أعلن الوزيران في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس وغادي آيزنكوت، مساء الأحد، إنسحابهما من حكومة الطوارئ برئاسة بنيامين نتنياهو، مع دعوة إلى إجراء إنتخابات مبكرة “في أسرع وقت ممكن”، في أحدث تداعيات حرب إسرائيل المتواصلة على قطاع غزة.
واتهم غانتس وآيزنكوت، الشريكان في حزب “معسكر الدولة” (12 نائباً من أصل 120 بالكنيست)، نتنياهو باتباع سياسات تخدم مصالحه السياسية الخاصة، كما اتهماه بالفشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب على غزة، ولا سيما القضاء على حركة حماس وإعادة الأسرى من القطاع.
وقال غانتس، رئيس الأركان الأسبق (2011-2015) والمرشح الأبرز لتشكيل الحكومة المقبلة، خلال مؤتمر صحفي: “بقلب مثقل، أعلن رسميا انسحابي من حكومة الطوارئ”.
وأضاف: “نتنياهو يحول دون تحقيق نصر حقيقي. الاعتبارات السياسية في حكومة نتنياهو تعرقل القرارات الإستراتيجية في حرب غزة”، مشددا على ضرورة تحديد موعد متفق عليه للانتخابات المبكرة في أسرع وقت ممكن.
ويتمسك نتنياهو بالاستمرار في منصبه، ويرفض دعوات متصاعدة منذ أشهر لإجراء انتخابات مبكرة، بزعم أن من شأنها “شلّ الدولة” وتجميد مفاوضات تبادل الأسرى لفترة قد تصل إلى 8 أشهر.
ومتفقاً مع غانتس، قال آيزنكوت، رئيس الأركان السابق (2015-2019): “شهدنا مؤخراً أن القرارات التي اتخذها نتنياهو ليست بالضرورة بدافع مصلحة البلاد”. وتابع، في رسالة إستقالة أرسلها إلى نتنياهو، أن مجلس الوزراء “لم يتخذ قرارات حاسمة مطلوبة لتحقيق أهداف الحرب”، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.
مصير الحكومة
وانسحاب “معسكر الدولة” لا يعني تفكيك الحكومة، فحين انضم إليها كان نتنياهو مدعوما بالفعل من 64 نائباً، مما يخول لحكومته الاستمرار في السلطة طالما تحظى بثقة 61 نائبا على الأقل.
وانضم غانتس وآيزنكوت إلى حكومة نتنياهو إثر اندلاع الحرب على غزة، وباتت تُسمى حكومة الطوارئ، وعلى إثرها جرى تشكيل حكومة أو مجلس الحرب المصغر.
وأمهل غانتس، في 19 مايو/ أيار الماضي، نتنياهو حتى 8 يونيو/حزيران الجاري، لوضع إستراتيجية واضحة للحرب على غزة وما بعدها، وإلا فإنه سيستقيل من الحكومة، وهو ما لم يحدث.
فرصة لبن غفير وسموتريتش
ويمثل إنسحاب غانتس وآيزنكوت من الحكومة إنفراجة لحزبي “القوة اليهودية”، برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، و”الصهيونية الدينية” بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
وكثيراً ما أعرب الحزبان، وهما من اليمين المتطرف، عن عدم رضاهما عن كون قرارات الحرب بيد حكومة حرب لا تضم ممثلين عنهما. وفي أكثر من مناسبة، دعا بن غفير وسموتريتش، وهما من أشد الداعمين لاستمرار الحرب على غزة، إلى الانضمام لحكومة الحرب أو على أقل تقدير حلها.
وتتهم المعارضة نتنياهو بالخضوع لبن غفير وسموتريتش، اللذين يرفضان إبرام اتفاق مع حركة حماس لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وهددا مراراً بالاستقالة وإسقاط الحكومة.
وتقدر تل أبيب وجود 120 أسيراً إسرائيلياً في غزة، في حين أعلنت حماس مقتل أكثر من 70 منهم في غارات عشوائية شنتها إسرائيل، التي تحتجز بسجونها ما لا يقل عن 9500 فلسطيني.
وبينما وصف سموتريتش الإستقالة بـ”خطوة غير مسؤولة”، تحيّن بن غفير الفرصة، فسارع إلى دعوة نتنياهو، عبر منصة “إكس” مساء الأحد، إلى ضمه لمجلس الحرب.
وقال بن غفير: “وجهت طلبا إلى رئيس الوزراء أطالب فيه بالانضمام إلى مجلس الحرب، حان الوقت لاتخاذ قرارات شجاعة وتحقيق ردع حقيقي وتحقيق الأمن على حدود غزة وعلى حدود لبنان وإسرائيل ككل”.
لكن نقلاً عن مقربين من نتنياهو لم تسمهم، قالت المحللة الحزبية بصحيفة “معاريف” العبرية آنا بارسكي، إن إنسحاب غانتس وآيزنكوت سيدفع نتنياهو إلى حل مجلس وزراء الحرب.
تحشيد المعارضة
ومن شأن إستقالة غانتس وآيزنكوت أن تزيد من تحشيد المعارضة ضد نتنياهو، مما يعني زيادة ضغوط المعارضة والشارع متمثلا باحتجاجات أهالي الأسرى عليه باتجاه إبرام اتفاق مع حماس.
وفي الأشهر الماضية، دعت المعارضة الإسرائيلية برئاسة زعيم حزب “هناك مستقبل” يائير لبيد وزيري مجلس الحرب غانتس وآيزنكوت إلى الانسحاب من الحكومة.
وتريد المعارضة أن ينضم غانتس وآيزنكوت إلى صفوفها، في محاولة لإسقاط الحكومة، والدفع باتجاه إجراء انتخابات مبكرة.
ومُرحباً بالاستقالة، قال لبيد إن قرار غانتس وآيزنكوت الخروج من الحكومة “الفاشلة” أمر “مهم وصائب”. واعتبر أن الوقت حان لإقالة هذه “الحكومة المتطرفة”، وتشكيل “حكومة عاقلة تعيد الأمن والمخطوفين، وتستعيد مكانة إسرائيل الدولية”.
كما قال زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان إن إعلان الاستقالة “جيد وحتى لو جاء متأخر، والوقت حان لتشكيل إئتلاف صهيوني”.
ومنتقداً إستقالة غانتس، قال نتنياهو عبر منصة إكس إن إسرائيل تخوض حربا وجودية على عدة جبهات، وخاطب غانتس بأن هذا ليس الوقت المناسب للتخلي عن الحملة، بل هو الوقت المناسب لتوحيد القوى.