Site icon PublicPresse

ديوان المحاسبة يؤسس للمساءلة وإسترداد الأموال المنهوبة

باسمة عطوي – نداء الوطن
لم تهدأ بعد عاصفة التقرير الصادر عن ديوان المحاسبة حول صفقتين: الأولى هي إستئجار شركة ميك 2 للإتصالات، المعروفة بشركة touch والمملوكة من الدولة لمبنى قصابيان في الشياح دون اشغاله بتاتاً، والثانية استئجار الشركة نفسها لمبنى في الباشورة (البلوكين C وb)، ثمّ عمدت الى شرائه بتكاليف عالية دون أن تتملكه. يعرض التقرير الصادر في 54 صفحة، الوقائع الحاصلة في الصفقتين، ويحدّد المسؤوليات وينتهي بعدد من الخلاصات والتوصيات، لجانب مجلس النواب والنيابة العامة التمييزية والنيابة العامة لدى ديوان المحاسبة وسائر الإدارات، والتي بموجبها أخذت العلم بالمخالفات الحاصلة، ويعود لها تالياً أن تمارس صلاحياتها في المساءلة والمحاسبة. مثلاً يمكن لمجلس النواب أن يمارس قواعد المحاسبة للوزراء والتي يسمح بها الدستور. ويبقى السؤال الأهم: ما هي المرتكزات القانونية لهذا التقرير، وكيف يُترجم قضائياً في المحاسبة واسترداد الأموال؟

تجيب القانونية الدكتورة جوديت التيني على هذا السؤال، بالقول لـ”نداء الوطن” إن “التقرير الصادر لا يمكن أن يبقى مبتوراً، في علم القانون، بل انّه يُستتبع ويُستكمل بقرارات قضائية تصدر عن الغرفة في ديوان المحاسبة التي يرأسها القاضي عبد الرضى ناصر”، مشددة على أن “هذا التقرير هو الأول من نوعه في عمل ديوان المحاسبة، لأنه فنّد المسؤوليات بشكل واضح، وهو مسند الى وقائع والى بحث علمي دقيق. أما السند القانوني الذي ارتكزت اليه الغرفة في تقريرها، والذي يعتمده القضاء المالي بشكل عام، هو اختصاص الديوان في الرقابة على الجدوى من الانفاق العام وعلى الأداء وتحقيق الأهداف المرجوة من هذا الانفاق، وذلك انطلاقاً من تحقّق الديوان من توافر 3 معايير رئيسية هي الكفاءة والفاعلية والاقتصاد، أي الاقتصاد بالكلفة efficience, efficacité et économie، بالإضافة الى عناصر النزاهة والشفافية”.

تضيف: “تبيّن مثلاً للغرفة برئاسة القاضي ناصر، أنّ الأهداف من الانفاق قد سقطت، لأنّ الشركة لم تشغل مبنى “قصابيان” ونظرت الغرفة في الخطوة التالية الى من هو المسؤول عن هذا الإخفاق، هل الشركة ام هيئة الاشراف المالي ام الوزير؟ وهذا يدخل في ما يُعرَف قانوناً برقابة ديوان المحاسبة على الأداء. كما تبيّن للغرفة أنّ كلفة مبنى الباشورة شراءً واستئجاراً عالية وتفوق الكلفة الطبيعية وأنّ السعر غير مناسب، ما يعني أنّ “الاقتصادية” من المشروع لم تتحقق. بالإضافة الى التقصير المتمثل بعدم ارسال خبراء لتخمين المبنى والامتناع عن اجراء مناقصة”. تؤكد التيني أن “تقرير غرفة القاضي ناصر مهمّ، لأنه يمهّد لصدور قرارات قضائية تكون لها القوة الإلزامية. والغرفة المختصة لإصدار القرارات القضائية هي اليوم الغرفة نفسها برئاسة القاضي عبد الرضى ناصر. وأهم ما يعود لهذه القرارات أن تحمله هو الحكم بغرامات وسندات تحصيل بحق كل من تتثبّت الغرفة من تورطه في الإساءة الى المال العام، من الوزراء والموظفين. وتقع سندات التحصيل على المال الخاص لهؤلاء وبخصوص ما تحمّلته الخزينة العامة بسبب أعمالهم، وهكذا تُستردّ الأموال”.

وترى أنه “بالرجوع الى التقرير المشار اليه فانه قسّم الملف الى شقيّن، الأول يتعلق باستئجار شركة الاتصالات ميك 2 مبنى في الشياح “قصابيان” وبموجبه تكلّفت الخزينة مبلغ 30 مليون $ في حين لم تشغل الشركة هذا المبنى بتاتاً، وفي ذلك هدر وإنفاق غير قانوني”، لافتة الى أن “الشق الثاني تعلّق باستئجار الشركة لمبنى في الباشورة ومن ثم شرائه بتكاليف عالية دون ان تتملكه وصاحب هذا المبنى يطالب به اليوم. وبسبب الانتهاكات تكبّدت الخزينة مبلغ 22 مليون $ مرّتين بخصوص هذا المبنى. بالإضافة الى ما تبيّن من صفقة تبييض أموال على هامش الموضوع”.

Exit mobile version