Site icon PublicPresse

بهاء الحريري يقود “القوْم” من لارنكا

بهاء الحريري - لبنان

“عاد” بهاء الحريري إلى الحياة السياسيّة بعدما مُني بخسارةٍ كبرى “أول دخوله” إليها في الإنتخابات النيابيّة الأخيرة. يُحاول النجل الأكبر لرفيق الحريري جاهداً أن يمدّ نفسه بحيثية شعبية يفتقدها. لكن، لا يبدو أن اللقاءات التي دعا إليها في قبرص أخيراً نجحت في إصابة الهدف، إذ إنّ من إعتذروا عن عدم تلبية الدعوة أكثر بكثير ممّن لبّوها. على رغم ذلك، يتحضّر الملياردير اللبناني لإحياء ذكرى إغتيال والده، ليس في مسجد محمد الأمين، بل في “مركز كينيدي الثقافي” في واشنطن، في حضور 300 شخصيّة من دول العالم
لينا فخر الدين – الأخبار
يُحاول بهاء الحريري أن يلتقط “المومنتم” السياسي؛ الإنتخابات الرئاسية ومن ثم تكليف شخصيّة سنيّة لتشكيل الحكومة. إذاً، هي اللحظة التي يظنّها مؤاتية للعودة إلى المسرح السياسي الذي لم يكن فيه أساساً. من قبرص، على “مرمى حجرٍ” من بيروت، أرخى الرجل شباكه علّها تعود عليه بـ”الرزقة” التي يمنّي نفسه بها.

هذه ليست كلّها بنات أفكار الإبن البكر للرئيس رفيق الحريري، وإنما – بحسب العارفين – من “النظريات” التي أقنعه بها الفريق الإستشاري الجديد الذي يُحيط به بعدما نفض يديه من فريقه الذي خاض به الإنتخابات النيابيّة واتهمه باختلاس أمواله. فيما يؤكد هؤلاء أن لهم في ذمة “إبن الرئيس الشهيد” حسابات لم يُسدّدها، وبقيت مُسجّلة على “لوح الثلج”. علماً أنّها ليست المرّة الأولى التي تنتهي علاقة الرجل المعروف بشخصيّته المتقلّبة مع فريقه بإتهامات ودعاوى قضائية تماماً كما حصل مع رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني وجميل بيرم.

إذاً، طار فريق الإنتخابات النيابيّة وحطّت بدلاً منه جماعة جديدة أشبه بـ”خلطة فسيفسائية”. إذ لا فكر أو تاريخ واحد يجمعهم تحت مظلّة “أبو رفيق”. حالياً، يتردّد أنّ الدائرة اللصيقة به تضمّ: مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي، رئيس حزب السلام روجيه إده، رئيس الحركة الوطنيّة المستقلّة فادي الخير (ترأس لائحة دعمها بهاء الحريري في الإنتخابات الأخيرة في المنية)، رئيس الحراك المدني الديموقراطي هاني مراد، أحمد اليمن (مستقبلي سابق)، إضافة إلى مستشارٍ يعد بعيداً نسبياً حتى الآن هو جورج دكان، وشخصيات مغمورة التي دعمها في الإنتخابات. وفيما تردّد أن بين هؤلاء المحامي ألكسندر نجّار ينفي الأخير أي علاقة له بالحريري.

ما يؤكده العارفون أن لهذا الفريق سطوته على الحريري، وأنه بات يأكل من حصة الفريق الأساسي الذي أنشأ “صوت بيروت إنترناشيونال”، ولكن من دون أن يؤثّر على الأصابع السياسيّة – الأمنية لمستشاره جيري ماهر، وعلى السلطة المُطلقة لزوجته حسناء أبو سبعة التي تتكفّل بإخراج ظهوره الإعلامي وعلاقاته العامّة.

أنهى صاحب شركة “الاستثمارات العقاريّة القابضة” مخاض تشكيل الفريق، وانتقل إلى قبرص. من هناك، قرّر أن يقود “القوْم” الذين خاطبهم في جنازة والده. يجلس على كنبة رماديّة يستمع بهدوء إلى آراء “الوفود” التي تؤم “دارته القبرصيّة” ويومئ برأسه، بما يوحي وكأنه رئيس حكومة منفى. لم يتوجّه إلى بيروت ليكون بين”أهله وناسه”، بل قرّر أن “يشحن” بيارتة بطائرته صباحاً إلى لارنكا ويُعيدهم إلى بيروت مساء اليوم نفسه. الملياردير الذي تنامت ثروته بعد العام 2018، لا يتوقّف كثيراً عند تفاصيل فواتير الفنادق الفخمة وحجوزات الطائرات. ولا يعير اهتماماً للانتقادات التي يأخذها عليه خصومه بأنه لم يزر مدينته أو ضريح والده إلا مرة واحدة انتهت بإشكال دموي. إذ إن “عذره معه”: التهديد الأمني. إذ “لا يجوز أن يُغامر بحياته إلا بعد أن يتلقّى ضوءاً أخضر من المرجعيات الأمنية بأن أمنه بخير”، وفق ما يقول فادي الخير لـ”الأخبار”، مشيراً إلى أنّ “الحريري سيعود في النهاية”.

يملك “الشيخ بهاء” رؤيته في التّعامل مع “غربته”. في قرارة نفسه، يريد أن يُكرّر تجربة “الشيخ رفيق”. رجل أعمال كان بعيداً من لبنان يحط في زيارات قليلة بعيداً من الأنظار في فندق “البريستول”، وجهٌ سياسي غير معروف الملامح، و”أيادٍ بيضاء” تُعلّم وتُساعد من خلف الستار. ويحاول قدر الإمكان الابتعاد عن تقليد شقيقه، ولو أنّه يعيش “عقدة سعد” الذي أبعده بين يوم وليلة سعودية – فرنسيّة عن “عرش قريطم” عام 2005. هي “حق” إرث الزعامة الذي حُرم منه ورأى في اعتكاف شقيقه الأصغر فرصةً لاسترجاعه. مع ذلك، لا يبدو أنّ الرجل الأكثر ثراء بين أشقائه قادر على سحب البساط من تحت أقدام سعد، ولو كان هذا الأخير بعيداً من البساط أساساً. الأسباب كثيرة، قد لا يكون أوّلها افتقاده للأرضيّة الشعبية ولا آخرها شخصيّته المركبة وخصومته مع زوجة أبيه وشقيقه وعمته.

“المستقبليون” متيّقنون أن “الشيخ بهاء” غير خلّاق سياسياً ومفلس شعبياً، وآخر الأدلة على ذلك وأوضحها نتائج الانتخابات النيابيّة الأخيرة. أما “الخيبة” الكُبرى فظهرت في اللقاءات التي دعا إليها “الشيخ بهاء” في أحد فنادق لارنكا لحضور ورش عمل يعقدها الملياردير اللبناني. إذ يؤكد متابعون أنّ الحريري كان مصدوماً في اليوم الأوّل من اللقاءات لهزالة عدد الحاضرين بعدما امتنع كثيرون عن تلبية الدّعوة. لذلك، سارع فريق عمله إلى اختصار الورشات التي كان مفترضاً أن تمتد حتى نهاية هذا الأسبوع.

Exit mobile version