PublicPresse

“تويتر” يسبب صداعاً قانونياً لـ”ماسك” حول “تيسلا”

طلبت محكمة في ولاية كاليفورنيا من الرئيس التنفيذي لشركة “تيسلا”، إيلون ماسك، العودة إليها الإثنين، لاستكمال الإدلاء بإفادته وتقديم المزيد من الإجابات عن أسئلة وجهت إليه في جلسة عقدت الجمعة، في دعوى ذات صلة بتغريدة مثيرة للجدل كتبها عام 2018، وادعى فيها أنه “أمّن تمويلاً” لنقل شركة السيارات الكهربائية العملاقة إلى القطاع الخاص في صفقة لم تكن قريبة من الحصول أصلاً.

وأدت هذه التغريدة إلى تسوية بقيمة 40 مليون دولار مع منظمي أمن الأوراق المالية. كما نتج عنها دعوى قضائية جماعية تتهم ماسك بأنه ضلل المستثمرين. واضطر الملياردير الأميركي للحضور إلى المحكمة لمدة نصف ساعة تقريباً، الجمعة، للإدلاء بشهادته أمام هيئة محلفين من تسعة أشخاص، وبحضور عدد كبير من ممثلي وسائل الإعلام. وأرجئت الجلسة. وطلبت المحكمة من ماسك العودة الإثنين للإجابة عن المزيد من الأسئلة.

وفي ظهوره الأولي أمام هيئة المحلفين، دافع ماسك (51 عاماً) عن تغريداته الغزيرة باعتبارها “الطريقة الأكثر ديمقراطية” لتوزيع المعلومات حتى مع الإعتراف بأن القيود المفروضة على “تويتر” وهي 280 حرفاً يمكن أن تجعل من الصعب جعل كل شيء واضحاً قدر الإمكان. وإذ قال: “أعتقد أنه يمكنك أن تكون صادقاً تماماً” على “تويتر”، تساءل: “لكن هل يمكنك أن تكون شاملاً؟ بالطبع لا”.

وينبع صداع ماسك من الإيجاز في خدمة “تويتر”، التي يديرها منذ إشتراها بقيمة 44 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتتوقف المسألة عند ما إذا كانت تغريدتان نشرهما ماسك في 7 أغسطس/آب 2018 أضرتا بالمساهمين في “تسلا” خلال فترة 10 أيام سبقت إعترافه بأن الإستحواذ الذي كان يتصوره لن يحصل. وكتب في أول تغريدة أن “التمويل مضمون” لما كان يمكن أن يكون 72 مليار دولار لشراء “تسلا” في وقت كانت تواجه فيه مشاكل في الإنتاج وكانت قيمتها أقل بكثير مما هي عليه الآن. وأتبع ماسك تلك التغريدة بتغريدة أخرى تشير إلى أن الصفقة وشيكة.

وبعدما إتضح أن الأموال لم تكن متاحة لنقل “تسلا” إلى القطاع الخاص، تنحى ماسك عن منصبه كرئيس للشركة بينما ظلّ رئيساً تنفيذياً كجزء من تسوية مع لجنة الأوراق المالية والبورصات، من دون الاعتراف بأي خطأ.

وحضر الملياردير المندفع إلى المحكمة مرتدياً بدلة داكنة وربطة عنق في اليوم الثالث من المحاكمة المدنية في سان فرانسيسكو، بعدما حاول محاميه من دون جدوى نقل المحاكمة إلى تكساس، حيث يقع المقر الرئيسي لـ”تسلا” الآن، على أساس أن التغطية الإعلامية لاستيلائه على “تويتر” أفسدت المحلفين.

وركزت هيئة المحلفين التي شكلت الأسبوع الماضي على ماسك وهو يجيب عن أسئلة المحامي نيكولاس بوريت الذي يمثل مساهمي “تسلا”. وقال رداً على سؤال إنه يهتم “كثيراً” بالمستثمرين، ولكنه انتقد البائعين على المكشوف لأنهم يقومون بممارسات “شريرة” يجب حظرها. وقال: “أرادت مجموعة من أسماك القرش في وول ستريت أن تموت تسلا، وهذا أمر سيئ للغاية”، واصفاً البائعين على المكشوف الذين يربحون عندما ينخفض سعر السهم. وأضاف أن البائعين على المكشوف يزرعون قصصاً كاذبة.

