عبر الرئيس الأميركي جو بايدن عن دعمه إختيار الحزب الديمقراطي لنائبته كامالا هاريس مرشحة له في سباق الوصول إلى البيت الأبيض أمام الجمهوري دونالد ترامب خلال خطاب ألقاه في المؤتمر الوطني أشاد فيه بنائبته باعتبارها “مستقبل الحزب”.
وفي خطابه أمام المؤتمر الوطني العام لحزب الديمقراطيين، وصف بايدن مرشح الحزب الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب بالـ”فاشل” والـ”مجرم المدان”. وحض الرئيس الديمقراطي (81 عاماً) الأميركيين خلال كلمته إلى “إختيار مدعية عامة في المكتب البيضوي بدلاً من مجرم مدان” في إشارة إلى هاريس التي كانت المدعية العامة في ولاية كاليفورنيا سابقاً.
إحتل بايدن موقع الصدارة في ليلة إفتتاح المؤتمر الوطني الديمقراطي، حيث قوبل بتصفيق حار من أنصار الحزب.
وبعد أن مسح دموعه عقب تقديم إبنته آشلي له ولوح للحشد الذي حمل لافتات كتب عليها “نحن (نحب) بايدن”، قال الرئيس الأميركي مبتسما “أنا أحبكم”. مضيفاً “هل أنتم مستعدون للتصويت من أجل الحرية؟ هل أنتم مستعدون للتصويت من أجل الديمقراطية وأميركا؟ إسمحوا لي أن أسألكم، هل أنتم مستعدون لإنتخاب كاملا هاريس وتيم والز؟”.
وافتتح خطاب بايدن في شيكاغو المؤتمر الذي يستمر أربعة أيام، والذي تغلب عليه مشاعر الحماس لهاريس والارتياح لتخليه عن محاولته الترشح لفترة جديدة ودعمها لتحل محله.
وجاء قرار الرئيس في 21 يوليو/ تموز عدم خوض الانتخابات المقبلة بعد ضغوط شديدة من زعماء الحزب الذين كانوا قلقين من أن الرئيس البالغ من العمر 81 عاماً أصبح كبيراً في السن بحيث لا يتمكن من الفوز أو البقاء في منصبه لأربع سنوات أخرى.
ظهور مفاجئ لهاريس
والآن، يحث بايدن، الذي شغل منصب نائب أول رئيس أميركي أسود، باراك أوباما، الديمقراطيين على الاتحاد خلف مرشحة، إذا فازت في اقتراع الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، فستصبح أول إمرأة سوداء من جنوب آسيا تُنتخب رئيسة للولايات المتحدة.
وفي خطوة غير متوقعة، ظهرت كامالا هاريس، في المؤتمر الوطني للديمقراطيين، حيث تعهدت بشكل قوي وواضح بهزيمة المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني.
خطت هاريس خطواتها نحو المنصة وسط هتافات داعمة من الحشد، مشددة على أهمية النضال من أجل القيم والمثل العليا التي يعتز بها الديمقراطيون، قائلة: “دعونا نناضل من أجل المثل العليا التي نعتز بها ودعونا نتذكر دائما أنه عندما نناضل نفوز!”
كان من المتوقع أن تظهر هاريس لاحقاً إلى جانب الرئيس جو بايدن، الذي كان المتحدث الرئيسي في الليلة الأولى من المؤتمر الذي يمتد على مدار أربعة أيام في مدينة شيكاغو. وجاء ظهورها ليؤكد أنها المرشحة الديمقراطية الرئيسية التي سيعتمد عليها الحزب في مواجهة ترامب، خاصة بعد الضغوط التي تعرض لها بايدن من داخل حزبه للانسحاب من السباق الشهر الماضي بسبب مخاوف متزايدة من أن سنه المتقدم، قد يجعله غير قادر على الفوز بولاية ثانية أو تحمل أعباء الرئاسة لأربع سنوات أخرى.
كلينتون تدعو لإنتخاب أول إمرأة
من جهتها، دعت المرشحة السابقة إلى البيت الأبيض هيلاري كلينتون خلال المؤتمر العام إلى انتخاب امرأة للمرة الأولى رئيسة للولايات المتحدة. وقالت وزيرة الخارجية السابقة “تشهد الولايات المتحدة شيئاً ما. نشعر بذلك. هو أمر عملنا من أجل تحقيقه وحلمنا به منذ فترة طويلة”.
ودعت كلينتون التي خسرت الإنتخابات الرئاسية أمام الجمهوري دونالد ترامب قبل ثماني سنوات، الأميركيين إلى تجسيد حلمها في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، موعد الإنتخابات المقبلة، و”تحطيم أعلى وأكثر الأسقف الزجاجية صعوبة” من خلال التصويت لـهاريس.
وحذرت كليتون الديمقراطيين قائلة “لا تشتتوا التركيز ولا تناموا على أمجادكم (..) فخلال الأيام الـ78 المقبلة علينا أن نعمل بجهد أكبر من أي وقت مضى”.
خلال حملتها الانتخابية في العام 2016، كانت إستطلاعات الرأي تتوقع فوز هيلاري كلينتون أمام دونالد ترامب وقد نالت غالبية الأصوات على الصعيد الوطني إلا أنها فشلت في الفوز بغالبية الناخبين الكبار الضرورية.
وحملت كلينتون على المرشح الجمهوري الذي يترشح للمرة الثالثة، وقالت “هو أول شخص يترشح لانتخابات رئاسية وهو مدان بـ34 جريمة” في إشارة إلى إدانة ترامب جنائياً في نيويورك في ما شكل سابقة لرئيس أميركي. وأيد الحضور هذه الإشارة وعلت صيحات تطالب بسجن الرئيس السابق.
