Site icon PublicPresse

البابا فرنسيس إلتقى كنائس لبنان: كفى إستخدام لبنان لمصالح ومكاسب خارجية (فيديو)

بدعوة من البابا فرنسيس، قام وفد لبناني يتكون من عشرة قادة لكنائس في البلاد بزيارة نادرة إلى مقر الفاتيكان الخميس، لبحث سبل الخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعصف ببلاد الأرز منذ إنفجار مرفأ بيروت في شهر آب الماضي. هذا، ودعا البابا فرنسيس، الذي يأمل أن يزور قريبا لبنان، إلى “الصلاة روحيا من أجل هذا البلد الغارق في أزمة غير مسبوقة” لكي يظهر مجددا وجهه، وجه السلام”.

يعود لبنان إلى الواجهة السياسية والدينية مرة أخرى في روما إثر لقاء البابا فرنسيس الخميس في الفاتيكان مع عشرة من قادة الكنائس الموجودة في هذا البلد الذي يودّ زيارته قريباً وغالباً ما يذكره في صلواته، في إطار يوم تأمُّل حول الوضع المقلق في البلاد وللصلاة معا من أجل “عطية السلام”.

ووصل قادة الكنائس صباح الخميس إلى منزل القديسة مارتا في الفاتيكان، حيث يقيم الحبر الأعظم، تلبية لدعوة وجهها إليهم للمشاركة في “يوم التأمل والصلاة من أجل لبنان”، الغارق في أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي على أنها من بين الأكثر شدة منذ عام 1850.

وتوجّه البابا مع ضيوفه سيراً على الأقدام إلى كنيسة القديس بطرس، حيث عقدت وقفة صلاة “من أجل عطية السلام في لبنان”، وفق ما نقلت وكالة أخبار الفاتيكان. وانتقلوا بعدها إلى القصر الرسولي حيث عقدت ثلاث جلسات مغلقة بإدارة السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتري.

قداس على نية إحلال السلام في لبنان

وترأس البابا فرنسيس القداس الإلهي على نية إحلال السلام في لبنان، في حضور الوفد اللبناني. وافتتح البابا القداس بصلاة للروح القدس، قال فيها: “روح يسوع هي روح المجد. لنصلي اليوم لتلف هذه الروح كل المتألمين في لبنان، ويزرع فيكم قوته لنصلي من أجل الكنيسة والوطن، ليلعب لبنان دوره مع بلدان الشرق الأوسط والعالم”.

قال الحبر الاعظم البابا فرنسيس خلال القداس من أجل لبنان في الفاتيكان: “كفى استخداما للبنان لمصالح ومكاسب خارجية، وندعو القادة السياسيين في لبنان أن يجدوا حسب مسؤولياتهم حلولا عاجلة للازمة، وتذكروا بأن لا سلام من دون عدل”

أضاف: “لبنان الحبيب الذي يشع حكمة وثقافة لا يمكن ان يترك رهينة الاقدار او الذين يسعون وراء مصالحهم الخاصة، ونطلب من المجتمع الدولي أن يوفر للبنان الظروف المناسبة حتى لا يغرق، بل ينطلق في حياة جديدة، وهو سيكون خيرا للجميع”. وتابع: “لتتوقف العداوات ويعود لبنان إشعاعا لنور السماء وليشرق الامل من جديد”.

واعتبر أن “لبنان رسالة عالمية، رسالة سلام وأخوة ترتفع من الشرق الأوسط، وهو يجب أن بيقى مشروع سلام، ورسالته أن يكون لبنان أرض سلام وتعددية، وواحة قوة تلتقي فيها الأديان والطوائف المختلفة، وتعيش معها جماعات مختلفة تفضل الخير العام على المصالح الخاصة”.

أضاف: “كفى أن تسيطر أنصاف الحقائق على آمال الناس. كفى استخداما للبنان والشرق لمصالح خارجية”، مؤكدا أنه “يجب إعطاء اللبنانيين الفرصة ليكونوا بناة فرصة أفضل على أرضهم دون تدخلات لا تجوز. أنتم أعزائي اللبنانيين تميزتم على مر العصور، حتى في أصعب اللحظات، بروح المبادرة والاجتهاد. أرز بلدكم يذكر بغنى وازدهار تاريخكم الفريد”.

وناشد اللبنانيين “الا ييأسوا ويفقدوا الروح”، وقال: “ابحثوا عن الرجاء في تاريخكم لتزهروا من جديد”.

وتوجه البابا فرنسيس إلى اللبنانيبن في الإغتراب، وقال: “ضعوا أفضل الطاقات والموارد في خدمة وطنكم، ونطالب المجتمع الدولي بتوفير الظروف المناسبة للبلد حتى لا يغرق، بل ينطلق في حياة جديدة”.

وأشار إلى أنه “بكوننا مسيحيين، نريد التجديد بالتزامنا ببناء مستقبل معا، ولا يمكن أن تكون العلاقات بين الناس وراء السعي للمصالح. ونحن مدعوون لنكون زارعي سلام واخوة، والا نعيش على أحقاد الماضي ونهرب من مسؤوليات الحاضر”.

وتابع: ” ونؤكد لإخوتنا وأخواتنا المسلمين ومن الديانات الأخرى، الانفتاح وتعزيز السلام ، وهذا ليس فيه غالب ومغلوب، بل أخوة يسيسرون من الصراع الى الوحدة”. وشدد على أن “الشباب هم مصابيح تضيء في هذه الساعة المظلمة، وولادة البلد تكون على يدهم. لننظر الى آمال وأحلام الشباب، ولننظر إلى الأطفال”.

