كتب مراسل “الإندبندنت” البريطانية للشؤون الدولية، بورزو داراغي، مقال تحليلي عن المنعطف السلبي الذي اتخذته العلاقة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة خلال الأشهر الأخيرة، مع “توتر العلاقات بسبب المواقف المختلفة بشأن اليمن وإنتاج النفط وحسابات جيوسياسية أوسع بعد تولي إدارة جديدة في واشنطن”.
وأوقفت السعودية جميع الرحلات الجوية مع الإمارات في وقت متأخر من يوم الأحد، بعد أيام فقط من خلاف بين البلدين حول إنتاج النفط.
وبينما قالت وكالة الأنباء السعودية إن تعليق الرحلات الجوية من الإمارات كان بسبب “التفشي المستمر لوباء فيروس كورونا وانتشار سلالة متحولة جديدة من الفيروس”، قال محللون للإندبندنت إن عوامل أخرى لعبت دورها في ذلك.
وغيرت السعودية يوم الاثنين قواعدها بشأن الواردات من دول الخليج الأخرى لاستبعاد البضائع المصنوعة في المناطق الحرة أو التي استخدم فيها أي منتج إسرائيلي، “في تحد مباشر لوضع الإمارات كمركز تجاري إقليمي”، بحسب الصحيفة.
وقالت سينزيا بيانكو، الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية للإندبندنت: “إن التوترات بين السعودية والإمارات كانت تتزايد منذ فترة طويلة”، معتبرة أن الدولتين “تعيدان تقييم ميزان القوى في علاقتهما الثنائية بما ينطبق على الساحة الإقليمية والدولية”.
ويشير التقرير إلى أن كلا البلدين يندفعان لبناء مخازنهما من الأسلحة المتقدمة، وهما من بين “المشترين الرئيسيين للأسلحة في جميع أنحاء العالم، ويبدو أنهما يحاولان أحيانا التفوق على بعضهما البعض من خلال الوصول إلى أحدث أدوات الحرب”. كما أنهما يحاولان التفوق على بعضهما البعض “في الوصول إلى أروقة السلطة في واشنطن”.
وقالت الصحيفة إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “يسارع إلى تعزيز أوراق اعتماده الدبلوماسية بينما يستعد لتولي قيادة المملكة”، مشيرة إلى أنه خلال الأشهر الأخيرة، “بدأ في إصلاح العلاقات مع تركيا وقطر وحسّن العلاقات مع سلطنة عُمان، التي لطالما رسمت مسارها الخاص داخل مجلس التعاون الخليجي”.
وقال تيودور كاراسيك من غالف ستيت أناليتيكس، وهي شركة استشارية بواشنطن للإندبندنت: “يسعى محمد بن سلمان لأن يستلم العرش ويحتاج إلى تخفيف حدة التوترات مع كل من حوله”. وأضاف: “محمد بن سلمان سيكون ملكا، ويحتاج إلى تصفية الحسابات من أجل إعادة بلاده نقطة الصفر في هذا الجو الجديد”.
ويقول مراقبو الخليج، بحسب ما نقلته الصحيفة، إن أحد المصادر الرئيسية للصراع هو أن الإمارات ترى نفسها “كمنافس للمملكة العربية السعودية وليس كشريك صغير”.
وفي ما يتعلق بمنظمة أوبك وإنتاج النفط، قالت بيانكو: “تشعر الإمارات أنها عوملت بشكل غير عادل”.
وأضافت أنهم “يريدون أن يكونوا قادرين على إنتاج المزيد لأنهم يحتاجون إلى المزيد من الموارد التي تأتي من تصدير هذا النفط لتمويل مجموعة من الاستراتيجيات الاقتصادية والجيوسياسية”.
وفي اليمن، بينما تدخل البلدان في الأساس جنبا إلى جنب ضد الحوثيين، فإنهما يدعمان الآن أطرافا متصارعة في جنوب البلاد.
وتقول الصحيفة إنه من المرجح ان اتفاقات أبراهام لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل فاقمت أيضا التوترات بين البلدين.
وعلى الرغم من كل ذلك، قال محللون للإندبندنت إن العلاقة “بعيدة كل البعد عن الفشل، على الرغم من أن العلاقات أصبحت أكثر حساسية”.
وقالت إيمان الحسين، من معهد دول الخليج العربية بواشنطن للصحيفة: “تطورت المنافسة الإقليمية بين دول الخليج في الآونة الأخيرة حيث تحاول السعودية والإمارات جذب المستثمرين والمواهب الأجنبية. ومع ذلك، لا تزال المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تحافظان على التعاون في مجالات مختلفة. تتعلم دول الخليج كيف تتعايش مع اختلافاتها”.