PublicPresse

تكريم ومراسم شعبية كبيرة لأسطورة كرة القدم الخالدة “بيليه” (فيديو وصور)

توافد البرازيليون والأجانب على حد سواء إلى ملعب سانتوس لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على أسطورة كرة القدم “بيليه”، الذي توفي عن عمر 82 عاماً، في مراسم شعبية كبيرة. وغطى العديد من الإعلاميين من كافة أنحاء العالم الجنازة. كما بادرت هيئات وشخصيات رياضية لتكريمه داخل وخارج البلاد. وتقدم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الوداع الأخير قبل الجنازة الرسمية. وحضر الآلاف من المشجعين وكبار الشخصيات الكروية، في مقدمتهم رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جياني إنفانتينو، لإلقاء النظرة الأخيرة على نعش بيليه في الملعب نفسه الذي أذهل فيه العالم في بداياته مع ناديه سانتوس حيث قضى بيليه معظم حياته ومسيرته الرياضية.

أحيت البرازيل ورئيسها لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، للمرة الأخيرة وبعد إعلان الحداد الرسمي ثلاثة أيام، “الملك” بيليه الذي توفي الخميس عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع طويل مع المرض. وسافر لولا دا سيلفا، الذي تولى منصبه رسمياً الأحد في حفل بدأ بدقيقة صمت تكريماً لبيليه، إلى مدينة سانتوس جنوبي شرق البلاد “لتقديم إحترامه وتكريمه” حيث تختتم الجنازة المفتوحة التي أقيمت على مدار 24 ساعة. وبدا التأثر واضحاً على وجه لولا الذي وقف وزوجته السيدة الأولى روسانغيلا دا سيلفا أمام نعش بيليه واحتضنا أرملته وأفراد أسرته داخل ملعب فيلا بيلميرو، موطن نادي بيليه القديم، سانتوس.

لولا دا سيلفا / تكريم ومراسم شعبية كبيرة لـ"بيليه"

هذا، وقام الآلاف من المشجعين وكبار الشخصيات الكروية، في مقدمهم رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جاني إنفانتينو، بإلقاء النظرة الأخيرة على نعش بيليه في الملعب نفسه الذي أذهل فيه العالم في بداياته مع ناديه الأشهر سانتوس. وقال جياني إنفانتينو للصحافيين الإثنين “بيليه أبَدي. إنه رمز عالمي لكرة القدم” مضيفاً أن الإتحاد الدولي للعبة “فيفا” سيطلب من جميع الدول الأعضاء إطلاق إسم البرازيلي على أحد ملاعبها تكريماً له.

وقالت مشجعة قديمة لنادي سانتوس كاتيا كروس، البالغة من العمر 58 عاماً، إنها وقفت في طابور لمدة أربع ساعات للوصول إلى “فيلا بيلميرو” عند الساعة 1:30 مساء لإلقاء النظرة الأخيرة على نعش بيليه. وأشارت إلى أن “بيليه كان كل شيء. كان الملك. إنه يستحق هذا التكريم”. واستذكرت أيضاً بأن بيليه، “شخص جيد جداً ومتواضع” وكان يوقع دائماً على التذكارات التي يحضرها الأشخاص إلى منزله، وفق ما أفادت لوكالة الأنباء الفرنسية، وأضافت “كان متواضعا، تواضع لا يتمتع به لاعبو اليوم”.

وبدوره، أشار أنتونيو كارلوس بيريرا دا سيلفا، وهو فنان يبلغ من العمر 36 عاماً، إنه وصل في منتصف الليل ليكون من بين الأوائل داخل الملعب عندما بدأت الجنازة المفتوحة صباح الإثنين. وقال في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية “إذا قلت أنني لم أبكي عندما مات، فسأكون كاذبا”. وتابع “بيليه علمنا الكثير. ليس فقط البرازيل، ولكن العالم كله”.

أكاليل زهور من نيمار وريال مدريد
وبرز إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو، الملقب ببيليه في بداياته، في سن الـ 15 عاماً، عندما خاض أولى تجاربه الاحترافية مع نادي سانتوس. وتمكن من الفوز بلقب كأس العالم ثلاث مرات مع منتخب بلاده الأعوام 1958، 1962 و1970، ليصبح اللاعب الوحيد في التاريخ الذي حقق هذا الإنجاز.

وقد تأثر العالم بأسره بالظاهرة بيليه، الأمر الذي تأكد لحظة وفاته، بعدما انهمرت رسائل التعزية من كل بقاع العالم، بينهم العديد من اللاعبين من النجوم الحاليين والسابقين الذين أبدوا إعجابهم بـ “الملك” كلاعب.

وقد تنقل العديد من نجوم الرياضة، والسياسيين وكبار الشخصيات والمشجعين إلى سانتوس لحضور المراسم الأخيرة، رغم أن حلول رأس السنة في الفترة ذاتها، حال دون وصول الكثيرين. وحمل رجال إرتدوا ملابس سوداء يتقدمهم إدينيو، نجل بيليه، نعش الأسطورة إلى الملعب صبيحة الإثنين.

