Site icon PublicPresse

وزير التربية: إذا لم يتعلم التلامذة اللبنانيون في دوام قبل الظهر فلن يتعلم غير اللبنانيين في دوام بعد الظهر

شدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على أن “أولويتنا هي فتح المدارس في المواعيد المقررة وأن يعود التلامذة الى مدارسهم لتلقي التعليم، قائلا: “الوطن لن يتعافى الا اذا انشأنا اجيالا متعلّمة ومثقفة”، مذكرا بأننا “نمر حاليا بصعوبات اقتصادية واجتماعية وتربوية، والتحدي الكبير أمامنا هو أن نفتتح عاما دراسيا طبيعيا، وبجهد الوزير والعاملين في الوزارة”. وشكر الجهات الدولية على دعم لبنان في العام الدراسي الماضي معربا عن امله بأن يتكرر الدعم هذا العام الدراسي أيضاً.

من جهته، أكد وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي أن لبنان في حاجة ملحة للدعم من أجل إنقاذ العام الدراسي، مشددا على انه في غياب الحوافز من الجهات المانحة لن يحضر الأساتذة إلى المدارس وبالتالي لا لزوم لكل البرامج الدولية، وإذا لم يتعلم التلامذة اللبنانيون في دوام قبل الظهر بسبب غياب الحوافز فلن يتعلم غير اللبنانيين في دوام بعد الظهر. وقال: “لن نقترض لكي نعلم غير اللبنانيين”.

كلام الرئيس ميقاتي والوزير الحلبي جاء في خلال زيارة قام بها رئيس الحكومة إلى وزارة التربية والتعليم العالي ظهر اليوم، في اطار مواكبته اطلاق العام الدراسي الجديد، وعقد اجتماعا مع وزير التربية قبل مشاركتهما في اجتماع لممثلي الدول المانحة والمنظمات الدولية، لطلب دعمهم من أجل إنقاذ العام الدراسي وإنجاحه، تحت عنوان: “تفادي كارثة انسانية وتربوية – العودة إلى التعلّم”. وقد عقد اللقاء مع الجهات المانحة في قاعة المسرح في الوزارة.

وبعد النشيد الوطني وتقديم من المستشار الإعلامي لوزير التربية ألبير شمعون أشار فيه إلى أهمية العمل المشترك لإنقاذ العام الدراسي، تحدث الوزير الحلبي فقال: “يحل العام الدراسي الجديد ثقيلا على العائلات في لبنان، في ظل ظروف تزداد صعوبة على الصعد كافة، إذ انه يتزامن مع انهيار إضافي في سعر صرف العملة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي ومع مساع لتشكيل حكومة جديدية وتحضيرات لانتخاب رئيس جديد للجمهورية إضافة إلى ازمات داخلية وخارجية لا تعد ولا تحصى. وعلى الرغم من كل ذلك فإن عزمنا وتصميمنا واضحان لجهة فتح المدارس والمعاهد الفنية والجامعات، والعودة إلى التعليم الحضوري وكلنا أمل بأن يتجاوب مع تصميمنا الشركاء والأصدقاء في العالم”.

وأضاف: “إنطلاقا مما تقدم، نجتمع اليوم لتجديد الشراكة في ما بيننا، ولعرض خطط العودة إلى التعليم والتعلم، والتي سوف تتناول القطاع التربوي الرسمي بأكمله، بما في ذلك الجامعة اللبنانية، والتعليم المهني التقني، والتعليم العام، والمركز التربوي للبحوث والإنماء، في حضور ممثلي روابط الأساتذة والمعلمين. نحن في مواجهة خطر الانزلاق إلى كارثة انسانية محققة نتيجة الانهيارات المعيشية والاجتماعية والمالية، والقطاع التربوي ليس بمعزل عن هذه الانهيارات، من تصاعد مطالب المدارس الخاصة ودولرة الأقساط واستيفاء الدولار الأميركي من الأهالي الذين لا يستطيعون في غالبيتهم الاستمرار بهذه الحال، مما يؤدي إلى التسرب من المدارس أو المهنيات أو الجامعات الخاصة إلى المؤسسات الرسمية، ويجعل المؤسسات الرسمية غير قادرة على تأمين مستلزمات النوعية الجيدة في التعليم، والبيئة الآمنة الحاضنة”.