عندما عرضت إتصالات من مستثمرين تحضه على تقليص نشاطه على “تويتر” أو وقفه تماماً قبل تغريدة الإستحواذ عام 2018، أفاد ماسك بأنه لا يستطيع تذكر كل تلك التفاعلات منذ سنوات، خاصة أنه يتلقى سيلاً من رسائل البريد الإلكتروني كـ”شلالات نياغارا”.

إيلون ماسك

وحتى قبل أن يتخذ ماسك موقفاً، أعلن القاضي أدوارد تشين أن هيئة المحلفين يمكنها إعتبار التغريدتين خاطئتين، تاركاً لأعضائها تقرير ما إذا كان ماسك خدع المستثمرين عمداً.

وكان ماسك إدعى سابقاً أنه قبل تسوية مع هيئة الأوراق المالية والبورصات مكرهاً، مؤكداً أنه يعتقد أنه حجز الدعم المالي لشراء “تسلا” خلال إجتماعات مع ممثلين من صندوق الاستثمارات العامة في السعودية. وتأتي هذه المحاكمة بخصوص “تسلا” في وقت يركز فيه ماسك على “تويتر”، وهو يشغل أيضاً منصب الرئيس التنفيذي لشركة صناعة السيارات، مع إنخراطه بعمق في شركة “سبايس أكس” للصواريخ الفضائية.

وأثبتت قيادة ماسك لموقع “تويتر” أنها لا تحظى بشعبية بين مساهمي “تسلا” الذين يشعرون بالقلق من تكريسه وقتاً أقل لصنع السيارات في وقت تشتد فيه المنافسة. وساهمت هذه المخاوف في انخفاض أسهم “تسلا” بنسبة 65 في المائة في العام الماضي، ما بدّد أكثر من 700 مليار دولار من ثروة المساهمين، وهذا المبلغ أكبر بكثير من تأرجح الثروة الذي بلغ 14 مليار دولار الذي حدث بين أسعار الأسهم المرتفعة والمنخفضة للشركة بين 7 أغسطس/آب 2018 و17 منه، خلال الفترة المشمولة في الدعوى الجماعية.

وجرت تجزئة سهم “تسلا” مرتين منذ ذلك الحين، ما جعل سعر الإستحواذ البالغ 420 دولاراً المذكور في تغريدته لعام 2018 يصل إلى 28 دولاراً على أساس معدل الآن. وتم تداول أسهم الشركة حول 133.42 دولار الجمعة، بانخفاض عن ذروة الشركة المعدلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 عند 414.50 دولار.

ماسك قد لا يستعيد لقب أغنى شخص بالعالم
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وإزاء هذه التطورات، قال عدد من خبراء الإقتصاد أن ماسك، قد لا يستعيد أبداً لقب أغنى شخص في العالم، والذي فقده الشهر الماضي ديسمبر/كانون الأول، ليخلفه برنار أرنو، الرئيس التنفيذي لمجموعة “أل في أم إتش” LVMH الفاخرة.

ووفقاً لوكالة “بلومبرغ” للأنباء، فقد أصبح ماسك أول شخص في التاريخ يخسر 200 مليار دولار من ثروته الشخصية، وذلك بعد أشهر قليلة من إستحواذه على “تويتر”، التي إشتراها مقابل 44 مليار دولار في عملية شراء مدفوعة بالديون.

وأصبحت ثروة ماسك حالياً 137 مليار دولار، بعد أن كانت قد بلغت ذروة قُدرت بـ340 مليار دولار تصدر بها قائمة أثرياء العالم قبل أكثر من عام.

ونقلت “بلومبرغ” عن خبراء إقتصاد تحليلهم للإرتفاع الدراماتيكي والإنخفاض الحاد في صافي ثروة ماسك خلال مسيرته المهنية. وقال الخبراء إن بداية تألق ماسك كانت بين عامي 2009 و2012، حيث تم تعزيز حصته في شركة “تسلا” بشكل ملحوظ.

وبعد ذلك، نمت مكانة وثروة ماسك بشكل صاروخي منذ عام 2018، بعد توصله لاتفاق مع المساهمين في “تسلا” ينص على منحه سلسلة مكافآت في حال الوصول بالقيمة السوقية للشركة إلى 650 مليار دولار في غضون عشر سنوات والوصول بأرباح وإيرادات الشركة لمستويات محددة.

وتضمن الإتفاق السماح لماسك بشراء 1 في المائة من أسهم “تسلا” بخصم كبير في كل مرة يتم فيها تحقيق الأداء المتصاعد جنباً إلى جنب مع الأهداف المالية المرسومة.

