كشفت مجموعة “فاغنر” العسكرية الموالية لروسيا ما سمته التكتيك العسكري المثالي على جبهة مدينة باخموت (شرقي أوكرانيا) التي تسعى منذ أشهر للسيطرة عليها، في حين أعلنت فرنسا تزويد كييف بدبابات قتالية خفيفة. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتل أكثر من 300 عسكري أوكراني وتدمير أنظمة مدفعية ورادار أميركي الصنع.
في وقت تشتد فيه حدة المعارك في محيط مدينة باخموت الاوكرانية، لا تزال القوات الروسية ووحدات “فاغنر” تحاول تطويق المدينة وقطع الإمدادات عن القوات الأوكرانية.
وقالت فاغنر إن تطويق باخموت ودفع القوات الأوكرانية للإستسلام يمثلان التكتيك المثالي للحفاظ على البنية التحتية للمدينة.
وكانت فاغنر أعلنت منذ يومين سيطرتها على بلدة باراسكوفييفكا، المتاخمة لباخموت من جهة الشمال، وأظهرت صور لقوات دونيتسك الموالية لروسيا دمارا كبيرا في هذه البلدة، الواقعة على الطريق بين مدينتي، سيفيرسك وباخموت.
وتحاول مجموعة فاغنر والجيش الروسي منذ صيف العام الماضي السيطرة على مدينة باخموت في مقاطعة دونيتسك في إقليم دونباس (شرقي أوكرانيا)، ورغم التقدم الذي أحرزه الروس في الآونة الأخيرة، فإن القوات الأوكرانية تستميت في الدفاع عن هذه المدينة التي وصفها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنها “حصن”، تعبيرا عن مدى تحصينها لصد الهجمات.
من جهتها، قالت هيئة الأركان الأوكرانية إن القوات الروسية شنت أكثر من 50 هجوماً صاروخياً على البنية التحتية المدنية في الجبهة الشرقية.
وفي سياق متصل، أعلن الرئيس زيلينسكي عودة الكهرباء إلى معظم الأراضي الأوكرانية، بعد انقطاعها بسبب الهجمات الروسية خلال الساعات الماضية. وأضاف أن عودة الطاقة دليل على صمود أوكرانيا في وجه الحرب التي تشنها روسيا على بلاده.
الدفاع الروسية
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتل أكثر من 300 عسكري أوكراني، وتدمير منظومة رادار أميركي الصنع بالإضافة إلى مخازن ذخيرة ونقطة تمركز للطائرات المسيرة تابعة للجيش الأوكراني.
وقالت الوزارة في الإفادة الصحفية اليوم الأحد إن “العمليات الهجومية التي تشنها القوات الروسية في محور دونيتسك أسفرت عن مقتل حوالي 250 جنديا أوكرانيا، وتدمير مركبات عسكرية ومدافع هاوتزر”.
وأضافت: “في إتجاه كوبيانسك، إستهدفت القوات الروسية بنيران المدفعية تمركز القوات الأوكرانية وكذلك المعدات العسكرية، ما أسفر عن مقتل حوالي 70 جنديا وتدمير عدد من الآليات العسكرية. وأسفرت الضربات التي شنتها طائرات العمليات التكتيكية، ونيران المدفعية وأنظمة قاذفات اللهب الثقيلة ضد أهداف في محور كراسنو-ليمان عن حوالي 200 قتيل وجريح، بالإضافة إلى تدمير 5 مركبات قتالية مدرعة، ومدافع هاوتزر ذاتية الدفع.
وفي محور خيرسون، أشارت وزارة الدفاع أنه “تم القضاء على نحو 15 جندياً أوكرانيا، وتدمير عدد من الآليات العسكرية والمدافع، كذلك تم قصف 4 مخازن للذخيرة تابعة للقوات الأوكرانية”.
وأردفت: “إستهدفت القوات الروسية خلال الساعات الماضية بصواريخ بعيدة المدى عالية الدقة أطلقت من البحر نقطة انتشار “الفوج 383″ الخاص بالطائرات المسيرة، وكذلك مستودع ذخيرة للمدفعية بالقرب من محطة سكة حديد بالقرب من مدينة خميلنيتسكي”.
بوريل.. تصريحات جديدة
وبشأن المساعدات العسكرية الغربية إلى أوكرانيا، دعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الغرب إلى تقديم مزيد من السلاح والذخائر لدعم أوكرانيا.
وأضاف بوريل، خلال مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن، أن حرب روسيا على أوكرانيا أظهرت جوانب من هشاشة الحلفاء في مجابهة التحديات.
كما شدد على ضرورة تعزيز الدفاع السيبراني، من أجل مواجهة التحديات، مشيرا إلى أن الاقتصاد الروسي سيشهد تراجعا بسبب العقوبات المفروضة عليه، وفق رأيه.
