Site icon PublicPresse

مشهدية العدلية.. خدمة للنظام لا للعدالة

إعتصام أمام قصر العدل دعماً للقاضي طارق البيطار - إنفجار مرفأ بيروت - لبنان

ندى أيوب – الأخبار
لم تكن مشهدية وزارة العدل لتكون كما بدت عليه أمس، لو لم يتصرّف القضاة في الأيام الماضية كـ”قادة محاور”. أتاحوا فرصة ذهبية لمستغلّي القضايا والأوجاع، من سياسيين وحقوقيين وناشطين. تسلّحوا بعبارات ومُنتجات سلطوية فكثُر التحريض السياسي والطائفي المُمَنهَج. لتتحوّل تظاهرة مناهضة لـ”قضاء الإفلات من العقاب” إلى اصطفاف مع محور سياسي ضد آخر. غاب الخطاب ضد النظام ككل، ونسي الجميع أنهم ضحايا قضائه المرتهن منذ سنوات. فلم يكن الغضب على سقوط المؤسسة القضائية إنما اصطفاف مع قسم من الجسم القضائي ضد الآخر. الضنين بالعدالة لا يشترك في لعبة تقسيم المؤسسة، المهددة لما تبقى من كيان العدالة.

كل المعطيات كانت تؤشّر إلى أن تظاهرة العدلية لن تكون عابرة. التحضير أساساً بين ناشطين وأهالي الضحايا انطلق من عبارة “لازم إجتياح العدلية” وهو ما حصل. إستهلّت التظاهرة بكلمة للأهالي تضامنوا فيها مع القاضي طارق البيطار، معربين عن رفضهم لمحاولات السّلطة تمييع الملف وطمسه. وفي الوقت المستقطع، إلى حين وصول نواب “التغيير” والقوات والكتائب، علت هتافات مندّدة بالقاضي غسان عويدات. زادت الحماسة فراجت هتافات “إرهابي إرهابي حزب الله إرهابي” متهمين إياه بالتدخل في ملف تفجير المرفأ. وأمام كاميرات الإعلام المحلي والدولي، التي تواجدت بكثافة، أطلقت المناشدات الطائفية من البعض، مستغيثين بالبطريرك الماروني بشارة الراعي لأن “الميليشيات إستباحت قصر العدل”. وما يقوم به عويدات “7 أيار قضائي” غامزين بذلك إلى “تنفيذه أمر حزب الله ضد البيطار”. ليجدوا في ذلك مبرراً لاستجداء التدويل، إذ كرر المستصرحون طلب تدويل قضية المرفأ، أو وضع القضاء ككل تحت الوصاية أو حتى لبنان، ضماناً لسيادة البلد!

إنتقلت الصورة إلى أمام وزارة العدل، مع وصول نواب “التغيير” ليجدوا أنفسهم برفقة زملائهم القواتيين والكتائبيين في الخندق نفسه مع قسم من “المنظومة”. دخلوا لمقابلة وزير العدل هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، يترأسهم النقيب العارف بالأصول والقوانين ملحم خلف. فإتهم أن خطوتهم تعد تدخلاً سياسياً في القضية شأنه شأن التسييس السابق للفريق الآخر المنتفضين عليه. كالسذّج طالبوا “المنظومة” بمحاكمة نفسها، حين ناقشوا قرارات عويدات طارحين إقالته على عبود وخوري، ولم يعد سهيل عبود محسوباً على المنظومة، ولا مرتهناً سياسياً.

في مكتب خوري إرتفع صوت وضاح الصادق ومعه منسوب التوتر إلى درجةٍ صفع فيها أحد العناصر الأمنية الصادق على وجهه. في الخارج كان المحتشدون قد إنتقلوا إلى أمام الوزارة. إشتد الغضب والمواجهة مع القوى الأمنية: رمي للحجارة وتدافع وخلع لبوابة الوزارة وتوقيف لعدد من الناشطين الذين أطلق سراحهم لاحقاً.

الصراخ يعلو والإعلام يستصرح. النواب والمحامون يتناوبون على الكلام، فيما غابت صرخة أهل الضحايا. لم تختلف التصريحات عما يدلي به أهل السلطة في المهرجانات السياسية. نواب “تغيير” ومواطنون وناشطون وحقوقيون توهّموا وأوهموا أهل الشهداء والرأي العام أن حقهم في العدالة يحميه فريق ويهدده آخر. صنّفوا أنفسهم في محور من اثنين يتجاذبان البلد، في خدمة جليلة قدّموها لأهل النظام كافة.

بسلام إنتهى يوم العدلية، لكن لا يخفى على أحد أن حالة من الخوف والتهيّب ترخي بظلالها على اللبنانيين. فمنسوب التوتر العالي كان كفيلاً بإشعال البلد لو صدر قرار حاسم بخصوص البيطار أمس. تأجل الاجتماع، إلا أن إحتمالات الفوضى لم تتراجع. وفي هذا السياق يؤكّد مرجع أمني، أن “الوضع الأمني على وقع الأداء الشعبي، وليس الإرهابي هذه الأيام مع أنه يعطي هامشاً للإرهابيين إذا ما أرادوا تنفيذ مخطط ما”.

في أي حال التنسيق القواتي – الكتائبي – “التغييري” سيُستَكمَل اليوم، في إجتماع صباحي في مجلس النواب، وفق معلومات “الأخبار” للتباحث في العصيان المدني أو الدعوة لـ”الإنتفاض”.

Exit mobile version