبوعين اتخذ مجلس ادارة كهرباء لبنان قرارا برفع التعرفة وصادق القرار معالي وزير الطاقة ، وبالامس صادق ايضا وزير المال ، ونحن في انتظار اصدار قرار استثنائي يوقعه فخامة لرئيس وانا، وعندها يمكن البدء باستيراد الغاز من الاردن ، لان رفع التعرفة كان مطلبا اساسيا للتأكد من مسار الهيئة الناظمة للكهرباء”.

وختم: “كذلك زار المدير المسؤول عن الملف في البنك الدولي في بيروت وزارة الطاقة واطلع شخصيا على مسار تشكيل الهيئة الناظمة، كما يجب. عندنا ايضا مولدات للطاقة تنتج حوالى 1400 ميغاوات ولكنها تحتاج الى الفيول اويل، واذا كنا سنبيع الكيلوات باقل من باقل نص سنت الكلووات ، فلا يمكن شراء الفيول اويل. ومن خلال التعرفة المقترحة بات في الامكان شراء الفيول اويل ولكننا نحتاج الى نوع من رأسمال تشغيلي للبدء بالتشغيل. ونحن في صدد البحث مع المنظمات الدولية لتوفير هذا الامر.احد النواب قال بالامس إن احد احياء الاشرفية محروم من الكهرباء منذ اسبوع، واليوم اقول ان مدينتي طرابلس محرومة منذ شهر من الكهرباء والماء. لا ننظر الى المسألة من منطلق الاعتبارات المناطقية وكلنا في مركب واحد، وانا مستعد للتعاون مع الجميع، واعتبروا انفسكم حكومة تنفيذية ، وراقبوا وشرعوا وقدموا الاقتراح الذي تريدونه لانقاذ البلد. وسنتابع العمل معا لاقرار ما يلزم”.

الخليل
وألقى وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، كلمة خلال الجلسة، قال فيها: “دولة الرئيس، أكثر من ثلاث سنوات، ولبنان يواجه أزمات مالية، نقدية، إقتصادية، إجتماعية، صحية وبنيوية في ظل حصار إقتصادي خانق، مست بكافة مؤسساته ومختلف القطاعات، وخلخلت الإستقرار الإجتماعي. لقد أتت حكومتنا، “كحكومة طوارئ”، في ظل تدهور العملة المحلية، واستمرار حاد لتقلبات أسعار الصرف، ونسب تضخم فاقت الـ100 في المائة، وركود إقتصادي على مدى أربع سنوات متتالية، وانخفاض في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 50 في المائة، لكي تعتني بحاجات المواطنين ككل، على أثر الأزمات المتتالية، لا سيما، حاجات أكثر من 260 ألف من العاملين في القطاع العام بكافة أسلاكه ومتقاعديه، لتؤمن الحد الأدنى من التغطية الصحية، والعطاءات، الى جانب المنح الإجتماعية. وعلى هذا الأساس، تم إعداد مشروع الموازنة العامة لعام 2022، التي تمثل برأينا موازنة طارئة، تهدف الى معالجة الأوضاع المعيشية الراهنة للمواطنين، لا سيما، الأوضاع الصحية والإجتماعية، كونها الأكثر إلحاحا، كما، ويهدف الى تأمين الإستقرار المالي والنقدي من خلال تصحيح أثر التشوهات الناتجة عن الأزمات المتتالية. وهذا ما حصل في كثير من دول العالم بداية، والتي ألحقتها في ما بعد بخطوات إصلاحية، وهكذا سيكون الحال أيضا في لبنان خلال العام 2023”.

ورأى وزير المالية أن الإنتقاد أنها موازنة مجردة من رؤية إصلاحية، ليس إنتقادا صائبا إطلاقا، لأن التصحيح بعد الإنهيار هو أول مراحل الإصلاح. وقال: “دولة الرئيس، لا يخفى على المجلس الكريم، نقاط أساسية لا بد من ذكرها:

أولا – إن تدهور سعر الصرف وتعدده كبد المالية العامة خسائر كبيرة على صعيد الإيرادات، التي تراجعت من 22 في المائة كمعدل وسطي ما قبل الأزمات، الى 10 في المائة من الناتج المحلي عام 2021، في حين أن الإيرادات الداخلية تبقى المصدر الأبرز لتمويل النفقات نظرا لعدم إمكانية اللجوء الى الأسواق المالية بعد التعثر عن دفع المستحقات للجهات الدائنة.

