Site icon PublicPresse

إتصالات على خط الضاحية – بكركي – الرابية – عين التينة

الأخبار –
لم يكن الرئيس ميشال عون قد غادر القصر الجمهوري بعد، عندما تيقّنت غالبية الأطراف السياسية بأن الأوان قد فات لتشكيل حكومة في الساعات الأخيرة، وهو ما أدّى إلى انتقال النقاش، فعلياً، الى العنوان الرئاسي الذي بات أولوية لدى ثنائي حزب الله – التيار الوطني، بعدما كان عنواناً لتحركات ثنائي أمل – الاشتراكي. لكن الجديد في الأمر هو الحركة المستجدّة للبطريرك الماروني بشارة الراعي لتوفير مناخات تسمح بتوافق مسيحي على شخصية يقبل بها المسلمون. وهذا ما كان محل نقاش واسع خلال الأسبوع المنصرم، وقد توافرت لـ«الأخبار» بعض المعطيات حول نتائج الاجتماعات واللقاءات والاتصالات.

نصر الله – باسيل: تشاور لا تفاهم
اللقاء الذي جمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والوزير جبران باسيل، الأسبوع الماضي، أخذ حيّزاً واسعاً من الإهتمام بعدما تكشّف مضمونه، على دفعات، في الأيام الأخيرة. فبعدما أبلغ باسيل قياديين في التيار الوطني الحر ببعض ما دار في اللقاء، أعلن في مقابلة تلفزيونية أول من أمس أن نصر الله طرح معه تولي الوزير سليمان فرنجية رئاسة الجمهورية.

وبحسب معلومات “الأخبار”، فإن هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها نصرالله صراحة مع باسيل حول ترشيح فرنجية، بعدما اقتصر الأمر سابقاً على الإطار العام. وقد طرح نصر الله الأمر من زاوية ضرورة وصول رئيس قوي، بالمعنى الوطني، إلى رئاسة الجمهورية، يشكّل ضمانة للخيارات الوطنية في البلد، وأن فرنجية كان يمكن أن يكون رئيساً في 2016 إذ كان في حوزته أكثر من 75 صوتاً في البرلمان، لكنه لم يذهب إلى الجلسة تاركاً المجال أمام الرئيس عون إستجابةً لرغبة حزب الله. وفي المعلومات أن الأمين العام لم يبلغ ضيفه أن الحزب قرّر نهائياً السير في ترشيح زعيم تيار المردة، لكنه شرح له أهمية أن يكون فرنجية رئيساً. ومع ذلك، لم تقنع مطالعة نصرالله باسيل لتعديل موقفه، مكرراً رفضه تأييد ترشيح فرنجية، مبدياً إستعداده لترتيب حوار مع الأخير من أجل الوصول إلى مرشح ثالث بالتوافق مع بكركي.

لقاء نصر الله – باسيل سبقه إتفاق بين حزب الله وأمل على دخول معركة الرئاسة بتوافق كامل بين الطرفين، والتمسك بخيار فرنجية كمرشح مقبول داخلياً وخارجياً، وعدم الرضوخ بأي شكل لخيار رئيس على شاكلة ميشال سليمان لجهة خروجه عن الخيارات والمعادلات الوطنية، ولا سيما “الجيش والشعب والمقاومة”. وتجدد هذا الإتفاق الأسبوع الماضي بعد إجتماع تنسيقي بين حزب الله وأمل، جرى فيه عرض للتطورات على المستوى الحكومي، والبحث في سبل الحفاظ على الهدوء وتبريد الأجواء الحكومية كي لا تشكل دافعاً لعزل التيار الوطني الحر أو الإستفراد به. وقد إنعكس ذلك في التحوّل في موقف الرئيس نجيب ميقاتي الذي كان يصرّ، بداية، على عقد جلسة لمجلس الوزراء والذهاب بعيداً في إستفزاز الرئيس عون، بغض نظر من الرئيس بري. إلا أن موقف حزب الله بضرورة إبقاء الأمور ضمن تصريف الأعمال وإجتماعات الضرورة القصوى، خفّف من حدّة الإشتباك في الملف الحكومي.

بري: إنتخاب الرئيس سريعاً
من جهة رئيس المجلس، فإن المناخات السلبية التي طبعت علاقته مع الرئيس عون، وخصوصاً في الفترة الأخيرة، تحوّلت إلى إشتباك سياسي مع باسيل والتيار الوطني الحر بعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية. إلا أن رئيس المجلس الذي يكرر أنه لن يسكت أمام التعرض له أو لحركة أمل، لا يزال يعتقد بأن الحوار هو أفضل السبل للخروج من الأزمة، ويقول إن دعوته الكتل النيابية الى التشاور كانت تهدف الى فتح كوّة في الجدار المرتفع أمام التوافق على رئيس جديد للجمهورية.

