Site icon PublicPresse

يورو 2020.. بطولة قارية تاريخية حولتها جائحة كورونا إلى نسخة “إستثنائية” (فيديو)

كأس الأمم الأوروبية

تنطلق بطولة كأس الأمم الأوروبية 2021 لكرة القدم مساء الجمعة بمباراة واعدة بين منتخبي تركيا وإيطاليا في روما. وكانت نسخة “2020” تاريخية عندما طرح الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي للعبة (ويفا)، الفرنسي ميشال بلاتيني، فكرة توزيع مبارياتها على 13 مدينة أوروبية مختلفة للمرة الأولى في تاريخ المنافسة. لكنها تحولت بصيغتها الفريدة إلى نسخة “إستثنائية” جراء ظهور جائحة كورونا في نهاية 2019 بالصين واجتياحها العالم في غضون أسابيع، لتتسبب في تأجيل “اليورو” إلى 2021 في سابقة ستظل خالدة في الذاكرة.

إنطلقت فكرة “صيغة جديدة” لبطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم في عام.. 2012! وبالتحديد في مطلع يوليو/تموز من تلك السنة عندما أحرز منتخب إسبانيا لقبه الثاني على التوالي في المسابقة بعد 2008 إثر نغمة كروية متميزة انتهت بفوز ساحق على إيطاليا 4-صفر في العاصمة الأوكرانية كييف. وكان ذلك اللقب الثالث دوليا في أربع سنوات لفريق “الروخا” بقيادة نجوم برشلونة وريال مدريد مع لقب بطل كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.

وقد طرح حينها رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) ميشال بلاتيني فكرة أثارت اهتمام وتأييد الكثيرين في القارة العجوز بقدر ما ولّدت تساؤلات وحفيظة آخرين وفي مقدمهم أمين عام الاتحاد الدولي (فيفا) حينها الفرنسي جيروم فالك المقرب من رئيسه جوزيف بلاتر (وكلاهما من أشد المعارضين لبلاتيني). وهذه الفكرة الثورية هي توزيع مباريات كأس الأمم 2020 على 12 مدينة أوروبية مختلفة، والتي ستكون في نهاية المطاف: لندن (إنكلترا)، روما (إيطاليا)، باكو (أذربيجان)، ميونيخ (ألمانيا)، سان بطرسبورغ (روسيا)، إشبيلية (إسبانيا)، بودابيست (المجر)، بوخاريست (رومانيا)، كوبنهاغن (الدانمارك)، غلاسغو (إسكتلندا)، وأمستردام (هولندا).

إنتقادات رياضية على خلفيات سياسية
والهدف وراء الفكرة التي عرضها بلاتيني، قائد المنتخب الفرنسي في ثمانينيات القرن الماضي وعاشق اللعب الجميل النظيف، حرصه على إتاحة الفرصة لأكبر عدد من الدول الأوروبية لضيافة كأس الأمم العريقة ولمشجعيها لمشاهدة المباريات في بلدانهم. فالهدف المعلن كان تقريب هذه الرياضة الشعبية البارزة من الجماهير الأوروبية على مجال واسع، خاصة أن نسخة 2020 تصادف الذكرى الستين لتأسيس البطولة – فقد فاز ما يسمى آنذاك الاتحاد السوفيتي بكأس 1960 على يوغوسلافيا سابقا 2-1 في مباراة أقيمت في باريس في 10 تموز.

لكن الانتقادات الموجهة لـ “صيغة بلاتيني”، والتي لم تخل من الصراعات السياسية في إطار التنافس الشديد بين الويفا والفيفا أو على خلفية المعركة المحتدمة ساعتها بين بلاتيني وبلاتر حول رئاسة الهيئة العالمية، نالت ثقة اللجنة التنفيذية للهيئة الأوروبية في نهاية العام 2012. وتعلقت الانتقادات على سبيل المثال المسافات الشاسعة بين بعض المدن (إشبيلية وسان بطرسبورغ، وحقوق الإنسان المطروحة في بعض الدول (أذربيجان)، أو البيئة مع تأثير الرحلات الجوية المتزايدة بحكم انتشار المباريات على مختلف المدن وامتداد الدول على الاحتباس الحراري.