ثانياً- على أثر تدهور سعر الصرف أيضا ومع تقلص الإمكانيات التمويلية المتاحة تراجع الإنفاق العام من حوالي 30 في المائة خلال عامي 2018-2019 الى 12 في المائة من الناتج المحلي عام 2021، وبالأخص تراجع الإنفاق الأولي أي الإنفاق خارج خدمة الدين بما في ذلك رواتب وأجور ونفقات تشغيلية من معدل 20 في المائة ما قبل الأزمات المتتالية الى 9 في المائة من الناتج المحلي عام 2021، مما إنعكس سلبا على إنتاجية العمل في الإدارات العامة وقدرتها على تلبية إحتياجات المواطنين وتأمين الخدمات العامة بالشكل الأنسب.

ثالثاً: إن تراجع الإنفاق الإستثماري الى مستويات متدنية جدا 0.1 في المائة من الناتج المحلي عام 2021، حال من دون عملية النهوض الإقتصادي وتأمين نسب نمو وفرص عمل كافية. وعلى خلفية كل هذه التطورات، جاء مشروع موازنة 2022 لتصحيح الأوضاع المالية والمعيشية كمرحلة طارئة قبل السير بالعمل على الإصلاحات الهادفة الى التعافي المالي والإقتصادي على المدى المتوسط”.

وأشار الخليل الى أن “أكثر من ثمانية أشهر مرت على العام 2022 والموازنة لم تقر، وبالتالي فإن الواردات التي كانت مرتقبة في مشروع الموازنة للعام 2022 لن تحصل بالكامل نظرا لعدم تفعيل الإجراءات التصحيحية المرجوة في مواد الموازنة، وبما أن سعر الصرف المعتمد لإستيفاء الرسوم والضرائب في مشروع الموازنة (20.000 ل.ل. للدولار الاميركي) كان المحور الأساسي في تقدير إيرادات الموازنة عند إعدادها، أتى تعديل الإيرادات المرتقبة بعدما تعذر التوافق على السعر المقترح، آخذا بعين الإعتبار تطبيق السياسات التصحيحية خلال الأشهر الأخيرة فقط من العام وفق سعر صرف مقترح يقل عن سعر الصرف المعتمد في مشروع الموازنة. مع التأكيد أن اعتماد سعر صرف 20.000 ل.ل. كان ليخفض العجز المرتقب أقله 27 في المائة مقارنة مع اعتماد سعر الصرف المطالب بإعتماده”.

أما على صعيد الإنفاق، فلفت الى أن “المالية ما زالت حتى اليوم تصرف على قاعدة الإثني عشرية، مما يحد سقف الإنفاق لعام 2022 فيبقى المصروف الفعلي المرتقب ما دون مجمل إعتمادات مشروع الموازنة العامة، كما وأن غياب مصادر تمويلية (خارج الإيرادات الداخلية) يبقي الإنفاق المصروف محدودا، فالإمكانيات التمويلية المتاحة اليوم تحد من مستويات الإنفاق العام. وبناء عليه، وعلى أثر جلسات المناقشة المتتالية في لجنة المال والموازنة تم إقتراح تخفيض سقف الإنفاق في مشروع موازنة 2022 من 47.328 مليار ل.ل. الى 37.859 ل مليار ل.ل. لضبط عجز الموازنة حرصا على الإستقرار المالي والنقدي. وبالتالي فقد أصبح عجز الموازنة المرتقب حوالي 13500 مليار ل.ل. اي ما يوازي 36 في المائة من مجمل الإنفاق”.