وتابع: “أما في ما خص التعليم العام والتعليم المهني، فإنني أتوجه بالشكر إلى الجهات المانحة كافة، التي استجابت في العام الدراسي الماضي إلى تأمين سلة من الحوافز والعطاءات المالية والهبات العينية: من طباعة الكتب المدرسية وتوزيعها، والقرطاسية والأجهزة الإلكترونية ووجبات الطعام والحصص الغذائية، وضخ كميات من النقد في صناديق المدارس للمساعدة بتغطية الكلفة التشغيلية، وقد تعرضت هذه الكميات من النقد إلى التضييق في سقف السحوبات من جانب المصارف كونها أودعت بالليرة اللبنانية في حسابات المدارس لدى هذه المصارف، وقد شملت هذه العطاءات مبلغ الـ90 دولارا كحوافز للمعلمين والعاملين في المدارس، ما أتاح عاما دراسيا طبيعيا إلى حد ما، وقد حققنا إنجاز الامتحانات الرسمية وأعدنا الاعتبار للشهادة الرسمية وأنجزنا الدورة الإستثنائية، كما استفاد المعلمون والعاملون في الإمتحانات الرسمية من العطاءات لتأمين المراقبة والتصحيح وإصدار النتائج”.

ولفت الى أن هذه الهبات اسهمت أيضا في تمكين الوزارة من تنفيذ برنامج التعافي، والإهتمام بالدمج المدرسي ورفع المدارس الدامجة إلى ستين بدلا من ثلاثين، وحماية الطفل وتعويض الفاقد التعليمي وتدريب المعلمين على التعليم الإجتماعي الإنفعالي، وتنفيذ المدرسة الصيفية للعام الثاني على التوالي، والتي أتاحت لنحو 97 ألف طفل وطفلة، متابعة الدروس والمشاركة بأنشطة تربوية وترفيهية، ضمن إطار من الدعم النفسي والاجتماعي. من جهة ثانية فقد تابعنا مع المركز التربوي للبحوث والإنماء ، ورشة تحديث مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي، وتدريب المعلمين، وتأهيل المباني المدرسية وأيضا جمع البيانات ضمن النظام الموحد SIMS. كما أطلقنا مع الشركاء آليات التمويل التي تعتمد على الشفافية والحوكمة الرشيدة”.

وقال: “لم تتوافر لدينا هذه السنة وحتى هذا التاريخ، سلة عطاءات تأخذ في الاعتبار الفروقات الهائلة التي حصلت في الوضع المعيشي، وتدني قيمة الرواتب والأجور وبدلات النقل وكلفة التشغيل، حيث كانت كلفة صفيحة البنزين نحو 200 ألف ليرة وباتت الآن تقارب 700 ألف ليرة، والجميع يتوقع أن يتحول استيفاء قيمة البنزين بالدولار الفريش، مما يعني استحالة انتقال الأساتذة والمعلمين والعاملين والطلاب والتلاميذ إلى الجامعات والمعاهد والمدارس. هذه من جهة، ومن جهة ثانية نسعى مع حاكم مصرف لبنان لنستوفي الأرصدة المتبقية في صناديق المدارس بهدف تمكين المدارس من تغطية كلفتها التشغيلية. تبقى أمامنا عقدة الكهرباء والانترنت للمدارس والتلاميذ ما يستوجب توفير ميزانية خاصة مركزية لدى الوزارة لتوريد مادة المازوت إلى المولدات من جهة، ودراسة إمكان تركيب نظام طاقة شمسية بديلة من جهة أخرى”.

وأضاف: “في حال لم تتوافر هذه العطاءات، نعتقد أن الأساتذة والمعلمين لن يلتحقوا بصفوفهم، كما نعتقد أن التلامذة في التعليم ما قبل الجامعي لن يستطيعوا الالتحاق بمدارسهم، ولا قدرة لأهاليهم على تغطية كلفة النقل والمستلزمات، الأمر الذي يشكل تهديدا حقيقيا لاستمرارية المدرسة الرسمية التي تؤمّن التعليم الأساسي خصوصا للفئات المهمشة والفقيرة، بحيث تصيب هذه المشكلة ما يزيد عن 300 ألف تلميذ وتلميذة. وإذا ما استمرت دولرة الأقساط في المدارس الخاصة على النمط الذي أصبح معروفا، وتسرّب التلامذة من الخاص إلى الرسمي سنكون أمام عقبة عدم القدرة على افتتاح العام الدراسي، وهنا تكمن المشكلة الإنسانية التي نتحدّث عنها. أما التعليم المهني والتقني الذي يعتبر الخزان البشري لليد العاملة، فهو يعاني أيضا من التحديات التي ذكرناها من تجهيزات وفيول وانترنت ويحتاج إلى تضافر الجهود لدعمه والنهوض به كي يبقى مساحة متاحة للتلامذة الراغبين بالتوجه بعيدا عن التعليم الأكاديمي العام”.

