في مفاجأة كبيرة، أظهرت التقديرات الأولية لنتائج التصويت في الإنتخابات التشريعية في فرنسا إلى تصدّر تحالف اليسار في الجولة الثانية وإحتلال معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون المرتبة الثانية، متقدماً على أقصى اليمين، لكن دون أن تحصل أي كتلة على غالبية مطلقة في الجمعية الوطنية. ويُقدّر حصول “الجبهة الشعبية الجديدة” على 172 إلى 215 مقعداً ومعسكر ماكرون على 150 إلى 180 مقعداً وحزب التجمع الوطني الذي كان يُرجح في الأساس حصوله على غالبية مطلقة، على 115 إلى 155 مقعداً. وتضع هذه النتائج تحالف الجبهة الشعبية على الطريق لتحقيق فوز غير متوقع على حزب التجمع الوطني اليميني، لكن دون الحصول على أغلبية مطلقة في البرلمان الذي سينقسم إلى ثلاث مجموعات كبيرة ذات برامج مختلفة تماماً لم يسبق أن تعاونت مع بعضها من قبل.
ماكرون يدعو للحذر
في أول تعليق له بعد صدور النتائج الأولية للجولة الثانية، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى “توخي الحذر” في تحليل النتائج لمعرفة من يمكن أن يتولى تشكيل حكومة. واعتبر أن كتلة الوسط لا تزال “حيّة” جداً بعد سنواته السبع في السلطة، حسبما أفادت أوساطه مساء الأحد.
وقال قصر الإليزيه بعيد ذلك إن ماكرون ينتظر “تشكيلة” الجمعية الوطنية الجديدة من أجل “اتخاذ القرارات اللازمة”. وأضاف إن ماكرون لن يتحدث مساء الأحد وينتظر “هيكلة” مجلس الأمة.
وأشارت الرئاسة إلى أنه “وفقاً للتقاليد الجمهورية، سينتظر تشكيل الجمعية الوطنية الجديدة لاتخاذ القرارات اللازمة”. وكشفت أن رئيس الدولة “يطلع حالياً على نتائج الانتخابات التشريعية فور وصولها دائرة انتخابية”. وأضاف الإليزيه أنه “من خلال دوره كضامن لمؤسساتنا، سيضمن احترام الخيار السيادي للشعب الفرنسي”.
أتال يقدم إستقالته
إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي غابريل أتال عزمه تقديم إستقالته للرئيس إيمانويل ماكرون، يوم الإثنين، وذلك بعد فوز إئتلاف اليسار المنضوي تحت “الجبهة الشعبية الجديدة” بالإنتخابات التشريعية.
وقال أتال: “سأقوم بالمهام المطلوبة مني ما تطلب الأمر ذلك”. وأضاف أن “نتائج الانتخابات اليوم (الأحد) أظهرت أنه لا يمكن أن يشكل المتطرفون أغلبية ساحقة”.
ميلونشون: ماكرون تعرض للهزيمة
وكان زعيم إئتلاف اليسار، جان لوك ميلونشون، قد طالب ماكرون بدعوة أحزاب اليسار الفرنسي لتشكيل الحكومة. وأضاف ميلونشون بعد إعلان النتائج الأولية أن”ماكرون تعرض للهزيمة وعليه أن يعترف بذلك”.
وتابع ميلونشون الذي دعا إلى رحيل رئيس الوزراء أن “ماكرون يجب عليه الاعتراف بالهزيمة دون محاولة الالتفاف”، مضيفاً أن “هزيمة ماكرون مؤكدة بشكل واضح”. وأشار إلى أن “إرادة الشعب يجب أن تحترم بشكل صارم الآن”، مؤكدا أن اليمين بعيد كل البعد عن تقديم الحلول المناسبة للمواطنين”.
بارديلا “محبط”
وفي أول رد فعل له على نتائج الإنتخابات، قال رئيس التجمع الوطني اليميني جوردان بارديلا إن النتائج التي تسبب فيها ما وصفه بتحالف العار” قد ألقى فرنسا في حضن أقصى اليسار وحرم الفرنسيين من حكومة إنقاذ.
وقال بارديلا “الكثير من الفرنسيين يشعرون بالإحباط بعد ظهور نتائج الانتخابات (…) نتائج الانتخابات ترمي فرنسا في حضن أقصى اليسار”. وأكد أن التجمع الوطني لن يدخل في ترتيبات سياسية في فرنسا.
وانتقد رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف “تحالف العار” الذي حرم الفرنسيين من “حكومة إنقاذ”. وأضاف أن الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية شهدت تحالفات سياسية لمنع التجمع الوطني من الوصول إلى السلطة.
ومهاجماً الرئيس ماكرون، قائلاً إن “ماكرون إختار شل المؤسسات الفرنسية”، مضيفا إن “فرنسا حُرمت من فرصة تشكيل حكومة للإصلاح”. وأفاد بأن التجمع الوطني سيواصل عمله ضمن صفوف المعارضة الفرنسية.
وفي وقت سابق، قال بارديلا إن حزب التجمع الوطني سيرفض تشكيل حكومة إذا لم يفز بالأغلبية، لكن مارين لوبان قالت إن الحزب سيحاول تشكيل الحكومة إذا كان الفارق ضئيلاً.
ويتعهد حزب التجمع الوطني بتقليص عدد المهاجرين وتيسير التشريعات الخاصة بطرد المهاجرين غير الشرعيين وتشديد القواعد المتعلقة بلم شمل الأسر. وفيما يتعلق بالاقتصاد، قلص حزب التجمع الوطني بعض تعهداته السياسية الرئيسية فيما يتعلق بدعم إنفاق الأسر وخفض سن التقاعد، بسبب العجز المتزايد في ميزانية فرنسا.
يذكر أن اليمن المتطرف الفرنسي بقيادة بارديلا قد فاز بالإنتخابات الأوروبية في فرنسا بحصوله على نسبة تقارب 32.5 بالمئة من الأصوات، متقدماً على حزب ماكرون الذي حصل على 14.6 بالمئة.
لوبان: فوزنا تأجل
من جهتها، قالت مارين لوبن، من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الفرنسي الأحد، إن الرئيس ماكرون في وضع “لا يمكن الدفاع عنه”، بعد أن بدا أن تحالفا يساريا سيحتل بشكل غير متوقع المركز الأول في البرلمان دون تحقيق أغلبية.
وأضافت لوبن في تعليقها على نتائج الإنتخابات التشريعية أن “إيمانيول ماكرون تسبب بما وصلنا ليه في فرنسا بتقدم “اليسار المتطرف”. وتابعت زعيمة أقصى اليمين الفرنسي أن “موجة الدعم لنا آخذة في الارتفاع وما جرى اجل انتصارنا فقط”.
وأظهرت توقعات إستطلاعات الرأي المستندة إلى النتائج الأولية أن حزب التجمع الوطني يأتي في المركز الثالث خلف ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري ومعسكر ماكرون الوسطي، على الرغم من أن حزب التجمع الوطني كان يتصدر استطلاعات الرأي قبل انتخابات اليوم الأحد.
وعلى رغم حلول حزب التجمع الوطني في المركز الثالث، قالت لوبان إن حزبها خسر فقط بسبب التصويت التكتيكي بين إئتلاف الجبهة الشعبية الجديدة ومعسكر ماكرون.