وقال الخليل: “يبقى توحيد سعر الصرف على صعيد الإقتصاد الكلي، هو ركيزة سياسة التعافي والإستقرار، واعتماد أسعار صرف متقاربة، لجهة تحصيل الإيرادات والإنفاق يصب في هذا الإطار ويضمن ضبط العجز المالي. فإن استيفاء الرسوم والضرائب على أسعار صرف تتقارب من منصة صيرفة هو الخيار الوحيد المرجو، لإن اعتماد أسعار صرف ما دون ذلك لتحصيل الواردات، في حين أن الخزينة غالبا ما تنفق على أسعار صرف صيرفة وما فوق، تؤدي الى فجوة في التمويل مما يشكل ضغوطات متفاقمة على الوضع النقدي ومن ثم على الأوضاع المعيشية في البلاد. على سبيل المثال، فإن الدولة تنفق اليوم على أسعار صرف صيرفة وأسعار صرف السوق بالنسبة للإشتراكات والمساهمات في المنظمات الدولية وتسديد خدمة الدين العام في العملات الأجنبية بالنسبة للقروض الميسرة كما لتغطية شراء المحروقات وغيرها من المواد والمستلزمات التشغيلية، بينما لا تزال تحصل الإيرادات على سعر صرف 1500 ل.ل. كما أن توحيد سعر الصرف يساهم في الحد من اللامساواة الإجتماعية الناتجة عن تعددية أسعار الصرف وعن إغتناء شريحة من المجتمع على حساب غيرها، فتأتي السياسات التصحيحية الضريبية للحد من التهرب وتعزيز الإلتزام الضريبي وإعادة توزيع الدخل من الشرائح المستفيدة من الوضع الحالي نحو الشرائح المهمشة، ما يؤمن التوازن والعدالة الإجتماعية، ركيزة الأمان الإجتماعي”.

وأضاف: “دولة الرئيس، لا يخفى على المجلس الكريم، أن من الإجراءات التصحيحية في مشروع الموازنة، وقد تكون أهمها لناحية تحصيل إيرادات إضافية من غير ذوي الدخل المتوسط والمحدود، تلك المتعلقة بإعادة تقييم قاعدة استيفاء جميع الضرائب والرسوم ومنها الإستيراد أو ما يعرف بالدولار الجمركي الذي سيحد من التهرب الضريبي والبيع في السوق غير الشرعية ويزيد من مداخيل الدولة ويسهم في تغطية عجزها، إضافة إلى دعم القطاعات الإنتاجية لا سيما قطاعي الزراعة والصناعة في لبنان. وقد يكون الهدف الأساسي من وراء شيطنة ما يعرف بالدولار الجمركي الذي يمثل خطوة تصحيحية هو إلغاؤه بهدف المحافظة على مصالح المستفيدين من الإبقاء على إعتماد سعر الصرف الرسمي، وذلك على حساب خزينة الدولة التي هي بأمس الحاجة لمداخيل إضافية للإنفاق على تأمين العطاءات الإجتماعية والخدمات العامة للمجتمع بأكمله. فإن أثر تطبيق الدولار الجمركي على الأسعار يبقى محدودا لا سيما في ما يخص غالبية السلع الإستهلاكية الأساسية حيث أن معظمها (أي أكثر من 50%) معفى من الرسوم الجمركية بإستثناء تلك التي يقابلها صناعة محلية أو زراعة وطنية منافسة بهدف حمايتها، ويبقى معدل إرتفاع الأسعار (وهو مقدر أن لا يتجاوز الـ 5%)، متواضعا مقارنة مع المخاطر الناجمة عن عدم تطبيقه وغيره من السياسات التصحيحية. فإن تدهور سعر الصرف الناتج عن أي خلل مالي يفاقم نسب التضخم وينعكس ارتفاعا أكبر في الأسعار”.

