- ماكرون إقترح على بوتين “بناء ضمانات أمنية ملموسة” لكل الدول المعنية بالأزمة الأوكرانية
- ماكرون أكّد من أوكرانيا أن تحقيق تقدم باتجاه خفض التوتر بين روسيا والغرب بات ممكناً
إجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإثنين، في العاصمة الروسية موسكو مع نظيره فلاديمير بوتين، وذلك في بداية أسبوع من المساعي الدبلوماسية المكثفة بهدف حلحلة الأزمة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا. وأعرب ماكرون، أول مسؤول غربي من الصف الأول يلتقي بوتين منذ تصاعد التوتر في كانون الأول، عن أمله في “تخفيف حدة توتر” الأزمة بين روسيا والغرب.
إلتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين نظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة موسكو وذلك في بداية أسبوع من المساعي الدبلوماسية المكثفة بهدف حلحلة الأزمة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا. وبذلك يكون ماكرون أول مسؤول غربي من الصف الأول يلتقي بوتين منذ تصاعد التوتر في كانون الأول.
وبدأ الاجتماع بين بوتين وضيفه قرابة الساعة 18:30 (15:30 ت غ)، بحسب مشاهد بثها التلفزيون الروسي وبدا خلالها الرئيسان جالسين أمام مائدة بيضاء طويلة جدا في الكرملين.
بوتين يشيد بجهود فرنسا لحل مسألة الأمن في أوروبا
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لماكرون في بداية المحادثات “أنا سعيد جدا لرؤيتك عزيزي إيمانويل”.
واعتبر بوتين أن موسكو وباريس لديهما “مخاوف مشتركة بشأن الأمن في أوروبا” مشيدا بالجهود الفرنسية “لحل مسألة الأمن في أوروبا”، وقال بوتين في بداية اجتماعه مع ماكرون “أرى مدى الجهود التي تبذلها السلطات الفرنسية لحل مسألة الأمن في أوروبا”، وخصوصا من أجل “إيجاد حل للأزمة” في أوكرانيا.
فيما أعرب ماكرون عن أمله في “تخفيف حدة توتر” الأزمة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا، ورأى أن الوضع الحالي في أوروبا “حساس” ويستدعي أن يكون الجميع “مسؤولين للغاية”.
وقال ماكرون إن “المناقشة قد تكون بداية المسار الذي نريد أن نسلكه، وهو خفض التصعيد”، مضيفاً أنه يريد “تجنب نشوب حرب” و”بناء عناصر الثقة والإستقرار والرؤية للجميع”، وأنه يريد “الشروع ببناء إستجابة مفيدة جماعيا لروسيا ولسائر أوروبا”.
“بناء ضمانات أمنية ملموسة” لكل الدول المعنية
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع بوتين مساء، أعلن ماكرون أنه اقترح على سيد الكرملين في محادثاتهما التي استمرت لأكثر من خمس ساعات “بناء ضمانات أمنية ملموسة” لكل الدول المعنية بالأزمة الأوكرانية. وقال ماكرون إن “الرئيس بوتين أكد لي استعداده للالتزام بهذا المنطق وبرغبته في الحفاظ على الاستقرار وعلى وحدة أراضي أوكرانيا”.
فيما وصف بوتين محادثاته مع نظيره الفرنسي بأنها مفيدة وموضوعية وجادة، وقال إن بعض أفكار ماكرون يمكن أن تشكل أساساً لمزيد من الخطوات المشتركة. وقال بوتين إن العديد من أفكار ماكرون بخصوص الأمن في أوروبا واقعية. وأضاف أنهما سيعقدان محادثات عبر الهاتف بعد أن يجري ماكرون محادثات مع القيادة الأوكرانية.
وأضاف بوتين أن روسيا ستبذل كل الجهود “للتوصل إلى تسويات” مع الغرب في ملف أوكرانيا. وتابع “فيما يتعلق بنا، سوف نبذل أقصى جهودنا للتوصل الى تسويات تلائم الجميع”، مضيفا أنه لن يكون هناك “رابحون” في حال اندلاع حرب في القارة الأوروبية.
ومن جانبه قال ماكرون إنه وجد خلال محادثاته مع الرئيس الروسي نقاط التقاء بشأن أزمة أوكرانيا، غير أنه لا تزال هناك خلافات.
ماكرون في أوكرانيا
وواصل الرئيس الفرنسي، الثلاثاء، جولته الدبلوماسية، إذ تباحث مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وعقد الرئيسان مؤتمراً صحفياً مشتركاً أكد فيه ماكرون أن تحقيق تقدم باتجاه خفض التوتر بين روسيا والغرب بات ممكناً.
زيلينسكي توقع خلال المؤتمر الصحفي، عقد قمة قريباً مع قادة كل من روسيا وفرنسا وألمانيا، قائلاً: “نتوقع في المستقبل القريب.. أن يكون بإمكاننا عقد المحادثات المقبلة بين قادة صيغة النورماندي الرباعية”، في إشارة إلى المفاوضات الرامية لوضع حد للنزاع في شرق أوكرانيا.
فيما أكد الرئيس الفرنسي أن تحقيق تقدم باتجاه خفض التوتر بات ممكناً. وقال في المؤتمر الصحفي “لدينا الآن إمكانية دفع هذه المفاوضات قدما” بين روسيا وأوكرانيا، مضيفا أنه يرى “حلولا ملموسة وعملية” لخفض التوتر بين موسكو والغرب.
