للمرة الأولى منذ إندلاع الأحداث في سوريا، وما تبعها من انقسام لبناني حول الموقف من دمشق، كلّفت الحكومة اللبنانية أحد أعضائها، رسمياً، التواصل مع السلطات السورية للبحث في أمور عالقة تتعلق بالرسوم على الشاحنات اللبنانية التي تعبر الأراضي السورية في طريقها إلى الدول العربية. علماً أن الزيارات التي قام بها وزراء في الحكومة السابقة وقبلها كانت تتم بشكل شخصي أو بموافقة شفهية من رئيس الحكومة.
ففي الجلسة الحكومية الأولى في السراي الحكومي برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي أمس، عرض وزيرا الصناعة جورج دباكيان والزراعة عباس الحاج حسن للصعوبات التي تعترض الصادرات الزراعية والصناعية، تحديداً في ما يتعلق بكلفة النقل المرتفعة. ولدى استفسار ميقاتي من وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية حول الأسباب، شرح له الأخير أزمة الرسوم المرتفعة على الشاحنات اللبنانية التي تعبر سوريا إلى الدول العربية. عندها طلب ميقاتي من وزير الأشغال التواصل مع الجانب السوري للبحث في حلول، مؤكداً أن “لا مشكلة لدينا في التواصل مع أحد شرط عدم الإضرار بمصالح البلد”. إلا أن حمية أصر على أن يجري الأمر بـ”تكليف رسمي”، فوافق ميقاتي وأكد له أن الحكومة تكلفه رسمياً التواصل مع نظرائه السوري والعراقي والأردني والتركي، وسُجل ذلك في محضر الجلسة بناء على طلب وزير الأشغال.
غياب وزير الطاقة وليد فياض عن الجلسة بداعي السفر جنّب الحكومة البحث في بندين أساسيين على جدول الأعمال كان يمكن أن يوتّرا الجلسة. إذ سارع ميقاتي إلى سحب البند المتعلق بصفقة تقديم اليد العاملة الداعمة لمؤسسة شركة كهرباء لبنان وصفقة تقديم يد عاملة فنية مساندة في عمال الصيانة والاستثمار، لأن “لا توافق عليه وهناك كثير من الملاحظات بشأنه شكلاً ومضموناً، حتى من قبل السلطات الرقابية التي تعتبر أن فيه مخالفة”، إضافة إلى أن “وزير الطاقة غير موجود”. كما أُرجئ البحث في مشروع مرسوم يرمي إلى إبرام مذكرة تفاهم بين وزارتي الطاقة اللبنانية والقبرصية بشأن التعاون في قطاع النفط والغاز. إذ طالب عدد من الوزراء تأجيله، وأصر حمية على ذلك، “أولاً لأن الموضوع يحتاج إلى دراسة ونقاش، وهو مطروح بشكل مبهم”، وثانياً لأن “الوزير المعني غير موجود”.
رئيس الحكومة بدأ الجلسة بمطالعة تحدث فيها عن أولويات الحكومة، وهي “الأمن بالاستناد إلى الجيش والقوى الأمنية وقوات الأمم المتحدة، والموضوع الاجتماعي، والخدمات التي تتقدمها الكهرباء والهاتف والماء والمرفأ والنفايات، كذلك موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي”. ولفت إلى أن”لجنة التفاوض ستبدأ عملها قريباً جداً، ونتوقّع أن نصل إلى تقدم خلال ثلاثة أسابيع”. وأكد وزير الاقتصاد أمين سلام رداً على أسئلة زملائه حول أجواء التفاوض مع صندوق النقد بأن “لبنان سينجح في التوصل إلى اتفاق قبلَ آخر هذا العام”.
واتخذ مجلس الوزراء عدداً من القرارات من بينها الموافقات الإستثنائية التي صدرت خلافاً لرأي ديوان المحاسبة بعد الاستماع إلى رأي رئيس الديوان، والموافقة على إبرام اتفاقية منحة رابعة مقدمة من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية للاستجابة لأزمة النازحين السوريين، تخصيص مبلغ 50 مليار ليرة بموجب المادة 85 من الدستور لاستكمال دفع التعويضات لمتضرري انفجار مرفأ بيروت، ونقل اعتمادات من احتياطي الموازنة العامة إلى الإدارات لزوم نفقات طارئة. كما وافق من خارج جدول الأعمال على قبول هبة مقدّمة من فرنسا عبارة عن 500 ألف لقاح فايزر.
إلى ذلك، علمت “الأخبار” أن وزارة الطاقة لن تصدر اليوم جدول تركيب أسعار المحروقات، وستبدأ حملة تدقيق في الكميات المخزّنة داخل المحطات، وستتخذ إجراءات في حق المخالف منها تصل إلى حد إغلاقها. وأعلن فياض في بيان أن “تصرفات بعض أصحاب محطات المحروقات بإقفالها بحجة انتظار التسعيرة الجديدة، وردها إلى عدم تسليم الشركات لهذه المادة، شكل ابتزازاً وخرقاً للقوانين (…) وكان عليهم الاستمرار بتسليم هذه المادة طالما أنه لم تصدر تسعيرة جديدة، خصوصاً أن معظم المحطات لديها مخزون من المحروقات تم شراؤه وفق التسعيرة السارية المفعول”.