تبادلت كل من روسيا وأوكرانيا الهجمات الجوية بالمسيّرات على عاصمتي الدولتين المتصارعتين منذ أكثر من 15 شهراً، وذلك في تطور جديد للحرب. وتعرضت العاصمة الروسية موسكو، فجر الثلاثاء، لهجوم بمسيّرات، مما تسبب بأضرار “طفيفة” لعدة مبان وإصابة شخصين، وذلك عقب هجوم واسع بالطائرات المسيّرة تعرضت له العاصمة الأوكرانية كييف للمرة الثالثة خلال 24 ساعة أسفر عن مقتل شخص وإصابة 4 آخرين.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الهجوم غير المسبوق بمسيّرات والذي استهدف موسكو فجر اليوم الثلاثاء جاء ردا على ضربة روسية استهدفت مقر الاستخبارات العسكرية الأوكرانية.
وقال بوتين في تصريحات متلفزة بعد ساعات من الهجوم “لقد ذكرنا في السابق إمكانية استهداف مراكز صنع القرار، ومقر الاستخبارات العسكرية (الأوكراني) الذي تعرض للهجوم قبل يومين أو 3 أيام هو أحدها، ورداً على ذلك إختار نظام كييف مساراً مختلفاً” بمهاجمة موسكو.
وأعلنت روسيا، الثلاثاء، أنها أسقطت 8 مسيّرات أوكرانية استهدفت موسكو ومحيطها في هجوم غير اعتيادي اعتبرته “ردا” من أوكرانيا على الضربات الروسية الأخيرة التي استهدفت خصوصا عاصمتها كييف، فيما نفت أوكرانيا مسؤوليتها عن الهجوم.
واتهم بوتين أوكرانيا بالسعي إلى “ترويع” الروس بعد الهجوم الذي وصفه بالإرهابي، مشيدا بمنظومة الدفاع الجوي في العاصمة التي عملت “بشكل مرضٍ”، على حد قوله. وقال إن الهجوم بالطائرات المسيّرة على موسكو في وقت سابق اليوم الثلاثاء كان يستهدف “أهدافا مدنية”، وإنه سيتم تعزيز الدفاعات الجوية للعاصمة.
من جهة أخرى، قال موقع ريبار العسكري الروسي إن الهجمات على موسكو كانت باستخدام مسيرات من طراز “يو جيه-22” (UJ-22) تمتلكها القوات الأوكرانية. وأضاف أن هذه النوعية من المسيرات قادرة على التحليق لمسافة 800 كيلومتر، ورصدت سابقا في مناطق قريبة من موسكو.
وقالت وكالة ريا نوفوستي إن مكتب المدعي العام الروسي يشرف على التحقيق في هجوم المسيرات على موسكو.
من جهته، نفى ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني مشاركة كييف بشكل مباشر في هجوم بطائرات مسيرة على موسكو الثلاثاء، لكنه قال إن بلاده تستمتع بمشاهدة الأمر، وتوقّع زيادة في تلك الهجمات.
الإحتفاظ بحق الرد
وفي سياق متصل، قالت وزارة الخارجية الروسية إنها تحتفظ بحقها في اتخاذ “أشد الإجراءات الممكنة” ردا على الهجوم بالطائرات المسيّرة على العاصمة موسكو في وقت سابق من اليوم الثلاثاء.
وأضافت الوزارة في بيان “ثبت أن تأكيدات مسؤولي حلف شمال الأطلسي بأن نظام كييف لن يشن ضربات في عمق الأراضي الروسية مجافية للحقيقة تماما”.
وقالت إن روسيا تحتفظ لنفسها بالرد على الهجمات “الإرهابية” من نظام كييف.
عدة مبان تضررت جراء الهجوم بالمسيّرات على العاصمة موسكو (رويترز)
من جانبها، أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء أنها لا تؤيد تنفيذ هجمات داخل روسيا، لكنها قالت إن موسكو تتحمل مسؤولية الحرب مع أوكرانيا.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية “بشكل عام لا نؤيد تنفيذ هجمات داخل روسيا. نركز على تزويد أوكرانيا بالمعدات والتدريب الذي تحتاجه لاستعادة السيادة على أراضيها”. وجاءت تصريحاته فيما يجري وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة للسويد.
وأضاف أن الولايات المتحدة ما زالت تقيّم ما حدث في موسكو حيث استُهدفت أبنية سكنية لأول مرة منذ هجوم روسيا على أوكرانيا. وحمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المسؤولية.
هجوم هائل
من جانب آخر، قال رئيس بلدية كييف إن امرأة لقيت حتفها وأصيب ما لا يقل عن 11 آخرين، اليوم الثلاثاء، في ثالث هجوم تشنه روسيا على العاصمة الأوكرانية في غضون 24 ساعة.
وذكر مسؤولون أن أوكرانيا أسقطت أكثر من 20 طائرة مسيرة روسية في إطار ما وصفه رئيس الإدارة العسكرية في كييف سيرغي بوبكو بأنه “هجوم هائل” نفّذ على عدة مراحل ومن اتجاهات مختلفة.
وجاء الهجوم على كييف قبل هجوم بطائرات مسيرة استهدف موسكو وحمّلت روسيا الجانب الأوكراني المسؤولية عنه.
وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن الضحية تبلغ من العمر 33 عاما، وكانت تقف في شرفتها لتراقب الدفاعات الجوية عندما سقط حطام مسيّرة على البرج السكني الذي تقطن فيه والذي يتألف من 24 طابقا، مما أدى إلى اندلاع حريق دمر الشقق الكائنة في الطوابق العليا.
وتابع أن “احتمال وقوع هجمات جوية مرتفع للغاية، لذلك أحث مواطني كييف على عدم التفريط في سلامتهم وعلى عدم تجاهل صفارات التحذير من الغارات الجوية”.
وذكر أن 4 آخرين من سكان المبنى أصيبوا، فيما جرى إجلاء 20 منهم.
وفي مايو/أيار الجاري، شنت روسيا 17 هجوماً جوياً على كييف، معظمها خلال ساعات الليل، ويقول المسؤولون الأوكرانيون إن الضربات هدفها إثارة الذعر وإضعاف الدفاعات الجوية قبل هجوم مضاد أوكراني متوقع.
قصف على بيلغورود
في سياق متصل، أعلن حاكم منطقة بيلغورود الروسية فياتشيسلاف غلادكوف عن مقتل شخص وإصابة اثنين بجروح الثلاثاء، في قصف أوكراني على مركز للنازحين.
وقال غلادكوف على تليغرام “قصفت القوات المسلحة الأوكرانية بسلاح المدفعية مركزا للنازحين يضم مدنيين مسنين وأطفالا.. قُتل حارس أمن وأصيب شخصان بجروح”.
وذكر أن الجريحين “في حالة خطيرة بالعناية المركزة” مع “إصابات اخترقت بطن” أحدهما، بينما أصيب الآخر في الصدر.
وأرفق غلادكوف رسالته بصور لمبنى متضرر نوافذه محطمة، وخندق ناجم عن اصطدام قرب غرفة حارس الأمن، وبالغين وأطفال يتم إجلاؤهم في حافلات.
وتعرضت منطقة بيلغورود المتاخمة لأوكرانيا مرارا للقصف الأوكراني، فضلا عن محاولات توغل جماعات مسلحة قادمة من أوكرانيا.