Site icon PublicPresse

الإتفاق مع الصندوق في “موت سريري” “والثنائي” يمهِّد للتمديد لسلامة!

نداء الوطن –

مع تفاعل أحداث الأيام القليلة الماضية على أكثر من صعيد، سياسي ومصرفي ونقدي، علمت “نداء الوطن” أنّ عدة مؤشرات تتجمع وتتقاطع باتجاه وضع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي “في الثلاجة” لأشهر طويلة مقبلة، وربما حتى العام المقبل، من دون إستبعاد إحتمال إدخاله في حالة “موت سريري”، سيّما وأنه مرّ على توقيع ذلك الإتفاق المبدئي مع الصندوق أكثر من 10 أشهر من دون إحراز أي تقدّم يُذكر من الجانب اللبناني على الطريق نحو تنفيذ الإلتزام بجملة الشروط المسبقة التي تعهد بها ولم يف بها، ولا يبدو أنه سيفي بمعظمها، بدليل تصرف السلطات السياسية والمصرفية كما لو أنها غير معنية بتنفيذ تلك الشروط… وصولاً إلى إفصاح “الثنائي” على لسان وزير المالية يوسف خليل أمس عن نية مبيّتة بالتمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، متجاهلاً كل الإشكاليات والشكوك التي تدور حوله محلياً واوروبياً واميركياً.

وبالإستناد إلى ما كشفت النقاب عنه “نداء الوطن” أمس، لناحية تلاعب المصرف المركزي بميزانيته مسجلاً ديناً على الدولة بنحو 16.5 مليار دولار، فإنّ هذا الرقم وحده كفيل بنسف ما إتفق عليه من أرقام شكلت أساساً للإتفاق مع صندوق النقد، إذ إنّ تعديلاً بالأرقام من هذا القبيل يستدعي وحده إعادة عملية التفاوض مع صندوق النقد من جديد، وبشروط أصعب، نظراً لما يشكله من زيادة مفاجئة في الدين العام، خصوصاً وأنّ هذا المبلغ الذي يدعي مصرف لبنان تراكمه منذ 2007 مردُّه في حقيقة الأمر إلى أنّ الحكومات المتعاقبة كانت تأخذ الدولارات من مصرف لبنان مقابل تسديد ثمنها بالليرات، وكانت تمنح بناءً على ذلك المصرف المركزي حصيلة إكتتابات إصدارات اليوروبوندز (وهي بالدولار) وتأخذ مقابلها ليرات، وهناك دراسة بهذا الصدد تفيد بأنّ المقاصة بين الطرفين تؤكد حصول مصرف لبنان على دولارات أكثر مما خرج منه إلى الحكومة.

وبموازاة التواطؤ السياسي لإجهاض الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، يتصرف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من ناحيته أيضاً كما لو انه لا إتفاق مع الصندوق، خصوصاً على صعيد إعادة هيكلة القطاع المصرفي ورسملته. ففي أحد التعاميم الأخيرة ذات الصلة تصرّف سلامة من خارج إطار أي قانون مطلوب إقراره لإعادة الهيكلة في المجلس النيابي كما يطلب صندوق النقد، فمنح المصارف 5 سنوات لاستيعاب خسائر تغيير سعر الصرف من 1500 ليرة إلى 15 ألف ليرة، إضافة إلى عدة بنود أخرى أتت من خارج أي سياق قانوني إصلاحي لغربلة القطاع المصرفي.

وفي السياق عينه، لم يستطع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب إخفاء حقيقة وجود إختلافات مع الصندوق، وهو العائد من واشنطن بعد إجتماعات عقدها مع مسؤولي الصندوق، وهو بذلك يتقاطع مع آراء معظم ممثلي الكتل النيابية الكبيرة التي أقرّت بوجود ثغرات لم يرض عنها الصندوق في تعديلات قانون السرية المصرفية، تماماً كما أنّ اللجان النيابية المشتركة أقرت مشروع قانون للكابيتال كونترول لا يحظى بموافقة مسبقة من الصندوق.

أما المصارف، المعنية الأولى بعدد من شروط صندوق النقد، فهي الأخرى تتصرف كما لو أن لا إتفاق مع الصندوق، وتعيد التأكيد مراراً وتكراراً، كما فعلت في بيانها أمس، على أنّ أموال المودعين ليست لديها، مع إعادة تصويب سهامها باتجاه المودعين الغاضبين الذين تحركوا في الشارع أمس الأول بوصفهم “مرتزقة” مدفوعين من جهات تريد تقويض القطاع المصرفي.

وفي خضم هذه التقاطعات السياسية والنيابية والمصرفية عند تقويض فرص التوصل إلى اتفاق على برنامج عمل إنقاذي مع صندوق النقد، لم ترَ مصادر مالية معنية في كل تلك المؤشرات سوى مزيد من الإصرار على “التنصل من الإتفاق مع الصندوق، مع ما يعني ذلك من تفويت فرصة الحصول على قرض من الصندوق بـ 3 مليارات دولار، إضافة إلى 3 أضعاف ذلك المبلغ من دول وجهات تمويل عربية ودولية إلتزمت مساعدة لبنان في حال نفذ الإصلاحات المطلوبة منه”.

وأعربت المصادر عينها في ضوء ذلك عن إعتقادها بأنّ “لبنان مقبل على سنوات من الفوضى المالية بعد إقتراب نفاد ما تبقى من إحتياطي عملات في مصرف لبنان، وسلوك الليرة اللبنانية مسار البوليفار الفنزويلي مع تضخم مفرط جامح ينام فيه اللبنانيون على أسعار ويصحون على أخرى، مع إمكان تغيّرها عدة مرات في اليوم الواحد، لينتج عن ذلك إتساع مخيف لدوائر الفقر بما يشمل معظم شرائح الشعب اللبناني”، محذرةً من الوصول الى مرحلة “ستطرح فيها السلطة مسألة البحث في كيفية التصرف بمخزون الذهب لشراء المزيد من الوقت”.

Exit mobile version