أضاف: “أنوار أخرى تلمع في أفق لبنان هن النساء، فهن والدات الحياة والأمل للجميع، ويجب أن يحظين بالاحترام والتقدير والمشاركة في صنع القرار في لبنان”. وشدد على أنه “لا يوجد طريق آخر للوصول للفجر سوى طريق الليل، وفي ليلة الأزمة يجب أن نبقى متحدين معا من أجل استقامة الحوار وصدق النوايا، ويمكننا أن نحمل النور للأماكن المظلمة”.

وختم: “فليختف ليل الصراعات، وليشرق من جديد فجر الأمل، ولتتوقف العداوات وتغرب النزاعات، فيعود لبنان إشعاعا لنور السلام. يجب أن نعود ونصغي لكبارنا لأن أحلامهم نبوءة لنا، ويجب ان نبني عليها لمستقبل أفضل”.

“خطر شديد يهدد وجود لبنان”
واستبق الحبر الأعظم اللقاء بتغريده الأربعاء قال فيها “أدعو الجميع إلى الاتحاد معنا روحياً بالصلاة كي ينهض لبنان من الأزمة الخطيرة التي يمر بها وأن يُظهر مجدداً وجهه، وجه السلام والرجاء”.

وصلى البابا مرارا من أجل لبنان، الذي يشهد منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً متسارعاً فاقمه انفجار مرفأ بيروت في آب الماضي الذي أودى بأكثر من 200 شخص ودمّر أجزاء كاملة من المدينة. وقال البابا في أيلول الماضي في أول تعليق بعد انفجار المرفأ إن “خطرا شديدا يهدد وجود هذا البلد”، مضيفا “لا يمكننا أن نترك لبنان في عزلته”.

وسبق أن أعرب في مناسبات عدة عن رغبته في زيارة لبنان، البلد الذي وصفه بأنه “رسالة حرية، ومثال على التعددية بين الشرق والغرب”. وتوجّه إلى اللبنانيين بالقول “لا تتخلوا عن منازلكم وعن تراثكم”.

رسالة للمجتمع الدولي
وأفاد الأسقف بول ريتشارد غالاغر الذي يتولى منصب وزير خارجية الكرسي الرسولي إن الزيارة “يمكن” أن تتم في نهاية 2021 أو مطلع 2022، ويفضّل بعد تشكيل حكومة جديدة.

ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهيارا اقتصاديا متماديا، فقدت معه العملة المحلية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار.

وبات أكثر من 55 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر على وقع تدهور قدراتهم الشرائية. ولم توفر تداعيات الانهيار أي طبقة اجتماعية وتفاقم يوماً بعد يوم معاناة السكان الذين باتوا يكافحون من أجل تأمين لقمة عيشهم.

ولا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد. ويغرق المسؤولون في خلافات سياسية حادة حالت منذ انفجار المرفأ دون تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات يضعها المجتمع الدولي شرطاً لحصول لبنان على دعم مالي.

وبحسب ما نقلت وكالة أنباء الفاتيكان، فإن زيارة رؤساء الكنائس “لا تهدف إلى إيجاد حلّ سياسي” للأزمة إنّما “الرد على شكاوى الشعب ومعاناته”.

وأوضح النائب البطريركي العام المطران الماروني سمير مظلوم في بيروت إن اللقاء سيركّز على هجرة الشباب وتداعيات الأزمة على المدارس والمستشفيات والعائلات والأمن الغذائي. وتحدّث عن تقديرات تشير إلى أن “50 إلى 60 في المئة من شبابنا يعيشون في الخارج، لم يبق إلا كبار السن والأطفال”.

فساد الطبقة السياسية
وأعرب عن اعتقاده بأن الحبر الأعظم “يكثف عمله الدبلوماسي لدى رؤساء الكنائس والدول الكبرى لإيجاد حلول تؤدي إلى تشكيل حكومة قادرة على اتخاذ قرارات توقف البلد على قدميه، وتعيد إنماء الاقتصاد وتخفف من وطأة الكارثة على الناس ومن أسباب الهجرة”، خصوصا المسيحيين والتي تشكل “عنصرا أساسيا في المحنة التي نعيشها”.

وفي سياق متصل، قال المونسنيور باسكال غولنيش، المدير العام لمؤسسة “عمل الشرق” التي تُعنى بتقديم مساعدات إلى المسيحيين في منطقة الشرق الأدنى، إن الاجتماع سيشكل حتماً “مناسبة لتوجيه رسالة إلى المجتمع الدولي”.

ومن بين الشخصيات التي حضرت محادثات الفاتيكان البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي تحدث علناً عن فساد الطبقة السياسية في لبنان. وقال الراعي لصحيفة “لوريون لو جور” اللبنانية الناطقة بالفرنسية إن اليوم المرتقب مع البابا سيمثّل “خطوة مهمة باتّجاه مساعدة لبنان على البقاء كوطن للشراكة المسيحية الإسلامية”.

ويضمّ لبنان 18 طائفة، وتتوزع مقاعد البرلمان الـ128 مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، في عرف فريد من نوعه في الدول العربية.

وشدد النائب الرسولي في بيروت المونسنيور سيزار إيسايان، الذي يشارك أيضاً في اللقاء على أن “لبنان يعيش أزمة هوية” مع بلوغ الفساد كامل قطاعات المجتمع بما في ذلك تلك الدينية. وقال في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت “إنها لحظة مهمة للغاية بالنسبة إلينا”.

 

المصدر: France24

Exit mobile version