ولفت الى أن هذا الخطر ينسحب أيضا على الجامعة اللبنانية، التي تفتقر إلى مقومات الصمود، قائلا: “لن نستكين حتى يستقر العام الدراسي الجامعي، ويتم تأمين الحد الأدنى المقبول ليعيش الأستاذ الجامعي بكرامة، وتفتح الجامعة اللبنانية أبوابها أمام اساتذتها وطلابها، وتتوافر لها اعتمادات التشغيل والطاقة واللوازم المخبرية، وإننا مع رئيس الجامعة وعمدائها ورابطة اساتذتها، نعول الكثير على الدعم الذي نتلقاه من دولة الرئيس ومن المعنيين، لكي نعيد إلى الجامعة اللبنانية دورها وحضورها وتألقها، وإن أي تراخٍ في هذا الموضوع سوف يؤدي إلى هجرة الأدمغة ويحرم لبنان من النخب التي يعول عليها في عملية النهوض، وهي خسارة لا تعوّض للرأسمال البشري الذي هو نتيجة نظام تربوي ما قبل الجامعي ومهني وجامعي وهي الميزة التي جعلت لبنان مصدرا للكفاءات ومعقلا للانفتاح على كل الثقافات والحضارات”.

وقال: “أتكلم بصراحة ووضوح تامّين؛ إذا لم يتوافر التعليم للبنانيين، فإننا نعلن أنه لن يكون بوسعنا تعليم غير اللبنانيين. ليس لأننا ضد تعليم غير اللبنانيين، فنحن نعلن كل يوم التزامنا بتقديم التعليم الجيد إلى جميع التلامذة الموجودين على الأراضي اللبنانية، بل لأن اللبنانيين عبر التاريخ باعوا الأرض التي يعيشون من خلالها ليعلّموا أبناءهم، ولن نسمح بأن لا يتعلموا في القرن الواحد والعشرين، مما قد يتسبب في طبقية في التعليم تؤدي إلى ثورة لا تحمد عقباها. فضلا عن أن هذا الموضوع، وكما هو معروف، موضوع سجال في لبنان حول عملية دمج السوريين مع اللبنانيين، وموقفنا منسجم مع موقف الحكومة برفض هذا الأمر وتعطيل أي محاولة بهذا الخصوص”.

وأضاف: “نجتمع اليوم لنقول للجهات المانحة والمنظمات الدولية التي نعرف تماما مدى حرصها على تفادي حدوث انهيار اجتماعي في لبنان، أن الوزارة بكامل وحداتها جاهزة لإطلاق العام الدراسي المقبل، والبدء بالتسجيل وانتظام الدراسة مطلع الشهر المقبل، إنما نحن في حاجة إلى الدعم من جانبكم لسد الفجوات في التمويل والتي تعجز الموازنات المتاحة لنا من تغطيتها. ونؤكد مجددا تمسكنا بتطبيق البرامج والخطط في إطار متكامل من الشفافية والمحاسبة والحوكمة الرشيدة، واننا لن نقترض لتعليم غير اللبنانيين”.

الرئيس ميقاتي
وألقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كلمة، قال فيها: “أولويتنا هي فتح المدارس في المواعيد المقررة وان يعود التلامذة الى مدارسهم لتلقي التعليم”. وأضاف: “التحدي الكبير امامنا هو أن نفتتح عاما دراسيا طبيعيا، وبجهد الوزير والعاملين في الوزارة، وبالتعاون مع الدول المانحة وشراكتهم، يمكننا انجاح العام الدراسي الجديد، وان يكون عاما عاديا في كل مراحل التعليم، وصولا الى التعليم الجامعي”.

واشار الى انه “اجتمع الاسبوع الفائت برؤساء النقابات التربوية، وكل ما قالوه هي مطالب محقة، وبالتعاون مع جميع المعنيين سنعمل على تطبيقها، ليكون العام الدراسي طبيعيا”.

وشدد على أن الحكومة عازمة على تذليل كل الصعوبات ليكون العام الدراسي والجامعي مثمرا وناجحا.