ولكن، قبل شهرين، رفع ريتشارد تورنيتا، أحد أصغر المستثمرين في صناعة السيارات الكهربائية، دعوى قضائية ضد ماسك يطالب فيها بتجريده من 56 مليار دولار من ثروته، وإلغاء حزمة منح ماسك للأسهم الناتجة عن إتفاق عام 2018.

وتزعم الدعوى أن إيلون ماسك أملى شروط حزمة الأسهم على مجلس إدارة مدين بالفضل له، وبأنها طُرحت بعد ذلك لتصويت المساهمين الذين تم تضليلهم بشأن صعوبة الوصول إلى أهداف معينة.

ممنوع دخول الموظفين.. ماسك يغلق جميع مكاتب “تويتر”

جاء ذلك في ظل خسارة سهم شركة “تسلا” نحو 50 في المائة من قيمته، خلال العام الماضي، الأمر الذي قلّص ثروة ماسك بشدة، حيث يتمثل جزء أساسي من ثروة الملياردير الأميركي في حصته في الشركة.

وجاء إنخفاض قيمة أسهم “تسلا” بعد بيع ماسك كمية من أسهمها لتمويل صفقة إستحواذه على “تويتر” مقابل 44 مليار دولار. كما تأثر سهم الشركة سلباً بالنتائج ربع السنوية المخيبة للآمال بسبب إستمرار إضطراب الإنتاج في مصانعها بمدينة شنغهاي الصينية نتيجة إجراءات مكافحة فيروس “كورونا” المستجد.

وقال ستيفن دايموند، أستاذ القانون في جامعة سانتا كلارا الذي يدرّس قانون الأوراق المالية ويقدم المشورة للمستثمرين: “ماسك فعل كل ما في وسعه في البداية لرفع قيمة ‘تسلا’. لكن ما لم يتوقعه المديرون هو أن رئيسهم التنفيذي الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته سيحصل على ما قيمته 40 مليار دولار من الأسهم من أجل تمويل صفقة شركة أخرى”.

وقالت كريستين هال، مؤسسة نيا إمباكت كابيتال، وهو صندوق للتأثير الإجتماعي مقره أوكلاند: “أود الحصول على تعريف أكثر وضوحاً لدور ماسك في ‘تسلا’. ما هو الدور الفعلي للرئيس التنفيذي للشركة؟ إنه غامض للغاية في الوقت الحالي”.

ومع هذه الخسارة الكبيرة لشركة “تسلا”، لم يعد أمام ماسك حالياً الكثير من الخيارات لرفع ثروته مرة أخرى. ففي هذه المرحلة، يتمثل أساس ثروة ماسك في ملكيته لشركة “سبيس إكس”، وهي شركة إطلاق الصواريخ التي أسسها في عام 2002، قبل أن ينخرط في “تسلا”.

وتستمر قيمة هذه الشركة في الإرتفاع حالياً. ولكن من المحتمل ألا يتمكن ماسك من الإستفادة من هذا الإرتفاع، ولا من الإرتفاع في قيمة شركاته “نيورالينك” و”بورينغ” بقوة بقدر ما يمكنه من “تسلا”.

وتظهر البيانات أن ماسك رهن نحو 52 في المائة من أسهمه في “تسلا” عام 2022 للحصول على قروض هامشية إعتباراً من نهاية شهر مارس/آذار، لكن البيانات لم تحدد عدد هذه القروض.

ويقول الخبراء إن إنخفاض أسهم “تسلا” في الوقت الحالي وعدم إهتمام ماسك بها وظهور منافسين جدد لها في مجال صناعة السيارات الكهربائية مثل شركات “لوسيد” و”ريفيان”، كلها أمور تنذر بعدم إمكانيته سداد هذه القروض، الأمر الذي سيقف حائلاً بينه وبين إستعادة لقبه كأغنى رجل في العالم.

يأتي ذلك أيضاً في ظل التدهور الإقتصادي العالمي الذي سيؤثر أيضاً على ثروة ماسك وغيره من رجال الأعمال، حيث إنه من المتوقع أن يتباطأ النمو في الإقتصادات المتقدمة من 2.5 في المائة في عام 2022، إلى 0.5 في المائة في عام 2023. وعلى مدار العقدين الماضيين، أنذرت التباطؤات بهذا الحجم بحدوث ركود عالمي.

Exit mobile version