Site icon PublicPresse

قضية “زورق الموت”: شكوك بسلوك الجيش وإستياء من ريفي (فيديو)

أهالي مفقودي وضحايا زورق الموت

أكدت لجنة الناجين من “زورق الموت” وأهالي الضحايا أن الغواصة أتت ورحلت من دون الإجراءات القضائية الواجب أن تحصل، حماية للحقيقة ودفاعاً عن حقوق المجني عليهم والناجين وأصحاب الضحايا. وشددت اللجنة على ضرورة إحالة الملف إلى المجلس العدلي.

بحزن وحرقة، يقف جهاد متلج والد المفقود هاشم (22 عاماً)، متحدثًا عن سعيه للحقيقة مهما كلف الثمن. ويصف حالة نجله الذي كان طالبًا جامعيًا بهندسة الديكور بـ”المفقود قسرًا”، بعد غرق “قارب الموت” في طرابلس في 23 نيسان الفائت.

ويأسف متلج لرحيل الغواصة الهندية، التي ضاعفت جروح أهالي المفقودين والضحايا، وفق تعبيره، “لأنها أخذت الحقيقة معها تحت ضغط المؤسسة العسكرية، ولم تكمل مهمتها. فيما النائب أشرف ريفي يخفف من معاناة الأهالي ولا يفي بوعده. والبعض يواجهنا بالفتاوى الدينية التي نرفضها، لأننا نحن أصحاب الحق ووحدنا نقرر كيف ندفن أبناءنا”.

ويقول الرجل المفجوع لـ”المدن”: “كان ابني مع شقيقته وزوجها اللذين تمكنا من النجاة، وهي رأته يسبح قبل أن يختفي، ورغم أنه ليس بالمركب، لكننا نطالب بانتشاله لقطع الشك باليقين ومحاسبة المسؤولين عن مقتل أبنائنا ضمن المياه الإقليمية اللبنانية”.

المؤتمر الصحافي
وشارك متلج مع عدد من ذوي المفقودين بالمؤتمر الصحافي الذي دعت إليه “لجنة الدفاع عن الناجين والناجيات وأهالي الضحايا المدعين في قضية قارب الموت”، الخميس 1 أيلول، في قاعة الرابطة الثقافية في طرابلس، بتنظيم من حزب “لنا”.

وحضرت المحامية ديالا شحادة والمحامي محمد صبلوح من اللجنة، بهدف إطلاع الرأي العام على مستجدات القضية والموقف القانوني منها.

وفي السياق التصعيدي، بعد مغادرة الغواصة الهندية لبنان بلا عقد مؤتمر صحافي مستقل، خارج تنظيم الجيش، يعرض نتائج عملها وصورها وتعليل أسبابها الرسمية لجهة عدم إنتشال المركب، جاء تحرك لجنة الدفاع لأسباب عديدة، وأبرزها:

أولًا، التنديد بتأخر التحقيقات العسكرية وعدم صدور أي نتيجة ولو أولوية.
ثانيًا، عدم الاستماع إلى شهادات الناجين والأهالي، سوى بعد شهرين من وقوع الجريمة على إثر تقديم المحامين لدعوى، ما يعني أن حق الناجين والناجيات بالمشاركة بالتحقيقات، كأهم شهود عيان وأصحاب حقوق، غير مؤمن.
ثالثًا، عدم توضيح أسباب عرض الجيش لصور رديئة الجودة ومن جانب واحد لتموضع المركب بعمق 459 مترًا وعلى مسافة 130 مترًا من مكان غرقه، علما أن كابتن الغواصة سكوت واترز أكد أن بحوزتهم صورًا عالية الجودة.
رابعًا، التناقض بين رواية الجيش الذي يقول على لسان قائد القوات البحرية هيثم ضناوي، أن المركب لم يتعرض لأي خدش، ورواية الكابتن الذي قال أنهم رصدوا خلال عمليات الغوص آثار تلقي المركب لضربات في المقدمة وعند بعض جوانبه.
خامسًا، الغموض المريب لعمل الغواصة، ومغادرتها، رغم أنها وعدت لجنة المحامين بالغوص مرة أخرى لتوثيق الفيديوهات للمركب والتقاط مزيد من الصور، خصوصًا أن مؤتمر الكابتن الوحيد مع العقيد ضناوي والنائب ريفي، لم يسمح فيه للناجين وذوي الضحايا بحضوره.
سادسًا، التنديد بتصريحات ريفي خلال المؤتمر الذي اتهم الناجين والناجيات بالتوهم، على قاعدة أن الجيش لم يضرب المركب.

