Site icon PublicPresse

خصوم فرنجية المسيحيون: قطيعة.. وتقاطع

سليمان فرنجية

عماد مرمل – الجمهورية

لعل إنتخابات رئاسة الجمهورية تشكّل أحد أهم الإختبارات السياسية التي يخوضها المسيحيون ضمن روزنامة الإستحقاقات، لأنّ الكثير ممّا يتعلق بدورهم وتأثيرهم يتوقف على نمط تعاطيهم مع هذا الإمتحان.

لا رئيس للجمهورية بإرادة المسيحيين وحدهم إذ انّ اختياره يعني المكونات اللبنانية جميعها، ولكن لا رئيس أيضاً من دونهم، خصوصاً ان كتلهم النيابية الوازنة تشكل ممراً إلزامياً لتأمين نصاب الثلثين وبالتالي النصاب الوطني في أي جلسة إنتخابية.

وبناء عليه، فإنّ انقسامهم حول هوية الرئيس المقبل وخياراته يساهم تلقائياً في إضعاف موقعهم التفاوضي وفي زيادة التشظي الداخلي المحيط بهذا الإستحقاق الذي كان يمكن أن يشكل المسيحيون عموماً، والموارنة خصوصا، رقمه الصعب لو انهم استطاعوا مقاربته على نحو مختلف.

وهناك من يعتبر انّ المقارنة بين تجربة ثنائي حركة امل و”حزب الله” على مستوى التوحد حول خيار انتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي، وبين واقع تباعد “الأحاديات” المسيحية العاجزة عن الاتفاق على مرشح للمركز الأول في لبنان، انما تؤشر بوضوح الى الانعكاس المختلف الذي يتركه التفاهم او التبعثر داخل كل مكوّن لبناني، على نوعية حضوره في السلطة وفعالية موقعه ضمن التوازنات السياسية، خصوصا ان طبيعة النظام الطائفي وقواعد لعبته تمنح “الطائفة المنسجمة” مكاسب أوسع وأرجحية أكبر مما يمكن أن تناله تلك المنقسمة.

تعرف القوى المسيحية بالتأكيد هذه الحقيقة، وهي سَعت قبل سنوات الى العمل بمقتضاها عبر توافق الأقطاب الأربعة (ميشال عون وسمير جعجع وأمين الجميل وسليمان فرنجية) برعاية بكركي آنذاك على وضع مواصفات ومعايير للرئاسة تستند الى ضرورة توافر الحيثيتين المسيحية والوطنية في المرشح، الا انّ محاولة تطبيق هذه المعادلة خضعت الى المزاجية والاجتهاد، وصولاً الى سحبها من التداول في الاستحقاق الحالي كما يتبين من الفيتو الذي وضعه التيار الوطني الحر وحزبا القوات اللبنانية والكتائب على إسم فرنجية.

ومع ان الرفض لفرنجية استطاع جمع التيار والقوات والكتائب، خلافاً للمألوف، فإنّ هذا التلاقي “السلبي” يبدو حتى الآن أضعف وأوهن من أن يتطور إلى تلاق “إيجابي” حول مرشح واحد، بل ان رئيس القوات سمير جعجع لا يزال يعارض حتى مبدأ محاورة التيار ولا يجد موجباً لعقد أي إجتماع سياسي معه، الأمر الذي دفع البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى ابتكار فكرة جمع النواب المسيحيين في خلوة روحية في بيت عنيا – حريصا، لعلها تذيب بعضاً من الجليد الذي يكسو علاقاتهم الباردة.

وعلى رغم ان إعتراض التيار والقوات والكتائب على خيار فرنجية أنتجه بالدرجة الأولى تقاطع مصالح موضعي وغير منسق، وعلى رغم ان زيارات موفد البطريرك للقيادات المسيحية بيّنت انّ كلاً منها يعزف على وتر رئاسي منفرد، غير ان مصدرا مطلعا في التيار يدعو الى عدم التقليل من أهمية الـ”لا” المشتركة ضد فرنجية، لأنها في رأيه حرمته من الغطاء المسيحي السميك، “ولولاها لكانت فرص إنتخابه اكبر بكل تأكيد”.

ويلفت المصدر البرتقالي إلى ان إتفاق القوى المسيحية الاساسية على دعم مرشح واحد يحتاج إلى “شغل”، مُقراً بأن “مهمة من هذا النوع هي شاقة بالتأكيد، لكنها ليست مستحيلة إذا توافرت النيات السليمة”.

وعما اذا كان يمكن للقوات ان تبدل رأيها حيال فرنجية في حال طرأ تغيير على موقف الرياض منه بعد الإتفاق السعودي – الإيراني، يشير المصدر الى ان هذا الاحتمال يبقى واردا من الناحية النظرية، “لكن الارجح انه ليس سهلاً على جعجع ان يتحمل التداعيات التي قد يتركها مثل هذا التحول في موقفه على وضعه داخل البيئة المسيحية، بينما أثبتت التجربة في المقابل ان العماد ميشال عون المتجذّر في بيئته عقد تحالفاً مع فرنجية خلال الإنتخابات النيابية عام 2005 من دون أن تتأثر شعبيته”.

Exit mobile version