حتّى الموت قد لا يُنجدك من السرقة في بلد مثل لبنان، وتحديداً بعدما دخل الـ”فريش دولار” أخيراً على خطّ “تجارة القبور”. تعود سرقة المدافن من “جبّانة بئر حسن” وبيعها مرّة ثانية وثالثة إلى سنين طويلة، مع الإشارة إلى أن ملكية القبور في الجبانة قد لا تقتصر على اللبنانيين، إنما لمن يدفع أكثر من الأجانب، وحجز القبر الواحد قد تصل كلفته إلى نحو 5000 دولار أميركي.
“ما يحصل في جبانة بئر حسن ضمن نطاق منطقة الغبيري، يجب اطّلاع الرأي العام عليه، لعلّ الجهات المعنية تتحرك حيال ما يجري للأموات وذويهم”، يقول رئيس بلدية الغبيري، معن الخليل، لـ“الأخبار”، ويضيف: “منذ 30 عاماً وحتى اليوم تنشط سرقة القبور في هذه المقبرة، وقد توجّهنا إلى القضاء ودار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى مراراً من دون أن نصل إلى أي نتيجة، علماً بأن الفاعل أصبح معروفاً، وهو الشخص نفسه الذي يعتدي على العقار الذي تقوم عليه الجبانة”.
يكشف الخليل أن “هناك شخصاً من آل سلهب يقطن منذ عشرات السنين بقوّة الأمر الواقع، في عقار قرب المدفن، ويولّي نفسه على المقبرة بحجّة واهية، يزعم من خلالها أنه يمتلك مستندات قانونية وترخيصاً من أصحاب الأرض، فيبيع القبر الواحد لأكثر من 3 أموات، بحيث يرمي رفات الموتى، ويبدّل الأسماء على القبور”.
ويوضح الخليل أن “سرعة العملية تعتمد على بُعد المدّة الزمنية لزيارة ذوي الفقيد لقبر فقيدهم، فكلّما كان أهل الفقيد لا يتردّدون بكثرة إلى المقبرة، كانت عملية نبش القبر وبيعه من جديد أسرع”.
وحول تسعيرات البيع، يقول الخليل إنها “حسب إمكانات الزبون، فقد يراعي بعض الزبائن من اللاجئين السوريين والفلسطينيين وحتى العراقيين ويقبل بكم مليون ليرة، مقابل الدفن فوق أو تحت أحد الأموات من دون أوراق رسمية، تتعلّق بإجراءات الدفن”.
وعن الإجراءات التي تتخذها البلدية، يشير الخليل إلى أنها “تقوم بدوريات مستمرة على المدفن، وقد ادّعت على الشخص نفسه مرات عدة، وفي كل مرة لا تتعدى فترة حجزه في المخفر أكثر من ساعات معدودة بفعل الرشى التي يقدّمها الجاني”.
يروي أحد القاطنين قرب الجبانة أنه منذ مدّة زمنية ليست ببعيدة، شهد على إشكال تطور إلى عراك بالأيدي قرب الجبانة، “عندما حضر أحد الأشخاص لزيارة قبر والدته، فلم يجده من الأساس، وقد أحدث ذلك بلبلة كبيرة في الشارع حينها، إلّا أن الأمر انتهى بعد ساعات قليلة”.
البلدية نشرت عبر حسابها على “فيسبوك” مقطعاً مصوّراً يوثّق عملية الحفر تحت أحد القبور الذي تعود ملكيته إلى الستينيات من القرن الماضي، وقد وضعت ما نُشر برسم المعنيين.