Site icon PublicPresse

لقاء باريس.. نقطة خلاف جديدة بين “حزب الله” و”التيار”؟

غادة حلاوي – نداء الوطن
لم يكن الموقف الإيجابي الهادئ والمقاربة التي قدمها أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله لعلاقة “الحزب” بـ”التيار الوطني الحر” ليضعا حداً للمساجلة وطي صفحة الخلاف بين الفريقين. العلاقة قيد التصحيح والمساعي جارية لذلك ولو أنّ “التيار” لم يتلق أي دعوة للقاء كان أعلن عنه نصرالله في كلامه الأخير. لا يزال “التيار” مصرّاً على معالجة جذرية لأسباب الخلاف أي إنعقاد مجلس الوزراء والتراجع عن التمسك بترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية والذي يعني في تفسيرات “التيار” أنّ “حزب الله” لم يعد يقيم له وزناً ويريد أن تكون كلمته هي الفصل في إنتخاب رئيس الجمهورية الماروني.

إختلاف جديد في وجهات النظر تبدّى أمس في كلمة السيد نصرالله الذي رفض رفضاً مطلقاً الإستنجاد بالخارج في الإستحقاق الرئاسي ناصحاً “لا تنتظروا الخارج، لا تنتظروا الخارج” متحدثاً عن مبالغات “عن دور فرنسي وعن دور قطري وعن دور لا أعرف ماذا” ليجزم من هنا أنّ “الأصل هنا، يجب أن نتفق”. موقف، وضع الأمين العام من خلاله حدّاً لكل ما ينسج من حراك خارجي، وأوصد الباب مسبقاً في وجه إجتماع باريس لممثلي الدول الأربع أي قطر والسعودية، أميركا وفرنسا المقررعقده مبدئياً في 14 الجاري والذي دخل جبران باسيل على خطه مباشرة بالتنسيق مع الجانب القطري. يؤكد “حزب الله” على العامل الداخلي ويعتبره الأساس في الإستحقاق الرئاسي ويرى أنّ الخارج ليس هو الأكثر تأثيراً على الإطلاق. وكأنّ لسان حاله يقول للحليف ألا تتعب فالخارج لن يغيّر في موقفنا من ترشيح فرنجية.

ويعتبر رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أن الإتفاق الداخلي على إنتخاب رئيس للجمهورية لا يلغي الحاجة إلى الخارج بتأمين بنية داعمة دولياً ليستطيع الرئيس المنتخب بالتعاون مع الحكومة العمل على تنفيذ برنامجه، ذلك يؤكد حاجة لبنان إلى الخارج لمعالجة أزمته، ولذا فإذا كان إجتماع باريس يساعد في تحقيق خيارات اللبنانيين ويؤمن البيئة الداعمة للعهد المقبل فلمَ لا. من خلال إتصالاته ولقاءاته الخارجية يلاحظ أنّ لقاء باريس ليس غايته الدخول في الأسماء وإنما البحث في الرئاسة كإستحقاق.

وعلى خط التحضيرات للقاء زارت شخصية قطرية لبنان مؤخراً وعقدت إجتماعات مع مسؤولين لبنانيين معنيين بالإستحقاق الرئاسي وتباحثت معهم في إمكانية التحضير لميني دوحة رئاسية ومدى إستعداد لبنان لتقبل مثل هذا الحراك من نواحٍ عدة.

وعلى مسافة أيام من عقده إستمر باسيل في مواكبة الحركة الدولية بسلسلة لقاءات عقدها في الداخل والخارج معاً، وكان آخرها خلوته مع السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا والذي تدرجه مصادر مقربة في خانة التواصل الخارجي الذي يقوم فيه مع القطريين والفرنسيين وبصورة غير معلنة مع أفرقاء آخرين في الداخل والخارج. المقصد من الحراك التوصل إلى إسم رئيس تنطبق عليه ما وصفه “التيار” بالأولويات الرئاسية. يشير “التيار” إلى أنّ رئيسه سيرشح إسماً للرئاسة وهذا يعني أنه وفي حال حدد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعداً لجلسة إنتخاب رئاسية قريبة فسيكون “التيار” جاهزاً لطرحه في صندوقة الإقتراع.

وقد تناول اللقاء مع السفير البابوي مقاربة الموضوع الرئاسي ودخلت في صلب النقاش أيضاً مسألة الميثاقية وغيابها عن جلسة الحكومة الأخيرة. وهناك من يتحدث عما يشبه مضبطة إتهام قُدمت إلى الفاتيكان بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ليس بعيداً عنها البطريرك الراعي، والتي شكلت نقطة تلاقٍ جديدة بين بكركي وباسيل حول ملف إنتخابات الرئاسة. وإذا كان “حزب الله” يرفض الرهان على الخارج فإن باسيل الذي إتفق مع السفير البابوي وبكركي على أهمية مبدأ الشراكة وحقوق المسيحيين، شكا كيف إنتهك ميقاتي هذه الحقوق في الجلسة الحكومية وما الممكن عمله بالتعاون مع الفرنسيين من أجل الخروج من دوامة التعطيل لإنتخاب رئيس للجمهورية وكيفية تنفيذ برنامج إصلاحي بواسطة رئيس مدعوم من الداخل والخارج معاً.

صار الجميع في جو لقاء باريس تقريباً، لكن السؤال عن مدى فعاليته وجدواه لا سيما بعد موقف “حزب الله” على لسان أمينه العام والذي جاء بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة عليه قبل إنعقاده. وطالما أنّه قال إنّ الحل داخلي والنقاش يجب أن يقتصر على الداخل فهو ضمناً يبعث برسالة إلى حليفه المسيحي حول تمسكه بفرنجية وهذه بذاتها نقطة خلاف قوية وتباين بين من يستنجد بالخارج باحثاً عن رئيس وبين من وجد الإسم وثبته ويبحث له عن حضن داخلي.

لكن كل ما سبق يبقى تفصيلاً لأن الدول المشاركة في اللقاء والساعية لعقده ليست لها الكلمة الفصل بالقدر الكافي طالما أنّ موقف المملكة السعودية من لبنان لم يشهد تقدماً بعد.

وفي معلومات مصادر ديبلوماسية غربية أنّ موضوع اللقاء لم يحدد بشكله الواضح بعد ولا درجة إنخراط السعودي وجديته في الملف اللبناني. القصة عالقة إذاً عند الجانب السعودي من وجهة الدول المشاركة. أما محلياً فهل لأي لقاء أن يعقد وينجح في ظل غياب الطرف المعني به مباشرة أو من يمثله؟

Exit mobile version