في سياق “زحمة” الموفدين الدوليين الذين يزورون لبنان، بعد نحو شهر من تشكيل الحكومة، تصل إلى بيروت فجر اليوم نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند على رأس وفد يضم مسؤولاً رفيعاً في الخزانة الأميركية، المسؤولة عادة عن فرض العقوبات.
وفي هذا السياق، تشير معلومات “الأخبار” إلى إن نولاند قد تطرح تمويل مشاريع إنمائية وكهربائية بعد العرض الإيراني ببناء معملين لإنتاج الطاقة، تماماً كما حدث لدى مسارعة السفيرة الأميركية دوروثي شيا إلى إعلان موافقة بلادها على استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية بعد إعلان حزب الله عن استقدام باخرة المازوت الإيراني الأولى.
على أن أهم ما في زيارة نولاند هو ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، والتمهيد لزيارة يقوم بها في وقت لاحق هذا الشهر لبيروت، المستشار الأول في الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، الذي عُيّن أخيراً رئيساً للوفد الأميركي إلى المفاوضات غير المباشرة للترسيم بدلاً من جون ديروشيه.
وعودة هوكشتاين إلى تسلم الملف الذي كان يعمل فيه قبل عام 2008، على رغم الالتباس الذي يثيره حمله للجنسية الإسرائيلية وخدمته في جيش العدو، مؤشر قوي إلى أن الإدارة الأميركية وضعت هذا الملف على نار حامية. إذ إن هوكشتاين من المقربين من الرئيس الأميركي جو بايدن، وعمل سابقاً مستشاراً له في مجال الطاقة الدولية، كما أنه، بحسب مصادر مطلعة، “متمكّن تماماً من البعدين السياسي والتقني لهذا الملف، وله علاقاته الواسعة في كل من لبنان وإسرائيل، وقادر على طرح مبادرة تخرج الأمور من عنق الزجاجة”.
بحسب المصادر، يبدو الأميركيون مقتنعين بأن الأمور نضجت لدى جميع الأطراف من أجل إقفال هذا الملف.
عودة هوكشتاين تعيد إحياء ما يسميه مسؤولون لبنانيون “طرح آموس” حول “الحساب المشترك”. فالرجل هو صاحب اقتراح “إبقاء المنطقة المتنازع عليها على ما هي عليه، وتكليف شركة مختصة باستخراج النفط والغاز والعمل فيها، على أن توضع الأرباح في صندوق وتُقسّم لاحقاً باتفاق بين الجانبين برعاية أميركية”.
على أن التطورات في المنطقة، منذ وضع هذا الاقتراح موضع التداول، قد تتضمّن مقاربة جديدة، ترضى فيها الولايات المتحدة بتقاسم خريطة النفوذ على البلوكات اللبنانية بين مختلف الأطراف: البلوكات الجنوبية الغنية بالنفط والغاز تستثمر فيها شركات قطرية أو إماراتية، وضمناً شركات أميركية، وهو ما عبّر عنه هوكشتاين نفسه في تغريدة له نهاية العام الماضي عندما كتب أن “أدنوك (شركة بترول أبو ظبي الوطنية) يُمِكن أن تكون جزءاً أساسياً في حلّ النزاع البحري بينَ لبنان وإسرائيل، إذا ما أُعطيَت حصّة تشغيلية في البلوكات الحدودية بين الجانبين”، والبلوكات الوسطى لشركات أوروبية، والشمالية لشركات روسية، مع عدم استبعاد حل “الحساب المشترك” مع سوريا أيضاً في حال عدم التوصل إلى ترسيم سريع للحدود البحرية بين البلدين. ناهيك عن “عدم ممانعة” أميركية لمشاركة إيرانية في أعمال التنقيب، تحت العلم الروسي أو الأوروبي، خصوصاً إذا ما وصلت المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران إلى خواتيم سعيدة.