شهد قصر بعبدا قبل ظهر اليوم، لقاءات تناولت شؤوناً وزارية وسياسية وتربوية، فيما تابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأوضاع العامة في البلاد والمواضيع الحياتية.
واستقبل الرئيس عون وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب وعرض معه عدداً من المواضيع المتعلقة بالتطورات الدولية الاخيرة، ومسألة التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب، كما تطرق البحث الى اوضاع الدبلوماسيين اللبنانيين في الخارج، اضافة الى آخر المعطيات المتصلة بعملية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، فضلاً عن موقف لبنان من المواضيع المدرجة على جدول اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة في دورتها العادية التي تبدأ بعد ايام. وتطرق البحث ايضاً الى ملف النازحين السوريين والاتصالات التي تقوم بها وزارة الخارجية في هذا الشأن.
كما استقبل الرئيس عون وزير العدل القاضي هنري خوري، واجرى معه جولة افق تناولت عمل المحاكم واوضاع القضاة، اضافة الى شؤون تتعلق بسير العمل في وزارة العدل.
سياسياً، استقبل الرئيس عون الوزير السابق المهندس جان لوي قرداحي، وعرض معه الاوضاع العامة في البلاد والتطورات السياسية الاخيرة. وخلال اللقاء، شكر الوزير السابق قرداحي رئيس الجمهورية على دعمه للقرار الذي اصدره وزير التربية والتعليم العالي اخيراً والذي قضى بتعديل تسمية ثانوية فكتور غوش الرسمية في جبيل لتصبح “ثانوية السيدة منى عدوان قرداحي الرسمية” والدة الوزير السابق قرداحي التي وهبت العقار الذي بنيت عليه الثانوية والذي تبلغ مساحته ستة آلاف متر مربع، وانجز التصميم النموذجي للثانوية المهندس لويس قرداحي وباشر التنفيذ على نفقته الخاصة، واكمله ليصبح اهم مجمّع تربوي في قضاء جبيل.
واستقبل الرئيس عون النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع والخارجية والمغتربين بالوكالة السيدة زينة عكر التي عرضت مع الرئيس عون الاوضاع العامة في البلاد، وقدمت اليه الكتاب الذي اعدته عن انتخابات مجلس النواب اللبناني 2022، ارقام واحصاءات وصدر عن “الدولية للمعلومات”. ونوّه الرئيس عون بالجهود التي بذلت لانجاز الكتاب وما تضمنه من معلومات وارقام.
على الصعيد التربوي، استقبل الرئيس عون الامين العام للمدارس الكاثوليكية الاب يوسف نصر والاخت باسمة الخوري من الامانة العامة، حيث تم عرض الواقع التربوي في البلاد واوضاع المؤسسات التربوية عموماً والمدارس الكاثوليكية خصوصاً.
وأطلع الاب نصر الرئيس عون على استراتيجية المدارس الكاثوليكية في مواجهة الازمة الاقتصادية المالية حفاظاً على رسالة التعليم والتربية في لبنان، لا سيما بعد ثلاث سنوات على الازمة التي استنفذت المؤسسات التربوية كل المخزون المدّخر وامتناع المصارف عن تسييل اموال المؤسسات واموال الاهالي الموضوعة لديها. ولفت الى ان هذه الاستراتيجية تقوم على انشاء “صندوق دعم بالدولار” يموّل من قبل الاهالي ومن المساعدات الخارجية والداخلية “بغية رفد راتب المعلم القانوني بمساعدة اجتماعية بالفريش دولار تتراوح بين المئة والثلاثمائة دولار شهرياًَ حسب قدرة الاهل والمدرسة، ومن ثم تغطية حاجة المدرسة الى المازوت لتشغيل المولد الكهربائي وتأمين التدفئة في فصل الشتاء، وتترافق هذه السياسة مع تفعيل السياسات الاجتماعية في كل مدرسة لئلا يكون الحل على حساب الطبقة الفقيرة والمهمشة وهي سياسة من صلب رسالة الكنيسة الاجتماعية لتفتح ابوابها امام جميع الاهل دون اي تمييز او تفضيل. ونحن ملتزمون بهذه الروحية وبهذا النهج الذي يشكل علة وجود المدرسة الكاتوليكية في لبنان”.
واوضح الاب نصر للرئيس عون ان المدارس الكاتوليكية سوف تعقد مؤتمرها الثامن والعشرين في 1 و7 ايلول الجاري في مدرسة مار الياس للراهبات الانطونيات في غزير، برعاية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تحت عنوان “الحوكمة في المدرسة الكاتوليكية من منظور الدينامية المجتمعية”، علما ان هذه الدينامية دعا الى عيشها والتفكير بها البابا فرنسيس المسيرة السنودوسية التي بدأت من تشرين الاول 2021 وتنتهي في تشرين الاول 2023.
