Site icon PublicPresse

الثلاثي المسيحي ينسف اللجان النيابية بعد الهيئة العامة: تعطيل الدولة مقابل عدم إنتخاب الرئيس!

الأخبار –
يوماً بعد يوم، تكتمل حلقة الفراغ لتشمل إلى جانب رئاسة الجمهورية كل مؤسسات الدولة التنفيذية والقضائية والتشريعية. ما حصل أمس في مجلس النواب أعطى إشارة بأن معظم النواب المسيحيين في المجلس يريدون أولاً، وقبل أيّ شيء آخر، إنتخاب رئيس للجمهورية، ويعتبرون أن إستمرار عمل المؤسسات في ظل الفراغ الرئاسي يعبّر عن رغبة الفريق الآخر بفرض أمر واقع على قاعدة أن موقع الرئاسة لم يعد مهماً.

على الطرف المقابل، لا تنحصر المسألة في العنوان الرئاسي، إذ يرى حزب الله ومعه حركة أمل والحزب التقدمي وتكتلات وشخصيات نيابية أخرى، أن البلاد تمرّ بأزمة إقتصادية سابقة على الشغور الرئاسي، وهناك ملفات يجب إقرارها ومعالجتها فوراً وعدم حجزها رهن الإستحقاق الرئاسي.

وقد نُقل عن الرئيس نبيه بري قوله إنه “طالما أنهم يريدون إجراء الإنتخابات الرئاسية أولاً، فلماذا يرفضون الدعوة إلى حوار وطني في المجلس النيابي للتوافق على الرئاسة، في ظل الخلافات التي تمنع أي طرف من إنتخاب رئيس غصباً عن الآخرين؟”.

وبالعودة الى ما حصل في مجلس النواب، أمس، فقد نجحت ثلاثة أطراف تمثّل معظم النواب المسيحيين في تطيير نصاب جلسة اللجان النيابية المشتركة. وبرر هؤلاء خطوتهم بأنه عندما يتعلّق الأمر بصلاحيات رئيس الجمهورية فلا حكومة ولا برلمان ولا تشريع. وقد بادرت القوات اللبنانية إلى الإنسحاب، فانضمّ إليها التيار الوطني الحر والكتائب لتكتمل حلقة التعطيل لتشمل اللجان المشتركة.

وقد أشّرت أجواء الجلسة إلى المنحى الخطير الذي تسلكه البلاد بتطييف إنقساماتها داخل المؤسسات. فبعد الإصطفاف خلف رفض إنعقاد مجلس الوزراء أو أي جلسة تشريعية، خاضت الكتل المذكورة معركة جديدة داخل اللجان من خلال الإعتراض على مرسوم آتٍ من الحكومة. وإذا كانت خلفيات الاعتراض مختلفة، فقد تبدّت “الوحدة” كأنها محاولة للإمساك بكل مفاتيح التشريع في مجلس النواب.

فقدان النِصاب القانوني للجلسة حصل إعتراضاً على مرسوم صادِر عن حكومة تصريف الأعمال حول الفيول العراقي. إذ رأى النواب المنسحبون أن الحكومة تخطّت صلاحيات تصريف الأعمال بإرسالها المرسوم موقّعاً من 5 أو 6 وزراء فقط. وهو ما أشار إليه النائب جبران باسيل بعدَ الجلسة بالقول إن “مرسوماً من الحكومة وصلَ إلينا تشوبه شوائب دستورية عديدة، لأنه لا يحمِل تواقيع كل الوزراء، ورفضنا بحثه في اللجان قبلَ تصحيح الشوائب”. أما داخل الجلسة، فقالت مصادر نيابية إن “الاعتراض كانَ في الشكل. إذ لا شيء في مضمون المرسوم يستوجب الرفض”، مشيرة إلى أن “التيار الوطني الحرّ إعترض على توقيع المرسوم من قبل 6 وزراء”، واتهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنه “زوّر توقيع وزير الطاقة وليد فياض”. وفيما تدخل النائب جهاد الصمد بنبرة عالية رداً على التيار أن “روحوا جيبوا الكهربا للناس بالأول”، مؤكداً على “دستورية جلسات الحكومة”، قال النائب علي حسن خليل رداً على الإتهام بالتزوير إن “وزير الطاقة موجود، وإن كانَ أحد قد زوّر توقيعه فليذهب ويشتكي على رئيس الحكومة، لكنه موجود بيننا وقد أتى ليناقش ولم يقل إن أحداً زوّر توقيعه”. وأضاف إن “الدستور كانَ واضحاً في الحديث عن إتخاذ مجلس الوزراء القرارات مجتمعاً، وهذه الحكومة تمثّل رئيس الجمهورية وهي من وافقت على القانون”، مذكّراً بأن “هناك مراسيم تمّ توقيعها بين عامَي 2014 و2016 بعدد من الوزراء وليس من الـ 24 وزيراً”.