وتابع: “اليوم نحن بحاجة لإتخاذ قرار حاسم تجاه السير في تطبيق السياسات التصحيحية، ولا سيما الدولار الجمركي كونها جميعها تصب في عملية التعافي والنهوض الإقتصادي ليس فقط من جهة ضبط العجز المالي، بل أيضا من جهة أثرها الإيجابي على الوضع النقدي والإقتصادي وتفعيل الإلتزام الضريبي لأن الحد من التهرب الضريبي عبر اكتشاف المكتومين والحد من استغلال الثغرات القانونية والتطبيقية سوف يؤدي حتما الى زيادة الإيرادات الضريبية دون فرض ضرائب جديدة أو زيادة معدلات ضريبية، مما يسهم في توفير فرص عمل متكافئة وتقليص العجز في الميزان التجاري وبالتالي، ينعكس إيجابا على ميزان المدفوعات.

ولفت الى أن الوصول الى الإتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الموظفين Staff level Agreement كان خطوة مهمة، فالإتفاق لا ينص فقط على سياسات إصلاحية هيكلية على الصعيد المالي النقدي، المصرفي، المؤسساتي والإجتماعي بل ايضا له أبعاد جوهرية من شأنها أن تساهم في إعادة الثقة بلبنان وأن تعطي حافزا ايجابيا لإعادة احتضانه مجددا من قبل جميع الدول المانحة. ومن أهم مندرجات هذا الاتفاق، إقرار موازنة 2022″.

وأوضح وزير المالية أن “مشروع موازنة 2022 التصحيحية سوف يتكامل مع مشروع موازنة عام 2023 الذي سيكون منسجما مع خطة التعافي الإقتصادي التي تبنتها الحكومة في شهر أيار 2022، والذي سيأخذ بالإقتراحات المناسبة، وأهمها:

1 – توحيد سعر الصرف: الذي يهدف الى تصحيح الخلل المالي، تفعيل الإلتزام الضريبي، تعزيز الواردات، إستقرار الوضع النقدي، وضمان العدالة الإجتماعية.

2 – إجراءات إصلاحية: منها إعتماد السياسات الضريبية العادلة والتي تهدف الى تعزيز الإيرادات على المدى المتوسط دون تحميل أعباء إضافية على ذوي الدخل المحدود، وعلى البحث عن موارد جديدة غير مستغلة لتاريخه، كما تعمل على وضع إجراءات لتفعيل الجباية وتمكين الإدارة الضريبية.

3 -تصحيح الأجور: الذي يعتبر من أهم أولويات الإصلاحات المرجوة في المرحلة المقبلة، حيث تراجح الإنفاق على الرواتب والأجور من 12 في المائة من الناتج المحلي قبل الأزمة الى 5 في المائة في العام 2021، ولكن، من الجدير ذكره أنه ورغم الحاجة الملحة لتعويض القدرة الشرائية وتفعيل الإنتاجية لتأمين الخدمات العامة للمواطنين كافة، الا أن أي تصحيح للأجور يجب أن يترافق مع خطة إصلاحية كاملة متكاملة على المدى المتوسط الأمد، تتطلب مسحا شاملا للوظائف في القطاع العام بكافة أسلاكه، وإعادة النظر بأسس التوظيف والتقاعد والتعويضات.

وبالخلاصة يبقى الهدف الأساسي تقليص مستويات العجز بهدف احتواء الحاجات التمويلية وتخفيض نسب الدين العام لسلامة الوضع المالي والنقدي على المدى القريب والمدى المتوسط”.

وأشار الخليل الى أن إقرار مشروع الموازنة يهدف الى إعادة إرساء أسس العمل المؤسساتي وسلامة المالية العامة وضمانتهما، كما وهو اليوم أيضا من أبرز الشروط المسبقة للإتفاق مع صندوق النقد الدولي، والأهم أن إقرار مشروع الموازنة يساهم في تعزيز ثقة المواطن والمجتمع الدولي في عزيمة الدولة بالبدء بالإصلاحات المرجوة والنهوض بالإقتصاد بهدف البدء في الخروج من الأزمة.

وقال: “في هذا الاطار، أتمنى من المجلس البت بالمواد التصحيحية والاصلاحية المعلقة في مشروع الموازنة كما أحيل الى مجلس النواب لأبعادها المالية والإقتصادية”.

Exit mobile version