وأمام النعش المفتوح لـ “الملك” أذرفت الدموع أرملة الراحل بيليه وهي تمد يدها لتلمس رأسه، مارسيا سيبيلي أوكي زوجته الثالثة، التي ارتبط بها العام 2016.

وزُين النعش بأعلام سانتوس والبرازيل وأحيط بالزهور البيضاء، بما في ذلك أكاليل مقدمة من ريال مدريد الإسباني ونجم البرازيل الحالي نيمار الذي كان والده حاضراً.

آخر جولة
وكانت قد إنهالت الإشادات من جميع أنحاء البرازيل. فيما تم رفع ملصق عملاق عليه صورة بيليه يحمل كلمة “أبدي”، في مقر الإتحاد البرازيلي لكرة القدم في ريو دي جانيرو.

وتم علاج بيليه في الفترة الأخيرة من سرطان القولون قبل أن تتدهور حالته الصحية بعدما عانى من مشاكل في الكلى والقلب. لكنه ظل نشطاً على وسائل التواصل الإجتماعي، حيث كان يقدم دعمه لمنتخب البرازيل من سريره في المستشفى في ساو باولو خلال كأس العالم في قطر وقدم مواساته لمنتخب “السيليساو” الذي كان يعد أحد أبرز المرشحين لنيل اللقب قبل إنطلاق المونديال، وذلك بعد الخروج من الدور ربع النهائي، قبل ثلاثة أسابيع من وفاته.

هذا، وفي جولة أخيرة سيمر موكب الجنازة عبر شوارع مدينة سانتوس إلى منزل والدة بيليه، سيليست أرانتيس البالغة من العمر 100 عام، والتي لا تزال على قيد الحياة، قبل أن ينتهي في مقبرة سانتوس التذكارية، حيث ستقام الجنازة الأخيرة قبل دفن بيليه في ضريح خاص.

البرازيليون يلقون النظرة الأخيرة
حظى أسطورة كرة القدم، البرازيلي بيليه، الإثنين بتكريم شعبي كبير بمدينة سانتوس (جنوبي شرق البلاد)، حيث قضى معظم حياته ومسيرته الرياضية. وتسنى للجماهير توديع بطلهم وإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان “الملك” في ملعب المدينة حيث وضع تابوته، قبل أن يوارى الثرى الثلاثاء في جنازة تقتصر على حضور أسرته.

إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو، المدعو والمعروف بإسم بيليه. نال الشهرة في بلاده في سن 17، عندما قاد منتخب “السيليساو” إلى أولى ألقابه الخمسة بكأس العالم (1958 و1962 و1970 و1994 و2002) وهو حتى اليوم اللاعب الوحيد الذي فاز بالكأس ثلاث مرات. تحول “بيليه” إلى نجم عالمي في وقت سريع، وأتم مشواره البطولي الأسطوري مع المنتخب في 21 يونيو/حزيران من عام 1970 ضمن “فريق الأحلام” البرازيلي الذي فاز بكأس “جول ريمي” بعد نهائي خرافي أمام إيطاليا (4-1) على ملعب “أزتيكا” في مكسيكو.

على ضوء هذه المعطيات، تتضح ملامح مكانة وشهرة بيليه، الذي توفي الخميس الماضي عن 82 عاماً إثر صراع طويل مع مرض السرطان، وسط البرازيليين وعلى وجه الخصوص عند مواطنيه بمدينة سانتوس التي قضى فيها جزءا كبيرا من مسيرته الكروية (1956-1975) وحياته. ورفع سجل إحصاءاته الرسمي من حيث عدد الأهداف إلى 1281 خلال 1362 مباراة، منها أكثر من 1000 هدف بقميص نادي سانتوس.

وعلى ضوء هذه المعلومات أيضاً، يمكن إدراك وفهم معنى التكريم الشعبي الكبير الذي يحظى به “لاعب القرن العشرين” (حسب الفيفا) الإثنين بمدينته الواقعة على بعد نحو 70 كيلومترا من ساو باولو، في الساحل الجنوبي الشرقي للبرازيل. ويشارك في “ليلة الجنازة” هذه وإضافة إلى الوافدين، مئات الملايين عن بعد عبر البلاد والعالم بأسره.

وجهة سياحية تتحول إلى قِبلة وطنية وعالمية
في سانتوس، الوجهة السياحية المفضلة لدى سكان ولاية ساو باولو، تحول ملعب “فيلا بيلميرو” الذي يتسع لـ16 ألف شخص إلى قِبلة وطنية مع وصول جثمان بيليه الإثنين حيث يوضع التابوت وسط الميدان ويستمر التكريم لأجل السماح بتوديعه لمن تيسر لهم. وقبل إنطلاق هذا الوداع.