وينقل عن بري قوله إنه نجح مرات عدة في إقناع وليد جنبلاط بالتوافق على مسائل رئيسية في البلاد، رغم كل الضغوط التي يتعرض لها الزعيم الدرزي من حلفاء له في لبنان ومن عواصم خارجية، وإنه فاتح جنبلاط أكثر من مرة بضرورة الوصول الى تفاهم على ملف رئاسة الجمهورية، وأن السير بمرشح تحدّ لن يوصل البلاد إلى أي حل.

ويؤكد بري أمام زواره أن “البلد لا يمكنه أن يحتمل فراغاً طويلاً في موقع الرئاسة، ولا بد أن من إنتخاب رئيس في غضون أسابيع وليس أشهر، لأن الفراغ هذه المرة مكلف جداً على كل الصعد، ولا سيما إقتصادياً”.

ويأسف بري لـ”التحريض” الذي يمارس ضد دعوته إلى الحوار، لافتاً إلى أنه نظّم سابقاً أكثر من ثلاث جولات للحوار ساهمت في تخفيف الاحتقان في البلد وتقريب وجهات النظر، مستغرباً “ما الذي تغيّر حتى يرفضوا اليوم؟”. ولفت إلى أنه لم يهاجم عون إلا في الفترة الأخيرة بعدما صار الأخير يهاجمه ويحمّله علناً مسؤولية عرقلة العمل في الحكومة والمجلس النيابي، مشيراً إلى أن ما يُنقل عنه بأنه تعهّد بأنه لن يدع الرئيس عون يحكم “كلام عار من الصحة، ولا يمكن أن نفكر بهذه الطريقة. والصحيح أننا وقفنا إلى جانبه وساهمنا في دخوله بقوة إلى الدولة يوم كان الجميع ضد ذلك، لأن له حيثيته التمثيلية عندما نال 70% من أصوات المسيحيين”.

الراعي يفتح أبواب الحوار
من جهته، أطلق البطريرك الماروني بشارة الراعي دينامية جديدة بشأن الملف الرئاسي. التقارب الواضح بينه وبين باسيل حول ضرورة حصول توافق على رئيس جديد للجمهورية، جعله يمضي في نقاش حول لائحة أسماء بطريقة تشير إلى إقتناعه بفكرة أن يكون هناك توافق إسلامي – مسيحي على الرئيس الجديد، وأنه كما يعارض فكرة أن يفرض المسلمون على المسيحيين رئيساً، يرفض إلزام المسلمين باختيار رئيس لا يتوافقون معه في المسائل الوطنية الرئيسية.

ورغم تركيز الراعي على إنجاز الإستحقاق الرئاسي، وإبلاغه من يهمّه الأمر أنه لن يتناول موضوع الحكومة من زاوية خلافية، إلا أنه مقتنع بأن حكومة ميقاتي لا يمكنها الحلول محل رئيس الجمهورية، ناصحاً بعدم ذهاب المسؤولين عنها إلى خطوات تعبّر عن رغبة مبيّتة في تجاوز موقع الرئاسة، وداعياً في الوقت نفسه إلى فتح جميع قنوات الحوار من أجل التفاهم على الملف الرئاسي وأولويته.

وفي الأسبوعين الماضيين، أجرى الراعي مباشرة، أو من خلال موفدين، جولة من اللقاءات شملت أبرز القيادات اللبنانية الإسلامية والمسيحية. وحصل تواصل مباشر بينه وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، مشدداً لهما على أن الإتفاق المسيحي – المسيحي يسهّل الإتفاق مع بقية اللبنانيين على الرئيس الجديد. كما تواصل مع بري عبر زيارة للنائب علي حسن خليل إلى بكركي، وكذلك مع حزب الله، للبحث في مواصفات الرئيس المقبل، وصولاً إلى تبادل الآراء حول أسماء مرشحين لا يشكلون إستفزازاً لأيّ قوة رئيسية في البلاد، ويمكنهم أن يؤدّوا دوراً إنقاذياً في المرحلة المقبلة، وإعادة التواصل مع العالم العربي والغرب.

الراعي الذي كان مهتماً بمعرفة موقف ثنائي أمل – حزب الله سمع كلاماً واضحاً بعدم وجود أي فيتو على أي مرشح مسيحي توافقي، وأن فكرة مرشح المواجهة من شأنها تعطيل مهمة إنتخاب الرئيس. لكن حزب الله كان حاسماً، بصورة قاطعة، برفض إعتبار سمير جعجع مرشحاً طبيعياً، من دون أن يعطي أي موقف من أي مرشح آخر، علماً بأن الحزب سبق أن ابلغ الراعي وقيادات مسيحية أخرى أنه سيكون إلى جانب أي توافق مسيحي – مسيحي على رئيس يضمن الوحدة الوطنية.

Exit mobile version