Site icon PublicPresse

مليار دولار لـ”لمّ الليرات” على تسعيرة 90 ألفاً

نداء الوطن –
على وقع إرتفاع حدّة قرقعة الإنهيار وتسارع وتيرة الإنزلاقات الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية تحت أقدام المواطنين، بدأت الطبقة الحاكمة تستشعر إهتزازات متصاعدة على أرضية الشارع وغلياناً شعبياً عابراً للمناطق والطوائف على صفيح إستعار نيران تسعيرة الدولار التي إلتهمت ما تبقى من قدرات اللبنانيين الشرائية، فتداعى أركان الحكم إلى إعادة ضبط عقارب لعبة “تقطيع الوقت” بغية إقتناص مساحة زمنية إضافية في سدة “السلبطة على السلطة” عبر الإستمرار في سياسة إمتصاص ودائع اللبنانيين لإمتصاص نقمتهم.

وعلى هذا الأساس، أخذ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ضوءًا أخضر جديداً من رئيسي مجلسي النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي للتدخل في أسواق القطع والصرافة “حتى لو إضطره الأمر إلى الإستمرار بالصرف مما تبقى من أموال المودعين لديه والمصنفة كإحتياطي عملات أجنبية”، وفقاً لمصادر نقدية ومصرفية تابعت أمس مجريات “يوم عصيب للمنظومة”.

فبعد أن ترافق صعود الدولار في السوق الموازية أمس إلى 143 ألف ليرة، مع نزول مئات المتظاهرين إلى الشارع في بيروت وعدد من المناطق، تكثفت الإتصالات السياسية للتباحث في كيفية تهدئة “الغضب المفاجئ” الذي نبهت مصادر أمنية إلى أنه مرشح للتصاعد أكثر في حال عدم تدارك الوضع، فخلص مصرف لبنان إلى إصدار بيان أكد فيه “بناء على موافقة رئيس الوزراء ووزير المالية” إطلاق “عملية مفتوحة ومستمرة لشراء الليرة وبيع الدولار نقداً على سعر صيرفة (90 ألف ليرة للدولار)، ويمكن للجمهور أن يسلم الليرة النقدية الى الصرافين من فئة “أ” او إلى المصارف ويتسلم الدولار بعد ثلاثة أيام” على أن “تسجل كل العمليات على منصة صيرفة”.

مع شيوع البيان إنخفض الدولار إلى 105 آلاف ليرة، ثم سرعان ما عاد للإرتفاع، لأنها ليست المرة الأولى التي يصدر مصرف لبنان هكذا إجراء يفشل في تطبيقه، إذ تكرر ذلك الإخفاق مرات ومرات مذ كان سعر صيرفة 3900 ليرة وقد وصل اليوم إلى الـ90 ألفاً.

وبعد عودة الدولار للصعود مساء أمس عاد سلامة وسرب أن الهدف هو “سحب كل الليرات من السوق، ومصرف لبنان لديه القدرة على ذلك”، مضيفاً أن بين الأهداف أيضاً “المحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي”! ومع ذلك بقي سعر الدولار عند 120 ألف ليرة. وبالتالي فإن عبارة “سحب كل الليرات” لم تفعل فعلها لأن المتعاملين وجدوا فيها “مجرد تهويل نظري مع صعوبة لوجستية بالغة وعبثية نقدية غير مسبوقة في جمع كل الليرات واستبدالها بدولارات”، وسط إشارة أوساط مالية إلى أنّ عملية “لمّ الليرات” على تسعيرة 90 ألفاً للدولار الواحد ستكّلف ما بين 750 مليون دولار ومليار دولار.

أما الإستغراب الأكبر فكان من عبارة “المحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي”، إذ أكدت المصادر النقدية والمصرفية أن “ذلك قمة الإستخفاف بحقيقة أن ما سيصرفه مصرف لبنان من الاحتياطي لكبح سعر الدولار هو مما تبقى من حقوق المودعين، فكيف يحافظ على تلك الحقوق وهو يبددها أكثر؟!”، كما توقفت المصادر أيضاً عند توكيد سلامة في بيانه أنّ “تنفيذ هذا القرار هو لمصلحة القدرة الشرائية للمواطنين”، متسائلة عما تبقى من تلك القدرة الشرائية وهو يثبت سعر صيرفة عند 90 ألف ليرة، أي أن متوسط راتب موظف حكومي لن يتجاوز 130 دولاراً، ما يوازي قيمة إشتراك بمولد كهرباء”!.

وكشفت المصادر النقدية والمصرفية أن مصرف لبنان كان جلب من البنوك المراسلة الشهر الماضي كميات كبيرة من الدولارات ليودعها خزائنه التي بات لديه فيها أكثر من 2.3 مليار دولار جاهزة للاستخدام الفوري، اي ما نسبته 25% من اجمالي الاحتياطي الذي هبط تحت الـ10 مليارات دولار في الأشهر الأخيرة. ما يعني ، بالنسبة للمصادر عينها، أنه “كان يخطط للخطوة التي أعلنها أمس منذ فترة من الزمن بانتظار أخذ الضوء الأخضر السياسي”.

وتوازياً أعلنت جمعية المصارف أمس “على ضوء الاتصالات الجارية مع السلطات المعنية لمعالجة الخلل في المرفق القضائي والمرفق التنظيمي”، قرارها “تعليق الإضراب ومتابعة إتصالاتها بالسلطات المعنية، على أن تتخذ موقفاً على ضوء النتائج العملية لهذه الإتصالات وذلك إبتداءً من صباح اليوم الأربعاء”.

وترجح المصادر أنّ قرار تعليق الاضراب يهدف فعلاً إلى “اقتناص المصارف فرص العمولات الهائلة المنتظرة من تطبيق قرار مصرف لبنان وألا تترك تلك العمولات للصرافين، علماً بأن المصارف كانت ستجبر على فتح أبوابها قبل نهاية الشهر للسماح للموظفين بقبض رواتبهم والتي تحصد المصارف منها العمولات أيضاً”.

Exit mobile version