المسار القانوني
وطالب المحاميان شحادة وصبلوح بنقل التحقيقات من الضابطة العسكرية إلى العدلية، على قاعدة أن الأولى ليست شفافة وحيادها غير مضمون، بظل توجيه اتهام لنحو 13 عسكريًا بينهم ضابط بالتسبب بغرق المركب.

ويعتبر صبلوح أن انتشال المركب أضحى مطلبًا لا رجوع عنه، بعد التسويف وتناقض الروايات ومغادرة الغواصة التي لم تكمل مهماتها، وعلى أساسها تقاضت من المتبرعين مبلغ 250 ألف دولار. ويستغرب امتناع الغواصة عن عرض صورها الدقيقة والواضحة والفيديوهات، رغم تأكيد كابتن الغواصة على توثيق رحلتهم بالبحر.

من جانبها، تقول المحامية ديالا شحادة أنه بعد أربعة أشهر من انتظار الناجين وأهالي ضحايا مركب الموت، وصلت الغواصة الهندية لسببين أساسيين:
أولهما، العثور على المفقودين، لانتشالهم وتسليمهم لذويهم.
وثانيهما، انتشال المركب الغارق وفحصه جنائياً وحسم الجدل حول الجريمة التي تعرض لها أكثر من 80 مدنيًا هاربًا من لبنان.

وتعتبر شحادة أن إصرار الجيش على تطويق عمل الغواصة وتقديم الرواية الرسمية الوحيدة عبره لنتائج عملها، وعدم عرض صور دقيقة وواضحة للمركب، فاقم الشكوك. وذكرت أن قائد الجيش جوزيف عون سبق أن وعد الأهالي بمحاسبة من يثبت تورطه بغرق المركب. وتقول: “إن المؤسسة العسكرية هي مؤسسة دستورية ولا تحمي أشخاصاً بل تحمي القانون والشعب، ومن يرتكب المخالفات في هذه المؤسسة، يعاقبه القضاء لحماية حق الناس بالعدالة”.

لا إكتراث حكومي
وأسف الحاضرون لعدم اكتراث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهو ابن طرابلس، لقضية المركب. وتؤكد شحادة أن على الحكومة الدفع لإحالة ملف التحقيقات إلى المجلس العدلي، لأن مسار التحقيقات أمام القضاء العسكرية، ومهما كانت النوايا الحسنة، برأيها، لن تقود للعدالة والحقيقة، ولن تعيد رفات المفقودين لذويهم.

ويخشى كثيرون ألا تثمر كل هذه المطالبات بأي نتيجة عملية لصالح العدالة، وسط إصرار ذوي المفقودين على تسلم رفات أبنائهم، ورفضهم لكل من يتحدث عن فتاوى صادرة عن دار الفتوى تجيز تركهم بالبحر. ويرون بذلك إعفاء للجيش والدولة من تحمل مسؤولياتهما الكاملة، لجهة بذل كل الجهود لانتشال المركب. ويهمس بعض الأهالي بالتعبير عن غضهم الشديد من النائب ريفي، ويتهمه البعض بالسعي لاستغلال الحادث للتسويق لنفسه عبر غواصة لم تكمل عملها ولم تقدم رواية مستقلة واضحة. علمًا أن ريفي سبق أن صرح لـ”المدن” وأصدر بيانًا يوضح فيه أن الغواصة لا تمتلك إمكانيات انتشال المركب، وأنها أتمت واجبها بتحديد مكانه، راميًا المسؤولية على عاتق الدولة.

مركب جديد
ويذكر أن هذا المركب غرق وكان على متنه ما لا يقل عن 85 مهاجرًا، نجا منهم نحو 48 وجرى انتشال 7 جثث، وبقي بالبحر أكثر من 30 مفقودًا.

ورغم هذه المأساة، تتواصل حركة الهجرة غير النظامية على نحو غير مسبوق شمالًا، وتحديدًا من عكار. وصباح اليوم الخميس، تعرض مركب مهاجرين للاصطدام بالصخور بعد انطلاقه من العريضة، وجرت مطاردته من القوات البحرية للجيش، وتمكنت حسب المعطيات من إعادته إلى الشاطئ، وتجري التحقيقات مع ركابه.

Exit mobile version