الجمهورية –
في الوقت الذي تعالت فيه أصوات غالبية الفرقاء السياسيين داعيةً رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب الى تفعيل حكومة تصريف الاعمال في ظل الانهيار القائم، أطلّ دياب باكياً شاكياً كما العادة وملوّحاً بالتوجه شرقاً “في حال إستمر حصار اللبنانيين ومعاقبتهم”، ليصحّ المثل القائل إنما بطريقة معاكسة: “منِحكي بالغرب بيجاوِب بالشرق”. إذ قالها دياب بالفم الملآن: “الحصار سيدفع حكماً لتغيير في التوجهات التاريخية لهذا البلد، وسيكتسب هذا التغيير مشروعية وطنية تتجاوز أيّ بُعد سياسي لأنّ مقومات الحياة لا تعرف هوية جغرافية او سياسية ولا تقيم وزناً للمحاور الغربية والشرقية والشمالية…”.
كلام دياب، بحسب المعلومات، فاجأ السفراء خصوصاً سفيرتي الولايات المتحدة دوروثي شيا والفرنسية آن غريو. والأخيرة لم تكتف بالإصغاء فقط، بل كان لها رَد ذكّرت فيه دياب انّ فرنسا قامت بواجباتها تجاه لبنان، والأَوْلى قيام دياب بواجباته الوطنية وتفعيل عمل حكومته المستقيلة.
الملفت انّ رئيس حكومة تصريف الأعمال لم يكتفِ فقط بالتلويح بقرار لا مفرّ منه، ألا وهو الذهاب شرقاً، بل حَيّد نفسه عن إجترار الحلول، معتبراً أنه فعلها في السابق من خلال الخطط الإقتصادية التي وضعتها حكومته إلّا أنه لم يتم التقيّد بها، مبرّراً عدم إلتئام حكومة تصريف الأعمال أو عقد إتفاقات مع البنك الدولي مَردّه الى عدم ثقته بالتزام الحكومة الجديدة المستقبلية بتلك الإتفاقات، ولذلك اختار الحياد والشكوى لله وللسفراء على قاعدة «اللهم إشهد انّي بَلّغت”.
عريضة للمحاسبة
في المقلب الآخر، تتحضّر كتلة نيابية وازنة لتوقيع عريضة نيابية تطالب بمحاسبة دياب للإخلال بالواجبات الوظيفية وهذه العريضة حالياً قيد الدرس والمتابعة، تدقّق في تفاصيلها كتلة “الجمهورية القوية”. وبحسب المعلومات يأمل حزب “القوات اللبنانية” حصول هذه العريضة على تواقيع ثلث أعضاء المجلس النيابي ليتم قبولها من قبل الرئيس نبيه بري، أي بعد أن يوقّعها 26 نائباً لتصبح نافذة.
وفي السياق، وفي تعليق على الكلمة التي ألقاها دياب أمس عن حصار لبنان وعن احتمال قسري لِتوجّهه شرقاً! دعت “القوات” إلى بحث أسباب الحصار لإلغائها، وصَرّحت مصادر كتلة “الجمهورية القوية” لـ”الجمهورية”، في تقييمها لكلمة دياب، “انّ هذا الحصار أساساً ليس من طرف واحد او جهة واحدة بل سببه الانسلاخ والانعزال عن محيطنا العربي التاريخي وعن هويتنا التي ارتضيناها في دستورنا… ونحن أعضاء في جامعة الدول العربية وغيرها إلّا أننا اخترنا الدخول في الصراعات العربية إمّا بالسلاح او بالنشاط الحربي مباشرة وإمّا بالمواقف والسلوكيات العدائية تجاه بعض العرب… لذلك، تدعو القوات اللبنانية، بحسب مصادرها، عوض ان يفكّر دياب في تغيير التوجهات اللبنانية فليفكّر بـِ ما هي أسباب هذا الحصار؟ وما هو سبب الانسلاخ عن العمق العربي الطبيعي والعمل على تصحيحه؟”.
وأضافت المصادر: “فليقل لنا المعنيون اذا كنّا اعترضنا مرة على موقف او قانون يمنع الصينيين من المجيء والاستثمار في لبنان فلماذا لا يوجّه السؤال الى الصين؟ لماذا تمتنع عن الاستثمار في لبنان؟ والسؤال الأهم هل هناك بيئة مؤاتية للاستثمار الاجنبي من أي مكان شرقاً أتى أو غرباً؟ وهل هناك بيئة مناسِبة وقضاء موائِم؟ وهل هناك عملة مؤاتية؟ وهل هناك استقرار سياسي وأمني يشجع دول العالم على الاستثمار في لبنان؟”.
ونبّهت المصادر نفسها إلى أنه “اذا كان المقصود ربط سياسة لبنان بمحاور عالمية انطلاقاً من حفنة من المساعدات، أي شراء موقف لبناني بحفنة من المحروقات او من العمولات الصعبة، فهذا يعني انّ دياب يريد إعادة اللبنانيين الى الوراء والمجهول وهذا مرفوض لأنّ القرار ليس له ولا لأي حكومة أخرى”.
امّا بالنسبة الى إعلان دياب بأنه يخشى التوقيع مع البنك الدولي بسبب عدم ثقته بالتزام الحكومة الجديدة الاتفاقات، فاعتبرت المصادر نفسها انّ كلامه خروج عن الاحكام الدستورية والمبادئ الاساسية إذ أن الحكم هو إستمرارية، وانه عند التزام الدولة اللبنانية مع البنك الدولي باتفاقات مصدّقة من المجلس النيابي من المؤكد انها ستكون ثابتة. واستغربت المصادر استنتاج دياب، سائلةً “هل تتغيّر الاتفاقات المعقودة مع البنك الدولي كلما يتبدّل المجلس النيابي؟ وهل تتبدّل أيضاً تلك الاتفاقات مع تشكيل كل حكومة جديدة؟!” لافتة الى انّ كلام دياب ليس منطقياً بالمطلق.
وفي السياق، ترى الأكثرية الساحقة من اللبنانيين والخبراء الدستوريين أنّ على حكومة تصريف الاعمال، بل لِزام عليها الاجتماع من اجل إيجاد الحلول للأزمات المستفحلة في لبنان، وعدم اجتماعها يشكّل بحد ذاته مخالفة دستورية وليس العكس، وفي الوقت الذي يغرق لبنان يصرّ رئيس حكومته المستقيل على عدم تصريف الاعمال عملياً، بل التوجّه الى اتخاذ المواقف السياسية والتلويح بالذهاب شرقاً.
لقراءة المقال كاملاً.. أنقر/ي هنــا