تتسارع الأمور على “جبهة” الكهرباء. ففيما تلقت الحكومة المصرية رسالة أميركية رسمية تسمح لها بتوريد الغاز الطبيعي إلى لبنان عبر سوريا من دون التعرض لعقوبات “قانون قيصر”، أنهى وزير الطاقة وليد فياض زيارته للعراق باتفاق يضمن للبنان، بشكل منتظم وبمرونة أكبر، الحصول على الفيول أويل اللازم لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء وزيادة عدد ساعات التغذية اليومية. فيما أنهت الفرق الفنية السورية صيانة 30 من أصل 83 برجاً متضرراً على شبكة الربط الثماني التي ستنقل الكهرباء من الأردن إلى لبنان.
مصادر مطلعة على مسار ملف الكهرباء أفادت لـ“الأخبار” بأن الحكومة المصرية تلقّت الرسالة التي كانت تنتظرها من الولايات المتحدة والتي تسمح لها بتوقيع عقد مع لبنان لتزويده بالغاز الطبيعي عبر خطّ الغاز العربي الذي يصل إلى سوريا ومنها وصلة إلى معمل دير عمار. الرسالة تسمح لمصر والشركات العاملة على صيانة وتشغيل الخط، بيع الغاز إلى لبنان من دون أن تكون عرضة لأي عقوبات قد تنتج من قانون قيصر الأميركي. وبالاستناد إلى هذه الرسالة، سيوقع لبنان، وفق المفاوضات التي أجراها فياض في القاهرة، عقداً لشراء الغاز من مصر يمتدّ لنحو عشر سنوات. لكن لا يمكن الاكتفاء بهذا الأمر، إذ إن الأمر مرتبط أيضاً بالكميات التي سيسمح لمصر تزويد لبنان بها. الكمية ضرورية لحسم عدد ساعات التغذية الإضافية التي ستتأمن عبر تشغيل مولدات دير عمار بواسطة الغاز المصري، علماً بأن الصيانة على خطّ الغاز باتت منجزة. وسعر الغاز، مهما كان مرتفعاً، ولا يؤمل أن يكون كذلك خصوصاً في ظل عقد طويل المدى كالعقد الذي يتفاوض عليه فياض مع الجانب المصري، فإن كلفته في إنتاج الكهرباء تبقى أقلّ من كلفة الإنتاج بواسطة الفيول أويل إلى جانب أضرار بيئية أقل.
في سياق متّصل، عاد فياض أمس من بغداد في زيارة تفاوض خلالها على عقد الفيول. وبحسب مصادر “الأخبار”، فإن فياض سعى لتكون لدى لبنان مرونة في تنفيذ عقد استبدال كميات النفط الخام التي يحصل عليها من العراق. المرونة تعني إعادة توزيع الكمية الباقية من عقد الفيول العراقي على مدى زمني أقصر. القيام بهذه العملية يتطلب تثبيت الكمية الشهرية التي يحصل عليها لبنان من العراق بنحو 80 ألف برميل، ثم التفاوض مع الجهات التي ستقوم بعملية استبدال النفط الخام بالفيول أويل باعتبار أن العقد يضمن لها الحصول على الكمية خلال 10 أشهر، إنما يمكنها أن تعيد توزيع الكمية المستبدلة ضمن فترة لا تتجاوز 7 أشهر. بهذه العملية سيدفع لبنان كلفة أكبر لعملية الاستبدال، إنما سيربح فرصة لزيادة كمية الفيول أويل التي سيحصل عليها شهرياً ما يتيح له زيادة الإنتاج في معامل مؤسسة كهرباء لبنان وزيادة ساعات التغذية. خيار كهذا يُؤخذ، بحسب المصادر، في الحالات التي ترسم فيها الحكومات طريقاً واضحاً نحو استدامة الإنتاج مستقبلاً، أي أنها تعرف أنها ستقوم بالاستثمار في القدرة الإنتاجية وزيادة عدد ساعات التغذية خلال فترة لا تتجاوز 7 أشهر أيضاً. هذا رهان قائم حالياً باعتبار أن واحداً من الهموم الأساسية هو تأمين الكهرباء لتقليص كلفتها في الموازنة. باستثناء النفط العراقي واستبداله بالفيول أويل، فإن خياري الغاز المصري والكهرباء الأردنية، هي خيارات طويلة المدى لكنها ليست كافية من دون الاستثمار في زيادة القدرة الإنتاجية المحلية، إنما قد تكون كافية لرفع تعرفة الكهرباء.
في الإطار نفسه، وردت معلومات من سوريا تشير إلى أن أعمال الصيانة على خطّ شبكة الربط الثماني التي ستنقل الكهرباء من الأردن إلى لبنان عبر سوريا، متواصلة، إذ أنهى الجانب السوري تصليح نحو 30 من 83 برجاً متضرراً. صحيح أن الجانب السوري التزم بإنهاء أعمال الصيانة ضمن حدّ زمني أقصى في نهاية السنة الجارية، إلا أن استمرار أعمال الصيانة بهذه الوتيرة قد يتيح مباشرة تنفيذ الاتفاق مع الأردن قبل نهاية السنة.