وبينما قال مسؤول رفيع في التيار الوطني الحر إن ما جرى يعكس طبيعة الخلافات الكبيرة في البلاد، وإنه دليل إضافي على مخاطر إهتزاز التفاهم بين التيار وحزب الله، قال نواب من التيار إن “الاتفاق كانَ بأن يتحدث النائب سيزار خليل وأن يعبّر عن موقف التيار بتسجيل اعتراض على المرسوم في محضر الجلسة”. وما جرى عملياً، هو أن “كلام النائب جورج عدوان الذي رفض أيّ مرسوم يأتي من الحكومة غير الشرعية ورفض مناقشته غيّر مسار الجلسة”، وحين “أعلن أنه سيغادر، أخذ نواب التيار والكتائب القرار ذاته وغادروا الجلسة معاً”، رغمَ محاولة نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب إقناع النواب المغادرين بالعودة.

وأشار النائب سامي الجميّل إلى أنه “يجب إنتخاب رئيس للجمهورية يملك المؤهلات لجمع البلد وتوحيد الشعب اللبناني وإعادة بناء لبنان على أسس صحيحة”، معتبراً أن “المجلس النيابي هيئة إنتخابية لا يحقّ له إلا إنتخاب رئيس للجمهورية الذي يُعتبر مفتاح المؤسسات”. من جانبه، النائب ميشال معوّض، قال إنه “لا يمكننا البقاء في حالة اللادولة”، وأكد “أننا لن نقبل بتطبيع الفراغ الرئاسي، والأولوية لانتخاب رئيس”.

إلى ذلك، إستدعى الإتهام الذي ساقه التيار الوطني الحر ضد رئيس الحكومة رداً من الأخير، فصدر عن مكتبه الإعلامي بيان رأى أن “زعم التيار إستعمال توقيع وزير واقتباسه من كتب واردة على رئاسة مجلس الوزراء وإدراجها في متن المراسيم، أمر من نسج خيال السيد باسيل السياسي الذي يحاول، بشتى الطرق، ولأهداف سياسية مكشوفة، أن ينسب للحكومة بشخص رئيسها أموراً لا تمتّ للحقيقة بصلة”. بينما أوضح تكتل “لبنان القوي” بعدَ إجتماعه الدوري برئاسة باسيل أن “ما جرى في مجلس النواب من محاولة تمرير مرسوم غير شرعي ومزوّر شكّل فضيحة كبيرة في مسلسل المخالفات التي تمارسها حكومة نجيب ميقاتي الناقصة، وهو يتخطّى حدود الأخلاق في العمل السياسي”، وقال في بيان إنه “لم يعد بمقدور أحد أن يتجاوز إستحقاق رئاسة الجمهورية كحل وحيد لإعادة إحياء عمل المؤسسات الدستورية، وهناك ضرورة بأن ينتقل الجميع الى مرحلة جديدة ترتكز على الحوار والتشاور للاتفاق على سلّة إنقاذية متكاملة”. ولفت الى أن “إقتراح قانون إسترداد الأموال المحوّلة بعد 17 تشرين 2019 الذي تقدّم به التكتل في أيار 2020 بات جاهزاً لإقراره، وكل من يرفض التصويت عليه أن يتحمّل مسؤولية أمام الناس ويكون بصورة أو بأخرى شريكاً لمن هرّب الأموال”.

Exit mobile version