قضت محكمة إسرائيلية بوقف الإضراب العام الذي بدأ صباح اليوم الإثنين، وشاركت فيه قطاعات واسعة بإسرائيل، في حين إعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعماً لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار.
وأمرت محكمة العمل في تل أبيب بأن الإضراب العام الذي أدى إلى توقف معظم الأنشطة الإقتصادية في إسرائيل يجب أن ينتهي الساعة 02:30 بعد الظهر بالتوقيت المحلي (11:30 بتوقيت غرينتش).
وبدأ إتحاد نقابات العمال (الهستدروت) إضراباً عاماً، اليوم الإثنين، للضغط على نتنياهو وحكومته للموافقة على إتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد مقتل 6 أسرى كانت تحتجزهم حركة حماس، مما أثار إحتجاجات حاشدة في جميع أنحاء إسرائيل.
هذا وقد تعطلت خدمات عامة في عدة مناطق بإسرائيل، اليوم الإثنين، إستجابة لإضراب عام أعلنه أكبر إتحاد عمالي للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو من أجل إبرام صفقة تبادل وإعادة الأسرى في قطاع غزة.
دعم كبير
وبدأ الإضراب الساعة السادسة من صباح اليوم، وحظيت الدعوة إلى إضراب عام ليوم واحد، التي أطلقها رئيس اتحاد نقابات العمال (الهستدروت) أرنون بار ديفيد، بدعم شركات صناعية كبرى ورواد أعمال في قطاع التكنولوجيا المتطورة في إسرائيل.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أمس الأحد إستعادة جثث 6 محتجزين بعد العثور عليها داخل نفق بمنطقة رفح جنوبي قطاع غزة، مؤكداً تحديد هوياتهم، في وقت أعرب فيه الرئيس الأميركي جو بايدن عن حزنه على وفاة أحدهم (يحمل الجنسية الأميركية).
وفي محاولة لإجهاض الإضراب، خاطب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش محكمة العمل الإسرائيلية التي كان من المقرر أن تنعقد صباح اليوم، لكن عدة قطاعات لبت الدعوة التي أيدتها أيضاً عديد من مجموعات أصحاب العمل، منها رابطة المصنعين الإسرائيليين وقطاع التكنولوجيا المتقدمة.
وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن النقابات الإسرائيلية أبلغت محكمة العمل أن الإضراب سينتهي الليلة. ونقلت وسائل إعلام عبرية عن سموتريتش قوله إن الإضراب سياسي وغير قانوني، ويجب وقفه حالاً. كما أشارت يديعوت أحرونوت إلى أن إلتماس الحكومة يطلب إصدار حكم بأن الإضراب المفاجئ ليس بسبب نزاع عمالي جماعي، وأنه سياسي.
إسرائيل تستعيد جثث 6 أسرى من غزة وبايدن “حزين” على أحدهم (فيديو)
نتنياهو: الإضراب دعم للسنوار
وفي أول تعليق له بعد قرار محكمة العمل وقف الإضراب، قال نتنياهو إن الإضراب في إسرائيل يمثل دعماً للسنوار (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس)، وفقاً لما نقلته عنه القناة 12 الإسرائيلية.
كما نقلت عنه صحيفة “إسرائيل اليوم” قوله إنه يريد “إعادة المختطفين، لكن هناك أماكن يجب ألا نتخلى عنها، وفيلادلفيا أنبوب أكسجين حماس”.
وكان ديفيد رئيس “الهستدروت” قال إن الاعتبارات السياسية هي التي تعرقل صفقة التبادل مع حماس. وأضاف أن هذه الإعتبارات هي التي أدت لاستقبال جثث بدل الأسرى، ولذلك فإن الاقتصاد يجب أن يتوقف في إسرائيل، في إشارة إلى تصعيد النقابة في وجه الحكومة. وأشار إلى أنه بدل استعادة الأسرى فإن الإسرائيليين يتلقون مزيداً من الجثث، ودعا المجتمع والمنظمات ومختلف الهيئات في إسرائيل للانضمام إلى الاحتجاجات وتوسيعها بدءا من الليلة.
وتسيطر نقابة العمال الإسرائيلية على معظم القطاعات التي تشمل العاملين والموظفين في القطاع العام، بما في ذلك الشركات الحكومية والمجالس المحلية والبلديات.
ونظراً لإمتداد تأثيرها إلى قطاعات حيوية، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، قال متابعون قبيل بدء الإضراب إنه يمكن أن يؤدي إلى شلل شبه كامل للإقتصاد الإسرائيلي، بما يشمل المطارات والمواصلات العامة والخدمات اليومية، فضلا عن توقف عمليات حيوية أخرى.