وبدأ النشاط في محيط الملعب فور إعلان وفاة بيليه، واستمرت الحركة لغاية دفنه الثلاثاء بحضور أسرته. جاء روان وصديقته غابريلا من مدينة ساو باولو إلى سانتوس للمشاركة في تكريم النجم السابق، وقالا إنه “حدث تاريخي، فبيليه أسطورة ترك بصمته في كل مكان وليس فقط على ملاعب كرة القدم”. وأسرّ روان، المتحدر من بلدة باورو حيث بدأ بيليه مسيرته، أنه أصبح مشجعا لنادي سانتوس لأن جده كان من عشاق اللاعب الساحر، مضيفا بأن كل من حضر أو شاهد إنجازات “ملك” كرة القدم “نقل شعلته وحوّل إعجابه للأجيال التالية”.

من جانبها، اعتبرت غابرييلا، وهي صحافية تعمل في مجال الإعلام المؤسساتي، أن “كرة القدم هي جسر يربط بين الناس والعائلات”، مضيفة: “كرة القدم كانت رابطا بيني وبين والدي، وبيليه سمح للناس أن يتقاربوا على اختلاف فرقهم”.

وفي البوابة رقم “10” لملعب سانتوس، الذي يرمز للرقم الأسطوري الذي حمله بيليه طوال مسيرته، أقام المشجعون والمعجبون نصباً رمزياً تكريماً للاعب السابق، كما وضعت أكاليل من الزهور حوله.

كان رأس اللاعب “مجهزاً بنظام جي بي إس”
تراقب آنا فاريلا حمى النشاط البشري الذي تسارع وتكثف في مدينتها منذ الإعلان عن وفاة بيليه ببالغ الأهمية والتركيز. فهذه المرأة البالغة من العمر 65 عاما، والتي يقابل منزلها المدخل الرئيس للملعب، هي من أسست أول نادٍ للمشجعات في البرازيل. وقد شهدت آنا مباراة واحدة خاضها بيليه مع سانتوس، وذلك في مطلع سبعينيات القرن الماضي. وقالت وهي ترتدي قميص سانتوس (الأبيض والأسود) إن بيليه والكرة كانا “شريكان يفهم بعضهما البعض”، مضيفة بأن رأس اللاعب “كان مجهزا بنظام تحديد الموقع (جي بي إس) إذ إنه كان يعلم بالتحديد تموضع الكرة وكذلك زملائه ومنافسيه على الميدان”، مشيرة إلى أنه “رفع سانتوس والبرازيل ونقلهما إلى كل أنحاء العالم”.

لكن ذكريات آنا فاريلا لا تتوقف عند محطات أو مؤهلات النجم الراحل، بل تشمل أيضا صفات الرجل الذي ظل وفيا لمدينته عقب مسيرته الكروية الحافلة بالإنجازات والألقاب، سواء الفردية أو الجماعية. فقد كان “رجلا عظيما، لكنه متواضعا في تعامله مع الناس، وكان يتحدث للجميع ويتصور مع من أراد.. لقد كان الأفضل بالنسبة إلي”.

وكان الأفضل أيضاً بالنسبة إلى ألبيرتو فرانسيسكو دي أوليفيرا، صاحب حانة عند مشارف الملعب، والذي يحمل وشما في ذراعه يمثل انتصارات نادي سانتوس. وأقر هذا الرجل بأنه لم يكن ليشجع الفريق “الأبيض والأسود” من دون بيليه، “فهو لاعب مختلف عن باقي اللاعبين، إنه عملاق بفنياته وتسديداته وأهدافه.. وكان يفعل بالكرة ما عجز غيره أن يفعله”.

“شكراً يا ملك”
من جانبه، قرر الحلاق “ديدي” إغلاق محله فور سماعه خبر وفاة بيليه، وأسر بأن “نهاية العام 2022 محزنة”. لكن امرأة جالسة بجانبه قالت إن “إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو قد مات، في حين بيليه سيظل حيا في قلوب الناس”، مضيفة بأنه “رجلَ وحدة وتلاؤم”.

بالتأكيد، شخصية بيليه لعبت دورا بارزا في توحيد البرازيليين، فيما تمكن اللاعب لوحده من قيادة فريق متواضع بمدينة ساحلية متواضعة إلى هرم الكرة الوطنية والإقليمية إذ نافس سانتوس عمالقة البلاد مثل فريقي الكورينثيانز وبالميراس. وقاد النادي للفوز عشر مرات بالدوري المحلي ومرتان بكأس ليبرتادوريس (دوري الأبطال الجنوب أميركية).

فالأسطورة بيليه موجودة في كل مكان بسانتوس، لاسيما في وسط المدينة حيث تم تشييد نصب تذكاري وعلقت لافتات كتب عليها: “شكراً يا ملك”.

Exit mobile version