هيام القصيفي – الأخبار
في موازاة الإستعداد لتقديم الطعن في قانون الإنتخاب الذي قد يحمل كثيراً من الثغر والمطبّات، تنشط حركة تسجيل غير المقيمين في السفارات والبعثات الديبلوماسية وعبر الموقع الإلكتروني، قبل انتهاء المهلة في 20 من الشهر الجاري، وسط حملة إعلامية وسياسية وحزبية لحث المغتربين على تسجيل أسمائهم. فيما بدأ الكلام عن اقتراع غير المقيمين يصبح فائق الأهمية استناداً إلى جملة معطيات. ففي أول عملية اقتراع حصلت عام 2018، تسجل بحسب وزارة الخارجية، آنذاك، 82900 مقترع توزعوا على 40 بلداً، فيما لامس العدد الحالي للمسجّلين عتبة الـ110 آلاف، قبل ثمانية أيام من إقفال باب التسجيل.
وعلى رغم ضعف التسجيل تقنياً وبطء العملية ووجود ثغرات وشوائب، تنشط منذ أيام حملات إعلامية وسياسية من الأحزاب، لا سيما المعارضة منها، وقوى المجتمع المدني وشخصيات فاعلة في بلاد الإغتراب للحث على التسجيل ورفع النسب في مهلة قصيرة، تواكبها اندفاعة مجموعات إغترابية والأحزاب الناشطة في عدد من الدول لتجييش غير المقيمين وتلمّس اتجاهاتهم في عملية الاقتراع. علماً أن الأيام الأولى للتسجيل شهدت أرقاماً منخفضة وغير مشجعة، ما دفع بهذه الأحزاب والشخصيات إلى الاستنفار لتجييش الناخبين عبر حملات مركزة.
وارتفاع عدد المسجلين وتوقع أن يفوق الـ 200 ألف في الأيام المتبقية، مبني على أن تجربة عام 2018 حققت أول خطوة أساسية، وإن لم تكن على المستوى المنتظر، بعدما كثرت المناشدات والوعود باقتراع غير المقيمين، في وقت لم تكن الخصومات السياسية على هذا القدر من التشنج. وما تراهن عليه بعض القوى السياسية هو أن نسبة من تركوا لبنان حديثاً، على الأقل منذ سنتين، لا سيما من الفئات الشبابية، قد تشكل عنصراً فعالاً في تأطير المقترعين، وتحديداً ضد أحزاب السلطة، إستناداً إلى الأحداث التي شهدها لبنان منذ 17 تشرين وصولاً إلى الانهيار الحالي على كافة المستويات المعيشية والصدامات السياسية، ما يشكل حوافز للمنتشرين والجدد منهم بالتسجيل والاقتراع لمعارضي السلطة. وهذا العامل بدأ يثير قلق الأحزاب الموالية وقوى السلطة التي لديها أيضاً قاعدتها وبدأت أعداد مناصريها المسجلين خارج لبنان ترتفع تدريجاً في بعض الدول التي تخضع للمعاينة الدقيقة. علماً أن كل ماكينات الأحزاب الناشطة في الخارج ترصد عمليات التسجيل وارتفاع الأعداد يومياً والحملات في الدول ذات الثقل الحزبي وتوزع الناخبين.
الخشية الأساسية لدى المراهنين على ارتفاع أعداد الناخبين، كما هي حال أوروبا وأستراليا والدول العربية، في وجه خاص مع كل التأثيرات الأخيرة بفعل الأزمة السياسية بين لبنان ودول الخليج، تكمن في أداء السلطة وأحزابها تجاه العملية الانتخابية برمتها. لكن البداية تبقى أولاً من القلق على قانون الانتخاب الذي سيكون قابلاً للطعن في الفترة نفسها التي تنتهي فيها مهلة تسجيل المغتربين والكشف عن أعدادهم وتوزعهم.
فارتفاع الأعداد الذي سيفهم منه في حال دراسته عملانياً، أي توزع المسجلين على الأقضية والدول والطوائف، احتمال فوز أحزاب المعارضة، قد يكون سبباً في الضغط السياسي على المجلس الدستوري لتطيير انتخاب المنتشرين النواب الـ 128 والعودة إلى بند انتخاب النواب الستة بحسب القارات. هذا الأمر يعني اختلاط الحابل بالنابل في معمعة انتخابية لا يمكن الخروج منها بسهولة. لأن العودة إلى المقاعد الستة تترجم بأن كل عملية التسجيل، والحشد السياسي والحزبي لها، لن تعود لها قيمتها باختلاف عمليات الاقتراع والهدف منها في استقطاب الناخبين وتركيز تصويتهم بحسب الدوائر المحلية. كما ستكون العودة إلى المجلس النيابي للبحث في القانون مناسبة لتعليق هذا البند برمته، لأن لا آلية لاقتراع المنتشرين للمقاعد الستة، ولا وضوح في طريقة تطبيقها. فهذه عملية تحتاج إلى نصوص وآليات ومراسيم تطبيقية. وهذا كله غير متوافر وغير قابل للعمل به في الأوقات الضاغطة. وإذا كانت رسالة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب إلى وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي حول المهل المتعلقة باقتراع المغتربين أول إشارة سلبية حول مصير هذا الاقتراع، والإشكالات المتعلقة بتحديد أدوار جميع المسؤولين عن العملية الانتخابية برمتها، فإن دور غير المقيمين في استحقاق 2022 سيكون محطة مفصلية بين الشعارات التي تطالب منذ سنوات باقتراعهم، وبين وقائع عملية في دورة الحياة السياسية المعتادة والقائمة على أن قرار الانتخابات لم يتخذ بعد، على رغم كل التصريحات السياسية التي تؤكد حصولها.