تأثيرات الإضراب
وتوقفت بعض الخدمات في مطار بن غوريون الرئيسي بإسرائيل، لكنه يواصل إستقبال الرحلات، حسب وكالة رويترز، في حين أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن العاملين بمطار بن غوريون وشركات طيران إسرائيلية قرروا مواصلة الإضراب.
كما توقفت خدمات الحافلات والقطار الخفيف في عديد من المناطق أو واصلت العمل على نحو جزئي. وأضرب العاملون في ميناء حيفا الرئيسي في إسرائيل، وبينما دخلت المستشفيات في إضراب جزئي، بدأت البنوك إضرابا كليا. وعملت عديد من شركات القطاع الخاص على نحو طبيعي مع السماح للموظفين بالمشاركة في الإضراب، مما أدى إلى تعطل كثير من الخدمات.
مظاهرات وإحتجاجات
وبالتزامن مع الإضراب العام في إسرائيل، تظاهر أهالي الأسرى ومتضامنون معهم في أكثر من مدينة، وبادر المتظاهرون إلى إغلاق شوارع وتقاطعات مهمة في تل أبيب والقدس. كما هددوا بتصعيد حراكهم الاحتجاجي حتى تستجيب حكومة نتنياهو لمطلبهم الوحيد، وهو توقيع صفقة تبادل للأسرى مع حركة حماس، والكف عن عرقلة الجهود المبذولة من أجل التوصل إليها.
وفي الأثناء، إشتبكت الشرطة مع متظاهرين من أهالي الأسرى ومتضامنين معهم وسط مدينة تل أبيب، حيث ردد المتظاهرون شعارات تندد بموقف حكومة نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
ورغم محاولات الشرطة السيطرة على المتظاهرين، فإن المحتجين نجحوا بالإستمرار وإغلاق عدد من الشوارع والتقاطعات المهمة، كما إستمروا في ترديد هتافات مناوئة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش.
ومن المتوقع أن تصل الإحتجاجات ذروتها مساء اليوم الإثنين في 3 مظاهرات، ستنظم الأولى قبالة مقر إقامة نتنياهو بالقدس الغربية، والثانية قبالة وزارة الدفاع بتل أبيب، والثالثة قبالة منزل نتنياهو في قيسارية على ساحل البحر المتوسط (37 كلم جنوب حيفا).
وفي المقابل، تظاهر يمينيون إسرائيليون قبالة مقر الحكومة بمدينة القدس الغربية للمطالبة بعدم إبرام إتفاق لوقف الحرب على قطاع غزة.
أكبر المظاهرات منذ بداية الحرب
ويأتي الحراك الحالي بعد أكبر مظاهرات عرفتها إسرائيل منذ بداية الحرب على قطاع غزة، تنديدا بتلكؤ حكومة نتنياهو في إبرام صفقة مع حركة حماس، مما يفسح المجال أمام الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في القطاع.
ووفقت تقديرات إسرائيلية، شارك أكثر من 300 ألف في المظاهرات، في حين نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن منظمي الإحتجاجات في أنحاء إسرائيل أن 770 ألف شخص شاركوا فيها، بينهم 550 ألفا في تل أبيب، وسط إغلاق مفارق طرق عدة في أكثر من موقع في إسرائيل.
ومن جانبه، دعا زعيم المعارضة يائير لأبيد، أمس الأحد، إلى إضراب لإغلاق إقتصاد الدولة بهدف الضغط على الحكومة للتوصل إلى اتفاق من أجل إطلاق سراح الأسرى المتبقين في قطاع غزة. وأكد أن بنيامين نتنياهو اخترع عقبة محور فيلادلفيا لإحباط التوصل إلى صفقة بهدف منع سقوط حكومته. وأضاف في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية، أن نتنياهو سيخترع محورا آخر وعقبة جديدة، لأن كل ما يهمه هو استمرار حكومته الفاشلة وبقاؤه رئيسا للوزراء.
من ناحيتها، أوردت القناة الـ12 الإسرائيلية أن نتنياهو هاجم وزير الدفاع يوآف غالانت خلال اجتماع الطاقم الوزاري المصغر الليلة الماضية. وقال إنه ليس أقل إرادة منه في ما يخص مسألة إعادة المخطوفين، وإنه حارب من أجل إعادة هؤلاء أكثر من غالانت، غير أن الانسحاب من فيلادلفيا يعد “جائزة للإرهاب”.