وأسفرت المعركة الشرسة بين بلاتيني وبلاتر عن خسارة كلا المتنافسين، لتبدأ بالنسبة إليهما معركة أخرى مسرحها القضاء الذي يتهمهما الفساد. فغادر الفرنسي كرسي رئاسة ويفا ليحل محله السلوفيني ألكسندر تشيفيرين في أيلول 2016 فيما ترك السويسري منصبه ليخلفه مواطنه (السويسري الإيطالي) جياني إنفانتينو في 26 شباط 2016.

حضرت الجائحة وغابت المنافسة
سقوط بلاتيني لم يمنع فكرته من المضي قدما وتحقيق حلم اللاعب السابق لنادي يوفنتوس، إلى أن ظهر فيروس كورونا في نهاية العام 2019 بمدينة ووهان الصينية وانتشر بسرعة فائقة عبر العالم. وكانت إيطاليا أول دولة أوروبية يجتاحها الوباء بشكل قوي، في النصف الثاني من شباط 2020.

وبالتالي، انتشر المرض في القارة الأوروبية بسرعة البرق، ما أدى سريعا إلى فرض قيود صحية وإدارية صارمة لتخلو المدن من سكانها وتغلق البلدان حدودها وتعلن المنظمات والهيئات المحلية أو العالمية إرجاء ثم إلغاء غالبية الفعاليات الرياضية والثقافية، الاقتصادية أو السياسية. فتوقف العالم عن النشاط بسبب… فيروس مجهول!

والنتيجة الحتمية أن كأس الأمم الأوروبية 2020 قد تحولت إلى عبء ثقيل في جانبها التنظيمي. فدخل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في مرحلة تفكير وصار يبحث سبل إنقاذ المنافسة القارية الأعرق في العالم، لكن كيف يمكن تنظيم مسابقة في 13 مدينة أوروبية وسط تفشي الجائحة؟ وكيف تُمكن إقامة مباريات دولية وسط استمرار توسع نطاق الفيروس وعجز المجتمع العلمي الدولي عن إيجاد حلول طارئة؟

بدا واضحا أن كأس الأمم الأوروبية 2020 لن تقام في موعدها المحدد، فهل ستجري في صيغتها الجديدة؟ أمام هذه التساؤلات، أعلن ويفا قراره في 17 آذار 2020، أي قبل ثلاثة أشهر من الموعد المقرر لانطلاق البطولة: تأجيل المسابقة عاما واحدا مع الإبقاء على صيغتها وتسميتها الرسمية “كأس أوروبا 2020” موزعة على مختلف مدن ودول القارة. وهذا فوز معنوي بالنسبة إلى ميشال بلاتيني.

الجمهور سيكون في الموعد
وفي ظل تطور اللقاحات عبر العالم وتحسن حملات مواجهة فيروس كورونا في الدول المتقدمة، تنفست أوروبا الصعداء تدريجيا على الرغم من الحصيلة البشرية الهائلة جراء الجائحة (توفي، حتى الآن، 3,764,250 شخصا في العالم منذ أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض نهاية كانون الأول/ديسمبر 2019). وباتت المنافسات الرياضية تستقبل الجماهير بأعداد محدودة، لكنها قابلة للارتفاع في الأيام المقبلة. فعلى سبيل المثال، سيحضر مباراة ألمانيا أمام فرنسا الثلاثاء المقبل في ميونيخ ضمن منافسات المجموعة السادسة 14 ألف شخص.

وكان حضور الجمهور شرطا غير قابل للنقاش بالنسبة للويفا، إذ إنه لم يتردد في استبعاد مدن مثل دبلن وبلباو من استضافة المباريات نظرا لصرامة إجراءاتهما الصحية. وأمام الأمر الواقع، سارع الاتحاد الإيطالي لكرة القدم لتأكيد حضور المشجعين (25 أو 30 في المئة من سعة الملعب) خلال مباراة الافتتاح بين “السكوادرا أزورا” وتركيا التي ستجري مساء الجمعة على الملعب الأولمبي بروما.

وستكون صافرة الحكم الهولندي داني مكيلي التي ستعلن انطلاق كأس الأمم الأوروبية 2021، نهاية مغامرة رياضية بفصول درامية استمرت تسع سنوات، وهي تجربة لن تتكرر في النسخة المقبلة والتي ستقام في 2024 بدولة واحدة هي ألمانيا.

المصدر: فرانس24

Exit mobile version