خطة هاريس الإقتصادية
في غضون ذلك، أعلنت حملة هاريس عن مقترح إقتصادي مهم يتمثل في زيادة معدل ضريبة الشركات من 21% إلى 28% إذا فازت في الانتخابات. وقال جيمس سينجر، المتحدث باسم الحملة، إن هذه الخطوة تعد جزءاً من “طريقة مسؤولة مالياً لإعادة الأموال إلى جيوب العمال وضمان دفع المليارديرات والشركات الكبرى حصتهم العادلة”. تأتي هذه الخطة في إطار رؤية هاريس الاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز العدالة المالية وتقليص الفجوة الاقتصادية في الولايات المتحدة.
عندما كان ترامب رئيساً، قام بتخفيض معدل ضريبة الشركات إلى 21% من 35%، وقدم إعفاءات ضريبية أخرى من المقرر أن تنتهي في العام المقبل. ترامب تعهد بجعل هذه التخفيضات دائمة إذا عاد إلى البيت الأبيض. ووفقاً لتقرير صدر عن اللجنة من أجل ميزانية اتحادية مسؤولة، وهي مجموعة دعم غير حزبية، فإن اقتراح هاريس برفع معدل ضريبة دخل الشركات إلى 28% من شأنه أن يقلل العجز الأمريكي بمقدار تريليون دولار على مدى عقد.
التغييرات المقترحة في قانون الضرائب الأميركي تتطلب موافقة الكونغرس، حيث يخوض الديمقراطيون والجمهوريون معركة شرسة للسيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب. وفي سياق متصل، تعهدت هاريس بالحفاظ على وعد بايدن بعدم زيادة الضرائب على الأشخاص الذين يكسبون 400 ألف دولار أو أقل سنوياً.
في خطاب السياسة الاقتصادية الأسبوع الماضي، قدمت هاريس مقترحات إضافية لخفض الضرائب على معظم الأميركيين، وحظر “التلاعب بالأسعار” من قبل محال البقالة، وبناء المزيد من المساكن بأسعار معقولة كجزء من “اقتصاد الفرص” الذي تعتزم تنفيذه إذا فازت بالرئاسة.
إحتجاجات ضد دعم إسرائيل
بالتزامن مع إنعقاد المؤتمر، إندلعت إحتجاجات كبيرة في شيكاغو نظمها مؤيدو القضية الفلسطينية، إحتجاجاً على دعم إدارة بايدن لإسرائيل في حربها على غزة. مع وصول الرئيس بايدن لحضور افتتاح المؤتمر، تجمع آلاف المحتجين في منطقة ويست سايد، حيث نددوا بدعم الإدارة الأميركية لإسرائيل، مطالبين بوقف إطلاق النار فوراً.
من جهته، أكد بايدن أن المتظاهرين الذين يحتجون على الحرب الدائرة في قطاع غزة أمام مقر المؤتمر العام الوطني “لديهم وجهة نظر” محقة. وأوضح “هؤلاء المحتجون في الشرع لديهم وجهة نظر. الكثير من الناس الأبرياء يقتلون على الجانبين” مضيفاً أن الوقت حان “لإنهاء هذه الحرب”.
وبدأت الإحتجاجات بشكل سلمي، إلا أنها تصاعدت عندما إخترق العشرات من المحتجين جزءاً من السياج الأمني المحيط بالموقع، مما دفع قوات الأمن إلى التدخل سريعاً لاحتواء الموقف. لم يستجب فريق أمن الحزب الديمقراطي لطلبات التعليق على ما إذا كان قد تم اعتقال أي من المحتجين، بينما أكد متحدث بإسم مدينة شيكاغو أن “أفراد من وكالات إنفاذ القانون يتواجدون في الموقع وسنقدم المزيد من المعلومات عند توفرها”.
تصاعدت الهتافات المطالبة بوقف إطلاق النار بشكل ملحوظ قبل خرق السياج، حيث تجمع المتظاهرون في حديقة بمنطقة ويست سايد للاحتشاد. وسط الضوضاء والاضطرابات، وجه الحشد انتقادات لاذعة لكامالا هاريس، مشيرين إليها بلقب “كامالا القاتلة” في إشارة إلى دورها كمرشحة الحزب الديمقراطي الداعمة لسياسات بايدن تجاه إسرائيل.
ورغم الاستعدادات الأمنية المكثفة، تمكن تحالف “الزحف نحو المؤتمر الوطني الديمقراطي”، الذي يضم أكثر من مئتي مجموعة تدافع عن قضايا متنوعة مثل حقوق الإنجاب والعدالة العرقية، من اجتذاب عدة آلاف من المتظاهرين، وهو عدد أقل مما كان متوقعاً. ولكن، بقيت الحديقة التي تجمعوا فيها غير مكتملة الامتلاء.
حاتم أبو دية، المتحدث باسم التحالف، أعرب عن خيبة أمله من الحضور الضعيف مقارنة بما كان متوقعاً، لكنه أكد أن الاحتجاجات ستستمر طوال مدة انعقاد المؤتمر. وقد بدأت بالفعل احتجاجات متفرقة يوم الأحد في وسط مدينة شيكاغو، حيث تجمع حوالي ألف محتج مؤيد للفلسطينيين.
من المقرر تنظيم احتجاج كبير آخر يوم الخميس، الذي من المتوقع أن يشهد قبول هاريس لترشيح الحزب الديمقراطي رسمياً لمواجهة ترامب في الانتخابات القادمة.
ويحتج المؤيدون للفلسطينيين منذ شهور على الدعم العسكري والمالي الذي تقدمه إدارة بايدن لإسرائيل خلال حربها ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) والتي أودت بحياة ما يزيد على 40 ألف فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة في قطاع غزة.