وأكد ماكرون، الثلاثاء، أنه حصل من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أثناء محادثاتهما الإثنين في موسكو، على تأكيد “بعدم حصول تدهور أو تصعيد” في الأزمة بين روسيا والغرب حول أوكرانيا.
وقال ماكرون “كان الهدف بالنسبة إليّ وقف اللعبة لمنع حصول تصعيد وفتح احتمالات جديدة (…) تحقق هذا الهدف بالنسبة إليّ”. وجاء تصريح ماكرون لصحافيين في طائرة تقلّه من موسكو إلى كييف حيث إلتقى الرئيس الأوكراني الذي تحتشد قوات روسية بأعداد كبيرة عند حدود بلاده.
سلسلة من الجهود الدبلوماسية
وتأتي هذه الزيارة في إطار سلسلة من الجهود الدبلوماسية الأوروبية هذا الأسبوع والأسبوع المقبل.
الأسبوع المقبل، سيكون دور المستشار الألماني أولاف شولتز للقيام بزيارتين مماثلتين بعدما إلتقى الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن.
وقال بايدن من البيت الأبيض إلى جانب شولتز، إن الولايات المتحدة وألمانيا تعملان “بشكل منسق” في مواجهة “العدوان” الروسي. كذلك، قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في واشنطن الإثنين إن أوروبا تعيش “اللحظة الأكثر خطورة” على أمنها منذ انتهاء الحرب الباردة.
من جانبه، نفى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن تكون التحذيرات الأميركية “تهويلًا”. وشدد بلينكن خلال مؤتمر صحفي مشترك مع بوريل على أن “هذا ليس تهويلاً، إنّها بكل بساطة حقائق”.
وكان الناطق بإسم الكرملين دميتري بيسكوف قال إن الإجتماع بين الرئيسين الفرنسي والروسي “مهم جداً، مذكراً بأن “ماكرون قال لبوتين إنه يأتي حاملاً أفكاراً من أجل خيارات محتملة لتحقيق انفراج في التوتر في أوروبا”. لكن بيسكوف حذر من أن “الوضع أكثر تعقيدا من توقّع اختراق حاسم خلال لقاء واحد”.
وصرح ماكرون للصحافيين في الطائرة التي أقلته إلى موسكو أنه سيعمل على “إيجاد نقاط الخلاف ونقاط التوافق الممكنة”. وأمام بوتين، شدد ماكرون على أن موقفه “منسق” مع حلفائه الأوروبيين والأمريكيين الذين رفضوا جميعا مطالب الكرملين بوضع حد لسياسة توسيع حلف شمال الأطلسي والتي من شأنها أن تغلق الباب أمام انضمام أوكرانيا.
لا تسوية بدون الأوكرانيين
ويرفض الغربيون المطالب الروسية، مقترحين في المقابل إجراء محادثات حول مخاوف موسكو، والقيام بخطوات لبناء الثقة مثل زيارات متبادلة لمواقع عسكرية أو تدابير لنزع السلاح، وهي اقتراحات يعتبرها الروس “إيجابية” لكنها “ثانوية”.
وفي كييف، إتهم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الإثنين روسيا بالسعي إلى “دق إسفين” بين بلاده وحلفائها الغربيين، وذلك خلال استقباله نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك. وفي وقت سابق، حدد كوليبا الخطوط الحمر لبلاده وهي “لا تنازلات على وحدة وسلامة أراضينا” و”انسحاب دائم للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية والمناطق المحتلة”.
من جهته شدد ماكرون على أنه “يجب عدم القيام بأي تسوية في المسألة الأوكرانية بدون الأوكرانيين”.
واجتاحت روسيا أوكرانيا عام 2014 وضمت شبه جزيرة القرم، ردا على ثورة موالية للغرب في كييف. كذلك، يخوض انفصاليون موالون لروسيا ومدعومون منها حربا منذ 2014 ضد الجيش الأوكراني في شرق البلاد، في صراع أودى بحياة 13 ألف شخص على الأقل.
وسمحت اتفاقات سلام تم التفاوض عليها بوساطة ألمانية فرنسية بتجميد المعارك على الجبهة، لكن التسوية السياسية للنزاع في طريق مسدود.وسيسعى ماكرون لتحريك هذه الآلية.
من جانبها، أعلنت بيربوك أن الغرب أعد عقوبات “قاسية” و”غير مسبوقة” ضد روسيا سيفرضها إذا ما قواتها أوكرانيا. وأضافت “نحن مستعدون أيضا لأن ندفع، نحن أنفسنا، ثمناً اقتصادياً لأن أمن أوكرانيا على المحكّ”. وأرسلت الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة تعزيزات عسكرية إلى أوروبا.
وتحشد روسيا عشرات آلاف الجنود على الحدود مع أوكرانيا، مثيرة مخاوف من اجتياح جديد لهذا البلد، فيما تطالب موسكو لخفض التوتر بضمانات أمنية تقضي بعدم توسيع الحلف الأطلسي شرقا وانسحابه من محيطها، وهو مطلب يرفضها الغربيون.
وقدرت الاستخبارات الأمريكية أن روسيا باتت لديها فعليا 70 في المئة من القوة اللازمة لتنفيذ غزو واسع النطاق لأوكرانيا. وقدر ماكرون عدد الجنود المنتشرين على حدود أوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا بحوالى 125 ألفاً.