إجراء أوروبي لحل أزمة الذخيرة
وبخصوص أزمة الذخيرة لدى الجيش الأوكراني، تحدث بوريل عن إمكانية إدخال إجراء جديد لشراء الذخيرة في ظل الحاجة الكبيرة لها في أوكرانيا.
وحسب تصريحات رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس، فإن الأمر يتعلق باستخدام إجراء مشابه للإجراء الذي تم من خلاله ضمان الشراء السريع للقاحات في ظل تفشي وباء كورونا.
ووفقاً لكالاس، يتعين على دول الاتحاد الأوروبي توفير أموال يتم من خلالها منح طلبيات كبيرة لصناعة الأسلحة بشكل موحد عن طريق الاتحاد الأوروبي.
وأضافت أن “روسيا تطلق في يوم واحد عددا من قذائف المدفعية يماثل ما تصنعه أوروبا خلال شهر”، وأشارت إلى أنه يتم العمل في مصانع الأسلحة الروسية حاليا في 3 دوريات عمل.
وشددت رئيسة وزراء إستونيا على ضرورة الإسراع في توسيع نطاق قدرات الإنتاج في الاتحاد الأوروبي، وأكدت أنه من دون ذخيرة لا يمكن لأوكرانيا الانتصار في الحرب.
سلاح فرنسي نوعي
وفي الشأن ذاته، قال وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو إن بلاده ستسلم أوكرانيا دبابات قتالية خفيفة، من طراز “إيه إم إكس-10” بنهاية الأسبوع المقبل.
وهذه الدبابة الفرنسية مزودة بمدفع من عيار 105 ملليمترات، وهي تسير على عجلات، وهو ما يجعلها سهلة الحركة في أرض المعركة. كما أن الدبابة “إيه إم إكس-10” مخصصة لعمليات الاستطلاع والاستكشاف، ويبلغ مدى مدفعها ألفي متر.
وبداية يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرار إرسال هذه الدبابات، في إطار تحديث المعدات التي يسلمها حلف شمال الأطلسي (ناتو) لأوكرانيا، بعد تردد استمر أشهرا خوفًا من دفع موسكو إلى تصعيد.
ولم يحدد الرئيس الفرنسي حينذاك عدد الدبابات التي يمكن إرسالها.
يذكر أنه إلى جانب فرنسا، فإن ألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا وفرنسا وإسبانيا أعلنت كذلك خططا لإرسال دبابات إلى كييف.
وجاء رد الفعل الأوكراني مرحباً بما سماه “حلف الدبابات الكبير”، إذ أكد الرئيس الأوكراني أهمية هذه الدبابات في مواجهة روسيا التي تستعد لموجة عدوان جديدة.
ماكرون: لتُهزم روسيا في أوكرانيا
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة نشرت مساء السبت إنه يريد أن “تهزم” روسيا في حربها على أوكرانيا، لكن من دون “سحقها”.
وتأتي تصريحاته خلال طريق عودته مساء الجمعة من مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث حض الحلفاء على تكثيف دعمهم لأوكرانيا، مؤكدا استعداد فرنسا لنزاع طويل الأمد.
وصرح لصحيفتي “لوجورنال دو ديمانش” و”لوفيغارو” وإذاعة “فرنسا الدولية”، “أريد أن تهزم روسيا في أوكرانيا وأريد أن تتمكن أوكرانيا من الدفاع عن موقفها”. مضيفا “أعتقد أن هذا لن ينتهي عسكريا في النهاية”، متوقعا ألا يتمكن أي من الطرفين من الانتصار بشكل كامل في النزاع.
وتابع الرئيس الفرنسي “لا أعتقد، مثل البعض، أنه يجب هزيمة روسيا بالكامل، ومهاجمتها على أراضيها. هؤلاء المراقبون يريدون قبل كل شيء سحق روسيا. لم يكن هذا موقف فرنسا أبدا ولن يكون كذلك أبدًا”.
واعتبر ماكرون أن “المطلوب اليوم هو أن تشن أوكرانيا هجوما عسكريا يعطل الجبهة الروسية من أجل العودة إلى المفاوضات”.
وعبر عن اعتقاده أن “جميع الخيارات بخلاف فلاديمير بوتين في النظام الحالي” تبدو له “أسوأ” من الرئيس الروسي، في إشارة إلى الرجال الأقوياء مثل رئيس مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف أو رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين.
وتساءل الرئيس الفرنسي “هل نعتقد بصدق أن حلا ديموقراطيا سينبثق من المجتمع المدني الروسي الحالي بعد هذه السنوات من التضييق وفي خضم النزاع؟ آمل ذلك بصدق، لكنني لا أؤمن به”.