ودعا الاب نصر الى اعتماد نظام تربوي حديث ومتطور يحاكي تطورات العالم الرقمي والتكنولوجي، معتبراً ان المناهج التربوية الحالية اقرّت في عام 1994 ودخلت حيز التنفيذ العام 1997 واصبحت قديمة. واضاف: بما ان الهدف المباشر حالياً هو استكمال العمل بوثيقة الاطار المرجعي لتصدر بشكل رسمي من الوزارة او من مجلس الوزراء، اقترح تفعيل لجنة الصياغة مع الاستمرار في تجميد سائر اللجان الاخرى، على ان يتم اعادة النظر في تركيبتها لكي تتضمن اكاديميين مختصين لهندسة المناهج وصناعتها، بحيث تضمن التركيبة الجديدة التوازن القائم في البلد وتريح كطل الافرقاء. اما الاقتراح الثاني فيقوم على اعادة تشكيل كل اللجان بعيداً عن تدخل السياسة مباشرة بالشأن التربوي، وبما يحفظ التوازن القائم في البلد ويريح كل الافرقاء، على ان تعنى بالامر لجنة يشكلها معالي الوزير برئاسة رئيسة المركز التربوي ومشاركة البروفسور منير ابو عسلي واشخاص اخرين ينتدبهم معاليه خصوصا لهذه المهمة”.
وتطرق الاب نصر الى ما وصفه بـ” معضلة المدرسة المجانية التي وجدت لتخدم الطبقة الاكثر فقرا ولكنها تجد نفسها اليوم متروكة من قبل الدولة اللبنانية”، مقترحاً قيام الدولة بدفع مساهماتها لها عن السنين الممتدة من 2017 حتى 2022 وهي لا تتخطى الخمسمائة مليار ليرة لبنانية عن كل الفترة السابقة او ما يوازي 15 مليون دولار على سعر صرف الدولار الحالي، وان يعمل وزير التربية على اصدار قرار استثنائي في ظل الظروف الاستثنائية، يسمح للمدرسة الخاصه المجانية ان تتقاضى عن التلميذ مبلغ خمسة ملايين ليرة للعام الدراسي 2022-2023 بالاضافة الى كلفة صفيحة المازوت والتأمين والطبابة والقرطاسية بالدولار بما لا يتجاوز 50$ اميركياً.
من جهته، اكد الرئيس عون على صعوبة الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي انعكست على سائر القطاعات ومنها القطاع التربوي والمدارس عموما، داعياً الى ان يدرس المؤتمر الذي تعقده المدارس الكاثوليكية الواقع الراهن ويضع برنامج عمل يتم درسه في حلقات دراسية متخصصة تصدر عنها قرارات وتوصيات تتناغم فيها ضرورة المحافظة على المستوى التربوي مع اوضاع اهالي الطلاب الاقتصادية والمالية. واعتبر الرئيس عون ان ادارات المدارس في لبنان كافة مدعوة الى مقاربة الوضع التربوي بمنظار يأخذ في الاعتبار ان التعليم حق مقدس على الجميع توفيره للطلاب بالتوازي مع عدم ارهاق ذويهم، لاسيما اولئك الذين يواجهون ظروفاً اقتصادية ومالية صعبة بسبب الاوضاع الرهن في البلاد وارتفاع سعر الدولار قياساً الى الليرة اللبنانية.
تربوياً، استقبل الريس عون وفداً من “الصندوق التعاضدي لقدامى مدارس الفرير في لبنان (MAEF) برئاسة السيد ريشار دايه الذي عرض لرئيس الجمهورية الاجراءات التي يعتمدها الصندوق لمساعدة طلاب مدارس “الفرير” في لبنان للبقاء في مدارسهم وعدم الانتقال الى مدارس اخرى، ومساندة ذويهم مالياً لتحقيق ذلك. وطلب السيد دايه من الرئيس عون، بصفته احد قدامى مدرسة “الفرير” وهضو فخري في الصندوق، دعم هذه الخطوة التضامنية.
وتحدث خلال اللقاء الاخ اميل عقيقي الذي شكر الرئيس عون على مواقفه الداعمة للتعليم وللمدرسة في لبنان، لا سيما من خلال توقيعه القانون الرقم 46 “الذي لولاه لكان واقع التعليم في لبنان في وضع اكثر صعوبة مما هو الآن.” وتمنى على رئيس الجمهورية الايعاز الى من يلزم بتنفيذ ما ورد في القانون المذكور لجهة صرف مبلغ 350 مليار للمدارس الخاصة لمساعدتها على مواجهة الظروف الصعبة الراهنة بحيث تتمكن من اكمال رسالتها التربوية والاجتماعية في آن. واستذكر الاخ عقيقي الزيارة التي قام بها الرئيس عون الى مدرسة “الفرير” في بيروت لمناسبة الاحتفال الذي اقيم في حينه على مرور 125 سنة على انشائها.