وبعد كلام الرئيس ميقاتي خرج الإعلاميون من القاعة وأصبحت الجلسة مقفلة وبدأت بعرض لرئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران الذي عرض تاريخ الجامعة اللبنانية ودورها وعدد طلابها الذي يناهز 80 ألف طالب. وشرح معاناة اساتذتها وموظفيها وهجرة العديد منهم نتيجة انحدار قيمة صرف العملة اللبنانية تجاه الدولار، حيث انخفضت قيمة رواتبه إلى ما دون التسعين بالمائة. ولفت إلى ان العديد منهم كانوا يؤمنون الدروس لطلابهم من بعد، وبالتالي خسرت الجامعة نوعية التعليم الحضوري المباشر كما خسرت مقومات إجراء البحوث العلمية.

وشرح أوضاع المجمعات الجامعية في الحدث والفنار والشمال وحاجاتها إلى الصيانة والتشغيل، وكذلك حاجات الفروع المناطقية، مشددا على أن غياب الطاقة الكهربائية والإنترنت والصيانة أدى إلى تعطيل الحياة الجامعية، سيما وأن الأساتذة والموظفين في إضراب. وكشف أن الحاجات كافة للجامعة تبلغ نحو 36 مليون دولار راهنا.

ثم تحدث حسام الحاج ممثلا المديرة العامة للتعليم المهني والتقني الدكتورة هنادي بري، فأشار إلى التحديات الراهنة التي يواجهها القطاع، والتي ادت إلى اتخاذ قرارات بمتابعة التعليم من بعد بالتعاون مع الوكالات والجهات المانحة. وأشار إلى إنجاز الإمتحانات الرسمية بدورتيها وإصدار نتائجهما وعرض الخطة التي وضعتها المديرية العامة للتعليم المهني والهادفة إلى المحافظة على القطاع ومتابعة التعليم مع ضرورة توفير الحوافز للمعلمين والعاملين في القطاع.

وشرح موازنة التعليم المهني بما فيها من أكلاف ومداخيل، لافتا إلى النقص المطلوب توفيره لإنقاذ العام الدراسي.

ثم تحدث المدير العام للتربية عماد الأشقر وعرض فيلما يوثق فيه المشاكل والصعوبات والحاجات والتطلعات، وخصوصا الحوافز والمحروقات للكهرباء والتشغيل والتدفئة والنقل، كما أشار إلى نجاح المدرسة الصيفية.

ثم تحدث عن الضغوط التي يعاني منها القطاع التربوي نتيجة أزمة النازحين وجائحة كورونا والأزمة المالية والحياتية وأزمة الطاقة وعبر عن خشيته من أن تؤدي الأزمة الراهنة إلى تغيب الأساتذة عن المدارس وبالتالي توقف التعليم إذا لم تتوافر لهم الحوافز والعطاءات اللازمة. وشرح بالأرقام تكلفة كل جانب من الخطة والنقص المالي الواجب توافره لإنقاذ العام الدراسي.

ثم عرضت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء البروفسورة هيام إسحق، مهام المركز شاكرة الرئيس والوزير على الرعاية والعناية كما شكرت الجهات المانحة على الدعم الذي تحتاج إليه التربية ومؤسساتها واشارت إلى تدريب المعلمين وإجراء البحوث التربوية ووضع المناهج والكتب المدرسية وتدريب المعلمين ، وتحدثت ايضا عن التحضيرات للعام الدراسي الجديد وإنجاز المواضيع التي تستند إليها بالنسبة إلى الى الإمتحانات الرسمية وكذلك تحديد المناهج التربوية للعام الدراسي الجديد على أساس 32 أسبوع تعليم.

وأشارت إلى قرب إطلاق الكتاب الرقمي وضرورة تأمين الكتاب المدرسي الورقي طالبة من الجهات المانحة دعم لبنان في طبعه، مشيرة إلى العمل الحالي على التحول الرقمي والمنصات الإلكترونية الآمنة للمتعلم والمعلم. ولفتت إلى توزيع مراكز تشخيص الصعوبات التعلمبة في المناطق، داعية المانحين إلى المساعدة في توفير الطاقة والحوافز المالية، واستكمال المناهج التربوية بالتماهي مع الخطة الخمسية للمركز ووزارة التربية.

ثم كانت مداخلات لعدد من الجهات المانحة والداعمة رد عليها المتحدثون وختمها الوزير بكلمة قال فيها: “اننا لن نقترض لكي يتعلم غير اللبنانيين، واننا في غياب الحوافز لن يحضر المتعلمون إلى المدارس، وبالتالي في حال لم يتعلم التلميذ اللبناني فإننا لن نعلم غير اللبنانيين”.

Exit mobile version